المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: أهمية علم الفرائض في الكتاب والسنة - شرح حديث ابن عباس في الفرائض

[عبد المحسن بن محمد المنيف]

الفصل: ‌المطلب الثاني: أهمية علم الفرائض في الكتاب والسنة

تعريف غير جامع حيث لا يشتمل على حساب الفرائض.

وأجد كذلك أن التعريف الثاني مشابه للتعريف الأول إلا أن الجزء الثاني من التعريف الثاني يعتبر مختصرا من الجزء الثاني من التعريف الأول، وهذا الاختصار غير مخل للمقصود من التعريف.

ص: 100

‌المطلب الثاني: أهمية علم الفرائض في الكتاب والسنة

أهمية الفرائض في الكتاب تتضح مما يأتي:

1-

فصل الله سبحانه وتعالى الفرائض ثلاث آيات من كتابه أكثر من غيرها مثل الصلاة فهي مجملة في كتاب الله وبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا شافيا1. ولهذا: ذكر الحافظ ابن كثير: إن علم الفرائض مستنبط من هذه الآيات الثلاث وهي الآية الحادية عشرة، والآية الثانية عشرة والآية الأخيرة من سورة النساء2.

2-

أن الله سبحانه تولى قسمة الفرائض بنفسه فلم يكلها إلى ملك مقرب، ولا إلى نبي مرسل، بل بينها سبحانه في محكم كتابه3.

3-

أن الله عز وجل جعل هذا التقسيم فريضة كما قال تعالى في آخر الآية الأولى من آيات الفرائض {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} 4.

1 انظر التحقيقات المرضية ص12

2 انظر تفسير ابن كثير1/457.

3 انظر فقه المواريث1/11

4 سورة النساء الآية 11

ص: 100

4 -

أن الله سبحانه وتعالى وعد من أطاعه في تقسيم الفرائض على وجهها الشرعي دخول الجنة، وهذا فضل عظيم يدل على أهمية الفرائض. قال تعالى بعد أن ذكر الآية الأولى والثانية من آيات الفرائض {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} 1.

5-

أن الله سبحانه وتعالى توعد من لم يطعه أو لم يطع رسوله عليه الصلاة والسلام، وتعدى حدود الله عز وجل؛ وذلك بأن لم ينفذ فرائضه ومنها تقسيم الفرائض على الوجه الشرعي بدخول النار. قال تعالى {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} 2.

ولهذا قال الحافظ ابن كثير في تفسير هاتين الآيتين ما نصه: " أي هذه الفرائض، والمقادير التي جعلها الله للورثة - بحسب قربهم من الميت واحتياجهم إليه وفقدهم له عند عدمه - هي: حدود الله فلا تعتدوها، ولا تجاوزوها؛ ولهذا قال {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَه} أي فلم يزد بعض الورثة ولم ينقص بعضها بحيلة ووسيلة، بل تركهم على حكم الله وفريضته وقسمته {يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} 3 أي لكونه غير ما حكم الله به، وضاد الله في حكمه، وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به، ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم "4.

وأما أهمية الفرائض في السنة فتتضح في الآتي:

1 سورة النساء الآية 13

2 سورة النساء الآية14

3 سورة النساء آية 13،14

4 تفسير ابن كثير1/461.

ص: 101

1-

أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتنفيذ الفرائض على وجهها الشرعي كما في أول هذا الحديث الذي أنا بصدد شرحه.

2-

أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين بعض أحكام الفرائض ومنه آخر هذا الحديث الذي أنا بصدد شرحه حين وضح الرسول صلى الله عليه وسلم مصرف التركة بعد أصحاب الفرائض. ومنه ميراث الجدة فقد ثبت بالسنة النبوية الصحيحة، فعن قبيصة بن ذؤيب أنه قال جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله شيئا، فارجعي حتى أسأل الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثلما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر الصديق1.

3-

أن الرسول صلى الله عليه وسلم روي عنه عدة أحاديث في فضل علم الفرائض وفي الحث على تعلمها وسأقتصر على حديثين مما اشتهر عند علماء الفرائض.

الحديث الأول:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم " يا أبا هريرة تعلموا الفرائض وعلموها فإنه نصف العلم وهو ينسى وهو أول

1 أخرجه أبو داود في كتاب الفرائض باب ميراث الجدة3/316-317، والترمذي في أبواب الفرائض باب ميراث الجدة4/419-420، وابن ماجه في كتاب الفرائض باب ميراث الجدة2/909-910، والإمام مالك في الموطأ في كتاب الفرائض باب ميراث الجدة2/513، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير3/82 " إسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق ولا يمكن شهوده للقصة قاله ابن عبد البر بمعناه ".

ص: 102

شيء ينزع من أمتي " 1.

الحديث الثاني:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " تعلموا القرآن وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموه الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان من يقضي بها "2.

1 أخرجه ابن ماجه في كتاب الفرائض باب الحث على تعليم الفرائض2/908، والدارقطني4/67، والحاكم في مستدركه4/332، وسكت عنه ولم يوافقه الذهبي حيث قال: قلت حفص واه بمرة. والبيهقي في السنن الكبرى6/209، وقال تفرد به حفص بن عمر وليس بالقوي، والعقيلي في الضعفاء1/271، في ترجمة حفص بن عمر وقال:"ولا يتابع عليه لا يعرف إلا به"، وابن حبان في المجروحين1/255، في ترجمة حفص بن عمر وقال:"لا يجوز الاجتجاج به بحال "، وابن عدي في الكامل2/791 في ترجمة حفص بن عمر، وقال:"وحديثه كما ذكر البخاري منكر الحديث". والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 3/319، وابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية1/128-129، وقال:"هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه سلم، والمتهم به حفص بن عمر بن أبي العلاف قال البخاري هو منكر الحديث رماه يحيى النيسابوري بالكذب"، والمزي في تهذيب الكمال7/4، وقال الحافظ بن حجر في التلخيص الحبير3/79: ومداره على حفص بن عمر بن أبي العطاف وهو متروك والحديث مشهور عند الفرضيين، وقد حسن سند ابن ماجه سبط المارديني في شرحه على المنظومة الرحبية ص 23، وحكم عليه الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني في كتابه مختصر المقاصد الحسنة ص 86 بقوله حسن لغيره.

2 أخرجه النسائي في السنن الكبرى في كتاب الفرائض باب الأمر بتعليم الفرائض4/64 وأشار إليه الترمذي في كتاب الفرائض باب ما جاء في تعليم الفرائض /414 حيث ذكر سنده ولم يذكر لفظه، والحاكم في مستدركه4/333 واللفظ له وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6/208، والمزي بسنده العالي في تهذيب الكمال11/378، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد4/223، رواه أبو يعلى، والترمذي وفي إسناده من لم أعرفه وفي سنده سليمان ابن جابر الهجري، قال الذهبي في ميزان الاعتدال2/198: "شيخ

ولا يعرف سليمان "، وقال الحافظ بن حجر في التقريب1/322 مجهول وهذا الحديث مشهور عند الفرضيين وقد قال سبط المارديني في شرحه على المنظومة الرحبية ص23 "وحسنه المتأخرون ".

ص: 103