المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل (دعوى أن الشرك هو الصلاة والسجود لغير الله فقط) - الانتصار لحزب الله الموحدين والرد على المجادل عن المشركين

[عبد الله أبا بطين]

الفصل: ‌فصل (دعوى أن الشرك هو الصلاة والسجود لغير الله فقط)

ودينه، وأي فرق بين سؤال الميت حاجة، وبين سؤالها من صنم ونحوه! بأن الثاني يسمى دعاء والأول نداء؟!.

فإن قال: الكل يسمى نداء لا دعاء، فهذا مشاقة للقرآن، ومحادة لله ورسوله، (1) ولا يحتاج في بيان بطلانه إلى أكثر من حكايته (1) .

وما أظن عاقلا يحيك هذا في نفسه، وإنما هو عناد ومكابرة، إنما تروج على أشباه البهائم.

أما يخاف هذا أن يتناول قوله: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} (2) والله سبحانه وتعالى سمى سؤال غيره دعاء في غير موضع من كتابه {إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ} (3) .

والدعاء في القرآن يتناول دعاء العبادة ودعاء المسألة.

(1) ما بينهما ساقط من (ع) و (ط) .

(2)

سورة غافر آية5.

ص: 54

‌فصل (دعوى أن الشرك هو الصلاة والسجود لغير الله فقط)

فصل

ويقال لمن ادعى أن الشرك هو الصلاة والسجود لغير اله فقط: مع أن هذا مكابرة من مدعيه، فكما أن السجود عبادة، فكذلك الدعاء والنذر والذبح وغيرها (4) ؛ كما تقدم تعريفه.

وقد نهى الله عن دعاء غيره، وذم فاعل ذلك، وأمرنا بإخلاص الدعاء له أكثر مما ذكر في خصوصية السجود، مع أن الدعاء في القرآن: يتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة، الذي يدخل فيه السجود وغيره من

(1) ما بينهما ساقط من (ع) و (ط) .

(2)

سورة غافر آية5.

(3)

سورة فاطر آية 14.

(4)

(ع)(ط) :وغيرهما.

ص: 54

أنواع العبادة قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) وقال: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (2) .

وقال: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} (3) . وقال: {وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ} (4) . وقال: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} (5) . وقال: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ / مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (6) .

وفي القرآن من (7) ذلك ما لا يحصى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى – في الكلام على دعوة ذي النون – لفظ الدعاء والدعوة في القرآن يتناول: دعاء العبادة ودعاء المسألة. وفسر قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} بالوجهين.

وفي حديث النزول: " من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"(8) والمستغفر سائل، والسائل داع،

(1) سورة الجن آية 18.

(2)

سورة غافر آية 14.

(3)

سورة الرعد آية 14.

(4)

سورة يونس آية 106.

(5)

سورة الأحقاف آية 5

(6)

سورة فاطر الآيتان 13، 14.

(7)

(ط) :مثل.

(8)

جزء من حديث النزول المشهور، أخرجه البخاري في "الصحيح" رقم 1145، 6321، 7494، ومسلم في "الصحيح" برقم 778، والترمذي في "الجامع" رقم 446، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" رقم 485، 486، وأحمد في "المسند" 2/419، 504، وابن خزيمة في كتاب" التوحيد" رقم 188-194، والدارمي في "السنن"1/346 من حديث أبي هريرة، وأخرجه أحمد في "المسند"4/16، وابن =

ص: 55

لكن ذكر السائل لدفع الشر بعد السائل للخير، وذكرهما بعد الداعي (1) الذي يتناولهما وغيرهما: من عطف الخاص على العام.

وسماها دعوة لتضمنها النوعين، فقوله: لا إله إلا أنت. اعتراف بتوحيد الألوهية، وهو يتضمن النوعين؛ فإن الإله هو المستحق لأن يدعى بالنوعين (2) .

وقال ابن القيم في البدائع- بعد آيات ذكرها، قال-: وهذا في القرآن كثير، يبين أن المعبود لابد أن يكون مالكا للنفع والضر، فهو يدعى للنفع والضر: دعاء المسألة، ويدعى رجاء وخوفا: دعاء العبادة.

فعلم أن النوعين متلازمان، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة.

إلى أن قال: وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما، ولا استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، بل هذا استعمال له في حقيقته الواحدة المتضمنة للأمرين جميعا. انتهى (3) .

فعلى هذا يكون النهي عن دعاء غيره سبحانه نصا في دعاء العبادة، و (4) دعاء المسألة حقيقة. فهو نهي عن كل منهما حقيقة.

= خزيمة في "التوحيد" رقم 196، والدارقطني في "النزول" رقم 147، والآجري في "الشريعة" /310، والدارمي في الرد على الجهمية رقم 37، واللالكائي في السنة 3/441 من حديث رفاعة الجهني، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة " رقم 487، وأحمد في "المسند" 4/81، والطبراني في المعجم الكبير رقم 1566، وأبو يعلى في "مسنده" 1/349، والدارمي في "السنن"1/347، والآجري في "الشريعة" 312،وابن أبي عاصم في "السنة" 222، 507، والدارقطني في "النزول" رقم 93، والبيهقي في "الأسماء والصفات" 566 من حديث جبير بن مطعم.

(1)

(ع)(ط) : الدعاء.والمثبت من الأصل و"الفتاوى".

(2)

ينظر "مجموع فتاوى ابن تيمية" 10/235-244.

(3)

بدائع الفوائد 3/2-3.

(4)

(ط) :وفي.

ص: 56