الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هؤلاء
(1)
على ذلك بعد أن ادَّعى قِدَمها، وقلت: بل أنتَ صنَّفتَها، فأقرَّ أنه صنَّفها ولبَّسَها على بعض ملوك المسلمين لمَّا كان المسلمون محاصِري عكَّا، وكذلك غيرُه من القضاة وغيرهم لبَّسوا على غير هذا المَلِك.
وبابُ
الكذب في الحوادث الكونيَّة أكثرُ منه في الأمور الدينية
؛ لأن تشوُّفَ الذين يُغَلِّبون الدنيا على الدين إلى ذلك أكثر، وإن كان لأهل الدين إلى ذلك تشوُّفٌ لكن تشوُّفَهم إلى الدين أقوى، وأولئك ليس لهم من الفُرقان بين الحقِّ والباطل ومن النور
(2)
ما لأهل الدين، فلهذا كَثُر الكذَّابون في ذلك ونَفَقَ منه شيءٌ كثير، وأُكِلَت به أموالٌ عظيمةٌ بالباطل، وقُتِلَت به نفوسٌ كثيرةٌ من المتشوِّفة إلى المُلْك ونحوها.
ولهذا ينوِّعُون طرقَ الكذب في ذلك، ويَعْتَمِدون الكذبَ فيه تارةً بالإحالة على الحركات والأشكال الجِسْمانية الإلهيَّة
(3)
من حركات الأفلاك والكواكب والشُّهُب والرُّعود والبُروق والرياح وغير ذلك
(4)
.
وتارةً بما يُحْدِثُونه
(5)
هم من الحركات والأشكال، كالرَّمل
(6)
والحصى
(1)
لعله القاضي ابن السرَّاج. انظر: «ملاحم ابن أبي عقب» للقونوي (37 - 45).
(2)
الأصل: «من النور» . والمثبت أشبه بالصواب.
(3)
التي لا دخل للإنس والجن في تحريكها وإحداثها. (ط)
(4)
كاختلاج الأعضاء. انظر: «بغية المرتاد» (328) ، و «منهاج السنة» (2/ 464، 4/ 54، 7/ 534) ، و «مجموع الفتاوى» (11/ 582، 35/ 183).
(5)
الأصل: «يجدونه» ، وسيأتي بعد قليل: «فكل ما يحدثه الإنسان
…
».
(6)
(ط): «كالضرب بالرمل» .
والشَّعير والقُرعة بأبجَد
(1)
ونحو ذلك مما هو من جنس الاستقسام بالأزلام، فإنهم يطلبون علمَ الحوادث بما يفعلونه من الاستقسام بها، سواء كانت قِداحًا أو حصًى أو غير ذلك مما ذكره أهلُ العلم بالتفسير
(2)
.
فكلُّ ما يُحْدِثُه الإنسانُ بحركةٍ من تغيير شيءٍ من الأجسام ليستَخرِجَ به علمَ ما يجهلُه
(3)
فهو من هذا الجنس، بخلاف الفَأل الشَّرعيِّ، وهو الذي كان يُعْجِبُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وهو أن يخرج متوكِّلًا على الله، فيسمع الكلمةَ الطيبةَ، «وكان يُعْجِبُه الفأل، ويكرهُ الطِّيَرة»
(4)
؛ لأن الفأل تقويةٌ لما فَعَله بإذن الله والتوكُّل عليه، والطِّيَرةُ معارضةٌ لذلك، فكُرِه للإنسان
(5)
أن يتطيَّر، وإنما تضرُّ الطيرةُ مَن تطيَّر لأنه ضرَّ نفسَه، فأما المتوكِّلُ على الله فلا.
وليس المقصودُ ذِكر هذه الأمور وسبب إصابتها تارةً وخطئها تارات، وإنما الغرض أنهم يتعمَّدون
(6)
فيها كذبًا كثيرًا من غير أن تكون دلَّت على
(1)
الأصل: «باليد» . وهو تحريف. قال المصنف: «وكما يستقسم ناسٌ بالقرعة المأمونية المكتوب عليها أب ج د» ، وهي القرعة الشركية لا الشرعية. انظر:«جامع المسائل» (2/ 170، 7/ 283) ، و «منهاج السنة» (8/ 11) ، و «مجموع الفتاوى» (23/ 67) ، و «مدارج السالكين» (2/ 462) ، و «زاد المعاد» (2/ 405، 5/ 697).
(2)
انظر: تفسير القرطبي (7/ 287).
(3)
الأصل: «يفعله» . وأصلحت في (ط): «يستقبله» . والمثبت أقرب.
(4)
أخرجه أحمد (8393) ، وابن ماجه (3536) ، وصححه ابن حبان (6121).
(5)
الأصل: «فيكره الإنسان» . وفي (ط): «للإنسان» ، والمثبت أشبه.
(6)
كذا في الأصل، ويصح أن تكون:«يعتمدون» ، وكذلك المواضع التالية.