الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقبور. والأمر كله لله: ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
فصل (ما يتعين على من نصح نفسه)
…
فصل
يتعين على من نصح نفسه، وعلم أنه مسئول عما قال وفعل (1)، ومحاسب على اعتقاده وقوله وفعله: أن يُعِدَّ لذلك جوابا، ويخلع ثوبي الجهل والتعصب، ويخلص القصد في طلب الحق، قال الله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} (2) .
وليعلم: أنه لا يخلصه إلا اتباع كتاب الله وسنة نبيه، قال الله تعالى:{اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} (3) وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (4) .
ولما كان قد سبق في علم الله وقضائه: أنه سيقع الاختلاف بين الأمة. أمرهم وأوجب عليهم عند التنازع، الرد إلى كتابه وسنة نبيه، قال تعالى:{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (5) .
قال العلماء: الرد إلى الله: الرد إلى كتابه. والرد إلى رسوله (6) : الرد إليه في حياته، والرد إلى سنته بعد وفاته (7)(8) .
(1)(ط) : وفعل. ساقطة.
(2)
سورة سبأ آية 46.
(3)
سورة الأعراف آية 3.
(4)
سورة ص آية 29.
(5)
سورة النساء آية 59.
(6)
(ط) : الرسول.
(7)
(ع)(ط) : مماته.
(8)
ينظر" تفسير الطبري" 8/495-504.
ودلت الآية: أن من لم يرد عند التنازع إلى كتاب الله وسنة نبيه. فليس بمؤمن؛ لقوله تعالى: {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فهذا شرط ينتفي المشروط بانتفائه.
ومحال أن يأمر الله الناس بالرد إلى ما لا/ يفصل النزاع، لاسيما في أصول الدين: التي لا يجوز فيها التقليد عند عامة العلماء.
وقال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (1) .
ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع الاختلاف الكثير بعده- بين أمته-: أمرهم عند وجود الاختلاف بالتمسك بسنته، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، فقال صلى الله عليه وسلم:" إنه من يعش منكم سيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة"(2) .
ولم يأمرنا الله ولا رسوله: بالرد- عند التنازع والاختلاف- إلى ما عليه أكثر الناس، ولم يقل الله ولا رسوله: لينظر أهل كل زمان إلى ما عليه أكثر أهل زمانهم، فيتبعونهم. ولا إلى أهل مصر معين، أو إقليم (3) .
وإنما الواجب على الناس: الرد (4) إلى كتاب الله وسنة نبيه، وسنة
(1) سورة النساء آية 65.
(2)
قطعة من حديث العرباض بن سارية، أخرجه أبو داود في "السنن" رقم 4607، والترمذي في "الجامع" رقم 2676، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه في "السنن" رقم 42، وأحمد في "المسند"4/126، 127، والحاكم في "المستدرك" 1/95،والبيهقي في "الدلائل" 6/541، وأبو نعيم في "الحلية" 5/220، 10/115، وقال: هو حديث جيد، من صحيح حديث الشاميين. كما في "الجامع" للحافظ ابن رجب /187،وصححه الحافظ بن تيمية في "الاقتضاء" 2/579.
(3)
(ط) : أو اقليم. ساقط.
(4)
(ع) : الرد عند التنازع.
الخلفاء الراشدين المهديين، وما مضى عليه الصحابة والتابعون (1) لهم بإحسان. فيجب على الإنسان الالتفات إلى كتاب الله وسنة نبيه، وطريقة أصحابه والتابعين (1) ، وأئمة الإسلام (2) .
ولا يعبأ بكثرة المخالفين بعدهم. فإذا علم الله من العبد الصدق في طلب الحق، ترك التعصب، ورغب على الله في سؤاله هداية الصراط المستقيم: فهو جدير بالتوفيق.
فإن على الحق نورا، لا سيما التوحيد: الذي هو أصل الأصول، الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو توحيد الألوهية؛ فإن أدلته وبراهينه في القرآن ظاهرة، وعامة القرآن إنما هو في تقرير هذا الأصل العظيم.
