الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موضوع علم أصول الفقه
بحوثُه في خمسةٍ محصورَةْ
…
مباحثُ الأَدِّلةِ المذكورَةْ
مباحثُ الترجيحِ والتَّعارُضِ
…
وبحثُ الإجتهادِ فيه فانهضِ
ثمَّ بحوثُ الحكمِ أي في الشرعِ
…
تخييرُه اقتضاؤُه والوضعيْ
والخامسُ اقتباسُ كُلِّ حكمِ
…
مِنَ الدليلِ بطريقِ الفهمِ
فيبحثُ الفقيهُ فيما يَثْبتُ
…
وعالِمُ الأصولِ فَهُوَ المُثْبَتِ
تاريخ أصول الفقه
مصادرُ التشريعِ في عهدِ الرسولْ
…
كتابُ رَبِّي ثُمَّ سنَّةُ الرَّسولْ
وفي زمانِ الصَّحْبِ فالمصادرُ
…
أَربعةٌ فيما رَوَوْا وذَاكَرُوا
الذكرُ فالحديثُ فالإجماعُ
…
وبعدَهُ القياسُ قَدْ أَذَاعُوا
دليلُه قضا معاذِ بنِ جَبَلْ
…
ثُمَّ الذَّي للأشعريِّ قَدْ وَصَلْ
مِنْ عمرٍ. والحدُّ عندُ سُكْرِهِ
…
وعدَةُ الحامِلِ بعدَ قبرِهِ
وعندما استقرت الفتوحُ
…
وكثُرَتْ لديهمُ الطروحُ
وظهرتْ نوازعُ الأهواءِ
…
تضافَرتْ بواعثُ الأَحياءِ
فالرأيُ في العراقِ صارَ مدرسَةْ
…
كذا الحديثُ في الحجازِ مَدْرسَة
تدوين علم الأصول
وكلُّهمْ قد كتبَ الفُصُولَا
…
في الفقهِ لم يدوِّنوا الأُصُولا
وكانَ في كُتُبهم مُبَعْثَرا
…
لدى مسائلِ الفروعِ انتثرا
يذكرُ كلُّ واحدٍ دليلَهْ
…
ومذهبَ استدلالهِ محيلَهْ
على الكتابِ أو على الحديثِ
…
أو غيرِهِ بسعيهِ الحثيثِ
فسبَقَ الجميعَ فيهِ الشافعي
…
وسِفرُه في البابِ خيرُ نافعِ
فأَوَّلُ المدوَّنِ الرِّسالَةْ
…
كذا جماعُ العلمِ فيما قالَهْ
وبعدَهُ إبطالُ الاستحسَانِ
…
ومُشكلُ الحديثِ في الميزانِ
وهذهِ الأَربَعُ مِنْ تأليفِه
…
أَوَّلُ ما دوِّن في تصنيفِهِ
وسبَقَ الفقهُ الأُصُولَ في الزَّمَنْ
…
فالفقهُ وزنٌ والأصولُ قد وَزَنْ
طرق التأليف في الأصول
طريقةُ الكلامِ أَن تُقررا
…
مسائلاً مُدللاً مُحرراً
وبعدَها طريقةُ الفقيهِ
…
سبكُ الأُصُولِ تبعاً تحكيهِ
وخُصَّتِ الأُولى بفكرِ الشَّافعي
…
وخُصَّتِ الأحنافُ بالتَتَابُعِ
والآخرونَ لَهُمُ طريقَة
…
تَجْمَعُ منهما على الحقيقة
أهمُّ ما قَدْ صَنَّفوا في الأُولى
…
رسالةً، معتمداً، محصُولا
برهانُ، مستَصْفَى، كَذا الإحكامُ
…
وبعدَهُ التقريبُ والإِلهامُ
وصنَّفوا على اصطلاحِ الفُقَها
…
مِنْها أصولَ البزَدْويِّ والمُنتَهى
إليهِ.. مثلُ الكرخيِّ السَّرخَسيْ
…
كَذلك الجَصَّاصُ نفسُ الملبسِ
كذلك التأسيسُ والمنارُ
…
تنقيحُ، تمهيدُ، هم الأبرارُ
والآخرونَ صنَّفُوا كثيراً
…
بديعَ، تنقيحاً، كذا التحريرا
جمعَ الجوامعِ.. مُسَلَّمَ الثُبُوتْ
…
وشرحَه فواتحٌ للرَّحمُوتْ
وخالفَ الجميعَ فيهِ الشَّاطبيْ
…
لهُ الموافقاتُ ذو المطالبِ
وظهرتْ طريقةُ المناهجِ
…
ترتيبُها يمتازُ بالمبَاهِجِ
حكمة اختلاف الفقهاء
حِدْ عنْ كلامِ حاقدٍ مغرورِ
…
وافهَمْ من اختلافِهِمْ تحريري
فالخلفُ في التَّشريعِ أَمْرٌ عادي
…
كالنقدِ والقانونِ والأعدادِ
والخلفُ بينَهم على الفروعِ
…
معَ الوفاقِ في سِوى الفُروعِ
وإِنْ جرَى الخلافُ في المَصَادِرِ
…
فغالباً باللَّفْظِ والنَّوَادِر
وَخلفُهم مَنَحنا المرونَة
…
ومدَّنا بثروةٍ ثمينة
وخلفُهم على الفروعِ توسِعَةْ
…
لَوْ أَنَّهم ما اختلفوا لامتنعا
ولم يكن خلافُهم تَعصُّباً
…
أو للهَوى أو يشتهونَ الرُّتَبَا
وانحصر الخلاف في المظنونِ
…
كخبرِ الآحاد لا اليقيني
ومطلقاً لم يجرِ عهدَ المصطفى
…
فالوحيُ والحديثُ فيهمُ قَدْ كفى
ورُبَّما حكمَ في رأيَيْنِ
…
مختلفينِ
…
جوَّزَ الوَجْهينِ
أسباب اختلاف الفقهاء
وبعدَما أدركتَ حكمةَ الخِلافْ
…
خذْ واضحاً أسبابَ ذاكَ الاختلافْ
فاختلفوا في واقعِ الجِبِّلَةْ
…
إذ لم تقيدِ العقولَ الملّةْ
واختلفُوا في لغةِ القرآنِ
…
كالقرءِ والنَّكاحِ في البَيَانِ
واختلفُوا في عَصْرِهم ومِصْرهم
…
وحالِهم وبالِهم وعُرْفهِم
واختلفوا في الفَهمِ للمرادِ
…
بالنَصِّ في سبيلِ الاجتهادِ
فهذهِ الأسبابُ لن تباشرَهْ
…
وهاكُمُ أسبابَهُ المباشِرَةْ
أَوَّلُّها الخلافُ في المصَادِرِ
…
مِنْ كلِّ ما أتى بلا تواتُرِ
وبعدَهُ الخلافُ في الحديثِ
…
مصطلحاً كالجهلِ بالحديثِ
وعدم الثبوتِ عند واحدِ
…
كذاكَ في شروطِ نقلِ الواحدِ
أو علمُهُ بواحدٍ منَ السَّنَدْ
…
بضعفِه كذاكَ نسيانُ السَّنَدْ
ثَالثُها الخلافُ في القواعدِ
…
كضابطِ الإيجابِ والتباعُدِ
والخلفُ في دلالةِ الألفاظ
…
والعامِ والخاصِ مِنْ الأَلفاظِ
والخلفُ في قواعدِ التَّرْجيحِ
…
والنسخِ والتخصيصِ والتَّصريحِ
كذاكَ ما شذَّ مِنَ الرِّوايَةْ
…
ومرسلُ الحديثِ في الدِّرايَةْ
فخلفُهم لعللٍ وَجيهَةْ
…
بَيَّنتُها فكُنْ بِهَا نَبيها
مقاصد الشريعة
مقاصِدُ الشَّرْعِ هيَ النتائِجُ
…
كذلكَ الغاياتُ والمباهِجُ
أَتَتْ بها الشريعةُ المطَهَّرَةْ
…
وأَثبتَتْها في الفروعِ الظَّاهِرَةْ
وهِيَ التَّي سَعَتْ إلى تحقيقِها
…
دوماً بكلِّ أمرِها ونهيها
فحققتْ مصالحَ العبادِ
…
دُنيا وأخرى بهدىِ الرَّشاد
أَلا ترى إلى النُّصوصِ الوَاضِحَةْ
…
كم عَلَّلَتْ وبَيَّنَتْ موضِّحَةْ
وظاهرٌ لعاقلٍ لبيبِ
…
في الخلقِ والتشريعِ والتهذيبِ
لم يخلقِ الرحمنُ شيئاً باطلاً
…
وجاء جُلُّ شرعِنا معلَّلا
ومَنْ وعى مقاصِدَ الشريعة
…
فعلُمهُ كقلعةٍ منيعَة
فيدرِكُ الطَّالبُ سِرَّ الشَرْعِ
…
