المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر هجرة الخليل عليه السلام الى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ١

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول]

- ‌كلمة الناشر

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌سبب تأليف الكتاب والطريقة التي اتبعها المؤلف فيه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ فِي صِفَةِ خَلْقِ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ

- ‌وَأَمَّا الْكُرْسِيُّ

- ‌ذِكْرِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ

- ‌باب ما ورد في خلق السموات والأرض وما بينهما

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبِحَارِ وَالْأَنْهَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌باب ذكر ما يتعلق بخلق السموات وما فيهن مِنَ الْآيَاتِ

- ‌الْكَلَامِ عَلَى الْمَجَرَّةِ وَقَوْسِ قُزَحٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَلْقِ الْمَلَائِكَةِ وَصِفَاتِهِمْ عليهم السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَلْقِ الْجَانِّ وَقِصَّةِ الشَّيْطَانِ

- ‌ذكر آدم عليه السلام

- ‌بَابُ مَا وَرَدَ فِي خَلْقِ آدَمَ عليه السلام

- ‌ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي خَلْقِ آدَمَ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ قِصَّةِ ابْنَيْ آدَمَ قَابِيلَ وَهَابِيلَ

- ‌ذِكْرُ وَفَاةِ آدَمَ وَوَصِيَّتِهِ إِلَى ابنه شيث عليه السلام

- ‌ذِكْرُ إِدْرِيسَ عليه السلام

- ‌قصة نوح عليه السلام

- ‌ذِكْرُ شيء من أخبار نوح نفسه عليه السلام

- ‌ذِكْرُ صَوْمِهِ عليه السلام

- ‌ذكر حجه عليه السلام

- ‌ذكر وصيته لولده عليه السلام

- ‌قِصَّةُ هُودٍ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ صالح عليه السلام نبي ثمود

- ‌ذِكْرُ مُرُورِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْحِجْرِ مِنْ أَرْضِ ثَمُودَ عَامَ تَبُوكَ

- ‌قصة إبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌ذِكْرُ مُنَاظَرَةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مَعَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنَازِعَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ في الْعَظَمَةِ وَرِدَاءِ الْكِبْرِيَاءِ فَادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَهُوَ أَحَدُ الْعَبِيدِ الضُّعَفَاءِ

- ‌ذكر هجرة الخليل عليه السلام الى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة

- ‌ذِكْرُ مَوْلِدِ إسماعيل عليه السلام مِنْ هَاجَرَ

- ‌ذِكْرُ مُهَاجَرَةِ إبراهيم بِابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ إِلَى جِبَالِ فَارَانَ وَهِيَ أَرْضُ مَكَّةَ وَبِنَائِهِ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ

- ‌ قِصَّةِ الذَّبِيحِ

- ‌ذِكْرُ مولد إسحاق عليه السلام

- ‌ذكر بناية الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌ذِكْرُ ثَنَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الكريم على عبده وخليله إبراهيم

- ‌ذِكْرُ قَصْرِهِ فِي الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ صِفَةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ وَفَاةِ إِبْرَاهِيمَ الخليل وَمَا قِيلَ فِي عُمُرِهِ

- ‌ذِكْرُ أَوْلَادِ إِبْرَاهِيمَ الخليل

- ‌قصة قوم لوط

- ‌قصة مدين قوم شعيب عليه السلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والتسليم

- ‌ذِكْرُ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ إِسْحَاقَ بن إبراهيم الكريم بن الكريم عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمُ

- ‌ذِكْرُ مَا وَقَعَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ فِي حياة إسرائيل فمن ذلك قصة يوسف بن رَاحِيلَ

- ‌قصة أَيُّوبَ عليه السلام

- ‌ قِصَّةَ ذِي الْكِفْلِ

- ‌باب ذكر أمم اهلكوا بعامة

- ‌قِصَّةُ قَوْمِ يس وَهُمْ [1] أَصْحَابُ الْقَرْيَةِ أصحاب ياسين

- ‌قصة يونس عليه السلام

- ‌ذِكْرُ فَضْلِ يُونُسَ عليه السلام

- ‌ذكر قصة موسى الكليم عليه الصلاة والتسليم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ

- ‌فَصْلٌ فِي دُخُولِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِّيهَ وَمَا جَرَى لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ

- ‌سؤال الرؤية

- ‌قِصَّةُ عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ فِي غَيْبَةِ كَلِيمِ اللَّهِ عنهم

- ‌ذِكْرُ حَدِيثٍ آخَرَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ

- ‌قِصَّةُ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قصة موسى والخضر عليهما السلام

- ‌ذِكْرُ الْحَدِيثِ الْمُلَقَّبِ بِحَدِيثِ الْفُتُونِ الْمُتَضَمِّنِ قِصَّةَ مُوسَى مَبْسُوطَةً مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا

- ‌ذِكْرُ بِنَاءِ قُبَّةِ الزَّمَانِ

- ‌قِصَّةُ قَارُونَ مَعَ مُوسَى عليه السلام

- ‌باب ذِكْرُ فَضَائِلِ مُوسَى عليه السلام وَشَمَائِلِهِ وَصِفَاتِهِ ووفائه

- ‌ذكر حجته عليه السلام الى البيت العتيق

- ‌ذِكْرُ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ نُبُوَّةِ يُوشَعَ وَقِيَامِهِ بِأَعْبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى وهارون عليهما السلام

- ‌ذكر قصتي الخضر والياس عليهما السلام

- ‌أَمَّا الْخَضِرُ

- ‌واما إِلْيَاسُ عليه السلام

الفصل: ‌ذكر هجرة الخليل عليه السلام الى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة

بِهِ بَلِ انْقَطَعَ وَسَكَتَ وَلِهَذَا قَالَ (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَالله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) 2: 258 وَقَدْ ذَكَرَ السُّدِّيُّ أَنَّ هَذِهِ الْمُنَاظَرَةَ كَانَتْ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ النُّمْرُودِ يَوْمَ خَرَجَ مِنَ النار ولم يكن اجتمع به يَوْمَئِذٍ فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا هَذِهِ الْمُنَاظَرَةُ وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ النُّمْرُودَ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ وَكَانَ النَّاسُ يَفِدُونَ إِلَيْهِ لِلْمِيرَةِ فَوَفَدَ إِبْرَاهِيمُ فِي جُمْلَةِ مَنْ وَفَدَ لِلْمِيرَةِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا هَذِهِ الْمُنَاظَرَةُ وَلَمْ يُعْطَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الطَّعَامِ كَمَا أُعْطِيَ النَّاسُ بَلْ خَرَجَ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ أَهْلِهِ عَمَدَ إِلَى كَثِيبٍ مِنَ التُّرَابِ فَمَلَأَ مِنْهُ عِدْلَيْهِ وَقَالَ أَشْغَلُ أَهْلِي إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا قَدِمَ وَضَعَ رِحَالَهُ وَجَاءَ فَاتَّكَأَ فَنَامَ فَقَامَتِ امْرَأَتُهُ سَارَةُ إِلَى الْعِدْلَيْنِ فَوَجَدَتْهُمَا مَلْآنَيْنِ طَعَامًا طَيِّبًا فَعَمِلَتْ مِنْهُ طَعَامًا فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ إِبْرَاهِيمُ وَجَدَ الَّذِي قَدْ أَصْلَحُوهُ فَقَالَ أَنَّى لَكُمْ هَذَا قَالَتْ مِنَ الَّذِي جِئْتَ بِهِ فَعَرَفَ أَنَّهُ رِزْقٌ رَزَقَهُمُوهُ اللَّهُ عز وجل قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَبَعَثَ اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ مَلَكًا يَأْمُرُهُ بِالْإِيمَانِ باللَّه فَأَبَى عَلَيْهِ. ثُمَّ دَعَاهُ الثَّانِيَةَ فَأَبَى عَلَيْهِ. ثُمَّ الثَّالِثَةَ فَأَبَى عَلَيْهِ. وَقَالَ اجْمَعْ جُمُوعَكَ وَأَجْمَعُ جُمُوعِي فَجَمَعَ النُّمْرُودُ جَيْشَهُ وَجُنُودَهُ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذُبَابًا مِنَ الْبَعُوضِ بِحَيْثُ لَمْ يَرَوْا عَيْنَ الشَّمْسِ وَسَلَّطَهَا اللَّهُ عليهم فأكلت لحومهم ودمائهم وتركتهم عظاما بادية ودخلت واحدة منها في منخر الملك فمكثت في منخرها أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ عَذَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فَكَانَ يضرب رأسه بالمزارب فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كُلِّهَا حَتَّى أَهْلَكَهُ اللَّهُ عز وجل بها