ولا يستوحش الإنسان لقلة الموافقين، وكثرة المخالفين؛ فإن أهل الحق أقل الناس فيما مضى، وهم أقل الناس فيما بقي، لاسيما في هذه الأزمنة المتأخرة، التي قد صار الإسلام فيها غريبا (3) .
والحق لا يعرف بالرجال؛ كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمن قال له (4) : أترانا (5) نرى أن (6) الزبير وطلحة كانا (7) مخطئين وأنت المصيب؟!.
فقال له علي: ويحك! يا فلان: إن الحق لا يعرف بالرجال. اعرف الحق تعرف أهله.
(1) ما بينهما ساقط من (ط) ومعلق في هامش (ع) وبجواره كلمة صح.
(2)
(ط) : المسلمين.
(3)
الأصل: غريب.
(4)
(ط) : له.ساقطة.
(5)
(ط) : أترى أنا.
(6)
(ع)(ط) : أن. ساقطة.
(7)
(ع)(ط) : كانا ساقطة.
وأيضا: فالحق ضالة المؤمن.
وليحذر العاقل من مشابهة الذين قال الله عنهم: {لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} (1){أَهَؤُلاء مَنَّ اللهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا} (2) .
وقد قال بعض السلف: ما ترك أحد حقا / إلا لكبر في نفسه؛ ومصداق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال:" لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر"(3) ثم فسر الكبر بأنه: بطر الحق، وأي: رده، وغمط الناس: وهو احتقارهم وازدراؤهم.
ولقد أحسن القائل (4) :
وتعرَّ من ثوبين من يلبسهما
…
يلقى الردى بمذمةٍ وهوان
ثوبٌ من الجهل المركب (5) فوقه
…
ثوب التعصب بئست (6) الثوبان
وتحلَّ بالإنصاف أفخر حلية (7)
…
زينت بها الأعطاف والكتفان
واجعل شعارك خشية الرحمن مع
…
نصح الرسول فحبذا الأمران (8)
(9)
وقال أيضا رحمه الله:
والجهل داء قاتل وشفاؤه
…
أمران في التركيب متفقان
(1) سورة الأحقاف آية 11.
(2)
سورة الأنعام آية 53.
(3)
أخرجه مسلم في "الصحيح" رقم 91، وأبو داود في "السنن" رقم 4091،والترمذي في "الجامع" رقم 1999،وابن ماجة في "السنن" رقم 4226، وأحمد في "المسند"1/399،451، وابن أبي شيبة في "المصنف" 9/89، والبيهقي في "كتاب الأدب" رقم 661 من حديث ابن مسعود.
(4)
(ع) : القائل حيث قال.
(5)
علق في الأصل ما نصه: الجهل المركب: هو أن يجهل الحق ويجهل جهله به.
(6)
(ط) : بئسما.
(7)
(ع)(ط) : حلة.
(8)
من كلام ابن القيم في "الكافية" /19.
(9)
ما بينهما ساقط من (ع) و (ط) .
نص من القرآن أو من سنة
…
وطبيب ذاك العالم الرباني (9)(1)
قال (2) ابن القيم: وما أحسن ما قال الحافظ أبو محمد، عبد الرحمن المعروف بأبي شامة- في كتاب الحوادث والبدع-: حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة، فالمراد به (3) : لرزم الحق واتباعه، وإن كان المتمسك به قليلا، والمخالف له كثيرا؛ لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى، من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولا نظر (4) إلى كثرة أهل الباطل بعدهم.
قال عمرو بن ميمون الأودي (5) : صحبت معاذا فما فارقته حتى وأريته في التراب بالشام، ثم صحبت بعده أفقه الناس: عبد الله بن مسعود، فسمعته يقول: عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة. ثم سمعته يوما من الأيام وهو يقول: سيلي عليكم ولاةٌ يؤخرون الصلاة من مواقيتها: فصلوا الصلاة لميقاتها فهي الفريضة، وصلوا معهم فإنها لكم نافلة.