كذا إطارَ حكمِهِ والفَرْعِ
وهو في الدِراسةِ المقارِنَة
…
دليلُهُ المفيدُ في الموازَنة
وهدفُ الدَّعوةِ فِيها يَنْجلِي
…
وذاكَ شأنُ المصلحيَن الكُمَّلِ
ويستنيرُ العُلما بها على
…
معرفةِ الأحكامِ مِما أُجْملا
ويستعينونَ بها في الفَهْمِ
…
لغامضِ النُّصوصِ قبلَ الحُكَمْ
وأَنَّهُمْ بها يُحدِّدُونَا
…
مدلولَها في اللَّفْظ والمَضْمُونَا
وحينَما تفتَقَدُ النُصُوصُ
…
بهديها تَستَنْبَط الفُصُوصُ
وحينَما نحتاجُ للترجيحِ
…
بها يرجحونَ في الصَّحيحِ
تقسيمُها بحسبِ المَصَالحِ
…
ثلاثةٌ على المقالِ الواضِحِ
أَوَلُها ما سمِّيَ الضَروري
…
ونُوِّعَتْ لخمسةٍ أمورِ
فحفظُهُ لدينهِم ونفسهِمْ
…
وعَقْلِهِم وعرضهِم ومالِهِمْ
وبعدَهُ المصالحُ الحاجِيَّةْ
…
بدفْعِ كُلِّ شقَّةٍ حَرِيَّة
ثالثُها ما سمِّيَ التحسِيني
…
وهيَ الكمالُ لأُولي التبيينِ
ومنهجُ التَّشْريعِ في الرِّعايَة
…
إِيجادُها والحفظُ والوِقايَةْ
فحَفِظَ الثلاثَة الأَقْسَامْا
…
وزادَ فيها رابعاً تماماً
أتى بهِ مكَّملا محتاطاً
…
كي لا يكونَ حفظُه اعتباطاً
ثُمَّ الضَّرُوريُّ مقَّدمٌ على
…
سِواهُ كالحاجيِّ والذي تَلا
وقَدَّمُوا ما عمَّ في الأَحكامِ
…
على الذي خصَّ مِنَ الأَنامِ
ورتَّبُوا أيضاً ذوَيْ الضرورة
…
من حاجةٍ عُظمى ومِن خطيرة
فَقُدِّمَ الدينُ على الأَموالِ
…
وهكذا النَفْسُ على التَوالي
الباب الأول: مصادر التشريع الإسلامي
أولاً المصادر المتفق عليها
الكتاب
وأوَّلُ المصادرِ القُرآنُ
…
كتابُ ربِّي المعجِزُ البيانُ
منزلاً على النَّبيِّ العرَبي
…
ولفظَهُ وخطُّهُ بالعَربي
تواتراً.. كتبَ بالمصاحفِ
…
وما سِواهُ في الصَّلاةِ مُنْتَفي
ولا تجوزُ في الأَصَحِ التَرْجَمَة
…
والخلفُ قامَ في ثبوتِ البَسْمَلَة
وكلُّ مَا لم يتواتَر في السَّنَدْ
…
آحادُهُ مشهورَهُ فلا تُعَدْ
والشرطُ في الإعجازِ ما سأبدي
…
أولُّها أنْ يوجَدَ التَحدِّي
والثانِ أنْ تُهَيأ الدوافِعُ
…
ثالثُها أنْ تنتفي الموانِعُ
وهذهِ بعضُ الوجوهِ فيهِ
…
نظامُ لفظٍ ومعانٍ فيهِ
ثُمَّ انطباقُهُ على العِلْمِ الصحيحْ
…
وأثرُ اللَّفْظِ البليغِ والفصيحْ
كذلكَ الإِخبارُ بالمستقبلِ
…
وكلُّ ذاكَ واضحٌ ومُنْجَلي
أحكامُه ثلاثَةٌ لِمَنْ أَرادْ
…
عمليةٌ خلقيةٌ ثُمَّ اعتقادْ
فَمِنْهُ ما أبانَهُ مفصلاً
…
ومنهُ ما أبانَ مِنْهُ مجملاً
واستوعَبَتْ آياتُهُ العقائِدا
…
والمجملاتِ وأَحالَتْ ماعدا
وبعضُهُ دلالَةٌ قَطْعِيَّةْ
…
وبعضُهُ دلالةٌ ظَنِّيَة
واختلفَ الأسلوبُ في الإِلزامِ
…
والندبِ والحلالِ والحرامِ
السنة
والسُنَةُ الطريقَةُ المعتادَةْ
…
قَدْ حدَّها قومٌ كرامٌ سادَة
وهِيَ اصطلاحاً ما أضيفَ للنَّبيْ
…
قولاً وفعلاً.. ثم تقريرُ النَّبيْ
فالقولُ ما جاءَ مِنَ الكلامِ
…
والفعلُ ما رأَوهُ كالسلامِ
وبعدَهُ التَّقريرُ وهو ما رَأَى
…
مِنْ فعلِهم فما أَبَى ولا نَأى
واختلفَتْ في السنَّةِ الأقوالُ
…
لِمَا مَضَى أهلُ الحديثِ مَالوا
وللأصوليينَ ما يثابُ
…
بها.. وما لتاركٍ عِقَابُ
وأربَعٌ لم تُعتَبرْفي السُّنَّةْ
…
ما كانَ قبلَ بعثةٍ ومِنَّة
والثانِ ما أتى على الجِبِلَّة
…
وما استَقى.. كطِبِّه في العِلَّة
رابعُها ما خصَّهُ بالذَّاتِ
…
من حالِهِ كعدِدِ الزَّوْجاتِ
وثَبَتَتْ حجيةُ السنَّةِ في
…
ألفِ دليلٍ ودليلٍ فاعرفِ
أَوَّلُها إشارةُ القرآنِ
…
في النَّحْل للنَّبِيِّ بالبَيَانِ
وبعدَها الأمرُ بطاعةِ الرَّسُولْ
…
وإن تحبَّ الله فاتبعِ الرَّسُولْ
وردُّهم إليهِ في التنازُعِ
…
وحذِّر المِنكِرَ بالرَّوادِعِ
وأَنَّهُ أوتي حكمةَ الهُدى
…
محلِّلٌ محرِّمٌ.. لا عَنْ هَوَى
وقُرِنَتْ باللهِ فعلاً طاعَتُه
…
وأَنَّه لذي اليقينِ أُسْوتُه
وليسَ مُؤْمِناً مِنْ لَمْ يحكِّمَهْ
…
وما حباكَ خُذْ وما نهاكَ مَهْ
وَأُرْسِلُ الرَّسُولُ كَيْ يُطاعا
…
لا خيرةً لمسلمٍ أطاعَا
وكلُّها في واضحِ القرآنِ
…
مسطورةٌ تقصدُ للبيانِ
وهكذا قد أجمعَ الصحابةْ
…
والتَزموا سؤالاً أو إِجابَةْ
ثُمَّ دليلهَا مِنَ المعقولِ
…
ضرورةُ التبيينِ والتفصيلِ
وفعلُه كانَ البيانَ العَمَلِيْ
…
لِكُلِّ ما في الذِّكْرِ مِنْ شَرعِ العلي
وعُصِمَتْ كعصمةِ القُرآنِ
…
فعصمةُ المبينِ كالمُبَانِ
ودَلَّتِ الآثارُ بالوُجُوبِ
…
وحَذَّرِ المُنْكِرَ باللَّهيبِ
وما أتى تواتراً في الواقعِ
…
يفيدُ في العلمِ اليقيني القاطعِ
وأنَّهُ كالذِّكرِ في ثبوتهِ
…
وكفَّروا الجاحدَ في ثُبُوتِهِ
والخبرَ المشهورَ زادَ الحنفي
…
وفَسَّقوا جاحدَهُ إنْ لَمْ يَفِيْ
واتَّفَقوا بأنَّها تستلزِمُ
…
عَمَلنا والاحتجاجُ ملزِم
وخبر الآحادِ خُذْ دليلا
…
أَنْ تنذِرَ الطائفةُ القَبيلا
وربَّ حاملٍ إلى فقيهِ
…
وبلِّغوا عنِّي كما نَرْويهِ
وانعقدَ الإجماعُ.. أَيْ لم ينكرِ
…
فجزيةُ المجوسِ فعلُ عمرِ
كذلِكَ استدلَّ بالقياسِ
…
في الحكمِ يكفي واحدٌ في النَّاسِ
والجرحُ والتعديلُ في التصويبِ
…
رجِّحْ بِهَا الصِّدقَ على التكذيب
ونقلوا عن الخليفتينِ
…
مع خبرِ الواحد شاهدينِ
وربما حلَّفَهُ لم تَطَّرِدْ
…
عنهم طريقة لأخذٍ أو لِرَدّْ
وهذِهِ شَرَّطَها الأَحنَافُ
…
أَنْ لا يُرى في فعلِهِ خلافُ
أو ليسَ مما حثتِ الدَّواعي
…
أولم يُوافِقْ عملَ الأَتْبَاع
