الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَفَقَةُ الْمَحْرَمِ عَلَيْهَا، وَتَحُجُّ مَعَهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ إِذَنْ زَوْجِهَا.
وَوَقْتُهُ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ.
وَالْمَوَاقِيتُ: لِلْعِرَاقِيِّينَ ذَاتُ عِرْقٍ، وَلِلشَّامِيِّينَ الْجُحْفَةُ، وَلِلْمَدَنِيِّينَ ذُو الْحُلَيْفَةِ، وَلِلنَّجْدِيِّينَ قَرْنٌ، وَلِلْيَمَنِيِّينَ يَلَمْلَمُ، وَإِنْ قُدِّمَ الْإِحْرَامُ عَلَيْهَا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَا يَجُوزَ لِلْآفَاقِيِّ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا إِلَّا مُحْرِمًا إِذَا أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
نِكَاحِهَا، وَالْفَاسِقَ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ لِعَجْزِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَنِ الْحِفْظِ.
قَالَ: (وَنَفَقَةُ الْمَحْرَمِ عَلَيْهَا) لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ لِحَقِّهَا، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّ الْمَحْرَمَ شَرْطٌ وَلَيْسَ عَلَيْهَا تَحْقِيقُ الشُّرُوطِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَحْرَمٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِمَا بَيَّنَّا.
قَالَ: (وَتَحُجُّ مَعَهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا) لِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ لَا يَظْهَرُ مَعَ الْفَرَائِضِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.
[مواقيت الْحَجِّ الزمانية]
قَالَ: (وَوَقْتُهُ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أَيْ وَقْتُ الْحَجِّ، وَفَسَّرُوهُ كَمَا ذَكَرْنَا.
(وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَيْهَا وَيَجُوزُ) أَمَّا الْكَرَاهِيَةُ فَلِمَا فِيهِ مِنْ تَعَرُّضِ الْإِحْرَامِ لِلْفَسَادِ بِطُولِ الْمُدَّةِ. وَأَمَّا الْجَوَازُ فَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لِلدُّخُولِ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ عِنْدَنَا، وَتَقَدُّمُ الشَّرْطِ عَلَى الْوَقْتِ يَجُوزُ كَمَا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لِاتِّصَالِ الْقِيَامِ بِهَا، وَأَفْعَالُ الْحَجِّ تَتَأَخَّرُ عَنِ الْإِحْرَامِ، وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَوْ فَعَلَهُ لَا يُجْزِيهِ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ فِي رَمَضَانَ فَطَافَ وَسَعَى لَا يُجْزِيهِ عَنِ الطَّوَافِ الْفَرْضِ بِخِلَافِ طَوَافِ الْقُدُومِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ.
[مواقيت الْحَجِّ المكانية]
قَالَ: (وَالْمَوَاقِيتُ: لِلْعِرَاقِيِّينَ ذَاتُ عِرْقٍ، وَلِلشَّامِيِّينَ الْجُحْفَةُ، وَلِلْمَدَنِيِّينَ ذُو الْحُلَيْفَةِ، وَلِلنَّجْدِيِّينَ قَرْنٌ، وَلِلْيَمَنِيِّينَ يَلَمْلَمُ) وَيُقَالُ: أَلَمْلَمُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ، وَقَالَ:«هُنَّ لِأَهْلِهِنَّ وَلِمَنْ مَرَّ بِهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ» ، رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَلَوْ أَرَادَ الْمَدَنِيُّ دُخُولَ مَكَّةَ مِنْ جِهَةِ الْعِرَاقِ فَوَقْتُهُ ذَاتُ عِرْقٍ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ، وَمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ أَحْرَمَ إِذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ.
(وَإِنْ قَدَّمَ الْإِحْرَامَ عَلَيْهَا فَهُوَ أَفْضَلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] قَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ: وَإِتْمَامُهُمَا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، وَلِأَنَّهُ أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ فَكَانَ أَفْضَلَ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْإِحْرَامُ مِنْ مِصْرِهِ أَفْضَلُ إِذَا مَلَكَ نَفْسَهُ فِي إِحْرَامِهِ.