‌ذكر هجرة الخليل عليه السلام الى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة

قال الله فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقال إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ. وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ 29: 26- 28 وقال تعالى وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ. وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ. وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ 21: 71- 73 لَمَّا هَجَرَ قَوْمَهُ فِي اللَّهِ وَهَاجَرَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ عَاقِرًا لَا يُولَدُ لَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ أَحَدٌ بَلْ مَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ لُوطُ بْنُ هَارَانَ بْنِ آزَرَ وَهَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ الْأَوْلَادَ الصَّالِحِينَ وَجَعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَكُلُّ نَبِيٍّ بُعِثَ بَعْدَهُ فَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَكُلُّ كِتَابٍ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ فَعَلَى أَحَدِ نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ خِلْعَةً مِنَ اللَّهِ وَكَرَامَةً لَهُ حِينَ تَرَكَ بِلَادَهُ وَأَهْلَهُ وَأَقْرِبَاءَهُ وَهَاجَرَ إِلَى بَلَدٍ يتمكن

ص: 149

فِيهَا مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ عز وجل وَدَعْوَةِ الْخَلْقِ إِلَيْهِ وَالْأَرْضُ الَّتِي قَصَدَهَا بِالْهِجْرَةِ أَرْضُ الشَّامِ وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عز وجل إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ 21: 71 قَالَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ 21: 71 مَكَّةَ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ 3: 96.

وَزَعَمَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ أَنَّهَا حَرَّانُ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ نَقْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ هُوَ وَابْنُ أَخِيهِ لُوطٌ وَأَخُوهُ نَاحُورُ وَامْرَأَةُ إِبْرَاهِيمَ سَارَةُ وَامْرَأَةُ أَخِيهِ مَلْكَا فنزلوا حران فمات تارح أَبُو إِبْرَاهِيمَ بِهَا وَقَالَ السُّدِّيُّ انْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ وَلُوطٌ قِبَلَ الشَّامِ فَلَقِيَ إِبْرَاهِيمُ سَارَةَ وَهِيَ ابْنَةُ مَلِكِ حَرَّانَ وَقَدْ طَعَنَتْ عَلَى قَوْمِهَا فِي دِينِهِمْ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا يُغَيِّرَهَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَهُوَ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا ابْنَةُ عَمِّهِ هَارَانَ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ حَرَّانُ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا ابْنَةُ أَخِيهِ هَارَانَ أُخْتُ لوط كما حكاه السهيليّ عن القتيبي وَالنَّقَّاشِ فَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَةَ وَقَالَ بِلَا عِلْمٍ وَادَّعَى أَنَّ تَزْوِيجَ بِنْتِ الْأَخِ كَانَ إِذْ ذَاكَ مَشْرُوعًا فَلَيْسَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلٌ. وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا كَانَ مَشْرُوعًا فِي وَقْتٍ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الرَّبَّانِيِّينَ مِنَ الْيَهُودِ فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تَتَعَاطَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ الْمَشْهُورُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا هَاجَرَ مِنْ بَابِلَ خَرَجَ بِسَارَةَ مُهَاجِرًا مِنْ بِلَادِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنِّي جَاعِلٌ هَذِهِ الْأَرْضَ لِخَلَفِكَ مِنْ بَعْدِكَ فَابْتَنَى إِبْرَاهِيمُ مَذْبَحًا للَّه شُكْرًا عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَضَرَبَ قُبَّتَهُ شَرْقِيَّ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثم انطلق مرتحلا الى التيمن وَأَنَّهُ كَانَ جُوعٌ أَيْ قَحْطٌ وَشِدَّةٌ وَغَلَاءٌ فَارْتَحَلُوا إِلَى مِصْرَ وَذَكَرُوا قِصَّةَ سَارَةَ مَعَ مَلِكِهَا وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَهَا قُولِي أَنَا أخته وذكروا خدام الْمَلِكِ إِيَّاهَا هَاجَرَ. ثُمَّ أَخْرَجَهُمْ مِنْهَا فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِ التَّيَمُّنِ يَعْنِي أَرْضَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمَا وَالَاهَا وَمَعَهُ دَوَابُّ وَعَبِيدٌ وَأَمْوَالٌ وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ ثِنْتَانِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ قَوْلُهُ (إِنِّي سَقِيمٌ) 37: 89 وَقَوْلُهُ (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) 21: 63 وَقَالَ بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ وَسَارَةُ إِذْ أَتَى عَلَى جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ فَقِيلَ لَهُ هَاهُنَا رَجُلٌ مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ فأرسل اليه وسأله عَنْهَا فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قَالَ أُخْتِي فَأَتَى سَارَةَ فَقَالَ يَا سَارَةُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ وَإِنَّ هَذَا سَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي فَلَا تُكَذِّبِينِي فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا بِيَدِهِ فَأُخِذَ فقال ادعي الله لي ولا أضرك فدعت اللَّهَ فَأُطْلِقَ ثُمَّ تَنَاوَلَهَا الثَّانِيَةَ فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ فَقَالَ ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أضرك فَدَعَا بَعْضَ حَجَبَتِهِ فَقَالَ إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ وَإِنَّمَا أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ فَأَخْدَمَهَا هَاجَرَ فَأَتَتْهُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ مَهْيَمْ فَقَالَتْ رَدَّ اللَّهُ كَيْدَ الْكَافِرِ أَوِ الْفَاجِرِ فِي نَحْرِهِ وَأَخْدَمَ هَاجَرَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ. تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَوْقُوفًا وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ هِشَامِ بن حسان عن محمد

