المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة الجمعة - الاختيار لتعليل المختار - جـ ١

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌فَرَائِضُ الْوُضُوءِ

- ‌سُنَنُ الْوُضُوءِ:

- ‌[فَصْلٌ نَوَاقِضُ الْوُضُوء]

- ‌[فَصْلٌ فَرضُ الْغُسْلِ وَسُنَنُهُ]

- ‌[مُوجِبَاتُ الْغُسْلِ]

- ‌[مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ والجنب والحائض]

- ‌[فَصْلٌ في الْمَاءُ الَّذِي يَجُوزُ التَّطَهيُّرُ بِهِ]

- ‌[حكم الْمَاءُ الرَّاكِدُ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ]

- ‌[طهارة جُلُودُ الْمَيْتَةِ]

- ‌[فصل في حكم وقوع النجاسة في البئر]

- ‌[فصل في حُكْمُ الْأَسْآرِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌[فصل أَحْكَامُ أَهْلِ الْأَعْذَار]

- ‌[فصل في أَحْكَامُ النُّفَسَاءِ]

- ‌بَابُ الْأَنْجَاسِ وَتَطْهِيرِهَا

- ‌[ما يجوز إزالة النجاسة به وما لا يجوز وَيَجُوزُ]

- ‌[حكم الاستنجاء]

- ‌كتاب الصلاة

- ‌[تعريف الصلاة]

- ‌[أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ الخمس]

- ‌[الْأَوْقَاتُ الْمُسْتَحَبَّةُ لِلصَّلَاةِ وَيُسْتَحَبُّ]

- ‌[فصل الْأَوْقَاتُ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ]

- ‌[بَابُ الْأَذَان والإقامة]

- ‌بَابُ مَا يُفْعَلُ قَبْلَ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ الْأَفْعَالِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْوِتْرِ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي]

- ‌[حكم من سبقه الحدث وهو في الصلاة]

- ‌[بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]

- ‌بَابُ النَّوَافِلِ

- ‌[بَابُ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌فَصْلٌ لَا صَلَاةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ

- ‌بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ

- ‌بَابُ سُجُودِ التلاوة

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْمسافر

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

- ‌[فصل ما يستحب في يوم الفطر وفي يوم الأضحى]

- ‌[فَصْلُ تَكْبِيرُ التَّشْرِيقِ]

- ‌بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ

- ‌بَابُ الْجَنَائِزِ

- ‌[فَصْلٌ غسل الميت]

- ‌[فَصْلٌ صفة الكفن]

- ‌[فَصْلٌ الصَّلَاةُ عَلَى الْجَنَازَةِ]

- ‌[فَصْلٌ حمل الميت والسير به ودفنه]

- ‌بَابُ الشَّهِيدِ

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ السَّوَائِمِ

- ‌[فَصْلٌ نصاب الإبل]

- ‌[فَصْلٌ نِصَابُ الْبَقَرِ]

- ‌[فَصْلٌ نِصَابُ الْغَنَمِ]

- ‌[فَصْلٌ نِصَابُ الْخَيْلِ]

- ‌بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

- ‌بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ

- ‌بَابُ الْعَاشِرِ

- ‌بَابُ الْمَعْدِنِ

- ‌بَابُ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ

- ‌بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌كِتَابُ الصَّوْمِ

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَفْطَرَ عَامِدًا فِي رَمَضَانَ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُبَاحُ بِهِ الْإِفْطَارُ]

- ‌بَابُ الِاعْتِكَافِ

- ‌كِتَابُ الْحَجِّ

- ‌[مواقيت الْحَجِّ الزمانية]

- ‌[مواقيت الْحَجِّ المكانية]

- ‌[فَصْلٌ ما يستحب فعله لمن أراد أن يحرم]

- ‌[فَصْلٌ دُخُولُ مَكَّةَ]

- ‌فَصْلٌ الْعُمْرَةُ

- ‌بَابُ التَّمَتُّعِ

- ‌بَابُ الْقِرَانِ

- ‌بَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌[فَصْلٌ الصَّيْدُ حَالَ الْإِحْرَامَ]

- ‌بَابُ الْإِحْصَارِ

- ‌بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ

- ‌بَابُ الْهَدْيِ

الفصل: ‌باب صلاة الجمعة

وَالْعَاصِي (ف) وَالْمُطِيعُ فِي الرُّخَصِ سَوَاءٌ.