في الفقه والراوي بلا فقهٍ كما
…
في خَبَرِ المصراةِ قد تَذمَّما
واشتَرطوا لمالكٍ بأَنَّ مَا
…
خالفَ فعلَ يثربٍ لم يَسْلَما
والشافعيُّ أربعٌ شُروطُهُ
…
في كلِّ راوٍ عقلهُ وضَبْطُهُ
وأَنْ يكونَ ثقة في دينهِ
…
ولم يخالِفْ متنُهم لِمَتْنِهِ
وأحمدٌ شروطُه كالشَّافِعِيْ
…
فصَّلْتُها على المقالِ الرائِعِ
وعملُ السُّنَّةِ في الكِتَابِ
…
ثلاثَةٌ في الحقِّ والصَّوابِ
أَولُها التأكيدُ للقُرآنِ
…
كالبرِّ والجهادِ والإِحسَانِ
والثانِ تبيينُ الذي قَدْ نُصَّا
…
قيدَه فَسَّرهُ أَوْ خَصَّا
ثالثُها زيادَةٌ علَيْهِ
…
كرجمِ محصنٍ وما إِليهِ
واختلفوا في نَسْخِها القُرآنا
…
فالشَّافِعيُّ قالَ لا وبَانا
ونَسْخُها على مقالِ الجُلِّ
…
دليلُهم وقوعُهُ بالفِعْلِ
الإجماع
هو اتفاقُ أهلِ الاجتهادِ
…
من أمةِ النَّبي الإمامِ الهادي
في أَحدِ العصورِ والأزمانِ
…
في حكمِ أمرٍ مّا.. بلا تَوانِيْ
دليلُهُ مِنَ الكتابِ نَهْيُهُ
…
عنِ الشِّقاقِ، ثُمَّ فيهِ وَعْدُهُ
كذاكَ وصفُها بأنَّها الوَسَطْ
…
وخيرُ أمةٍ فإنَّها فَقَطْ
وصَحَّ في الحديثِ حيثُ قالا
…
ليسَ اجتماعُ أُمَّتي ضَلالاً
والزَمْ سوادَ المسلمينَ الأَعظما
…
وحَسنٌ عندَ الإلهِ كُلُّ مَا
رآهُ جمعُ المسلمينَ حسَنَا
…
نقلَها أصحابُ علمِ أُمَنَا
واحكُمْ بهِ عقلاً فجَمْعُهم إذا
…
توافَقَتْ آراؤُهم فالحقُّ ذا
وركنُهُ اتفاقُهم جميعُهم
…
بقولهِمْ وفاقاً أَوْ سُكوتِهم
ورَدَّ هذا الشَّافِعِيْ والظَّاهِرِيْ
…
وكَمْ حكاهُ مِنْ إمامٍ ماهرِ
وعَدَّدوا شروطَهُ وبَعْضُها
…
مُختَلَفُ فيهِ وهاكَ عَدُّها
أَوَّلُّها أَنْ ينتفي التَعارُضُ
…
مع الكتابِ أو حديثٍ قد رَضُوا
والثانِ أَنْ يستندَ الإِجْماعُ
…
إلى دليلِ واضحٍ أذَاعوا
وأَنْ ترى المجتهدينَ عَددا
…
واتَّفَقوا جميعهُم لا ماعَدا
وأَنْ يكونَ مِنْ أمورِ الشَّارِعِ
…
وقيلَ لا بَلْ كُلُّ أمرٍ نافعِ
وأَنْ يَمُرَّ عصرهُمْ جَميعاً
…
فلا يعودَ واحدٌ رُجُوعاً
وبعضهُم نَفَوا.. وزادَ الحَنَفِيْ
…
أَنَّ الخلافَ قبله قَدْ انتُفي
وحُكْمُهُ في الشَّرعِ حكمٌ قاطِعُ
…
وحكمُهُ في الأَمرِ لا يُنَازَعُ
واختلَفُوا في حُجَّةِ السكوتيِ
…
فالكَرْخِي والآمدِي لم يُثْبِتِ
ومالكٌ يحتج بالإجماعِ
…
من أهلِ يثربٍ بلا نزاعِ
وقصرَ الإجماعَ أهلُ الظاهرِ
…
على الصحابِ في مقالٍ جائرِ
واعتَبروا للعترة الإِجماعا
…
والراشدينُ بَلْ لشيخينِ مَعَا
القياس
وعرَّفوا القياسَ اصْطلاحاً
…
فاحفظْهُ عني تبلغِ النَّجَاحَاْ
فرعٌ يساوِي أصلَهُ في العِلَّة
…
أي حكمهِ، فالحكمُ فيهِ مِثْلَهْ
أركانُهُ أربعَةُ في العَقْلِ
…
أصلٌ وفرعٌ ثم حكمُ الأصلِ
رابعُها العِلَّةُ في الإطارِ
…
مثالُهُ النَبيذُ في الإسكارِ
دليلُه من الكتاب قولُهُ
…
فاعتبروا.. عن شافعيٍ نقلُهُ
وخُذْ مِنَ السُّنَّةِ قولَ ابنِ جَبَلْ
…
كذا النبيُّ حيَن قاسَ في القُبَلْ
وغيرها عَنْ مائَةٍ تَزيدُ
…
مثالُ ذاكَ الأسودُ الوَليدُ
وثبتَ القِياسُ بالإجماعِ
…
فعَلَهُ الصِّديقُ للأتباعِ
وحكمه يفيد ظنَّ الحكْمِ
…
فاحكُمْ بِهِ ولا تَخُضْ بالوهمِ
ثانياً المصادر المختلف فيها
الاستحسان
وحدُّه أن يعدلَ المجتهدُ
…
عن مقتضى قياسِ أمر يردُ
مِنْ واضحٍ إلى قياسٍ مختفي
…
أو حكمِ كليٍ لمستثنى خفي
وذاكَ من أجل دليلٍ يقدحُ
…
في عقلِه عدولَه يرجِّحُ
وظاهر بأنَّه نوعانِ
…
ترجيحٌ استثناءُ للبيانِ
فالأوَّلُ الترجيحُ كالحَلْفانِ
…
والثان الاستثناءُ كالضمانِ
وذهبَ الأحنافُ والحنابلةْ
…
إلى اعتباره دليلاً قابلَهْ
مِنَ الكتابِ: يتبعونَ الأَحْسَنا
…
وما رآهُ المسلمونَ حَسَنا
وأكَّدوا تفضيلَ الاستحسانِ
…
على القياسِ أي قياسِ الثاني
ومالكٌ والشافعيُّ قالا
…
بنفيهِ وصَحَّحُا الإِبْطالا
المصلحة المرسلة
وعرَّفوا المصالِحَ اصْطِلاحا
…
ما لم يَرِدْ في حكمِها صُراحَاً
دليلُ شرعٍ في اعتبارِ حُكْمِها
…
ولا على إلغائِها أَوْردِّها
كالجُندِ والديوانِ والسُّجُونِ
…
والخُلْفُ في استقلالِها في الدَّينِ
فذهبَ الأحنافُ ثم الشافِعِيْ
…
لنَبْذِها على مَقالٍ بارعِ
فالشَّرْعُ كلَّ أمرِنا قد راعى
…
كتاباً أو حديثاً أو إجماعاً
والآخرانِ جَعَلاهُ أصْلاً
…
يُبْنى عليهِ الحكمُ مُستَقِلاً
واشتَرطوا ثلاثةً شروطاً
…
بغالبِ الأَ نام أَنْ تُحيطَا
كذاكَ أنْ تكونَ واقعَّيةْ
…
ولم تعارَضْ حجةً شَرْعِيَّةْ
ثَمَّ لهَا أَربعةٌ دَواعِيْ
…
درءُ الأَذَى والسدُّ للذَرائعِ
جلبُ مصالحٍ، تغُّيرُ الزَّمَنْ
…
فافْهَمْ فأنْتَ في البلاغِ مُؤْتَمَنْ
الاستصحاب
هو اصطحابُ حكمِ أَمرٍ ماضِي
…
لحاضِرٍ لم يقضِ فيهِ قاضِ
فيستمرُّ الحكم فيه قائماً
…
إلى ثبوتِ غيرِه ملائماً
واعتَبَروه حُجَّةً إذا انفَرَدْ
…
نَفْياً وإِثْباتاً بِلا أَخْذٍ وَرَدْ
مثالُهُ الحياةُ للمَفْقودِ
…
وردَّه الأحنافُ بالقيودِ
أنواعه ثلاثةٌ في الأصلِ
…
أولها اصطحابُ حكمِ الأصلِ
وبعدَه ما أصلُه البراءَةْ
…
كالحكمِ للحقوقِ بالبراءَةْ
ثالثُها اصطحابُ حكمِ حالِهِ
…
على ثبوتِهِ إلى زوالِهِ
واعتَبروا دَليلَه ظَنِّيَّا
…
وآخِرَ الأَدِلَّةِ المحكيَّة
العرف
والعرفُ ما استقرَّ في النُّفُوسِ
…
من جهةِ العقولِ لا الطُروسِ
ثُمَّ ارْتضَاه النَّاسُ بالقَبُولِ..
