المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر مولد إسحاق عليه السلام - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ١

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول]

- ‌كلمة الناشر

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌سبب تأليف الكتاب والطريقة التي اتبعها المؤلف فيه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ فِي صِفَةِ خَلْقِ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ

- ‌وَأَمَّا الْكُرْسِيُّ

- ‌ذِكْرِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ

- ‌باب ما ورد في خلق السموات والأرض وما بينهما

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبِحَارِ وَالْأَنْهَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌باب ذكر ما يتعلق بخلق السموات وما فيهن مِنَ الْآيَاتِ

- ‌الْكَلَامِ عَلَى الْمَجَرَّةِ وَقَوْسِ قُزَحٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَلْقِ الْمَلَائِكَةِ وَصِفَاتِهِمْ عليهم السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَلْقِ الْجَانِّ وَقِصَّةِ الشَّيْطَانِ

- ‌ذكر آدم عليه السلام

- ‌بَابُ مَا وَرَدَ فِي خَلْقِ آدَمَ عليه السلام

- ‌ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي خَلْقِ آدَمَ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ قِصَّةِ ابْنَيْ آدَمَ قَابِيلَ وَهَابِيلَ

- ‌ذِكْرُ وَفَاةِ آدَمَ وَوَصِيَّتِهِ إِلَى ابنه شيث عليه السلام

- ‌ذِكْرُ إِدْرِيسَ عليه السلام

- ‌قصة نوح عليه السلام

- ‌ذِكْرُ شيء من أخبار نوح نفسه عليه السلام

- ‌ذِكْرُ صَوْمِهِ عليه السلام

- ‌ذكر حجه عليه السلام

- ‌ذكر وصيته لولده عليه السلام

- ‌قِصَّةُ هُودٍ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ صالح عليه السلام نبي ثمود

- ‌ذِكْرُ مُرُورِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْحِجْرِ مِنْ أَرْضِ ثَمُودَ عَامَ تَبُوكَ

- ‌قصة إبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌ذِكْرُ مُنَاظَرَةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مَعَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنَازِعَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ في الْعَظَمَةِ وَرِدَاءِ الْكِبْرِيَاءِ فَادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَهُوَ أَحَدُ الْعَبِيدِ الضُّعَفَاءِ

- ‌ذكر هجرة الخليل عليه السلام الى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة

- ‌ذِكْرُ مَوْلِدِ إسماعيل عليه السلام مِنْ هَاجَرَ

- ‌ذِكْرُ مُهَاجَرَةِ إبراهيم بِابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ إِلَى جِبَالِ فَارَانَ وَهِيَ أَرْضُ مَكَّةَ وَبِنَائِهِ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ

- ‌ قِصَّةِ الذَّبِيحِ

- ‌ذِكْرُ مولد إسحاق عليه السلام

- ‌ذكر بناية الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌ذِكْرُ ثَنَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الكريم على عبده وخليله إبراهيم

- ‌ذِكْرُ قَصْرِهِ فِي الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ صِفَةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ وَفَاةِ إِبْرَاهِيمَ الخليل وَمَا قِيلَ فِي عُمُرِهِ

- ‌ذِكْرُ أَوْلَادِ إِبْرَاهِيمَ الخليل

- ‌قصة قوم لوط

- ‌قصة مدين قوم شعيب عليه السلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والتسليم

- ‌ذِكْرُ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ إِسْحَاقَ بن إبراهيم الكريم بن الكريم عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمُ

- ‌ذِكْرُ مَا وَقَعَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ فِي حياة إسرائيل فمن ذلك قصة يوسف بن رَاحِيلَ

- ‌قصة أَيُّوبَ عليه السلام

- ‌ قِصَّةَ ذِي الْكِفْلِ

- ‌باب ذكر أمم اهلكوا بعامة

- ‌قِصَّةُ قَوْمِ يس وَهُمْ [1] أَصْحَابُ الْقَرْيَةِ أصحاب ياسين

- ‌قصة يونس عليه السلام

- ‌ذِكْرُ فَضْلِ يُونُسَ عليه السلام

- ‌ذكر قصة موسى الكليم عليه الصلاة والتسليم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ

- ‌فَصْلٌ فِي دُخُولِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِّيهَ وَمَا جَرَى لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ

- ‌سؤال الرؤية

- ‌قِصَّةُ عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ فِي غَيْبَةِ كَلِيمِ اللَّهِ عنهم

- ‌ذِكْرُ حَدِيثٍ آخَرَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ

- ‌قِصَّةُ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قصة موسى والخضر عليهما السلام

- ‌ذِكْرُ الْحَدِيثِ الْمُلَقَّبِ بِحَدِيثِ الْفُتُونِ الْمُتَضَمِّنِ قِصَّةَ مُوسَى مَبْسُوطَةً مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا

- ‌ذِكْرُ بِنَاءِ قُبَّةِ الزَّمَانِ

- ‌قِصَّةُ قَارُونَ مَعَ مُوسَى عليه السلام

- ‌باب ذِكْرُ فَضَائِلِ مُوسَى عليه السلام وَشَمَائِلِهِ وَصِفَاتِهِ ووفائه

- ‌ذكر حجته عليه السلام الى البيت العتيق

- ‌ذِكْرُ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ نُبُوَّةِ يُوشَعَ وَقِيَامِهِ بِأَعْبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى وهارون عليهما السلام

- ‌ذكر قصتي الخضر والياس عليهما السلام

- ‌أَمَّا الْخَضِرُ

- ‌واما إِلْيَاسُ عليه السلام

الفصل: ‌ذكر مولد إسحاق عليه السلام

عَنْ أَبِيهِ هُوَ إِسْمَاعِيلُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الذَّبِيحِ فَقَالَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ عليه السلام قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي الطُّفَيْلِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدِ ابن جُبَيْرٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّعْبِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَبِي صَالِحٍ أَنَّهُمْ قَالُوا الذَّبِيحُ هُوَ إِسْمَاعِيلُ عليه السلام وَحَكَاهُ الْبَغَوِيُّ أَيْضًا عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَالْكَلْبِيِّ وَأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ قُلْتُ وَرُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لرسول صلى الله عليه وسلم يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ لَا شَكَّ فِي هَذَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بن إسحاق عن بريدة عن سُفْيَانِ بْنِ فَرْوَةَ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ خَلِيفَةٌ إِذْ كَانَ معه بالشام يعنى استدلاله بقوله بعد العصمة فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَا كُنْتُ أَنْظُرُ فِيهِ وَإِنِّي لَأَرَاهُ كَمَا قُلْتَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ كَانَ عِنْدَهُ بِالشَّامِ كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ وَكَانَ يُرَى أَنَّهُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ قَالَ فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيُّ ابْنَيْ إِبْرَاهِيمَ أُمِرَ بِذَبْحِهِ فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّ اليهود لَتَعْلَمُ بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُمْ يَحْسُدُونَكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَبَاكُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فِيهِ وَالْفَضْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ مِنْهُ لِصَبْرِهِ لِمَا أُمِرَ بِهِ فَهُمْ يَجْحَدُونَ ذَلِكَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ إِسْحَاقُ لِأَنَّ إِسْحَاقَ أَبُوهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَقْصَاةً بِأَدِلَّتِهَا وَآثَارِهَا فِي فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ

‌ذِكْرُ مولد إسحاق عليه السلام

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ. وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمن ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ 37: 112- 113 وَقَدْ كَانَتِ الْبِشَارَةُ بِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِإِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ لَمَّا مَرُّوا بِهِمْ مُجْتَازِينَ ذَاهِبِينَ إِلَى مَدَائِنِ قَوْمِ لُوطٍ لِيُدَمِّرُوا عَلَيْهِمْ لِكُفْرِهِمْ وَفُجُورِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ. فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمن وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ. قالَتْ يَا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ. قالُوا أَتَعْجَبِينَ من أَمْرِ الله رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) 11: 69- 73 وقال تعالى وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ. قالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ. قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ. قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا

ص: 160

تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ. قَالَ وَمن يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) 15: 51- 56 وقال تعالى هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قال سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ. فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ. فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قال أَلا تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ. فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ في صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ. قالُوا كَذلِكَ قال رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ 51: 24- 30 يَذْكُرُ تَعَالَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالُوا وَكَانُوا ثَلَاثَةً جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ لَمَّا وَرَدُوا عَلَى الْخَلِيلِ حسبهم أَضْيَافًا فَعَامَلَهُمْ مُعَامَلَةَ الضُّيُوفِ شَوَى لَهُمْ عِجْلًا سَمِينًا مِنْ خِيَارِ بَقَرِهِ فَلَمَّا قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَعَرَضَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَرَ لَهُمْ هِمَّةً إِلَى الْأَكْلِ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَيْسَ فِيهِمْ قُوَّةُ الْحَاجَةِ إِلَى الطَّعَامِ (فَنَكِرَهُمْ) إِبْرَاهِيمُ (وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) 11: 70. أَيْ لِنُدَمِّرَ عَلَيْهِمْ فَاسْتَبْشَرَتْ عِنْدَ ذَلِكَ سَارَةُ غَضَبًا للَّه عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ قَائِمَةً عَلَى رُءُوسِ الْأَضْيَافِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ مِنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ فَلَمَّا ضَحِكَتِ اسْتِبْشَارًا بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمن وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) 11: 71 أَيْ بَشَّرَتْهَا الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ) 51: 29 أي في صرخة (فَصَكَّتْ وَجْهَها) 51: 29 أَيْ كَمَا يَفْعَلُ النِّسَاءُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ (وقالَتْ يَا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) 11: 72 أَيْ كَيْفَ يَلِدُ مِثْلِي وَأَنَا كَبِيرَةٌ وَعَقِيمٌ أيضا وهذا بعلي أَيْ زَوْجِي شَيْخًا تَعَجَّبَتْ مِنْ وُجُودِ وَلَدٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَلِهَذَا قَالَتْ (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قالُوا أَتَعْجَبِينَ من أَمْرِ الله رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) 11: 72- 73 وَكَذَلِكَ تَعَجَّبَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام اسْتِبْشَارًا بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ وَتَثْبِيتًا لَهَا وَفَرَحًا بِهَا (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ. قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ من الْقانِطِينَ) 15: 54- 55 أَكَّدُوا الْخَبَرَ بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ وَقَرَّرُوهُ مَعَهُ فَبَشَّرُوهُمَا (بِغُلامٍ عَلِيمٍ) 15: 53. وَهُوَ إِسْحَاقُ وَأَخُوهُ إِسْمَاعِيلُ غُلَامٌ حَلِيمٌ مُنَاسِبٌ لِمَقَامِهِ وَصَبْرِهِ وَهَكَذَا وَصَفَهُ رَبُّهُ بِصِدْقِ الْوَعْدِ وَالصَّبْرِ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمن وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) 11: 71 وَهَذَا مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الذَّبِيحَ هُوَ إِسْمَاعِيلُ وَأَنَّ إِسْحَاقَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْمَرَ بِذَبْحِهِ بَعْدَ أَنْ وَقَعَتِ الْبِشَارَةُ بِوُجُودِهِ وَوُجُودِ وَلَدِهِ يَعْقُوبَ الْمُشْتَقِّ مِنَ الْعَقِبِ مِنْ بَعْدِهِ وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ أَحْضَرَ مَعَ الْعِجْلِ الْحَنِيذِ وهو المشوي رغيفا من مكة فِيهِ ثَلَاثَةُ أَكْيَالٍ وَسَمْنٌ وَلَبَنٌ. وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُمْ أكلوا وهذا غلط محض وقيل كانوا يودون أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ وَالطَّعَامُ يَتَلَاشَى فِي الْهَوَاءِ. وَعِنْدَهُمْ أن الله تعالى قال لإبراهيم أما سارا امْرَأَتُكَ فَلَا يُدْعَى اسْمُهَا سَارَا وَلَكِنِ اسْمُهَا سَارَةُ وَأُبَارِكُ عَلَيْهَا وَأُعْطِيكَ مِنْهَا ابْنًا وَأُبَارِكُهُ ويكون الشعوب وَمُلُوكُ الشُّعُوبِ مِنْهُ فَخَرَّ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ يَعْنِي سَاجِدًا وَضَحِكَ قَائِلًا فِي نَفْسِهِ أَبَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ يُولَدُ لِي غُلَامٌ أَوْ سَارَةُ تَلِدُ وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهَا تِسْعُونَ سَنَةً. وَقَالَ إبراهيم للَّه تعالى ليت إسماعيل يعيش قد أمك فَقَالَ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ بِحَقِّي إِنَّ امْرَأَتَكَ سَارَةَ