قال: قلت: يا أصحاب محمد! ما أدري ما تحدثون؟.قال: وما ذاك (6) ؟ قلت: تأمرني بالجماعة ، وتحضني (7) عليها، ثم تقول: صل الصلاة (8) وحدك! وهي الفريضة، وصل الجماعة (9) وهي لك نافلة (10) .
(1)"الكافية الشافية" /189.
(2)
(ط) : وقال.
(3)
(ط) : به. ساقطة.
(4)
(ع)(ط) : تنظر.
(5)
أبو عبد الله المذحجي، أسلم في الأيام النبوية، عابد حجة. ت 75 "السير"4/158.
(6)
الأصل، و (ط) : وماذا.
(7)
(ع) : وتحثني.
(8)
(ع) : الصلاة. ساقطة.
(9)
(ع)(ط) : مع الجماعة.
(10)
(ع)(ط) : وهي النافلة.
قال: يا عمرو بن ميمون، قد كنت أظن أنك من أفقه أهل هذه القرية. تدري (1) ما الجماعة؟ قلت: لا!!
قال: إن جمهور الجماعة: الذين فارقوا (2) الجماعة! الجماعة: ما وافق الحق، وإن كنت وحدك.
وفي طريق آخر (3) : فضرب على فخذي، وقال: ويحك! إن جمهور الناس فارقوا الجماعة (4)، وإن الجماعة: ما وافق طاعة الله عزوجل (5) .
قال نعيم (6) بن حماد (7) /: يعني إذا فسدت الجماعة، فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن يفسدوا، وإن كنت وحدك فإنك أنت الجماعة حينئذ. ذكره البيهقي (8) وغيره.
وروى مبارك بن فضالة (9) عن الحسن البصري، قال: لو أن رجلا أدرك السلف الأول، ثم بُعث اليوم. ما عرف من الإسلام شيئا- قال: ووضع يده على خده- ثم قال: إلا هذه الصلاة.
ثم قال: أما – والله على ذلك (10) – لمن عاش في هذه النكراء،
(1)(ط) : أتدري.
(2)
(ط) : جمهور الناس قد فارقوا.
(3)
(ع)(ط) : أخرى.
(4)
(ط) : قد فارقوا.
(5)
أخرجه أحمد في "المسند" 5/231 بغير هذا اللفظ، وأبو داود في "السنن" رقم 432.
(6)
الأصل و (ط) : عن. تحريف.
(7)
أبو عبد الله بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي، نزيل مصر، صدوق يخطئ كثيرا، فقيه عارف بالفرائض. ت228 "تقريب"/564.
(8)
في كتاب "المدخل" كما في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" /19-20.
(9)
أبو فضالة البصري، صدوق يدلس ويسوي، صحب الحسن ثلاث عشرة سنة ت166 "تقريب"/519.
(10)
(ع)(ط) : على ذلك. ساقط، وفي "البدع": ما ذلك.
أو (1) لم يُدرك هذا السلف الصالح. فرأى مبتدعا يدعو إلى بدعته، ورأى صاحب دنيا يدعو إلى دنياه، فعصمه الله من ذلك، وجعل قلبه يحن إلى ذلك السلف الصالح. يسأل عن سبيلهم، ويقتصُّ آثارهم، ويتتبع (2) سبيلهم. ليعوَّض أجرا عظيما، فكذلك فكونوا (3) إن شاء الله (4) .
وروى محمد بن وضاح (5)، عن أبي الطفيل (6) : أن حذيفة بن اليمان، أخذ حصاة بيضاء، فوضعها في كفه، ثم قال: إن هذا الدين قد استضاء إضاءة هذه الحصاة. ثم أخذ كفا من تراب، فجعل يذرُّه على الحصاة حتى واراها، ثم قال: والذي نفسي بيده، ليجيئنَّ أقوام يدفنون الدين (7) هكذا (8) ، كما دفنتُ هذه الحصاة، ولتسلُكُنَّ طريق الذين كانوا قبلكم حذو القذة بالقذة وحذو النعل بالنعل (9) .
قال محمد بن وضاح: الخير بعد الأنبياء ينقص، والشر يزيد.