‌بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

وَلَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ الْأَصِحَّاءِ الْمُقِيمِينَ بِالْأَمْصَارِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

صَلَاتِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ:«أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» ، هَكَذَا نُقِلَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: (وَالْعَاصِي وَالْمُطِيعُ فِي الرُّخَصِ سَوَاءٌ) لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 184] . وقَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] . وَقَوْلُهُ: {فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] . وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا» ، مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، فَصَارَ كَمَا إِذَا أَنْشَأَ السَّفَرَ فِي مُبَاحٍ ثُمَّ نَوَى الْمَعْصِيَةَ بَعْدَهُ.

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} [البقرة: 173] أَيْ غَيْرَ مُتَلَذِّذٍ فِي أَكْلِهَا وَلَا مُتَجَاوِزٍ قَدْرَ الضَّرُورَةِ، وَنَحْنُ لَا نَجْعَلُ الْمَعْصِيَةَ سَبَبًا لِلرُّخْصَةِ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ لُحُوقُ الْمَشَقَّةِ النَّاشِئَةِ مِنْ نَقْلِ الْأَقْدَامِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمَحْظُورُ مَا يُجَاوِرُهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَكَانَ السَّفَرُ مِنْ حَيْثُ إِفَادَتِهِ الرُّخْصَةَ مُبَاحًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَقْبَلُ الِانْفِصَالَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَوْطَانَ ثَلَاثَةٌ: أَصْلِيٌّ وَيُسَمَّى أَهْلِيًّا، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَقِرُّ الْإِنْسَانُ فِيهِ مَعَ أَهْلِهِ، وَذَلِكَ لَا يَبْطُلُ إِلَّا بِمِثْلِهِ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ بِأَهْلِهِ بِعَزْلِ الْقَرَارِ فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام بَعْدَ انْتِقَالِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ سَمَّى نَفْسَهُ مُسَافِرًا بِمَكَّةَ حَيْثُ قَالَ:«فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» .

وَالثَّانِي وَطَنُ إِقَامَةٍ، وَهُوَ الَّذِي يَدْخُلُهُ الْمُسَافِرُ فَيَنْوِي أَنْ يُقِيمَ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَيَبْطُلُ بِالْأَصْلِيِّ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ، وَبِالْمُمَائِلِ لِطَرَيَانِهِ عَلَيْهِ، وَبِإِنْشَاءِ السَّفَرِ لِمُنَافَاتِهِ الْإِقَامَةَ. وَالثَّالِثُ وَطَنٌ سَكَنِيٌّ، وَهُوَ أَنْ يُقِيمَ الْإِنْسَانُ فِي مَرْحَلَةٍ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَيَبْطُلُ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِأَنَّهُمَا فَوْقَهُ، وَبِمِثْلِهِ لِطَرَيَانِهِ عَلَيْهِ، وَبَيَانُ ضَعْفِهِ عَدَمُ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَإِتْمَامِ الصَّلَاةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

ِ اعْلَمْ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرِيضَةٌ مَحْكَمَةٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا إِلَّا لِعُذْرٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] . وَقَالَ عليه الصلاة والسلام فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ: «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْجُمُعَةَ فِي يَوْمِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا، فِي عَامِي هَذَا، فِي مَقَامِي هَذَا، فَرِيضَةً وَاجِبَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .

قَالَ: (وَلَا تَجِبُ إِلَّا عَلَى الْأَحْرَارِ الْأَصِحَّاءِ الْمُقِيمِينَ بِالْأَمْصَارِ) قَالَ عليه الصلاة والسلام: «تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ

ص: 81

وَلَا تُقَامُ إِلَّا فِي الْمِصْرِ (ف) أَوْ مُصَلَّاهُ، وَالْمِصْرُ مَا لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُهُ فِي أَكْبَرِ مَسَاجِدِهِ لَمْ يَسَعْهُمْ. وَلَا بُدَّ مِنَ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ (ف) وَوَقْتُهَا وَقْتُ الظُّهْرِ، وَلَا تَجُوزُ إِلَّا بِالْخُطْبَةِ يَخْطُبُ الْإِمَامُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِقَعْدَةٍ خَفِيفَةٍ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

