الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والاستخبار فَإِن كَانَ الْكَلَام لَيْسَ إِلَّا مُجَرّد الْمَعْنى فَهَذِهِ الْأَنْوَاع لَيست إِلَّا مُجَرّد معنى فَإِذا قَالَ إِن الْكَلَام هُوَ الْمَعْنى الَّذِي قَامَ بِالْقَلْبِ من معنى الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر والاستخبار كَانَ قد جعل الْمَعْنى الَّذِي لِلْأَمْرِ غير الْأَمر وَهَذَا يُطَابق قَول اهل الْجَمَاعَة لَا يُطَابق قَوْله بل كَانَ حَقه أَن يَقُول الْمَعْنى الَّذِي قَامَ بِالْقَلْبِ من الْأَمر وَالنَّهْي لَا من معنى الْأَمر وَالنَّهْي لكنه تكلم فِي الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر والاستخبار
فَأَما فِي الْكَلَام فَتكلم فِيهِ بِمَا تَلقاهُ عَن أُولَئِكَ المتكلمة الَّذين أَحْسنُوا فِي مَوَاضِع كَثِيرَة وردوا بهَا على الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم وأساءوا فِي مَوَاضِع خالفوا بهَا السّنة وَإِن كَانُوا متأولين وَالله يغْفر لجَمِيع الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان وَلَا تجْعَل فِي قُلُوبنَا غلا للَّذين آمنُوا رَبنَا إِنَّك رءوف رَحِيم [سُورَة الْحَشْر 10]
فصل فِي الحَدِيث الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن جوَيْرِية أم الْمُؤمنِينَ لما خرج النَّبِي
ص من عِنْدهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا فَوَجَدَهَا تسبح بحصى فَقَالَ لَهَا مَا زلت مُنْذُ الْيَوْم قَالَت نعم قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لقد قلت بعْدك أَربع كَلِمَات ثَلَاث مَرَّات لَو وزنت بِمَا قلتيهن مُنْذُ الْيَوْم لوزنتهن سُبْحَانَ الله عدد خلقه سُبْحَانَ
الله زنة عَرْشه سُبْحَانَ الله رضَا نَفسه سُبْحَانَ الله مداد كَلِمَاته
فِيهِ فَوَائِد ترد على الْجَهْمِية والمتفلسفة
مِنْهَا قَوْله زنة عَرْشه وَذَلِكَ فِي معرض التَّعْظِيم لوزن الْعَرْش وَأَنه أعظم الْمَخْلُوقَات وزنا وَذَلِكَ يدل على ثقله كَمَا جَاءَت بعض الْأَحَادِيث بثقله خلافًا لما يَقُوله من يَقُوله المتفلسفة إِن الأفلاك وَمَا فَوْقهَا لَيْسَ بثقيل وَلَا خَفِيف بِنَاء على اصْطِلَاح لَهُم الثقيل مَا تحرّك إِلَى السّفل والخفيف مَا تحرّك إِلَى فَوق وَإِن الأفلاك لَا تهبط وَلَا تصعد وَذَلِكَ أَن الله أمْسكهَا بقدرته كَمَا امسك الارض فِي مقرها مَعَ الْعلم بِأَن مقرّ الْأَجْسَام أَمر عدمي لَيْسَ فِيهِ مَا يُوجب اخْتِصَاص شئ بِهِ دون الآخر
وَمِنْهَا قَوْله رضَا نَفسه فِيهِ إِثْبَات نَفسه وَإِثْبَات رِضَاهُ وَأَن رِضَاهُ لَيْسَ هُوَ مُجَرّد إِرَادَته فَإِنَّهُ قد قَالَ عدد خلقه والمخلوق هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ وشاءه فَلَو كَانَ رِضَاهُ هُوَ إِرَادَته لَكَانَ مُرَاده مَوْجُودا فَإِن مُرَاده قد وجد قبل هَذَا الْكَلَام فَإِنَّهُ مَا شَاءَ الله كَانَ وَهَذَا الْكَلَام
يَقْتَضِي أَن رضى نَفسه أعظم من ذَلِك وَمن ذَلِك أَنه جمع بَين رضَا نَفسه ومداد كَلِمَاته فَأثْبت لَهُ الرِّضَا وَالْكَلَام وَالرِّضَا مُسْتَلْزم الْإِرَادَة وَإِن لم يكن هُوَ عين الْإِرَادَة فَفِيهِ إِثْبَات كَلَامه وَرضَاهُ الَّذِي يتَضَمَّن محبته ومشيئته
وَهَاتَانِ الصفتان الصفتان هما اللَّتَان أنكرهما الْجَعْد بن دِرْهَم أول الْجَهْمِية لما زعم أَن الله لم يتَّخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا إِذْ لَا محبَّة لَهُ وَلَا رضَا وَلم يكلم مُوسَى تكليما وَعَن ذَلِك نفت الْمُعْتَزلَة أَن يكون لَهُ فِي نَفسه إِرَادَة أَو كَلَام وَلم يجْعَلُوا ذَلِك إِلَّا مخلوقا فِي غَيره
وتقرب مِنْهُم طَائِفَة من الأشعرية فأثبتت الْإِرَادَة وَلم يجْعَلُوا الْمحبَّة وَالرِّضَا صفة إِلَّا الْإِرَادَة وأثبتت الْكَلَام وَلم يَجْعَلُوهُ إِلَّا معنى وَاحِدًا قَائِما بِذَاتِهِ فَوَافَقُوا أهل الْإِثْبَات فِي بعض الْحق والجهمية فِي بعض الْبَاطِل
وَمن ذَلِك أَنه انْتقل من صفة الْمَخْلُوق إِلَى صفة الْخَالِق فَذكر عدد الْمَخْلُوقَات وَذكر وزن سقفها وَأَعْظَمهَا كَمَا فِي الحَدِيث الصَّحِيح قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا سَأَلْتُم الله فسلوه الفردوس فَإِنَّهَا وسط الْجنَّة وَأَعْلَى الْجنَّة وسقفها عرش الرَّحْمَن