قال ابن وضاح: إنما هلكت بنو إسرائيل، على يدي (10) قُرَّائهم وفقهائهم (11) .
(1)(ع)(ط) : و.
(2)
(ع)(ط) : ويتبع.
(3)
(ط) : كونوا.
(4)
أخرجه ابن وضاح في "البدع" /67.
(5)
أبو عبد الله بن بزيع، مولى عبد الرحمن بن معاوية، الحافظ الأندلسي القرطبي، الزاهد العابد. ت286"لسان الميزان" 5/416.
(6)
عامر بن واثلة بن عبد الله الليثي. ت110 "تقريب" /288.
(7)
(ط) : هذا الدين.
(8)
(ط) : هكذا. ساقطة.
(9)
أخرجه ابن وضاح في "البدع"/58.
(10)
(ط) : أيدي.
(11)
البدع/59.
وروى ابن وضاح، عن عيسى بن يونس (1) ، عن الأوزاعي (2) ، عن حبان (3) بن أبي جبلة (4)، عن أبي الدرداء قال: لو خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم اليوم (5) ، ما عرف شيئا مما كان عليه هو وأصحابه إلا الصلاة!
قال الأوزاعي: فكيف لو كان اليوم!
قال عيسى بن يونس: فكيف لو أدرك الأوزاعي هذا الزمان (6) !!
وروى ابن وضاح، عن الأعمش (7) قال: قال لي شقيق أبو وائل (8) : يا سليمان (9) ! ما شبَّهتُ قراء زمانك إلا بغنم رعت حمضا (10) ، فمن رآها ظن أنها سمينة، وإذا ذبحها لم يجد فيها شاة سمينة (11) .
وروى ابن وضاح، عن أبي الدرداء، قال: لو أن رجلا تعلم
(1) ابن أبي إسحاق السبيعي، نزل الشام مرابطا، ثقة مأمون. ت187 "تقريب"/441.
(2)
أبو عمر، عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، الفقيه، ثقة جليل، ت157 "تقريب"/347.
(3)
في جميع النسخ: حسان، تصحيف، والمثبت من "البدع".
(4)
المصري، مولى قريش، ثقة، ت122 "تقريب" /149.
(5)
(ع) : اليكم اليوم، و (ط) : إليكم.
(6)
"البدع " / 61.
(7)
في جميع النسخ: الأوزاعي. تصحيف، والمثبت من "البدع" وهو أبو محمد، سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، ثقة حافظ، عارف بالقراءات ورع، لكنه يدلس. ت147"تقريب" /254
(8)
ابن سلمة الأسدي، مخضرم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره. ت82 "سير أعلام النبلاء" 4/161.
(9)
(ع) : يا أبا سليمان، وفي "البدع": أنا سليمان. تحريف.
(10)
ما كان سوى (أحرار النقل) و (ذكوره) و (عرفجه) فهو حمض، وهو من العشب عند الإبل بمنزلة اللحم، وإذا أكلت الحموض: اندلقت بطونها، وأسرعت السقوط. "النبات" للأصمعي/ 17.
(11)
"البدع" /82.
الإسلام وأتمه (1) ، ثم تفقده ما عرف منه شيئا (2) .
وروى ابن وضاع، عن عبد الله بن المبارك، قال: اعلم- أي أخي (3) - أن الموت اليوم (4) كرامة لكل مسلم لقي الله على السنة، فإنا لله وإنا إليه راجعون!. /فإلى الله نشكوا وحشتنا، وذهاب الإخوان، وقلة الأعوان، وظهور البدع. وإلى الله نشكوا عظيم ما حل بهذه الأمة: من ذهاب العلماء وأهل السنة، وظهور البدع. انتهى (5) .
فكيف لو رأى من تقدم ذكرهم هذه الأزمنة. التي ظهر فيها الشرك الأكبر والأصغر، والبدع التي لا تعد ولا تحصى: في الاعتقادات والأقوال والأعمال.