إِلَّا امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَمْلُوكًا» . وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «أَرْبَعَةٌ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ: الْعَبْدُ، وَالْمَرِيضُ، وَالْمُسَافِرُ، وَالْمَرْأَةُ» وَلِأَنَّ الْعَبِيدَ مَشْغُولُونَ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى، وَالْمَرْأَةَ بِخِدْمَةِ زَوْجِهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا الْعُذْرَ فِي تَرْكِ خُرُوجِهَا إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَلِلْعَجْزِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَعْمَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ. وَقَالَا: تَجِبُ إِذَا وَجَدَ قَائِدًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَادِرًا عَلَى السَّعْيِ فَصَارَ كَالضَّالِّ وَلَهُ أَنَّهُ عَاجِزٌ بِنَفْسِهِ كَالْمَرِيضِ فَلَا يَصِيرُ قَادِرًا بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ الْقَائِدَ قَدْ يَتْرُكُهُ فِي الطَّرِيقِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ الْمُقِيمِينَ بِالْأَمْصَارِ فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ وَلَا أَضْحَى إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» .

قَالَ: (وَلَا تُقَامُ إِلَّا فِي الْمِصْرِ) لِمَا رَوَيْنَا. (أَوْ مُصَلَّاهُ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ.

(وَالْمِصْرُ مَا لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُهُ فِي أَكْبَرِ مَسَاجِدِهِ لَمْ يَسَعْهُمْ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ: هَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ ; وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَعِيشَ كُلُّ صَانِعٍ بِحِرْفَتِهِ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: مَا أُقِيمَتْ فِيهِ الْحُدُودُ، وَنُفِّذَتْ فِيهِ الْأَحْكَامُ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ: وَيُوجَدُ فِيهِ جَمِيعُ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِي مَعَايِشِهِمْ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: كُلُّ مَوْضِعٍ مَصَّرَهُ الْإِمَامُ فَهُوَ مِصْرٌ، فَلَوْ بَعَثَ إِلَى قَرْيَةٍ نَائِبًا لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ صَارَ مِصْرًا، فَلَوْ عَزَلَهُ وَدَعَاهُ الْتَحَقَ بِالْقُرَى.

قَالَ: (وَلَا بُدَّ مِنَ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ) لِأَنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَاخْتَارَ كُلُّ جَمَاعَةٍ إِمَامًا فَلَا يَتَّفِقُونَ عَلَى وَاحِدٍ فَتَقَعُ بَيْنَهُمُ الْمُنَازَعَةُ، فَرُبَّمَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَا يُصَلُّونَ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى الْفِتْنَةِ، وَمَعَ وُجُودِ السُّلْطَانِ لَا.

(وَوَقْتُهَا وَقْتُ الظُّهْرِ) لِحَدِيثِ أَنَسٍ: «كَنَّا نُصْلِي الْجُمُعَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ» وَلِأَنَّهَا خَلَفٌ عَنِ الظُّهْرِ وَقَدْ سَقَطَتِ الظُّهْرُ فَتَكُونُ فِي وَقْتِهَا.

قَالَ: (وَلَا تَجُوزُ إِلَّا بِالْخُطْبَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَلَا يَجِبُ السَّعْيُ إِلَّا إِلَى الْوَاجِبِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ بِدُونِهَا. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّمَا قُصِرَتِ الصَّلَاةُ لِمَكَانِ الْخُطْبَةِ، وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَهِيَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، هَكَذَا فَعَلَهُ عليه الصلاة والسلام وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا. (يَخْطُبُ الْإِمَامُ خُطْبَتَيْنِ) قَائِمًا يَسْتَقْبِلُ الْقَوْمَ وَيَسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةَ.

(يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِقَعْدَةٍ خَفِيفَةٍ) هُوَ الْمَأْثُورُ مِنْ فِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام -

ص: 82

وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ (ف سم) ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا طَاهِرًا، فَإِنْ خَطَبَ قَاعِدًا أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ جَازَ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا صَلَّاهَا أَجْزَأَتْهُ عَنِ الظُّهْرِ وَإِنْ أَمَّ فِيهَا جَازَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَالْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ.

قَالَ: (وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ) وَكَذَلِكَ التَّسْبِيحَةُ وَنَحْوُهَا، وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَسَاءَ وَأَخْطَأَ السُّنَّةَ. وَقَالَا: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ يُسَمَّى خُطْبَةً؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ. وَالتَّسْبِيحَةُ وَالتَّحْمِيدَةُ لَا تُسَمَّى خُطْبَةً. وَلَهُ أَنَّ التَّسْبِيحَةَ وَالتَّحْمِيدَةَ خُطْبَةٌ. لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مَعَانٍ جَمَّةٍ، وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعَانِي:«وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، فَقَالَ: " لَئِنْ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ» سُمِّيَ هَذَا الْقَدْرُ خُطْبَةً، وَالْخُطْبَةُ لَا نِهَايَةَ لَهَا، فَيَتَعَلَّقُ الْجَوَازُ بِالْأَدْنَى، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَهَذَا ذِكْرٌ فَتَجُوزُ الْجُمُعَةُ بِهِ.

(وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْطُبَ قَائِمًا طَاهِرًا) هُوَ الْمَأْثُورُ.

(فَإِنْ خَطَبَ قَاعِدَا أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ جَازَ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ لَمَّا أَسَنَّ كَانَ يَخْطُبُ قَاعِدًا، وَلِأَنَّ الطِّهَارَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلْخُطْبَةِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فَلَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ كَالتِّلَاوَةِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، إِلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ، وَقَدْ أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ.

قَالَ: (وَلَا بُدَّ مِنَ الْجَمَاعَةِ) لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْهَا، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. وَاخْتَلَفُوا فِي كَمِّيَّتِهَا.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ سِوَى الْإِمَامِ، وَأَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَالثَّلَاثَةُ مِمَّنْ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: اثْنَانِ سِوَى الْإِمَامِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ. لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الِاثْنَيْنِ جَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ وَقَدْ وُجِدَ. وَلَهُمَا أَنَّ الْجَمْعَ الصَّحِيحَ ثَلَاثَةٌ وَمَا دُونَهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَالْجَمَاعَةُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَتَأَدَّى بِالْمُخْتَلِفِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا بَأْسَ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمِصْرَ إِذَا بَعُدَتْ أَطْرَافُهُ شَقَّ عَلَى أَهْلِهِ الْمَشْيُ مِنْ طَرَفٍ إِلَى طَرَفٍ فَيَجُوزُ دَفْعًا لِلْحَرَجِ، وَأَنَّهُ يَنْدَفِعُ بِالثَّلَاثِ فَلَا حَرَجَ بَعْدَهَا، وَلِهَذَا كَانَ عَلَيٌّ رضي الله عنه يُصَلِّي الْعِيدَ فِي الْجَبَّانَةِ، أَيِ الْمُصَلَّى، وَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يُصَلِّي بِضَعَفَةِ النَّاسِ بِالْمَدِينَةِ، وَالْجَبَّانَةُ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَالْخِلَافُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَاحِدٌ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجُوزُ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ الْمُتَوَارَثُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ فِي مَوْضِعَيْنِ لَجَازَ فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ كَغَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ وَأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ نَهْرٌ فَاصِلٌ كَبَغْدَادَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَمِصْرَيْنَ. وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَأْمُرُ بِقَطْعِ الْجِسْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةَ لِتَنْقَطِعَ الْوَصْلَةُ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ فَالْجُمُعَةُ لِمَنْ سَبَقَ لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ، وَقَدْ وَقَعَتْ فِي وَقْتِهَا بِشَرَائِطِهَا، وَتَفْسُدُ جُمُعَةُ الْآخَرِينَ وَيَقْضُونَ الظُّهْرَ، فَإِنْ صَلَّى أَهْلُ الْمَسْجِدَيْنِ مَعًا، أَوْ لَا يَدْرِي مَنْ سَبَقَ فَصَلَاةُ الْكُلِّ فَاسِدَةٌ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَا يُخْرَجُ عَنِ الْعُهْدَةِ بِالشَّكِّ. قَالَ:(وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ) الْجُمُعَةُ، (إِذَا صَلَّاهَا أَجْزَأَتْهُ عَنِ الظُّهْرِ، وَإِنَّ أَمَّ فِيهَا جَازَ) لِأَنَّهَا وُضِعَتْ عَنْهُمْ تَخْفِيفًا وَرُخْصَةً لِمَكَانِ الْعُذْرِ، فَإِذَا حَضَرُوا زَالَ الْعُذْرُ

ص: 83

وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ جَازَ (ز) وَيُكْرَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يَبْطُلُ ظُهْرُهُ بِالسَّعْيِ (سم) ، وَيُكْرَهُ لِأَصْحَابِ الْأَعْذَارِ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ جَمَاعَةً فِي الْمِصْرِ، وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ وَاسْتَمَعُوا وَأَنْصَتُوا، وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَإِذَا أَذَّنَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ تَوَجَّهُوا إِلَى الْجُمُعَةِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فَتَجُوزُ صَلَاتُهُمْ كَالْمُسَافِرِ إِذَا صَامَ، وَإِذَا حَضَرُوا صَارَتْ صَلَاتُهُمْ فَرْضًا فَتَجُوزُ إِمَامَتُهُمْ كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الْجُمُعَةَ بِمَكَّةَ وَهُوَ مُسَافِرٌ. قَالَ:(وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ جَازَ وَيُكْرَهُ) وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَجُوزُ، وَأَصْلُهُ الِاخْتِلَافُ فِي فَرْضِ الْوَقْتِ.