…
أنواعُه أربعةٌ..فالقولي
تعارفَ الناسُ على إطلاقِهِ
…
كاللحمِ والشرابِ في إطلاقِهِ
والعَمَلي تَعارَفوا إِتْيَانَهْ
…
كالأَكلِ أو كالمَهْرِ في أَوانِهْ
والعامُ ما يَعمُّ في البلادِ
…
والخاص عرفُ ثلةٍ أفرادِ
واتَّفَقُوا في كونِه دليلاً
…
واختلفوا هَلْ يَسْتَقِلُّ؟
…
قيلا
للمَالكِي والحَنَفِي والحَنبَلي
…
خذهُ دليلاً كامِلاً.. وَدَلِّلِ
مِنَ الكتابِ أَمْرُهُ بالعُرْفِ
…
وما رأَوْهُ حَسَناً فلتَعرِفِ
كذاكَ مالهُ مِنَ السُّلْطانِ
…
في العقلِ عندَ معشَر الإِنْسَانِ
والشافعيْ مالَ إلى إنكارِهِ
…
إلا إذا أرشدَ لاعتبارِهِ
واشترطوا عمومَهُ في الناسِ
…
ولم يخالفُ ثابتاً للناسِ
قول الصحابي
واتَفَقوا في أنَّهُ دليلُ
…
في كل ما ليسَ لَهُ سَبيْلُ
كذاك إن أقَّرهُ الباقونا
…
يكون حجةً كما روينا
واختلَفُوا لدى اختلافِ رأيهِمْ
…
فقيلَ يَنبغي التزامُنا بِهِمْ
بواحدٍ لمالكٍ والحَنَفِي
…
لخبرِ النُّجومِ فِيهِمْ فاقتفي
وأحمدٌ والشَّافِعِيُّ خالَفَهْ
…
عَنْ تابعينَ نَقَلُوا المُخالَفَة
شرع من قبلنا
واختلَفُوا في شرعةِ الذينا
…
مِنْ قبلِنا ملغيةٌ أَمْ دينَا
فاتفقوا في الأخذِ بالأحكامِ
…
مما أقرَّ الدينُ كالصِّيامِ
واتفقوا في نسخِ ما قد نُسِخا
…
في شَرْعِنا. كالقطعِ مما اتَّسَخا
واختلَفُوا في حكمِ ما قَدْ وَردا
…
ولم يُنْسَخْ ثُمَّ لَمْ يُؤيَّدا
كالنفس بالنفسِ وشُرْبِ محتضَرْ
…
فالحنفيْ والحنبليْ والبعضُ قَرّ
ودلَّلوا بوحدةِ الشرائعِ
…
والرجمِ واقتدهْ لكلِّ سامعِ
والشافعيُّ أنكرَ استِدلالَهُمْ
…
بأَن لِكُلِّ أمةٍ مِنْهاجُهُمْ
سد الذرائع
وكلَّ ما ظاهِرُه مُباحُ
…
وموصِلٌ لما بهِ جُنَاحُ
أباه سداً منْهُ لِلذَّرائِعِ
…
مالكُ وابنُ حنبلٍ لا الشَّافِعِيْ
وأكَّدَا ذاكَ بمنعِ الشتمِ
…
لِكُلِّ مَنْ يَعْدو بغيرِ عِلمِ
والشافعيُّ حرمَ الذريعة
…
لذاتها أي حرَّمَ الوقيعة
الباب الثاني مباحث الأحكام
الحكم
وحدُّهُ في اللغة القضاءُ
…
وأطلقوه فاروِ ما تشاءُ
إثباتُ أمرٍ ما لأمرٍ واحدُ
…
ثم الذي عند القضاة واردُ
تعريفُهُ عنَد الأصوليينَا
…
خطابُ رَبنا لنا مُبيْنَا
والفقهاءُ اعتبرُوه الأَثَرا
…
عَنِ الخطابِ قَدْ جَلا وانْتَشَرَا
وقسَّمُوهُ مَصْدراً قسْمَينِ
…
فالأوَّلُ الشَّرعِيُّ.. دونَ مَيْنِ
وذاكَ ما مِنَ الإلهِ أُخِذَاْ
…
وعملاً أَو اِعتقاداً فهو ذا
وبعدَهُ كُلُّ الَّذي لَمْ يُؤْخَذِ
…
من شارعِ الأَحكامِ كالحكم الذي
أُخذَ من عقلِ ومن حسّنٍ ومِنْ
…
عرفٍ فذاك دون شرع قد زُكِنْ
والحكم حدُّهُ لدى الجمهورِ
…
هو خطابُ ربنا الغفورِ
ومتعلقٌ بفعلنا اقتضَا
…
تخييراً أو وَضْعاً وهَذا المُرْتَضَى
وقسَّموا الشرعيَّ من حكمٍ إلى
…
قسمين فالتكليفي ما أدَّى إلى
حكمٍ من الخمسةِ في اقتضاءِ
…
كذاك في التخييرِ كالنداءِ
وبعدَه الوضعيُّ وهو ما اقتضى
…
أن يجعلَ الأمرَ لحكمٍ قد مضى
علامةً تجعلُه له سببْ
…
أو مانعاً أو رخصةً أو يُجتنَبْ
لكونِهِ فاسداً او عزيمَةْ
…
أو رخصةً أحكامها سليَمةْ
وزاد فيها الآمديُّ واحداً
…
حكم المباح قال تخييراً بدا
الحكم التكليفي
وقد مضى تعريفُه وأنَّهُ
…
أدَّى إلى التحريمِ أو ما يكرَهُ
والندبِ والإيجابِ والإباحَهْ
…
والحنفيُّ قَسَّمَ الكراهَهْ
قسمين تنزيهاً وتحريماً رضي
…
وزادَ حكماً سابعاً بالفرضِ
الواجب
ما طلبَ الشارِعُ فيهِ الفِعلَ مِن
…
مُكلَّفٍ حتماً كصومٍ في زَمَنْ
أمَّا مِنَ الثَّوابِ والعقابِ
…
فاعِلُهُ استَحَقَّ للثَّوابِ
ويَسْتَحِقُّ التَّاركُ العِقابا
…
فافهَمْهُ كَيْ تُنَافِسَ الطُلَاّبَا
ويثبتُ الواجبُ بالخِطابِ
…
ثمانِ أوْجُهٍ على أبْوَابِ
الأَمْرُ نحوَ الأَمْرِ بالصَّلاةِ
…
إِقامَةً والأمْرُ بالزَّكاةِ
والمصدَّرُ النائِبُ عَنْ فعلٍ كما
…
ضربَ الرِّقابِ إِنْ لقيتُمْ ظالِم
مضارع بلامِ أمرٍ يَقْتَرنْ
…
مثالُه إنفاقُ ذي الوسعة مِنْ
سَعَتِهِ. كذاك باسم الفعل مَهْ
…
كذا عليكُمْ وذا في الأمر لَهْ
خامِسُها التَّصريحُ بالأَمْرِ كما
…
يأمركُمْ بأنْ تؤدُّوا الذِّممَاَ
وغيرُ ذاكَ مِنْ أساليبِ اللُّغَة
…
كَ (كُتِب الصيامُ) ثُمَّ (الحَجُّ لَهْ)
وبعدَهُ التَّرتيبُ للعُقوبَةِ
…
لتارِكِ الفعلِ كما الأُضْحيةِ
والثامِنُ التَّصرِيحُ بالإِيجابِ
…
والفرضِ كالصِّيامِ في الصَّوابِ
وقسِّمَ الواجِبُ قسمينِ هُمَا
…
مُؤَقَّتٌ ومُطْلَقٌ.. فَكُلُّ مَا
طلَبهُ محتماً معيناً
…
لوقتِهِ مُؤَقَتٌ.. مثلُ مِنَى
وكلُّ ما طلَبَهُ وأَطْلَقَهْ
…
فمطلَقٌ مثلُ النُّذُورِ المُطْلَقَةْ
فَحيثُما أدَّاهُ مطْلَقاً ولَوْ
…
في غيرِ وقتِهِ قبولَهُ رَأَوْا
وجَعَلُوا المُؤَقَّتُ الذّي مَضَى
…
ستَّةَ أنواعٍ لمن قد ارتضى
فأولٌ مؤقتٌ مضيَّقُ
…
كَرَمَضَانَ كله مستغرَقُ
وبعدَهُ مُؤَقَّتٌ مُوَسَّعُ
…
كالصلواتِ الخَمْسِ فهي تَسَعُ
والثالثُ المُؤَقَّتُ المشتبهُ
…
لم يَتَّسِعْ فرضاً سِواهُ معهُ
والوقتُ ما استغرقَهُ جميعَهُ
…
كالحجِ.. فانظُرْ ضيقَه ووسعَهُ
فهذه الثَّلاثُ في توقيتِهِ
…
وخذ ثلاثاً من لدن تنفيذِهِ
فَفِعلُهُ في وقتِهِ المُقَدَّرِ
…
شَرعاً له فهو الأداءُ..فاحْذَرِ
وشرطُه بأَنْ يكونَ أوَّلا
…
والثان أن يعيدَه مستكملا
لنَقصِهِ في وقته، واسمُهُ
…
إعادَةٌ.. فاذكرُهْ يَسْهُلْ فهمُهْ
والثالثُ القضاءُ وهو فعلُهُ
…
مستدرَكاً وقد تمضَّى ظلُّهُ
وقُسِّمَ الواجِبُ في المِقْدارِ
…
قسمانِ: محدودٌ كما الظِّهارُ