ص: 150

ابن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكْذِبْ قَطُّ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ كُلُّ ذَلِكَ فِي ذَاتِ اللَّهِ قَوْلُهُ إِنِّي سَقِيمٌ 37: 89 وَقَوْلُهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا 21: 63 وَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ فِي أَرْضِ جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلًا فَأُتِيَ الْجَبَّارُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ هَاهُنَا رَجُلٌ مَعَهُ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ إِنَّهَا أُخْتِي فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا قَالَ إِنَّ هَذَا سَأَلَنِي عَنْكِ فَقُلْتُ إِنَّكِ أُخْتِي وَإِنَّهُ لَيْسَ الْيَوْمَ مُسْلِمٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ وَإِنَّكِ أُخْتِي فَلَا تُكَذِّبِينِي عِنْدَهُ فَانْطُلِقَ بِهَا فَلَمَّا ذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا أُخِذَ فَقَالَ ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ فَدَعَتْ لَهُ فَأُرْسِلَ فَذَهَبَ يَتَنَاوَلُهَا فَأُخِذَ مِثْلَهَا أَوْ أَشَدَّ مِنْهَا. فَقَالَ ادْعِي اللَّهَ لِي وَلَا أَضُرُّكِ فَدَعَتْ فَأُرْسِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَدَعَا أَدْنَى حَشَمِهِ فَقَالَ إِنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِإِنْسَانٍ وَلَكِنْ أَتَيْتَنِي بِشَيْطَانٍ أَخْرِجْهَا وَأَعْطِهَا هَاجَرَ فَجَاءَتْ وَإِبْرَاهِيمُ قَائِمٌ يُصَلِّي فَلَمَّا أَحَسَّ بِهَا انْصَرَفَ فَقَالَ مَهْيَمْ فَقَالَتْ كَفَى اللَّهُ كَيْدَ الظَّالِمِ وَأَخْدَمَنِي هَاجَرَ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ لَا نَعْلَمُ أَسْنَدَهُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا هِشَامٌ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مَوْقُوفًا وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ عَنْ وَرْقَاءَ هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْيَشْكُرِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ قَوْلُهُ حِينَ دُعِيَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ 37: 89 وَقَوْلُهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا 21: 63 وَقَوْلُهُ لِسَارَةَ (إِنَّهَا أُخْتِي) قَالَ وَدَخَلَ إِبْرَاهِيمُ قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ فَقِيلَ دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ اللَّيْلَةَ بِامْرَأَةٍ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ قَالَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ أَوِ الْجَبَّارُ مَنْ هَذِهِ مَعَكَ قَالَ أُخْتِي قال فأسل بِهَا قَالَ فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ وَقَالَ لَا تُكَذِّبِي قَوْلِي فَإِنِّي قَدْ أَخْبَرْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي إِنْ عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرَكِ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَقْبَلَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي وَتَقُولُ اللَّهمّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَّا عَلَى زَوْجِي فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ قَالَ فَغَطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إنها قالت اللَّهمّ ان يمت يقال هِيَ قَتَلَتْهُ قَالَ فَأُرْسِلَ قَالَ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا قَالَ فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي وَتَقُولُ (اللَّهمّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَّا عَلَى زَوْجِي فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ) قَالَ فَغَطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أبي هريرة أنها قالت اللَّهمّ إن يمت يُقَلْ هِيَ قَتَلَتْهُ قَالَ فَأُرْسِلَ قَالَ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ إِلَّا شَيْطَانًا أَرْجِعُوهَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَعْطُوهَا هَاجَرَ قَالَ فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ لِإِبْرَاهِيمَ أَشَعَرْتَ إِنَّ اللَّهَ رد كيد الكافرين وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهِ مُخْتَصَرًا وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَلِيِّ بن زيد ابْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَلِمَاتِ إِبْرَاهِيمَ الثَّلَاثِ الَّتِي قَالَ ما منها كلمة الا ما حل بِهَا عَنْ دِينِ اللَّهِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ 37: 89 وقال بل فعله كبيرهم هذا وَقَالَ لِلْمَلِكِ حِينَ أَرَادَ امْرَأَتَهُ هِيَ أُخْتِي فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ هِيَ أُخْتِي أَيْ فِي دِينِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ لَهَا إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى وجه الأرض مؤمن