ص: 161

تَلِدُ لَكَ غُلَامًا وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ إِلَى مثل هذا الحين [1] من قابل وأوثقه مِيثَاقِي إِلَى الدَّهْرِ وَلِخَلَفِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَقَدِ اسْتَجَبْتُ لَكَ فِي إِسْمَاعِيلَ وَبَارَكْتُ عَلَيْهِ وَكَبَّرْتُهُ ونميته جدا كثيرا وَيُولَدُ لَهُ اثْنَا عَشَرَ عَظِيمًا وَأَجْعَلُهُ رَئِيسًا لِشَعْبٍ عَظِيمٍ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذَا بِمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمن وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ 11: 71 دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تَسْتَمْتِعُ بِوُجُودِ وَلَدِهَا إِسْحَاقَ ثم من بعده بولد وَلَدُهُ يَعْقُوبُ أَيْ يُولَدُ فِي حَيَاتِهِمَا لِتَقَرَّ أعينهما به كما قرت بولده. وَلَوْ لَمْ يُرِدْ هَذَا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ يَعْقُوبَ وَتَخْصِيصِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ مِنْ دُونِ سَائِرِ نَسْلِ إِسْحَاقَ فَائِدَةٌ وَلَمَّا عُيِّنَ بِالذِّكْرِ دَلَّ على انهما يتمتعان به ويسران بولده كَمَا سُرَّا بِمَوْلِدِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ وَقَالَ تَعَالَى وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا 6: 84 وَقَالَ تَعَالَى فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ 19: 49 وَهَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ ظَاهِرٌ قَوِيٌّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلُ قَالَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى. قُلْتُ كَمْ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ ثُمَّ حَيْثُ أَدْرَكْتَ الصَّلَاةَ فَصَلِّ فَكُلُّهَا مَسْجِدٌ. وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ يَعْقُوبَ عليه السلام هُوَ الَّذِي أَسَّسَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى وَهُوَ مَسْجِدُ إِيلِيَا بَيْتِ الْمَقْدِسِ شَرَّفَهُ اللَّهُ. وَهَذَا مُتَّجِهٌ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْحَدِيثِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ بِنَاءُ يَعْقُوبَ وَهُوَ إِسْرَائِيلُ عليه السلام بَعْدَ بِنَاءِ الْخَلِيلِ وَابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً سَوَاءً وَقَدْ كَانَ بِنَاؤُهُمَا ذَلِكَ بَعْدَ وُجُودِ إِسْحَاقَ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا دَعَا قَالَ فِي دُعَائِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَإِذْ قَالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ. رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمن عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ. رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ. رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ. رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمن ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ 14: 35- 41. وما جاء في الحديث من أن سليمان بن داود عليهما السلام لما بنى بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثا كما ذكرناه عند قوله (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) 38: 35 وَكَمَا سَنُورِدُهُ فِي قِصَّتِهِ فَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ جَدَّدَ بِنَاءَهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ بَيْنَهُمَا أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَإِبْرَاهِيمَ أَرْبَعِينَ سَنَةً سِوَى ابْنِ حِبَّانَ فِي تَقَاسِيمِهِ وَأَنْوَاعِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ لَمْ يُوَافَقْ عَلَيْهِ وَلَا سُبِقَ إِلَيْهِ

[1] قوله الى مثل إلخ كذا بالأصول ولعل الصواب في مثل إلخ محمود لإمام

ص: 162