الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَمَنْ حُصِرَ عَنِ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا فَقَدَّمَ غَيْرَهُ جَازَ (سم) ، وَإِنْ قَنَتَ إِمَامُهُ فِي الْفَجْرِ سَكَتَ (سف) .
فَصْلٌ يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَعْبَثَ بِثَوْبِهِ،. . أَوْ يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ، أَوْ يَتَخَصَّرَ، أَوْ يَعْقِصَ شَعْرَهُ، أَوْ يُسْدِلَ ثَوْبَهُ، أَوْ يُقْعِيَ أَوْ يَلْتَفِتَ، أَوْ يَتَرَبَّعَ بِغَيْرِ عُذْرٍ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «إِذَا اسْتَطْعَمَكَ الْإِمَامُ فَأَطْعِمْهُ» ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْتَحَ مِنْ سَاعَتِهِ لَعَلَّ الْإِمَامَ يَتَذَكَّرُ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُلْجِئَهُ إِلَى الْفَتْحِ، فَإِنْ كَانَ قَرَأَ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ يَرْكَعُ.
قَالَ: (وَإِنْ فَتَحَ عَلَى غَيْرِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) لِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي إِمَامِهِ إِلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ بِمَا رَوَيْنَا، وَفِيهِ إِصْلَاحُ صَلَاتِهِ فَافْتَرَقَا.
قَالَ: (وَمَنْ حُصِرَ عَنِ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا فَقَدَّمَ غَيْرَهُ جَازَ) وَقَالَا: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ ; وَلَهُ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ لِعِلَّةِ الْعَجْزِ عَنِ التَّمَامِ وَقَدْ وُجِدَ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ نَادِرٌ; وَلَوْ قَرَأَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ.
قَالَ: (وَإِنْ قَنَتَ إِمَامُهُ فِي الْفَجْرِ سَكَتَ) وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.
[بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي]
فَصْلٌ (يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَعْبَثَ بِثَوْبِهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمُ الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ» ، وَلِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْخُشُوعِ، «وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَعْبَثُ فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ: " أَمَّا هَذَا لَوْ خَشَعَ قَلْبُهُ لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» .
(أَوْ يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ) لِمَا ذَكَرْنَا وَلِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ ذَلِكَ.
(أَوْ يَتَخَصَّرَ) لِأَنَّ فِيهِ تَرْكُ الْوَضْعِ الْمَسْنُونِ، وَلِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ.
(أَوْ يَعْقِصَ شَعْرَهُ) وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَهُ وَسَطَ رَأْسِهِ أَوْ يَجْعَلَهُ ضَفِيرَتَيْنِ فَيَعْقِدُهُ فِي مُؤَخِّرِ رَأْسِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَرَأَسُهُ مَعْقُوصٌ» .
(أَوْ يَسْدِلَ ثَوْبَهُ) لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنِ السَّدْلِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يُرْسِلُ أَطْرَافَهُ مِنْ جَوَانِبِهِ لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
(أَوْ يُقْعِي) لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ:«نَهَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ أَنْ أَنْقُرَ نَقْرَ الدِّيكِ، أَوْ أُقْعِيَ إِقْعَاءَ الْكَلْبِ، أَوْ أَفْتَرِشَ افْتِرَاشَ الثَّعْلَبِ» .
وَالْإِقْعَاءُ: أَنْ يَقْعُدَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ وَيَنْصِبَ فَخِذَيْهِ وَيَضُمَّ رُكْبَتَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ.
(أَوْ يَلْتَفِتَ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ: " تِلْكَ خِلْسَةٌ يَخْتَلِسُهَا الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاتِكُمْ» .
(أَوْ يَتَرَبَّعَ بِغَيْرِ عُذْرٍ) لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْقُعُودِ الْمَسْنُونِ،
أَوْ يَقْلِبَ الْحَصَى إِلَّا لِضَرُورَةٍ، أَوْ يَرُدَّ السَّلَامَ بِلِسَانِهِ أَوْ بِيَدِهِ (ف) ، أَوْ يَتَمَطَّى، أَوْ يَتَثَاءَبَ، أَوْ يُغْمِضَ عَيْنَيْهِ، أَوْ يَعُدَّ التَّسْبِيحَ أَوِ الْآيَاتِ (سم) وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ قَرَأَ مِنَ الْمُصْحَفِ (سم) فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَنَّ أَوْ تَأَوَّهَ أَوْ بَكَى بِصَوْتٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَلِأَنَّهَا جِلْسَةُ الْجَبَابِرَةِ حَتَّى قَالْوا: يُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا.
(أَوْ يَقْلِبَ الْحَصَى) لِأَنَّهُ عَبَثٌ.
(إِلَّا لِضَرُورَةٍ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «يَا أَبَا ذَرٍّ مَرَّةً أَوْ ذَرْ» .
(أَوْ يَرُدَّ السَّلَامَ بِلِسَانِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ.
(أَوْ بِيَدِهِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّلَامِ.
(أَوْ يَتَمَطَّى أَوْ يَتَثَاءَبَ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنِ التَّثَاؤُبِ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ غَلَبَهُ كَظَمَ مَا اسْتَطَاعَ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ» ، بِذَلِكَ أَمَرَ عليه الصلاة والسلام.
(أَوْ يُغْمِضَ عَيْنَيْهِ) لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْهُ.
(أَوْ يَعُدَّ التَّسْبِيحَ أَوِ الْآيَاتِ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُكْرَهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَعَنْهُ مِثْلَ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ. لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِقِرَاءَةِ آيَاتٍ مَعْدُودَاتٍ فِي الصَّلَاةِ وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِالْعَدِّ ; وَعَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ فِي النَّفْلِ خَاصَّةً، لِأَنَّهُ سُومِحَ فِيهِ مَا لَا يَتَسَامَحُ فِي الْفَرْضِ ; وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَدَّهُ بِيَدِهِ يُخِلُّ بِالْوَضْعِ الْمَسْنُونِ فَأَشْبَهَ الْعَبَثَ ; وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام:«كَفُّوا أَيْدِيَكُمْ فِي الصَّلَاةِ» ، وَإِنْ عَدَّهُ بِقَلْبِهِ يَشْغَلُهُ عَنِ الْخُشُوعِ فَأَشْبَهَ التَّفَكُّرَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا. وَأَمَّا الْعَدَدُ الْمَسْنُونُ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَعُدَّهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَيَقْرَأَ فِيهَا، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْعَدَدِ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ: (وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «اقْتُلُوهُمَا وَلَوْ كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ» .
قَالَ: (وَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ قَرَأَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) أَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فَلِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ لَيْسَ مِنَ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ فَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ مِنَ الْمُصْحَفِ، فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا لَا تُفْسِدُ لِأَنَّ النَّظَرَ فِي الْمُصْحَفِ عِبَادَةٌ فَلَا يُفْسِدُهَا إِلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ تَشَبَّهَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ. وَلَهُ إِنْ كَانَ يَحْمِلُهُ فَهُوَ عَمَلٌ كَثِيرٌ لِأَنَّهُ حَمْلٌ وَتَقْلِيبُ الْأَوْرَاقِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ تَعَلُّمٌ وَإِنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ فَيُفْسِدُهَا كَمَا لَوْ تَعَلَّمَ مِنْ غَيْرِهِ.
قَالَ: (وَكَذَلِكَ إِذَا أَنَّ أَوْ تَأَوَّهَ أَوْ بَكَى بِصَوْتٍ) لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ.
(إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ) لِأَنَّهُ مِنْ زِيَادَةِ الْخُشُوعِ.