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: هُوَ الظُّهْرُ، لَكِنَّ الْعَبْدَ مَأْمُورٌ بِإِسْقَاطِهِ عَنْهُ بِأَدَاءِ الْجُمُعَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: هُوَ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا، وَالْفَرْضُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ، وَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ بِالظُّهْرِ رُخْصَةً. وَعَنْهُ أَنَّ الْفَرْضَ أَحَدُهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَيَتَعَيَّنُ بِأَدَائِهِ؛ لِأَنَّ أَيَّهُمَا أَدَّى سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ، فَدَلَّ أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهُمَا.

وَعِنْدَ زُفَرَ هُوَ الْجُمُعَةُ، وَالظُّهْرُ بَدَلٌ عَنْهَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْجُمُعَةِ مَنْهِيٌّ عَنِ الظُّهْرِ، فَإِذَا فَاتَتِ الْجُمُعَةُ أُمِرَ بِالظُّهْرِ، وَهَذَا آيَةُ الْبَدَلِيَّةِ.

وَلَنَا أَنَّ التَّكْلِيفَ يَعْتَمِدُ الْقُدْرَةَ، وَالْعَبْدُ إِنَّمَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الظُّهْرِ بِنَفْسِهِ دُونَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَرَائِطَ تَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِ الْغَيْرِ، وَلِهَذَا لَوْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ أُمِرَ بِقَضَاءِ الظُّهْرِ لَا الْجُمُعَةَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ الظُّهْرَ، وَيُؤْمَرُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ كَإِنْجَاءِ الْغَرِيقِ آخِرَ الْوَقْتِ قَبْلَ الصَّلَاةِ.

قَالَ: (فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يَبْطُلُ ظُهْرُهُ بِالسَّعْيِ) وَقَالَا: لَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ شَرْطٌ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالطَّهَارَةِ. وَلَهُ أَنَّ السَّعْيَ مِنْ فَرَائِضِ الْجُمُعَةِ وَخَصَائِصِهَا لِلْأَمْرِ، وَالِاشْتِغَالُ بِفَرَائِضِ الْجُمُعَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَا يُبْطِلُ الظُّهْرَ كَالتَّحْرِيمَةِ.

قَالَ: (وَيُكْرَهُ لِأَصْحَابِ الْأَعْذَارِ أَنْ يُصَلُّوا الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ جَمَاعَةً فِي الْمِصْرِ) لِأَنَّ فِيهِ إِخْلَالًا بِالْجُمُعَةِ، فَرُبَّمَا يَقْتَدِي بِهِمْ غَيْرُهُمْ، بِخِلَافِ الْقُرَى لِأَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ جَرَى التَّوَارُثُ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ بِغَلْقِ الْمَسَاجِدِ وَقْتَ الْجُمُعَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ، وَلَوْلَا الْكَرَاهَةُ لَمَا أَغْلَقُوهَا.

قَالَ: (وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اسْتَقْبَلَهُ النَّاسُ) بِهِ جَرَى التَّوَارُثُ. (وَاسْتَمَعُوا وَأَنْصَتُوا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] . قَالُوا: نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ.

وَمَنْ كَانَ بَعِيدًا لَا يَسْمَعُ النِّدَاءَ قِيلَ يَقْرَأُ فِي نَفْسِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْكُتُ لِلْأَمْرِ.

(وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ الِاسْتِمَاعُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «إِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ فَلَا صَلَاةَ وَلَا كَلَامَ» .

وَلَوْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ قَبْلَ خُرُوجِهِ سَلَّمَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ شَرَعَ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي أَتَمَّهُ، وَلَوْ كَانَ شَرَعَ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَتَمَّهَا.

قَالَ: (فَإِذَا أَذَّنَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ تَوَجَّهُوا إِلَى الْجُمُعَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا} [الجمعة: 9] .

ص: 84