وظهرت جميع الفواحش في أكثر أمصار المسلمين، وضيعت الصلوات واتبعت الشهوات، وظهر مصداق قول حذيفة: ليجيئن أقوام يدفنون الدين كما دفنت هذه الحصاة.
وأبلغ من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فمن! "(6) .
وقال: " لتأخذن هذه الأمة مأخذ الأمم قبلها، شبرا بشبر وذراعا بذراع. قالوا: فارس والروم؟ قال: فمن الناس إلا أولئك"(7) .
(1) في "البدع": وأهمه.
(2)
"البدع" /68.
(3)
في "البدع": أني أرى.
(4)
(ط) : اليوم. ساقطة.
(5)
"البدع" / 39.
(6)
سبق تخريجه.
(7)
أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" 10/121 من حديث أبي هريرة. قال: الحافظ بن كثير في "التفسير" 2/368: وهذا الحديث له شاهد في الصحيح.
وظهر مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم (1) : " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء"(2) .
واعتبر هذا، بما عاب به سبحانه اليهود من تبديلهم رجم الثيب الزاني بالجلد والتحميم، فقال سبحانه في شأنهم:{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ} (3) .
يقولون (4) : إن أفتاكم محمد بالجلد والتحميم فاقبلوا، وإن أفتاكم بالرجم فلا تقبلوا (5) .
وقال سبحانه عنهم: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (6) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما رجم الزاني -: "اللهم إني أول من أحيى أمرك إذ أماتوه"(7) .
فكيف حال الذين عطلوا الحدود بالكلية.
ثم زاد الشر، إلى أن آل الأمر ببعض الولاة: أنهم يضربون على البغايا الخراج!! ، وتعدوا حدود (8) الله في السارق بالصلب والقتل؛ صيانة
(1)(ع)(ط) : النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة.
(2)
أخرجه مسلم في "الصحيح" رقم 145، وابن ماجه في "السنن" رقم 3986، وأحمد في "المسند"2/389، والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/298، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث"/23، والآجري في "الغرباء" رقم 4 من حديث أبي هريرة، وروي من طرق أخرى. ينظر "فصل الجواب" للشيخ حسن بن حسين/15 وما بعدها بتحقيقي.
(3)
سورة المائدة آية 41.
(4)
(ع)(ط) : يقولون. ساقطة.
(5)
ينظر الطبري 10/313.
(6)
سورة المائدة آية 41.
(7)
أخرجه مسلم في "الصحيح" رقم 1700 وأبو داود في "السنن" رقم 4448، وأحمد في "المسند" 4/286، والبيهقي في "السنن"8/246، وابن ماجه في "السنن" رقم 2558من حديث البراء بن عازب.
(8)
(ع)(ط) : حد.
لأموالهم، ولم يعبأوا بانتهاك حرمات مولاهم، فإنا لله وإليه راجعون.
وليجتهد المسلم في تحقيق العلم والإيمان.
وليتخذ الله هاديا ونصيرا، وحاكما (1) ووليا؛ فإنه نعم المولى ونعم النصير:{وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} (2) .
وينبغي أن يكثر الدعاء بما رواه مسلم وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي (3) من الليل، يقول:" اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني /لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"(4) .آخره (5) .
والحمد لله رب العالمين (6)، وصلى الله على أشرف المرسلين: سيدنا (7) محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين (8) .
(1)(ع) : وحكما.
(2)
سورة الفرقان آية 31.
(3)
(ع)(ط) : يصلي. ساقطة.
(4)
أخرجه مسلم في "الصحيح" رقم 770، وأبو داود في "السنن" رقم 767، والترمذي في "الجامع" رقم 3419، والنسائي في "المجتبى"3/212، وابن ماجة في "السنن" رقم 1357، وأحمد في "المسند" 6/156.
(5)
(ط) : آخره والله أعلم.
(6)
(ع) : رب العالمين كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله وعظيم سلطانه.
(7)
(ع) : وصلى الله وسلم على سيدنا (ط) : والصلاة والسلام على.
(8)
(ع) أجمعين ومن تبعهم بإسحان إلى يوم الدين.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.