ص: 151

غَيْرِي وَغَيْرَكِ يَعْنِي زَوْجَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ غَيْرِي وَغَيْرَكِ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا لِأَنَّ لُوطًا كَانَ مَعَهُمْ وَهُوَ نَبِيٌّ عليه السلام وَقَوْلُهُ لَهَا لَمَّا رَجَعَتْ إِلَيْهِ مَهْيَمْ مَعْنَاهُ مَا الْخَبَرُ فقالت ان الله رد كيد الكافرين. وَفِي رِوَايَةٍ الْفَاجِرِ وَهُوَ الْمَلِكُ وَأَخْدَمَ جَارِيَةً وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام مِنْ وَقْتِ ذُهِبَ بِهَا إِلَى الْمَلِكِ قَامَ يُصَلِّي للَّه عز وجل وَيَسْأَلُهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ أَهْلِهِ وَأَنْ يَرُدَّ بَأْسَ هَذَا الَّذِي أَرَادَ أَهْلَهُ بِسُوءٍ وهكذا فعلت هي أيضا فلما أَرَادَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ يَنَالَ مِنْهَا أَمْرًا قَامَتْ إِلَى وُضُوئِهَا وَصَلَاتِهَا وَدَعَتِ اللَّهَ عز وجل بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الدُّعَاءِ الْعَظِيمِ وَلِهَذَا قال تعالى وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ 2: 45 فَعَصَمَهَا اللَّهُ وَصَانَهَا لِعِصْمَةِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى نُبُوَّةِ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ سَارَةَ وَأُمِّ مُوسَى وَمَرْيَمَ عَلَيْهِنَّ السَّلَامُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُنَّ صَدِّيقَاتٌ رضي الله عنهن وَأَرْضَاهُنَّ وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْآثَارِ أَنَّ اللَّهَ عز وجل كَشَفَ الْحِجَابَ فِيمَا بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام وَبَيْنَهَا فَلَمْ يَزَلْ يَرَاهَا مُنْذُ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى أَنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ وَكَانَ مُشَاهِدًا لَهَا وَهِيَ عِنْدَ الْمَلِكِ وَكَيْفَ عَصَمَهَا اللَّهُ مِنْهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَطْيَبَ لِقَلْبِهِ وَأَقَرَّ لِعَيْنِهِ وَأَشَدَّ لِطُمَأْنِينَتِهِ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّهَا حُبًّا شَدِيدًا لِدِينِهَا وَقَرَابَتِهَا مِنْهُ وَحُسْنِهَا الْبَاهِرِ فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ تَكُنِ امْرَأَةٌ بَعْدَ حَوَّاءَ إِلَى زَمَانِهَا أَحْسَنَ مِنْهَا رضي الله عنها وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ التَّوَارِيخِ أَنَّ فِرْعَوْنَ مِصْرَ هَذَا كَانَ أَخًا لِلضَّحَّاكِ الْمَلِكِ الْمَشْهُورِ بِالظُّلْمِ وَكَانَ عَامِلًا لِأَخِيهِ عَلَى مِصْرَ وَيُقَالُ كَانَ اسْمُهُ سِنَانَ بْنَ عِلْوَانَ بن عبيد بن عويج بن عملاق بن لاود بن سام ابن نُوحٍ. وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ فِي التِّيجَانِ أَنَّ الَّذِي أَرَادَهَا عَمْرُو بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ مايلون [1] بْنِ سَبَأٍ وَكَانَ عَلَى مِصْرَ نَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ فاللَّه أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ الْخَلِيلَ عليه السلام رَجَعَ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ إِلَى أَرْضِ التَّيَمُّنِ وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَمَعَهُ أَنْعَامٌ وَعَبِيدٌ وَمَالٌ جَزِيلٌ وَصَحِبَتْهُمْ هَاجَرُ الْقِبْطِيَّةُ الْمِصْرِيَّةُ ثُمَّ إِنَّ لُوطًا عليه السلام نَزَحَ بماله مِنَ الْأَمْوَالِ الْجَزِيلَةِ بِأَمْرِ الْخَلِيلِ لَهُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَرْضِ الْغَوْرِ الْمَعْرُوفِ بِغَوْرِ زُغَرَ فَنَزَلَ بِمَدِينَةَ سَدُومَ وَهِيَ أُمُّ تِلْكَ الْبِلَادِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَانَ أَهْلُهَا أَشْرَارًا كُفَّارًا فُجَّارًا وَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ فأمره أَنْ يَمُدَّ بَصَرَهُ وَيَنْظُرَ شَمَالًا وَجَنُوبًا وَشَرْقًا وَغَرْبًا وَبَشَّرَهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ كُلَّهَا سَأَجْعَلُهَا لَكَ وَلِخَلَفِكَ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَسَأُكْثِرُ ذُرِّيَّتَكَ حَتَّى يَصِيرُوا بِعَدَدِ تُرَابِ الْأَرْضِ وَهَذِهِ الْبِشَارَةُ اتَّصَلَتْ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ بَلْ مَا كَمَلَتْ وَلَا كَانَتْ أَعْظَمَ مِنْهَا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زَوَى لِي مِنْهَا. قَالُوا ثُمَّ إِنَّ طَائِفَةً مِنَ الْجَبَّارِينَ تَسَلَّطُوا عَلَى لُوطٍ عليه السلام فَأَسَرُوهُ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُ وَاسْتَاقُوا أَنْعَامَهُ فَلَمَّا بَلَغَ

[1] قوله مايلون كذا في النسختين المصريتين والّذي في النسخة الحلبية ما يلبون.

ص: 152