والثانِ لم يحدَّدِ البَشيرُ
…
حداً لَهُ مثالُه التَّعْزيرُ
وقسَّمُوهُ باعتبارِ الفاعِلِ
…
فالأَوَّلُ: العَيْنِيُّ.. لم يُساهِلِ
في فعلِهِ مِنْ خلقِهِ مُكلَّفَاً
…
مثلُ الصِّيامِ والزَّكاةِ والوفَا
وواجِبُ الكفايَةِ الذِّي إذَا
…
أتاهُ بعضُهم كفاهُمْ مِنْهُ ذَا
مثالُهُ رَدُّ السَّلامِ والجهادْ
…
لكنَّه عينٌ إذا تُغَزَّى البلَادُ
كَذَا إِذَا لم يُستَنَبْ سِوَاهُ
…
عينٌ عليهِ ثابِتٌ أدَاهُ
وقسَّموهُ باعتبارِ ذَاتِهِ
…
معيناً مخيراً في ذاتِهِ
فكلُّ ما طلبُهُ وعينَهْ
…
معينٌ كردِّ غصبٍ كان لَهْ
ومنْهُ ما طلَبهُ وخَيرَّا
…
فلَمْ يُعَيِّن عَينَهُ ويَسَّرا
كالحكمِ في كفارَةِ اليَمينِ
…
كذاكَ في إطلاقِ أَسْرى الدينِ
وكُلُّ ما لَيْسَ يَتِمُّ الواجِبُ
…
إِلَاّ بهِ فإنُّهُ لواجِبُ
المصلحة المرسلة
ما طلبَ الشارعُ فعلَه بلا
…
جزمِ فمندوباً تراه جُعلا
وقيلُ ما يحمَدُ فاعلٌ لَهُ
…
ولا يُذَمُّ تارِكٌ أهمَلَهُ
ويستحقُّ الفاعِلُ الثَّوابَا
…
وليسَ يلقَى التَّارِكُ العِقَابَا
ويَظْهَرْ المَنْدوبُ بالصَّريحِ
…
كقولِهِ سَنَنْتُ في التَّرويحِ
كذاكَ في الطَّلَبِ غَيْر الجازم
…
كآية الديون للتراحم
وحيثُ لا ترتيبَ للعِقَابِ
…
في الحكمِ كالرُّخْصَةِ في الصَّوابِ
وكل ما طلبَهُ تحبيباً
…
مبيِّنا لفَضْلِهِ تَرغيباً
واعتبِرَ المنْدوبُ مأموراً بِهِ
…
لِلشَّافِعي وأحمدٍ وصَحْبِهِ
وذاكَ حيثُ طاعةً يَدعُونَهْ
…
وأَنَّهُ في الدِّين يِطْلُبونَهْ
ودلَّلُوا بقسمةِ الأمرِ إلى
…
نَدْبٍ وإيجابٍ بذا الأَمْرُ جَلا
واختلف الأحناف في ذي المسئلة
…
وجعلوا الأمر مجازاً فادعُ له
لوكان مأمورا به لكانا
…
تاركه معاقباً مهاناً
وعللوا بسنة السواك
…
وكونه في (افعل) حقيق زاكي
والندب أنواع ثلاث توجدُ
…
مؤكد.. وغيره.. وزائدُ
أولها فاعله يثابُ
…
ولا ينال التاركَ العقابُ
لكنه معاتبٌ ملومُ
…
كسنة الفجر.. وذا مفهومُ
والثانِ في إتيانه ثوابُ
…
وليس في هجرانه عتابُ
وكلُّ ما قد كان فعل المصطفى
…
ولم يشرَّعْ فهو برٌّ ووفا
يثابُ إن نوى به المتابعة
…
كالنوم والمشي على المسارعة
ولم يكُ المندوبُ تكليفاً وما
…
حكاه الاسفراني ليس ملزما
واختلفوا هَلْ يَلْزم الإتمامُ
…
بعدَ الشُّروعِ فيه.. فالإِمامُ
الشَّافعيُّ قالَ لا ولا قَضَا
…
لا إثْمَ في تركِ الذي نَدْباً مَضَى
وقالَ إنَّهُ أداءُ نافِلَهْ
…
وليسَ إسقاطاً لواجبٍ فَمَهْ
وقالَ إنَّ الصَّوْمَ كالإِنفاقِ
…
أَعِدْ إذا شَرَعْتَ بالإنفاقِ
كذاكَ نصُّهم أميرُ نفسِهِ
…
إنْ شاءَ صامَ أو يَشَأْ فلينتَهِ
وحُجَّةُ الأحنافِ قولُ ربِّنا
…
لا تبطِلُوا أعمالَكُمْ في شَرْعِنا
وإنَّما المندوبُ حَقُّ ربِّنا
…
فلنلتَزِمْ قضاءَهُ إنْ فاتَنا
واَنَّهمْ قاسُوهُ بالمَنْدُورِ
…
وذاكَ وهْنٌ واضِحُ الظُّهورِ
وظاهرٌ للأولينَ الغَلَبَةْ
…
ونَصُّهم في البابِ أقْوى مَغْلَبَةْ
والنَّدبُ خادمٌ لما قَدْ وَجَبَا
…
والندبُ بالكُلِّ وُجوباً صَحِبَا
الحرام
ما طلبَ الشَّارعُ تركَهُ على
…
وجهٍ مِنَ الإلزامِ حِرمةً جَلا
وقيلَ ما يُذَمُّ شرعاً فاعِلُهْ
…
وزيَد فيهِ ما يثابُ تارِكُهْ
ويثبتُ التحريمُ بالصريحِ
…
كحرمةِ المَيْتِ عَدا المذْبُوحِ
وصيغَةُ النَّهْي (ولا تَجَسَّسُوا)
…
وطلبُ اجتنابِه ك (اجتنِبُوا)
كذاكَ لفظُ لا يحلُّ فاعلمِ
…
ك (لا يَحِلْ مالُ مرءٍ مُسلمِ)
كذاكَ ما ترتبَ العقابُ
…
عليه، أي سيغضبُ الوهابُ
كغضبِ اللهِ ومقتِ اللهِ
…
كذاكَ حربُ اللهِ لعنُ اللهِ
وحكمُه وجوبُ تركِهِ على
…
مكلفٍ، فإنْ أتاهُ خُذِلا
وجعَلُوا ما حُرِّمَ ابتداءً
…
محرماً لذاتِهِ سَواءً
مَعْ نفسِهِ أو غيِرِه محرَّماً
…
كالخمرِ والميسرِ أو شَربِ الدِّمَا
وكل ما شُرِعَ ثمَ حرِما
…
فاحكُمْ بهِ لغيرهِ مُحَرَّمَا
كالصَّوم يومَ العيدِ والصَّلاة
…
بِكُلِّ مَغْصُوبٍ كذَا الزَّكاة
واختلفوا في حُكْمِ عَقْدِهم على
…
محرَّمٍ لغيرِه، فقيلَ: لا
فرقَ، ففاسِدٌ وباطلٌ وذَا
…
للشَّافِعي بهِ الجميعُ أَخَذَا
وفَصَّلَ الأحْنافُ هذي المسألَةْ
…
فجُعِلَتْ فاسدةً لا باطِلَة
وغالبُ الحرامِ ما قد عُيِّنا
…
كالخمرِ والقتلِ الحرامِ والزنا
وربما خُيِّر في تحريِمِهِ
…
مثل طلاقِ البعضِ من حريمِهِ
كذاكَ في زواجِ الاختين معاً
…
كذاك أمَّاً وابنةً أن يجمَعَا
وفي الوجوبِ يحرمُ النقيضُ
…
وفي الحرامِ الواجبُ النقيضُ
المكروه
ما طلبَ الشارعُ تركَهُ بلا
…
جزم فذا المكروهُ شرعاً جُعِلا
وقيلَ ما يمدحُ تاركٌ لَهُ
…
ولا يُذَمُّ فاعلٌ يفعلُه
ويثبتُ المكروهُ بالتَّصريحِ
…
كأبغضِ الحلالِ في التسريحِ
وكلُّ ما طُلِبَ مِنْكَ تركُهُ
…
ودلَّ أنَّما المرادُ كُرْهُه
كالبيعٍ عند ساعة الصلاةٍ
…
وكالسؤالٍ عن أمورٍ تأتي
ويستحقُّ التاركُ الثَّوابا
…
وليسَ يلقى الفاعلُ العَذابَا
والحقُّ في المكروهِ أنَّهُ نُهي
…
عن فعلِهِ فالتركُ مأمورٌ به
والحقُّ أن ليسَ بهِ تكليفُ
…
والاسفراني قالَ: بلْ تَكليفُ
وفرَّقَ الأحنافُ في المكروه:
…
ذي حرمةٍ منه وذي تنزيه
ما طلبَ الشارعُ جازماً لَهُ
…
تركاً. وذا بالظنِّ.. تحريما فَهُو
مثاله لبسُ الحريرِ والذهب
…
فذلك المكروهُ تحريما وجَبْ
وكل ما طلبَ تركَه بلا
…
جزمٍ.. فذا المكروهُ تنزيهاً جَلا
والشافعية لهم تقسيمُ
…
فحيث قد خصَّص ذا مفهومُ
وإن يكُ النهيُ بلا تخصيصِ
…
خلاف أولى اجعلْه في التخصيص
المباح
وكل ما قد خُيِّرَ المكلفُ
