المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل وكذلك لفظ الحركة أثبته طوائف من أهل السنة والحديث وهو الذي ذكره - الاستقامة - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌فصل الرأى الْمُحدث فِي الْأُصُول وَهُوَ الْكَلَام الْمُحدث وَفِي الْفُرُوع وَهُوَ الرأى

- ‌فصل فِيمَا اخْتلف فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ من الْأَقْوَال والافعال فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع

- ‌فصل مُهِمّ عَظِيم الْقدر فِي هَذَا الْبَاب وَذَلِكَ أَن طوائف كَبِيرَة من أهل

- ‌فصل وَكَذَلِكَ لفظ الْحَرَكَة أثْبته طوائف من أهل السّنة والْحَدِيث وَهُوَ الَّذِي ذكره

- ‌فصل وَقد اعْترف أَكثر أَئِمَّة أهل الْكَلَام والفلسفة من الْأَوَّلين والآخرين بِأَن

- ‌فصل فِيمَا ذكره الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم القشيرى فِي رسَالَته الْمَشْهُورَة من اعْتِقَاد

- ‌فصل قَالَ أَبُو الْقَاسِم وَقَالَ ابْن عَطاء لما خلق الله الأحرف جعلهَا سرا فَلَمَّا

- ‌فصل فِي الحَدِيث الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن جوَيْرِية أم الْمُؤمنِينَ لما خرج النَّبِي

- ‌فصل يتَعَلَّق بِالسَّمَاعِ قَالَ أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي فِي بَاب السماع قَالَ الله

- ‌فصل فِي محبَّة الْجمال

الفصل: ‌فصل وكذلك لفظ الحركة أثبته طوائف من أهل السنة والحديث وهو الذي ذكره

‌فصل وَكَذَلِكَ لفظ الْحَرَكَة أثْبته طوائف من أهل السّنة والْحَدِيث وَهُوَ الَّذِي ذكره

حَرْب بن اسماعيل الْكرْمَانِي فِي السّنة الَّتِي حَكَاهَا عَن الشُّيُوخ الَّذين أدركهم كالحميدي وَأحمد بن حَنْبَل وَسَعِيد ابْن مَنْصُور وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَكَذَلِكَ هُوَ الَّذِي ذكره عُثْمَان ابْن سعيد الدارمى فِي نقضه على بشر المريسى وَذكر أَن ذَلِك

ص: 70

مَذْهَب أهل السّنة وَهُوَ قَول كثير من أهل الْكَلَام والفلسفة من الشِّيعَة والكرامية والفلاسفة الْأَوَائِل والمتأخرين كَأبي البركات صَاحب الْمُعْتَبر وَغَيرهم

ونفاه طوائف مِنْهُم أَبُو الْحسن التَّمِيمِي وَأَبُو سُلَيْمَان

ص: 71

الْخطابِيّ وكل من اثْبتْ حُدُوث الْعَالم بحدوث الْأَعْرَاض كأبى الْحسن الْأَشْعَرِيّ والقاضى أبي بكر بن الباقلاني وأبى الْوَفَاء بن عقيل وَغَيرهم مِمَّن سلك فِي إِثْبَات حُدُوث الْعَالم هَذِه الطَّرِيقَة الَّتِي أَنْشَأَهَا قبلهم الْمُعْتَزلَة وَهُوَ أَيْضا قَول كثير من الفلاسفة الْأَوَائِل والمتأخرين كإبن سينا وَغَيره

وَالْمَنْصُوص عَن الإِمَام أَحْمد إِنْكَار نفي ذَلِك وَلم يثبت عَنهُ إِثْبَات لفظ الْحَرَكَة وَإِن أثبت أنواعا قد يدرجها الْمُثبت فِي جنس الْحَرَكَة فَإِنَّهُ لما سمع شخصا يرْوى حَدِيث النُّزُول وَيَقُول ينزل بِغَيْر حَرَكَة

ص: 72

وَلَا انْتِقَال وَلَا بِغَيْر حَال أنكر أَحْمد ذَلِك وَقَالَ قل كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَهُوَ كَانَ أغير على ربه مِنْك

وَقد نقل فِي رِسَالَة عَنهُ إِثْبَات لفظ الْحَرَكَة مثل مَا فِي العقيدة الَّتِي كتبهَا حَرْب بن اسماعيل

وَلَيْسَت هَذِه العقيدة ثَابِتَة عَن الإِمَام أَحْمد بألفاظها فإنى تَأَمَّلت لَهَا ثَلَاثَة أَسَانِيد مظْلمَة بِرِجَال مَجَاهِيل والألفاظ هِيَ أَلْفَاظ حَرْب بن إِسْمَاعِيل لَا أَلْفَاظ الإِمَام أَحْمد وَلم يذكرهَا المعنيون بِجمع كَلَام الإِمَام أَحْمد كَأبي بكر الْخلال فِي كتاب السّنة وَغَيره من الْعِرَاقِيّين الْعَالمين بِكِتَاب أَحْمد وَلَا رَوَاهَا المعروفون بِنَقْل كَلَام الإِمَام لَا سِيمَا مثل هَذِه الرسَالَة الْكَبِيرَة وَإِن كَانَت راجت على كثير من الْمُتَأَخِّرين

