المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل (سد باب الفتنة مقصد شرعي) - الانتصار لحزب الله الموحدين والرد على المجادل عن المشركين

[عبد الله أبا بطين]

الفصل: ‌فصل (سد باب الفتنة مقصد شرعي)

في: سراج المريدين، وابن الجوزي، وابن تيمية. انتهى باختصار.

وكلام العلماء في ذلك كثير، واكتفينا بما ذكرنا.

ص: 84

‌فصل (سد باب الفتنة مقصد شرعي)

فصل

وتقدم في كلام الشيخ ، الإشارة إلى أنه: لولا أنه يخشى من الفتنة بالقبور، لما نهي عن الصلاة عندها، وغير ذلك.

وتأكدت الفتنة بقضاء بعض حوائج قاصديها والمشركين بها، وذكر الشيخ رحمه الله من ذلك أشياء كثيرة ذكرها في: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء / الشيطان (1) ، وغيره من كتبه.

قال: والشيطان يضل بني آدم بحسب قدرته، فمن عبد الشمس والقمر والكواكب ودعاها، كما يفعله (2) أهل دعوى (3) الكواكب. فإنه ينزل عليه شيطان يخاطبه (4) ويحدثه (5) ببعض الأمور، يسمون ذلك روحانيات الكواكب. وهو شيطان.

وكذلك عباد الأصنام: قد تخاطبهم الشياطين، وكذلك من استغاث بميت أو غائب، وكذلك من دعا الميت، أو دعا عنده وظن (6) أن الدعاء عند قبره أفضل منه في البيوت (7) والمساجد.

(1) مطبوع متداول، ورأيت له نسخة خطية جيدة بقلم الشيخ محمد بن حمد بن راشد ابن عساكر. كتبت سنة 1287هـ.

(2)

(ع)(ط) : يفعل.

(3)

(ع) : دعاء. وفي "الفرقان": دعوة.

(4)

(ع)(ط) : ويخاطبه.

(5)

(ع) : ويخبره.

(6)

في "الفرقان": أو دعا به أو ظن.

(7)

(ط) من البيوت.

ص: 84

وللنصارى والضُلَّال من المسلمين أحوال عند المشاهد يظنونها كرامات، وهي من الشيطان: مثل أن يضعوا سراويل عند القبر، فيجدونه قد عقد. أو يوضع عنده مصروع فيبصرون شيطانه قد فارقه، فيفعل هذا الشيطان؛ليضلهم. ومثل أن يرى أحدهم أن القبر قد انشق، فيخرج منه إنسان، فيظنه الميت (1) .

ومن هؤلاء: من يستغيث (2) بمخلوق حيٍ أو ميتٍ، سواء كان ذلك الحي مسلما أو نصرانيا أو مشركا.

فيتصور الشيطان بصورة ذلك المستغاث به، ويقضي بعض حاجة ذلك المستغيث. فيظن أنه ذلك الشخص، أو أنه ملَكٌ على صورته، وإنما هو شيطان أضله؛ لما أشرك بالله، كما كانت الشياطين تدخل الأصنام وتكلم المشركين.

ومن هؤلاء من يتصور له الشيطان ويقول له: أنا الخضر! وربما أخبره ببعض الأمور، وأعانه على بعض مطالبه.

ومنهم من يطير به الجني إلى مكة أو بيت المقدس أو غيرهما، ومنهم من يحمله عشية عرفة ثم يعيده من ليلته (3) .

ومنهم من كان يؤتى بمال مسروق تسرقه الشياطين وتأتيه به، ومنهم من كانت تدله على السرقات (4) .

قال رحمه الله: حتى إني أعرف من هؤلاء جماعات، يأتون إلى الشيخ نفسه الذي استغاثوا به- وقد رأوا أتاهم في الهواء- فيذكرون

(1)"الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان"/131، 142.

(2)

في جميع النسخ: يستعين. والمثبت من "الفرقان".

(3)

"الفرقان" /135.

(4)

المصدر السابق/87.

ص: 85

ذلك له (1) .

وهؤلاء يأتون إلى هذا الشيخ: فتارة يكون الشيخ نفسه لم يعلم بتلك القضية. فإن كان يحب الرياسة سكت، وأوهمهم أنه نفسه أتاهم وأعانهم. وإن كان فيه صدق مع جهل وضلال، قال: هذا ملك صوره الله على صورتي! وجعل هذا من كرامات الصالحين، وجعله عمدة لمن يستغيث بالصالحين ويتخذهم أربابا؛ وأنهم إذا استغاثوا بهم بعث الله ملائكته / على صورهم تغيث المستغيثين بهم.

ولهذا: أعرف غير واحد منهم ممن فيه صدق وزهد وعبادة، لما ظنوا أن هذا من كرامات الصالحين، صار أحدهم يوصي مريديه (2)، يقول: إذا كانت لأحدكم حاجة فليستغث (3) بي وليستنجدني!!

ويقول: أنا أفعل بعد موتي ما كنت أفعل في حياتي! وهو لا يعرف أن تلك شياطين تُصوَّر (4) على صورته؛ لتضله، وتضل أتباعه. فيحسِّن لهم الإشراك بالله ودعاء غير الله، والاستغاثة (5) بغير الله.

وأنها قد تُلقي في قبله: أَنَّا نفعل بأصحابك بعد موتك، ما كنا نفعل بهم في حياتك.

فيظن هذا: من خطابٍ إلهي ألقي إليه، فيأمر أصحابه بذلك- وذكر أشياء كثيرة من هذا الجنس وأعظم منه-.

والمقصود: أن الإنسان إذا سمع بوقوع مثل ذلك: لا يستعبد به (6) ولا يغتر به (7) ؛ إذا عرف أن مثل هذه الأمور، تقع لعُبَّاد الأصنام

(1)(ط) : له. ساقطة.

(2)

أتباعه والمفتونون به.

(3)

الأصل: فليستغيث. تحريف.

(4)

(ط) : تتصور.

(5)

(ع)(ط) : والاستعانة.

(6)

(ع) : يستعبده.

(7)

(ط) : لا يستبعده ولا يستغتر به. تحريف.

ص: 86