…
في الفعلِ والتركِ مباحاً يعرفُ
وقيلَ ما لا يمدحُ المفارقُ
…
له، ولا يذمُّ من يجانفُ
وحيث ما نصَّ به صريحاً
…
كافعل إذا شئت فقد أُبيحا
كذاك حيث قال لا جناحا
…
ونحوه (لا إثم) قد أباحا
والأمر إن ترد به قرينَةْ
…
تبيحه كالأكل أو كالزينَةْ
والأمر بعد حظرِهِ إن وَرَدا
…
كالصيدِ بعد الحلِّ حيث قصدا
والنصُّ بالحلِّ صُراحاً مثلَما
…
طعامُهم حلُّ لكم كذا الإِمَا
والأصل في الأشياء أن تباحا
…
ما لم يرد نصٌّ بها صراحاً
وحكُمه لم يُطلبْ اجتنابُهْ
…
منَّا ولم يَرِدْ كَذَا اقترابُهْ
وكلُّ ما قصدْتَهُ للهِ
…
مِنَ المباحِ طاعةٌ للهِ
ولَمْ يكُنْ في الحقِّ مأموراً بهِ
…
وخالف الكَعْبيُّ في ترتيبِهِ
أقسامه ثلاثة أولها
…
لا ضر في إتيانها وتركها
كالأكلِ واللباسِ والثيابِ
…
والصيدِ والصباغِ والشرابِ
والثانِ ما في أصله محرمُ
…
وضرُّه محققٌ محتَّمُ
لكنه أُبيحَ للضرورَةْ
…
وذاك في الأمثلةِ المشهورَةْ
والثالثُ المعفوُّ عنه دينا
…
ما كان عند الجاهليِّ دينا
وربما تجتمعُ الأحكامُ
…
في واحدٍ مثالُهُ الطعامُ
الحكم الوضعي
تعريفه في اللغة الإيلادُ
…
والتركُ والإسقاطُ إذ يرادُ
وهو اصطلاحا كلمات ربنا
…
تعلقت بجعل شيء ما هنا
شرطاً لفعلٍ أوصحيحاً أو سببْ
…
أو مانعاً أو فاسداً فليجتنِبْ
أو رخصةً في الشيء أو عزيمَةْ
…
فسر على طريقتي القويمَةْ
ويقسم الوضعيُّ في ارتباطِهِ
…
بحكمِ تكليفٍ لخمسة به
الشرطُ والسببُ والعزيمة
…
أو رخصةٌ سميحة كريمة
والرابعُ المانعُ والصحيحُ
…
أو فاسدٌ أو باطلٌ صريحُ
السبب
والسَّبَبُ الوصفُ الجليُّ المنضبطْ
…
دلَّ لَهُ دليلُ سمعِ واشتُرِطْ
لَدى الدليلِ كونُه معرِّفاً
…
للحكمِ وهو حكمُ شرعيٍّ كَفَى
وحينَما يوجَدُ فالمسبَّبُ
…
لا بُدَّ موجود كما قد هذبوا
وحيثما يُعدَمُ فالمسبَّبُ
…
لا بُدَّ مَعْدومٌ كما قَدْ كَتَبُوا
مثالُه أَنَّ الزِّنَا تَسَبَّبا
…
في الحدِّ فالحدُّ به وجَبَا
أقسامُهُ من جهة الموضوعِ
…
قسمانِ: فالوقتيُّ للجميعِ
مثالُهُ الظهرُ لدى الزوالِ
…
ولصيام الشهرِ بالهلالِ
والمعنويْ مثالُهُ الإسكارُ
…
سبَّبَ تحريماً كذا القمارُ
أقسامه من جهة المكلف
…
قسمان فافهمها لدي تكتفي
أولها ملكْتَ فيه المقدرَةْ
…
كالبيعِ والقتلِ فخُذْ للآخرَةْ
وربما يكون مأموراً بِهِ
…
مثاله النكاحُ مأمورٌ بِهِ
وربما نهاكَ عنه الشارعُ
…
كالسرقاتِ وكذاك القاطعُ
وربما يباحُ كالذبيحِ
…
يحلُّ أكلُهُ على الصحيحِ
والثان ليس في يديك المقدرةْ
…
مثل الزوال في الصلاة الحاضرةْ
وإنما الأسبابُ مقصوداتُ
…
لغيرها.. أي المسبَّبَاتُ
والسببُ المشروعُ ما أدى إلى
…
مصلحةٍ وإن يكن فيه بلا
مثاله الجهادُ في الفيافي
…
فربَّما أدى إلى إتلافِ
وغير مشروع كما أدى إلى
…
مفسدةٍ مثل تبنِّي من خلا
ويقسم السببُ في تأثيرِهِ
…
في الحكمِ قسمين على تحريرِهِ
مؤثّرٌ وذاك يدعى العلَّةْ
…
كالسكرِ في التحريمِ فهو العلَّةْ
وغير ما أثَّر وهو الذي
…
كالوقتِ ليس علةً لحكمِ ذي
وباعتبار نوعِ ما تسبَّبا
…
فإنه قسمان فامْح الريبا
أولها لحكم تكليف ظهَرْ
…
مثاله الصوم إذا هلَّ القمَرْ
والثانِ للحلِّ أو الملكيّة
…
كالعتقِ والبيعِ كذا الزوجيَّة
وباعتبار مصدر العلاقَةْ
…
بينهما أقسامُهُ ثلاثَةْ
أولها الشرعي وهو ما زكى
…
من حكم شرعٍ كالصلاة والزكَا
وبعدها العقليُّ وهو ما نَتَجْ
…
عن حكمِ عقلٍ كالنقيضِ في المحَجْ
والثالث العادي وهو ما جرى
…
عرفٌ به أو عادةٌ بلا مرا
ولازم عند وجود السببِ
…
حتماً له الوجود للمسبَّبِ
ولازمٌ عند انعدام السببِ
…
حتماً له الزوال للمسبَّبِ
الشرط
والشرط ما الوقوف بالوجودِ
…
للحكم شرعاً منه للوجودِ
وكان عنه خارجاً ويلزمُ
…
من عدمِ الشرط لحكمٍ عدمُ
وإنه كالركن إلا أنهُ
…
مختلفُ فافهمه وافهم فَنَّهُ
فالشرطُ جاءَ خارجَ الماهيَّةْ
…
والركنُ جاءَ داخلَ الماهيَّةْ
ويلزمُ العدمُ من عدمِهِ
…
كذلك السببُ في عدمِهِ
أما إذا وجدَ شرط لم يَجِبْ
…
وجودُ حكم. فتعلَّمْ واستطِبْ
ويقسَمُ الشرطُ لدى ارتباطِهِ
…
بسببٍ نوعين في احتياطِهِ
فحيث جاءَ مكملاً للسببِ
…
فالحولُ مكملُ النصابِ فانجبِ
وقد يجيءُ مكملُ المسببِ
…
كالستر مكملاً بلوغاً للصبي
وباعتبار جهة اشتراطِهِ
…
نوعان. فالشرعي لارتباطِهِ
بالشارعِ العليِ كالأحكامِ
…
وسائر الحدود والصيامِ
وبعده الجَعْليّ وهو ما اشتُرِطْ
…
من المكلف الذي له اشتُرِطْ
كالمهرِ في تقديمِهِ في فعلِهِ
…
والبيع في استلامه ونقلِهِ
وشرطه إن جاء أن يوافقا
…
للشرعِ مثلَ البيع حيث أطلقا
وباعتبار نوع ما يربطه
…
بكل مشروط ثلاث عَدُّه
أولها الشرعيُّ كالوضوءِ
…
شرط الصلاة بعد ما طروءِ
وبعده العقليُّ من عقولنا
…
نتاجُهُ كالفهمِ في تكليفنا
ثالثها العاديُّ وهو ما نَتَجْ
…
عن عادة كالنارِ تكوي من وَلَجْ
فهل يُرى تكليفُهُ بالحكمِ
…
مع فقده لشرطِهِ؟ خلفٌ نُمِيْ
مثاله هل خوطبَ الكفارُ
…
بالفرعِ من تشريعِنا.. فاحتاروا
فقيل بالصحة للتكليفِ
…
والشرط لم يحصل بلا تخفيفِ
قاسوه بالجنبِ في تكليفِهِ
…
بكل فرضٍ.. ثم في تعنيفِهِ
في الذكر للكفار عند تركهم
…
أمْرَ الصلاةِ رغم حالِ كفرهِمِ
وخالف الأحناف في اشتراطهم
…
لسائر الكفار إيماناً لهم
وما رآه الأولون أرجحُ
…
دليلهم منمّقٌ موضَّحُ
المانع
والمانعُ الوصفُ الجليُّ المنضبِطْ
…
كالقتلِ في الميراثِ حيثُ يختلِطْ
ويلزمُ العدمُ من وجودِهِ
…
أفتِ به لكلِّ مستفيدِهِ
