الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل وَقد اعْترف أَكثر أَئِمَّة أهل الْكَلَام والفلسفة من الْأَوَّلين والآخرين بِأَن
أَكثر الطرائق الَّتِي سلكوها فِي أُمُور الربوبية بالأقيسة الَّتِي ضربوها لَا تفضى بهم إِلَى الْعلم وَالْيَقِين وَفِي الْأُمُور الإلهية مثل تكلمهم بِالْجِنْسِ وَالْعرض فِي دلائلهم ومسائلهم
فَأَما الأول فقد ذكرنَا فِي غير هَذَا الْموضع مقَالَة أساطين الفلسفة من الْأَوَائِل أَنهم قَالُوا الْعلم الإلهي لَا سَبِيل فِيهِ إِلَى الْيَقِين وَإِنَّمَا يتَكَلَّم فِيهِ بِالْأولَى والأحرى والأخلق وَلِهَذَا اتّفق كل من خبر مقَالَة هَؤُلَاءِ المتفلسفة فِي الْعلم الإلهي أَن غالبه ظنون كَاذِبَة وأقيسة فَاسِدَة وَأَن الَّذِي فِيهِ من الْعلم الْحق قَلِيل
وَأما اعْتِرَاف المتكلمة من الإسلاميين فكثير قد جمع الْعلمَاء فِيهِ شَيْئا وَذكروا رُجُوع أكابرهم عَمَّا كَانُوا يَقُولُونَهُ وتوبتهم إِمَّا عِنْد الْمَوْت وَإِمَّا قبل الْمَوْت وَهَذَا من أَسبَاب الرَّحْمَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي هَذِه الْأمة فَإِن الله يقبل التَّوْبَة عَن عبَادَة وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات وَهَذَا أصح الْقَوْلَيْنِ فِي قبُول تَوْبَة الداعى لَكِن بَقَاء كَلَامهم وكتبهم
وآثارهم محنة عَظِيمَة فِي الْأمة وفتنة عَظِيمَة لمن نظر فِيهَا وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَقد قَالَ ابو حَامِد الْغَزالِيّ فِي الْكتاب الَّذِي سَمَّاهُ إحْيَاء عُلُوم الدّين وَهُوَ من أجل كتبه قَالَ فَإِن قلت تعلم الجدل وَالْكَلَام مَذْمُوم كتعلم النُّجُوم أَو هُوَ مُبَاح كتعلم الطِّبّ أَو مَنْدُوب إِلَيْهِ فَاعْلَم أَن للنَّاس فِي هَذَا غلوا وإسرافا فِي أَطْرَاف
فَمن قَائِل إِنَّه بِدعَة وَحرَام وَإِن العَبْد أَن يلقى الله بِكُل ذَنْب مَا خلا الشّرك خير لَهُ من أَن يلقاه بالْكلَام
وَمن قَائِل إِنَّه وَاجِب وَفرض إِمَّا على الْكِفَايَة وَإِمَّا على الْأَعْيَان وَإنَّهُ أفضل الْأَعْمَال وَأَعْلَى القربات فَإِنَّهُ تَحْقِيق لعلم التَّوْحِيد ونضال عَن دين الله