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ لِلْآفَاقِيِّ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا إِلَّا مُحْرِمًا إِذَا أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ) سَوَاءً دَخَلَهَا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ تَاجِرًا؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّأْقِيتِ هَذَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَيْهَا بِالِاتِّفَاقِ. وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «لَا يَتَجَاوَزُ أَحَدٌ الْمِيقَاتَ إِلَّا مُحْرِمًا» وَمَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ فَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ
فَإِنْ جَاوَزَهَا الْآفَاقِيُّ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ فَعَلَيْهِ شَاةٌ، فَإِنْ عَادَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ سَقَطَ الدَّمُ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ مُلَبِّيًا سَقَطَ أَيْضًا (سم ز) ، وَلَوْ عَادَ بَعْدَ مَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَشَرَعَ فِي الطَّوَافِ لَمْ يَسْقُطْ، وَإِنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ لَا يُرِيدُ دُخُولَ مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ الْحِلُّ، وَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَوَقْتُهُ فِي الْحَجِّ الْحَرَمُ، وَفِي الْعُمْرَةِ الْحِلُّ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
إِحْرَامٍ لِحَاجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ لِحَوَائِجِهِ فَيَخْرُجُ فِي ذَلِكَ فَصَارَ كَالْمَكِّيِّ إِذَا خَرَجَ ثُمَّ دَخَلَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا دَخَلَ لِلْحَجِّ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً فَلَا يَخْرُجُ، وَكَذَا لِأَدَاءِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا لِنَفْسِهِ.
قَالَ: (فَإِنْ جَاوَزَهَا الْآفَاقِيُّ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ فَعَلَيْهِ شَاةٌ) لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِمَا مَرَّ مِنَ الْحَدِيثِ.
(فَإِنْ عَادَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ سَقَطَ الدَّمُ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ مُلَبِّيًا سَقَطَ أَيْضًا) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ الْعَوْدِ، وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَسْقُطُ وَإِنْ لَبَّى؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تَقَرَّرَتْ فَلَا تَرْتَفِعُ بِالْعَوْدِ، كَمَا إِذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَاتٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ عَادَ بَعْدَهُ. وَلَنَا أَنَّهُ اسْتَدْرَكَ الْفَائِتَ قَبْلَ تَقَرُّرِ الْجِنَايَةِ بِالشُّرُوعِ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ فَيَسْقُطُ الدَّمُ، بِخِلَافِ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَاتٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ اسْتِدَامَةُ الْوُقُوفِ وَلَمْ يَسْتَدْرِكْهُ، ثُمَّ عِنْدَهُمَا أَظْهَرَ حَقَّ الْمِيقَاتِ بِنَفْسِ الْعَوْدِ؛ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الِابْتِدَاءِ حَتَّى لَوْ مَرَّ بِهِ مُحْرِمًا سَاكِتًا جَازَ، وَعِنْدَهُ أَنَّهُ جَنَى بِالتَّأْخِيرِ عَنِ الْمِيقَاتِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ حَقِّهِ بِإِنْشَاءِ التَّلْبِيَةِ، فَكَانَ التَّدَارُكُ فِي الْعَوْدِ مُلَبِّيًا.
قَالَ: (وَلَوْ عَادَ بَعْدَ مَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَشَرَعَ فِي الطَّوَافِ لَمْ يَسْقُطْ) بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعُدْ عَلَى حُكْمِ الِابْتِدَاءِ، وَكَذَلِكَ إِنْ عَادَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لِمَا بَيَّنَّا.
(وَإِنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ لَا يُرِيدُ دُخُولَ مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ إِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِتَعْظِيمِ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا قَبْلَهَا مِنَ الْقُرَى وَالْبَسَاتِينِ غَيْرُ وَاجِبِ التَّعْظِيمِ، وَإِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ صَارَ هُوَ وَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ سَوَاءً، فَلَهُ دُخُولُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ لِمَا مَرَّ.
قَالَ: (وَمَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ فَمِيقَاتُهُ الْحِلُّ) الَّذِي بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَبَيْنَ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ.
(وَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَوَقْتُهُ فِي الْحَجِّ الْحَرَمُ، وَفِي الْعُمْرَةِ الْحِلُّ) لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُحْرِمُوا بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، وَلِأَنَّ أَدَاءَ الْحَجِّ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِعَرَفَةَ وَهِيَ فِي الْحِلِّ، فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنَ الْحَرَمِ يَقَعُ نَوْعُ سَفَرٍ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَخَا عَائِشَةَ أَنْ يَعْتَمِرَ بِهَا مِنَ التَّنْعِيمِ وَهُوَ فِي الْحِلِّ، وَلِأَنَّ أَدَاءَ الْعُمْرَةِ بِمَكَّةَ فَيَخْرُجُ إِلَى الْحِلِّ لِيَقَعَ نَوْعُ سَفَرٍ أَيْضًا، وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ مِنَ الْحِلِّ جَازَ إِلَّا أَنَّ التَّنْعِيمَ أَفْضَلُ لِمَا رَوَيْنَا.