ولم يجبْ من عدمٍ له عَدَمْ
…
ولا وجودٌ.. فتعلم لا تُنَمْ
ويقسم المانع في تأثيرِهِ
…
عليهما قسمين في تحريرِهِ
أولها لحكمة النقيضِ
…
كالترك للصلاة في المحيضِ
فربما اجتمع بالتكليفِ
…
مثل المثال السابق الظريفِ
وربما لم يجتمع به كما
…
في النوم والجنون.. فابقَ مسلما
وربما ينقلبُ اللزومُ
…
مخيَّراً.. مثالُهُ السقيمُ
والثان ما أخل حكمةَ السببْ
…
فالدينُ في الزكاةِ أبطلَ السببْ
والحنفيُّ قسَّمَ الموانعا
…
لخمسةٍ فكن لديَّ سامعا
ما يمنع انعقادَ أيِّ سببِ
…
كبيعِ حرٍّ أو كإفتاءِ الصبي
والثانِ ما يمنعُ من تمامِهِ
…
كبيعِ ذي الفضولِ غيرَ مالِهِ
ثالثها يمنعُ بدءَ الحكمِ
…
مثلَ خيارِ الشرطِ للمسلَّمِ
رابعُها يمنعُ من تمامِهِ
…
مثلَ خيارِ العينِ في إلمامِهِ
والخامسُ المانع من لزومِهِ
…
مثل خيارِ العيبِ في لزومِهِ
الصحيح وغير الصحيح
وعرفوا الصحيحَ دونَ ريبَةْ
…
ترتُّبُ الثمرةِ المطلوبَةْ
شرعاً عليهِ منه أي ترتبتْ
…
آثارُهُ كامِلَةً وأوجبتْ
وغيره ما لم ترتَّبْ بعدَهُ
…
آثارُهُ فافهمْ لهذا عنَدهُ
فما مضى يقال عنه الباطل
…
لكلِّهم.. والحنفي قائل
يغايرُ الفسادُ بطلاناً، ولم
…
يميزِ الجمهورُ في تعريفِهِمْ
العزيمة والرخصة
في الأصلِ ما شرعَ للأنامِ
…
جميعِهم بدءاً من الأحكامِ
فإنه عزيمةٌ مبيَّنَةْ
…
وما سواه رخصَةٌ معيَّنَةْ
وطالما لم يطرأِ الترخيصُ
…
عليه فهو الأصلُ والتنصيصُ
وفي العزيمة من الأنواعِ
…
أربعةٌ تظهر باطِّلاعِ
فالأول الغالب وهو ما شُرِعْ
…
من أول الأمر لكل متَّبِعْ
والثان ما شرع للطَّوارئِ
…
كالنهيِ عن سبِّ أولي التناوءِ
والثالثُ النَّاسخُ للَّذي سَبَقْ
…
فالنَّاسِخُ العزمُ..على هذا اتَفَق
رابِعُها استثني مِمَّا قَدْ حُكِمْ
…
كقولِهِ لدى الزَّواجِ ما عُلِمْ
(والمحصناتُ مِنَ نِساءٍ إلَاّ
…
ما ملكَتْ أيمانُكم) أَحَلَاّ
والرُّخْصةُ الحكْمُ الذي أثبتَّهُ
…
خلاف أصلٍ لدليلٍ سُقْتَهُ
سبَّبَهُ عذرٌ مبيحٌ كالَّذي
…
أتاهُ عمَّارُ بنُ ياسِرَ فذِيْ
وتشَملُ الأحكامَ كُلَّها سِوَىْ
…
حكمَ المحرَّماتِ فاترُكِ الهَوَىْ
فالواجبُ الأكلُ لِمَنْ يُضْطَرُّ
…
لميتةٍ بذاكَ قَد أقَرُّوا
والنَّدبُ كالقصرِ لمن يُسافِرُ
…
ثمَّ المُباحُ والطبيبُ ناظِرُ
والرابعُ المكروهُ كالنُّطْقِ بِما
…
يكْفُر فيهِ ظاهِراً إنْ أُرْغِما
وتُجْعَلُ الرُّخصةُ أنواعاً على
…
أَرْبعةٍ فافهَمْ لما قد أُجْمِلا
أوَّلُها ما أسْقَطَ التكليفا
…
عن العِبادِ ثُمَّ لَمْ يَحيفا
عنْ كونِه في أصلهِ محرَّما
…
كالأكْلِ للميتَةِ إن تحتَّما
ورجَّحوا الأّخْذَ بها إلَاّ إذا
…
أُرغِمَ أنْ يكفُرَ فليقْتَل إِذاً
والثانِ ما جَعَلَهُ مُباحاً
…
مع قيامِ سَبَبٍ صُراحاً
معَ التَّراخي موجبٌ لحكمِهِ
…
كالفِطْر في سفرِهِ في يومِهِ
فها هُنا العزيمةُ المُفَضَّلَهْ
…
إلَاّ إذا عمَّا يُهِمُّ أشْغَلَهْ
والثالثُ المَنْسُوخُ مِنْ شرعِ الألى
…
فهو مجازاً رخصةٌ قَدْ جُعِلا
ولا يجوزُ فِعْلُها تشْرِيعَاً
…
فكُنْ لما أذكُرهُ سَمِيْعَاً
واعتبَرَ الأحنافُ حكْمَ القَصْرِ
…
مجازَ رخصةٍ فذاكَ فانْظُرِ
ولا يجوزُ عندَهُمْ أَنْ تُكْمِلا
…
فالرُّخْصَةُ التي بها تَنَزَّلا
واختلَفوا أَيُّهما يُفَضَّلُ
…
والشَّاطبِي لَخَّصَ ما تَوَصَّلُوا
فقالَ فِيمَنْ رجَّحُوا العَزيمَةْ
…
دليلُهُمْ حقاً عظيمُ القيمَةْ
فأَوَّلاً ثبوتُها بالقَطْعِ
…
وتثبتُ الرخصةُ فيها فاسمَعِ
وثانياً عمومُها إِطلاقاً
…
والرخصُ عارِضٌ بها اتِّفاقَاً
وأمرُهُ بالصَّبْرِ مثلُ أمرِهِ
…
بِها كما النَّبِيُّ عندَ صَبْرِهِ
وأخذُها يَقضي على الذَّرَائِعِ
…
وتَرْكُها يُفْضِي إلى التَّمَايُعِ
والأَصْلُ في الشَّرائِعِ التكليفُ
…
لا الهونُ والإِسفافُ والتَّخْفيفُ
أمَّا الذينَ أخَذُوا بِالرُّخْصَةِ
…
فَذَلَّلُوا مثلَهُمُ بخمْسَةِ
فالظَنُّ كالقَطْعِ لدى الأَحكامِ
…
في شرعةِ القرآنِ والإِسْلامِ
وإنَّما يُقَدَّمُ المُخَصَّصُ
…
على العمومِ هكذا قد نصَّصُوا
وأَنَّ هذا الدِّينَ يُسْرٌ فيهِ نَصْ
…
وربُّنا يُحِبُّ أَنْ تُؤتَى الرُّخَصْ
وأنَّ قصدَهُ بِها التخفيفُ
…
فاعمَلْ لما يقصدُهُ اللَّطيف
وتركُها يُودِي إلى السآمَةِ
…
وفِعلُها الكفيلُ بالسَّلامةِ
وإِنَّما التَّرجيحُ مِثْلَمَا تَرَى
…
فَقَدِّرِ الشِّقَةَ وارفَعِ المِرَاْ
الحاكم
والحاكِمُ الحقُّ هُوَ الإِلَهُ
…
فاحكُمْ بِهِمْ كما أرادَ اللهُ
وربَّما يَظْهَرُ في القرآنِ
…
أو في كلامِ السَّيِّدِ العَدْنَانِ
أو في اجتهادِ العُلماء بَعْدَهُ
…
فكلُّهم يبيِّنونَ قَصْدَهُ
وجاءَ في قُرآنِنَا مُفصَّلاً
…
أجْمَلَهُ الرَّحمنُ ثُمَّ فَصَّلاْ
وجائِزُ إطلاقُهُ أيضاً على
…
مَنْ أظهرَ الأَحكامَ أو مَنْ فَصَّلاْ
فالحاكِمُ الفَصْلُ هُوَ التَّشْرِيْعُ
…
وذاكَ بعدَ أَنْ أتَى الشَّفيعُ
واختَلفوا قبلَ مجيءِ المُصطَفى
…
فقيلَ لا حاكِمَ مُطلقاً وَفَىْ
أمَّا الذينَ اعتَزَلوا فأكَّدُوا
…
بأنَّهُ العقلُ كما قَدْ فندُوا
وسَبَبُ الخلافِ أمرُ الحُسْنِ
…
والقبحِ في العقلِ فَدعْكَ مِنِّيْ
وهَل يحاسبُ أهالي الفَتْرةِ
…
فيهِ خلافٌ هائِلٌ فأثْبِتِ
فالأشعريونَ نفوا تكليْفَهُمْ
…
فَهُمْ سواءٌ محسنٌ مسيئُهُمْ
والحُسْنُ والقبحُ مِنَ الشَّرْع عُرِفْ
…
وليس بالعقلِ كما بِذَا وُصِفْ
وخالَفَ الجماعة المُعتزلَةْ
…
ونُقِلَتْ مِنْهُمْ إِلينا المَسْأَلَةْ