ص: 73

وَقد نقل حَنْبَل عَن احْمَد فِي كتاب المحنة أَنه تَأَول قَوْله هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيهم الله فِي ظلل من العمام وَالْمَلَائِكَة [سُورَة الْبَقَرَة 210] فَإِن الْجَهْمِية الَّذين ناظروه احْتَجُّوا على خلق الْقُرْآن بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِأَن الْبَقَرَة وَآل عمرَان تأتيان يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غمامتان أَو غيايتان أَو فرقان من طير صواف تحاجان عَن صَاحبهمَا وَمَا يجِئ إِلَّا مَخْلُوق فَقَالَ الإِمَام أَحْمد فقد قَالَ الله تَعَالَى هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن يأتينهم الله فِي ظلل من الْغَمَام فَهَل يجِئ الله إِنَّمَا يجِئ أمره كَذَلِك هُنَا إِنَّمَا يجِئ ثَوَاب الْقُرْآن

فَاخْتلف أَصْحَابنَا فِي هَذِه الرِّوَايَة على خمس طرق

ص: 74

وَقَالَ قوم غلط حَنْبَل فِي نقل هَذِه الرِّوَايَة وحنبل لَهُ مفاريد ينْفَرد بهَا من الرِّوَايَات فِي الْفِقْه والجماهير يرروون خِلَافه

وَقد اخْتلف الْأَصْحَاب فِي مفاريد حَنْبَل الَّتِى خَالفه فِيهَا الْجُمْهُور هَل تثبت رِوَايَته على طَرِيقين فالخلال وَصَاحبه قد ينكرانها ويثبتها غَيرهمَا كَابْن حَامِد

وَقَالَ قوم مِنْهُم إِنَّمَا قَالَ ذَلِك إلزاما للمنازعين لَهُ فَإِنَّهُم يتأولون مجئ الرب بمجئ أمره قَالَ فَكَذَلِك قُولُوا يجِئ كَلَامه مجئ ثَوَابه وَهَذَا قريب

وَقَالَ قوم مِنْهُم بل هَذِه الرِّوَايَة ثابته فِي تَأْوِيل مَا جَاءَ من جنس الْحَرَكَة والإتيان وَالنُّزُول فيتأول على هَذِه الرِّوَايَة بِالْقَصْدِ والعمد لذَلِك وَهَذِه طَريقَة ابْن الزَّاغُونِيّ وَغَيره

وَقَالَ قوم بل يتَأَوَّل بمجئ ثَوَابه وَهَؤُلَاء جعلُوا الرِّوَايَة فِي جنس الْحَرَكَة دون بَقِيَّة الصِّفَات

ص: 75

وَقَالَ قوم مِنْهُم ابْن عقيل وَابْن الجوزى بل يتَعَدَّى الحكم من هَذِه الصّفة إِلَى سَائِر الصِّفَات الَّتِي تخَالف ظَاهرهَا للدليل الْمُوجب لمُخَالفَة الظَّاهِر

وَبِكُل حَال فَالْمَشْهُور عِنْد أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد أَنهم لَا يتأولون الصِّفَات الَّتِي من جنس الْحَرَكَة كالمجئ والإتيان وَالنُّزُول والهبوط والدنو والتدلى كَمَا لَا يتأولون غَيرهَا مُتَابعَة للسلف الصَّالح وَكَلَام السّلف فِي هَذَا الْبَاب يدل على اثبات الْمَعْنى الْمُتَنَازع فِيهِ

قَالَ الأوزاعى لما سُئِلَ عَن حَدِيث النُّزُول يفعل الله مايشاء وَقَالَ حَمَّاد بن زيد يدنو من خلقه كَيفَ شَاءَ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ

ص: 76

الْأَشْعَرِيّ عَن أهل السّنة والْحَدِيث

وَقَالَ الفضيل بن عِيَاض إِذا قَالَ لَك الجهمى أَنا أكفر بِرَبّ يَزُول عَن مَكَانَهُ فَقل أَنا أُؤْمِن بِرَبّ يفعل مَا يَشَاء

وَقَالَ أَبُو عبد الله احْمَد بن سعيد الرباطى حضرت مجْلِس الْأَمِير عبد الله بن طَاهِر وَحضر إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فَسئلَ عَن حَدِيث النُّزُول صَحِيح هُوَ قَالَ نعم فَقَالَ لَهُ بعض قواد عبد الله يَا أَبَا

ص: 77

يَعْقُوب أتزعم أَن الله ينزل كل لَيْلَة قَالَ نعم قَالَ كَيفَ ينزل قَالَ لَهُ إِسْحَاق أثْبته حَتَّى أصف لَك النُّزُول فَقَالَ لَهُ الرجل أثْبته قَالَ لَهُ إِسْحَاق قَالَ الله تَعَالَى وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا [سُورَة الْفجْر 22] فَقَالَ الْأَمِير عبد الله بن طَاهِر يَا أَبَا يَعْقُوب هَذَا يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ إِسْحَاق أعز الله الْأَمِير وَمن يجِئ يَوْم الْقِيَامَة من يمنعهُ الْيَوْم

وَقَالَ حَرْب بن إِسْمَاعِيل سَمِعت إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم يَقُول لَيْسَ فِي النُّزُول وصف قَالَ وَقَالَ إِسْحَاق لَا يجوز الْخَوْض فِي أَمر الله كَمَا يجوز الْخَوْض فِي أَمر المخلوقين لقَوْل الله تَعَالَى لايسأل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون [سُورَة الْأَنْبِيَاء 23] وَلَا يجوز أَن يتَوَهَّم على الله بصفاته وفعاله بفهم مَا يجوز التفكر وَالنَّظَر فِيهِ من أَمر المخلوقين وَذَلِكَ أَنه يُمكن أَن يكون الله مَوْصُوفا بالنزول كل لَيْلَة إِذا مضى ثلثهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا كَمَا شَاءَ وَلَا يسْأَل كَيفَ نُزُوله لِأَن الْخَالِق يصنع مَا شَاءَ كَمَا شَاءَ

ص: 78