فأوجَبوا تكليفَ كُلِّ عاقِلِ
…
حتماً ولَوْ لَمْ يأتهِمْ مِنْ مُرْسَلِ
والحُسن والقبحُ مِنَ العَقْلِ عُرِفْ
…
فالشَّرعُ تابعٌ لَهُ ومكتَشِفْ
والماتريديونَ جَاؤوا في الوَسَطْ
…
فأوجَبُوا معرفَةَ اللهِ فَقَطْ
وما سوى ذاكَ مِنَ التكليفِ
…
نَفَوْهُ عَنْهُمْ.. رحمةَ اللَّطيفِ
وليسَ حُسْنُ الفِعْلِ مارآهُ
…
عَقْلٌ.. ولَكِنْ ما أرادَ اللهُ
وهكذَا فكُلُّهمْ قَدْ أَجْمَعُوا
…
تكليفَ مَنْ تبلُغُهُ ويَسْمَعُ
واختلفوا في كُلِّ مَنْ لم تَتَّصِلْ
…
بهم، نجاةً أَوْ هلاكاً مُتَّصِلْ
كذاكَ إِنَّ العقلَ هَلْ يعتَبَرُ
…
مِنْ أُسُسِ التَّشْريعِ أَصْلاً؟.. نظروا
جعلَهُ كذلِكَ المُعْتَزِلَةْ
…
رَفضَهُ أهلُ النُّهى والمَسْأَلَةْ
المحكوم فيه
تعريفُهُ فعلُ المُكَلَّفِ الذي
…
تعلَّقَ الخِطابُ فيهِ فاحتَذِيْ
فرُبَّما يجيءُ تكْلِيفيَّاً
…
وتارةً تجدُهُ وَضْعِيَّاً
واشتَرطوا عِلْمَ المكلفينَ بِهْ
…
مفصَّلاً فاعرفْهُ حقاً وانتَبِهْ
واشتَرَطُوا معرفَةً بِالمَصْدَرِ
…
وما رَضوْا جهلاً بذاكَ فاحذَرِ
واشترطُوا اختيارَهُ في فِعْلِهِ
…
وتركِهِ.. لا مُلزماً بفعلهِ
فلا يُكَلَّفُونَ مُستحيلاً
…
لِفِعْلِهِ لَمْ يَجِدوا سَبيلاً
ولَا يكلفُونَ فعلَ غيرِهِمْ
…
وتَرْكِهِمْ فأمرُهُمْ لِرَبِّهِمْ
ولا يُكَلَّفُونَ ما قَدْ فُطِرُوا
…
دفعاً وجَلْباً.. إذْ هُمُ لَنْ يقدِروا
وأوِّلِ الظاهِر حيثُ وَرَدَاْ
…
لمختَفٍ لهُ الإلهُ قَصَدَاْ
وأكثرُ الأحنافِ يشرطونا
…
حصولَ شرطِ الشرع موقنينا
فهل جرى التكليفُ للكفارِ
…
بالفرعِ في الدين؟.. خلافٌ جارٍ
وكُلِّفوا مشقةً معتادَةْ
…
يفعلُها جميعهم بالعادَةْ
ورخِّصَتْ شديدةُ المشقَّةْ
…
فضلَ الإله عند بعد الشُّقَّةْ
وقسِّمَ المحكومُ فيه حيثما
…
نظرْتَ ما هِيَّتَهُ فمنه ما
رأيته وُجِدَ حسّاً وانتفى
…
شرعاً كأكلٍ أو كشربٍ أو شِفا
وربما سُبِّبَ حكمٌ شرعي
…
منه كما الزنا بأي وضعِ
وربما بالحسِّ والشرعِ وُجِدْ
…
مثالُهُ الحجُّ إذا ما قد قُصِدْ
وربما بالحسِّ والشرعِ وجِدْ
…
ورتبت عليه أحكامٌ تَرِدْ
مثالُهُ النكاحُ والإقالَةْ
…
والبيعُ والتمليكُ والحوالَةْ
وجملةُ الأحنافِ قسَّموهُ
…
حَسَبَ ما يضافُ رتَّبوهُ
أربعة أولُها للهِ
…
مخلَّص ومالَه تناهي
عبادةٌ ليسَ بها مؤونَةْ
…
وبعدها التي بها مؤونَةْ
ثالثها مؤونَةٌ وفيها
…
معنى عبادةٍ تحلُّ فيها
رابعُها مؤونةٌ وفيها
…
معنى عقوبةٍ تحلُّ فيها
خامسُها عقوبةٌ محققَةْ
…
سادسُها قاصرةٌ منمقَةْ
سابعُها تدورُ معنى فيها
…
عبادةٌ عقوبةٌ تحويها
ثامنُها حقٌّ تمامٌ قائمُ
…
بنفسِهِ مثالُهُ الغنائمُ
أولُها الصلاةُ في الإسلامِ
…
وبعدها الفطرةُ في الصيامِ
والثالثُ العشرِ ونصفُ العشرِ
…
والرابعُ الخراجُ.. فافهم فكري
والخامسُ الزنا وقطعُ الصائلِ
…
سادسُها حرمانُ كلِّ قاتلِ
سابعُها الكفارةُ المفروضَةْ
…
ثامنها الغنائمُ المقبوضَةْ
وقِسْمُها الثاني لعبدِ الله
…
فأمرُه لَهُ بلا نواهي
يسقطُهُ إن شاءَ أو يأباهُ
…
وإن يشأْ يتركُهُ فذا هو
والثالث اجتماعها وإنَّما
…
يغلبُ حقُّ ربنا فليعلما
والرابع اجتماعُها وإنما
…
يغلب حقُّهم بها فليعلما
فالثالثُ القذفُ وذاكَ يعلَمُ
…
والرابعُ القصاصُ وهو يفهَمُ
المحكوم عليه
تعريفه الشخصُ الذي تعلَّقَا
…
خطابُ ربِّنا به محقَّقَا
واشترطوا في صحةِ التكليفِ
…
شرطين فافهمْهُ ودَعْ تعنيفي
فالشرط أن يكون قادراً على
…
فهم الدليل واضحاً أو مجملا
وأن يكون عاقلاً وفاهماً
…
أي بالغاً أو خمسَ عشرٍ تمما
وزاد في السنِّ أبو حنيفَةْ
…
ثلاثةً من بعدها تخفيفَا
ولا تكلِّفْ من به جنونُ
…
وخُذْ فروعاً بعد ذا تكونُ
فكل من تصوَّرَ الخطابا
…
لو كافراً مكلفٌ صوابا
وحيثما توجه الخطابُ
…
إلى الصبيْ فالأصلُ والصوابُ
بأنه من الوليِّ يطلَبُ
…
ومثلُهُ المجنونُ وهو المذهبُ
ولا يكلف الأعجام قبل أنْ
…
يترجموه أو تصلهم المننْ
وشرطُهُ الثاني بأنْ يكُونَا
…
أهلاً لما كلَّفَهُ يَقينَا
والأهلُ منْ يصلُحُ للإلزَامِ
…
وصالحٌ أيضاً لِلالْتزامِ
وتقسم الأهليةُ اثنتانِ
…
وجوبٌ أو أداءُ في البيانِ
وربما تكونُ في الوجوبِ
…
ناقصةً كالطفلِ في النحيبِ
فتثبتُ الحقوقُ لَهْ ولا يَجِبْ
…
عليه واجبٌ وأمرٌ مُطَّلِبْ
وتكمل الأهلية النقيصَةْ
…
إذا أتى طفلا بلا نقيصَةْ
وتقسمُ الأداءُ أقساماً إلى
…
ثلاثةٍ فخُذْ بياناً مجملا
عديمةٍ في الطفلِ حتى ميَّزا
…
ومثلُهُ المجنونُ دوماً أُحرِزا
وناقصٌ في كلِّ معتوهٍ وفي
…
كلِّ مميِّزٍ إلى أن يكتفي
وكامل الأهلية الذي بَلَغْ
…
وكان عاقلاً فإنه بَزَغْ
وربما يعرِضُ للأهليَّةْ
…
أمر يزيلها بلا بقيَّةْ
كالنومِ والجنونِ والإغماءِ
…
كذلك الإكراهُ في البلاءِ
وربما أنقصَها مثلُ العَتَهْ
…
فاقبلْه إن نفَعَهُ وزادَ لَهْ
وربما غيرَ بعضَ الحكمِ
…
كَسَفَهٍ وغفلَةٍ ومَغرَمِ
خاتمة
وهكذا قد تمتِ المنظومَةْ
…
نظمتُها واضحةً مفهومَةْ
أرجو بها الثوابَ والغفرانَا
…
والعفوَ والإكرامَ والإحسانَا
وأرفع الشكرَ الجميلَ والثنا
…
لكل من أنارَ دربَنا لنا
أولهم أستاذي المربي
…
أنار لي دربي وأحيا قلبي
إمامُنا وشيخُنا كفتارو
…
وصحبهُ الأفاضلُ الأبرارُ
كذاك للمؤصِّلِ الأصيلِ
…
أستاذِنا محمد الزحيلي
جزاهم الرحمن خير ما جزى
…
شيخاً به اقتدى المريد واحتذى
والحمد لله على التمامِ
…
في البدء والموضوع والختامِ
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين