المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر إسحاق بن إبراهيم الكريم بن الكريم عليهما الصلاة والتسليم - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ١

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول]

- ‌كلمة الناشر

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌سبب تأليف الكتاب والطريقة التي اتبعها المؤلف فيه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ فِي صِفَةِ خَلْقِ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ

- ‌وَأَمَّا الْكُرْسِيُّ

- ‌ذِكْرِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ

- ‌باب ما ورد في خلق السموات والأرض وما بينهما

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبِحَارِ وَالْأَنْهَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌باب ذكر ما يتعلق بخلق السموات وما فيهن مِنَ الْآيَاتِ

- ‌الْكَلَامِ عَلَى الْمَجَرَّةِ وَقَوْسِ قُزَحٍ

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَلْقِ الْمَلَائِكَةِ وَصِفَاتِهِمْ عليهم السلام

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ ذِكْرِ خَلْقِ الْجَانِّ وَقِصَّةِ الشَّيْطَانِ

- ‌ذكر آدم عليه السلام

- ‌بَابُ مَا وَرَدَ فِي خَلْقِ آدَمَ عليه السلام

- ‌ذكر احتجاج آدم وموسى عليهما السلام

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي خَلْقِ آدَمَ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ قِصَّةِ ابْنَيْ آدَمَ قَابِيلَ وَهَابِيلَ

- ‌ذِكْرُ وَفَاةِ آدَمَ وَوَصِيَّتِهِ إِلَى ابنه شيث عليه السلام

- ‌ذِكْرُ إِدْرِيسَ عليه السلام

- ‌قصة نوح عليه السلام

- ‌ذِكْرُ شيء من أخبار نوح نفسه عليه السلام

- ‌ذِكْرُ صَوْمِهِ عليه السلام

- ‌ذكر حجه عليه السلام

- ‌ذكر وصيته لولده عليه السلام

- ‌قِصَّةُ هُودٍ عليه السلام

- ‌قِصَّةُ صالح عليه السلام نبي ثمود

- ‌ذِكْرُ مُرُورِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْحِجْرِ مِنْ أَرْضِ ثَمُودَ عَامَ تَبُوكَ

- ‌قصة إبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌ذِكْرُ مُنَاظَرَةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مَعَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُنَازِعَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ في الْعَظَمَةِ وَرِدَاءِ الْكِبْرِيَاءِ فَادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَهُوَ أَحَدُ الْعَبِيدِ الضُّعَفَاءِ

- ‌ذكر هجرة الخليل عليه السلام الى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة

- ‌ذِكْرُ مَوْلِدِ إسماعيل عليه السلام مِنْ هَاجَرَ

- ‌ذِكْرُ مُهَاجَرَةِ إبراهيم بِابْنِهِ إِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ إِلَى جِبَالِ فَارَانَ وَهِيَ أَرْضُ مَكَّةَ وَبِنَائِهِ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ

- ‌ قِصَّةِ الذَّبِيحِ

- ‌ذِكْرُ مولد إسحاق عليه السلام

- ‌ذكر بناية الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌ذِكْرُ ثَنَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الكريم على عبده وخليله إبراهيم

- ‌ذِكْرُ قَصْرِهِ فِي الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ صِفَةِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ وَفَاةِ إِبْرَاهِيمَ الخليل وَمَا قِيلَ فِي عُمُرِهِ

- ‌ذِكْرُ أَوْلَادِ إِبْرَاهِيمَ الخليل

- ‌قصة قوم لوط

- ‌قصة مدين قوم شعيب عليه السلام

- ‌بَابُ ذِكْرِ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والتسليم

- ‌ذِكْرُ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ إِسْحَاقَ بن إبراهيم الكريم بن الكريم عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمُ

- ‌ذِكْرُ مَا وَقَعَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ فِي حياة إسرائيل فمن ذلك قصة يوسف بن رَاحِيلَ

- ‌قصة أَيُّوبَ عليه السلام

- ‌ قِصَّةَ ذِي الْكِفْلِ

- ‌باب ذكر أمم اهلكوا بعامة

- ‌قِصَّةُ قَوْمِ يس وَهُمْ [1] أَصْحَابُ الْقَرْيَةِ أصحاب ياسين

- ‌قصة يونس عليه السلام

- ‌ذِكْرُ فَضْلِ يُونُسَ عليه السلام

- ‌ذكر قصة موسى الكليم عليه الصلاة والتسليم

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدَ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ

- ‌فَصْلٌ فِي دُخُولِ بَنِي إِسْرَائِيلَ التِّيهَ وَمَا جَرَى لَهُمْ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعَجِيبَةِ

- ‌سؤال الرؤية

- ‌قِصَّةُ عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ فِي غَيْبَةِ كَلِيمِ اللَّهِ عنهم

- ‌ذِكْرُ حَدِيثٍ آخَرَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ

- ‌قِصَّةُ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ

- ‌قصة موسى والخضر عليهما السلام

- ‌ذِكْرُ الْحَدِيثِ الْمُلَقَّبِ بِحَدِيثِ الْفُتُونِ الْمُتَضَمِّنِ قِصَّةَ مُوسَى مَبْسُوطَةً مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا

- ‌ذِكْرُ بِنَاءِ قُبَّةِ الزَّمَانِ

- ‌قِصَّةُ قَارُونَ مَعَ مُوسَى عليه السلام

- ‌باب ذِكْرُ فَضَائِلِ مُوسَى عليه السلام وَشَمَائِلِهِ وَصِفَاتِهِ ووفائه

- ‌ذكر حجته عليه السلام الى البيت العتيق

- ‌ذِكْرُ وَفَاتِهِ عليه السلام

- ‌ذِكْرُ نُبُوَّةِ يُوشَعَ وَقِيَامِهِ بِأَعْبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بعد موسى وهارون عليهما السلام

- ‌ذكر قصتي الخضر والياس عليهما السلام

- ‌أَمَّا الْخَضِرُ

- ‌واما إِلْيَاسُ عليه السلام

الفصل: ‌ذكر إسحاق بن إبراهيم الكريم بن الكريم عليهما الصلاة والتسليم

وَقِيلَ هَذِهِ ثَالِثَةٌ فَوَلَدَتْ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ وَلَدًا ذَكَرًا. وَقَدْ سَمَّاهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله وهم نابت وقيذر [1] وازبل وميشى ومسمع وماش ودوصا وارر ويطور ونبش وَطِيمَا وَقَيْذُمَا وَهَكَذَا ذَكَرَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي كِتَابِهِمْ. وَعِنْدَهُمْ أَنَّهُمُ الِاثْنَا عَشَرَ عَظِيمًا الْمُبَشَّرُ بِهِمُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ. وَكَذَبُوا فِي تَأْوِيلِهِمْ ذَلِكَ وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ عليه السلام رَسُولًا إِلَى أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَمَا وَالَاهَا مِنْ قَبَائِلِ جُرْهُمٍ وَالْعَمَالِيقِ وَأَهْلِ الْيَمَنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى أَخِيهِ إِسْحَاقَ وَزَوَّجَ ابْنَتَهُ نَسَمَةَ مِنِ ابْنِ أَخِيهِ الْعِيصِ بْنِ إِسْحَاقَ فَوَلَدَتْ لَهُ الرُّومَ. وَيُقَالُ لَهُمْ بَنُو الْأَصْفَرِ لِصُفْرَةٍ كَانَتْ فِي الْعِيصِ وَوَلَدَتْ لَهُ الْيُونَانَ فِي أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَمِنْ وَلَدِ العيص الاشبان قيل مِنْهُمَا أَيْضًا وَتَوَقَّفَ ابْنُ جَرِيرٍ رحمه الله.

وَدُفِنَ إِسْمَاعِيلُ نَبِيُّ اللَّهِ بِالْحِجْرِ مَعَ أُمِّهِ هَاجَرَ وَكَانَ عُمُرُهُ يَوْمَ مَاتَ مِائَةً وَسَبْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ قَالَ شكى إِسْمَاعِيلُ عليه السلام إِلَى رَبِّهِ عز وجل حَرَّ مَكَّةَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنِّي سَأَفْتَحُ لَكَ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تُدْفَنُ فِيهِ تَجْرِي عَلَيْكَ رَوْحُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَعَرَبُ الْحِجَازِ كُلُّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى وَلَدَيْهِ نابت وقيذار وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ وَبُطُونِهَا وَعَمَائِرِهَا وَقَبَائِلِهَا وَعَشَائِرِهَا مِنْ لَدُنْ إِسْمَاعِيلَ عليه السلام إِلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَى أَيَّامِهِ الشَّرِيفَةِ وَسِيرَتِهِ الْمُنِيفَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَخْبَارِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسرائيل الى زمان عيسى بن مَرْيَمَ خَاتَمِ أَنْبِيَائِهِمْ وَمُحَقِّقِ أَنْبَائِهِمْ ثُمَّ نَذْكُرُ مَا كَانَ فِي زَمَنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ثُمَّ مَا وَقَعَ فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ يَنْتَهِي الْكَلَامُ إِلَى سِيرَةِ نَبِيِّنَا رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَسَائِرِ صُنُوفِ بَنِي آدَمَ مِنَ الْأُمَمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّه الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ

‌ذِكْرُ إِسْحَاقَ بن إبراهيم الكريم بن الكريم عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمُ

قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ وُلِدَ وَلِأَبِيهِ مِائَةُ سَنَةٍ بَعْدَ أَخِيهِ إِسْمَاعِيلَ بِأَرْبَعَ عشر سَنَةً. وَكَانَ عُمُرُ أُمِّهِ سَارَّةَ حِينَ بُشِّرَتْ بِهِ تِسْعِينَ سَنَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمن ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ 37: 112- 113 وَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَقَدَّمْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم

[1] قوله قيذر في نسخة قيذار وقوله وميشى وفي نسخة منبسى قوله وارر في نسخة وادر وفي أخرى وازر قوله ويطور في نسخة ورطور قوله وطيما في نسخة وطميا

ص: 193

يوسف بن يعقوب بن سحق بْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَذَكَرَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنَّ إِسْحَاقَ لما تزوج رفقا بنت بتواييل في حيات أَبِيهِ كَانَ عُمُرُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَنَّهَا كَانَتْ عَاقِرًا فَدَعَا اللَّهَ لَهَا فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلَامَيْنِ توأمين أَوَّلُهُمَا سَمَّوْهُ عِيصُو وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الْعِيصَ وَهُوَ وَالِدُ الرُّومِ وَالثَّانِي خَرَجَ وَهُوَ آخِذٌ بِعَقِبِ أَخِيهِ فَسَمَّوْهُ يَعْقُوبَ وَهُوَ إِسْرَائِيلُ الَّذِي يَنْتَسِبُ إِلَيْهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ قَالُوا وَكَانَ إسحاق يحب العيصو أَكْثَرَ مِنْ يَعْقُوبَ لِأَنَّهُ بِكْرُهُ وَكَانَتْ أُمُّهُمَا رِفْقَا تُحِبُّ يَعْقُوبَ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ الْأَصْغَرُ قَالُوا فَلَمَّا كَبِرَ إِسْحَاقُ وَضَعُفَ بَصَرُهُ اشْتَهَى عَلَى ابْنِهِ الْعِيصِ طَعَامًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ فَيَصْطَادَ لَهُ صَيْدًا وَيَطْبُخَهُ لَهُ لِيُبَارِكَ عَلَيْهِ وَيَدْعُوَ لَهُ وَكَانَ الْعِيصُ صَاحِبَ صَيْدٍ فَذَهَبَ يَبْتَغِي ذَلِكَ فَأَمَرَتْ رِفْقَا ابْنَهَا يَعْقُوبَ أَنْ يَذْبَحَ جَدْيَيْنِ مِنْ خِيَارِ غَنَمِهِ وَيَصْنَعَ مِنْهُمَا طَعَامًا كَمَا اشْتَهَاهُ أَبُوهُ وَيَأْتِيَ إِلَيْهِ بِهِ قَبْلَ أخيه ليدعو له فقامت فَأَلْبَسَتْهُ ثِيَابَ أَخِيهِ وَجَعَلَتْ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَعُنُقِهِ مِنْ جِلْدِ الْجَدْيَيْنِ لِأَنَّ الْعِيصَ كَانَ أَشْعَرَ الجسد ويعقوب ليس كذلك فلما جاء بِهِ وَقَرَّبَهُ إِلَيْهِ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ وَلَدُكَ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَجَسَّهُ وَجَعَلَ يَقُولُ أَمَّا الصَّوْتُ فَصَوْتُ يَعْقُوبَ وَأَمَّا الْجَسُّ وَالثِّيَابُ فَالْعِيصُ فَلَمَّا أَكَلَ وَفَرَغَ دَعَا لَهُ أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ إِخْوَتِهِ قَدْرًا وَكَلِمَتُهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الشُّعُوبِ بَعْدَهُ وَأَنْ يَكْثُرَ رِزْقُهُ وَوَلَدُهُ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ جَاءَ أَخُوهُ الْعِيصُ بِمَا أَمَرَهُ به والده فقربه إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا هَذَا يَا بُنَيَّ قَالَ هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي اشْتَهَيْتَهُ فَقَالَ أَمَا جِئْتَنِي بِهِ قَبْلَ السَّاعَةِ وَأَكَلْتُ مِنْهُ وَدَعَوْتُ لَكَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ وَعَرَفَ أَنَّ أَخَاهُ قَدْ سَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ فَوَجَدَ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِ وَجْدًا كَثِيرًا. وَذَكَرُوا أَنَّهُ تَوَاعَدَهُ بِالْقَتْلِ إِذَا مَاتَ أَبُوهُمَا وَسَأَلَ أَبَاهُ فَدَعَا لَهُ بِدَعْوَةٍ أُخْرَى وَأَنْ يَجْعَلَ لِذُرِّيَّتِهِ غَلِيظَ الْأَرْضِ وَأَنْ يُكْثِرَ أَرْزَاقَهُمْ وَثِمَارَهُمْ فَلَمَّا سَمِعَتْ أُمُّهُمَا مَا يَتَوَاعَدُ بِهِ الْعِيصُ أَخَاهُ يَعْقُوبَ أَمَرَتِ ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها لا بان الَّذِي بِأَرْضِ حَرَّانَ وَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ إِلَى حِينِ يَسْكُنُ غَضَبُ أَخِيهِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ بَنَاتِهِ. وَقَالَتْ لِزَوْجِهَا إِسْحَاقَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِذَلِكَ وَيُوصِيَهُ وَيَدْعُوَ لَهُ فَفَعَلَ فَخَرَجَ يَعْقُوبُ عليه السلام من عندهم من آخِرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَأَدْرَكَهُ الْمَسَاءُ فِي مَوْضِعٍ فَنَامَ فِيهِ أَخَذَ حَجَرًا فَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَنَامَ فَرَأَى فِي نَوْمِهِ ذَلِكَ مِعْرَاجًا مَنْصُوبًا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَإِذَا الْمَلَائِكَةُ يَصْعَدُونَ فِيهِ وَيَنْزِلُونَ وَالرَّبُّ تبارك وتعالى يُخَاطِبُهُ وَيَقُولُ لَهُ إِنِّي سَأُبَارِكُ عَلَيْكَ وَأُكْثِرُ ذُرِّيَّتَكَ وَأَجْعَلُ لَكَ هَذِهِ الْأَرْضَ وَلِعَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ. فَلَمَّا هَبَّ مِنْ نَوْمِهِ فَرِحَ بِمَا رَأَى وَنَذَرَ للَّه لَئِنْ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ سَالِمًا لَيَبْنِيَنَّ في هذا الموضع معبد الله عز وجل وَأَنَّ جَمِيعَ مَا يَرْزُقُهُ مِنْ شَيْءٍ يَكُونُ للَّه عُشْرُهُ ثُمَّ عَمَدَ إِلَى ذَلِكَ الْحَجَرِ فَجَعَلَ عَلَيْهِ دُهْنًا يَتَعَرَّفُهُ بِهِ وَسَمَّى ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بَيْتَ إِيلَ أَيْ بَيْتَ اللَّهِ وَهُوَ مَوْضِعُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الْيَوْمَ الَّذِي بَنَاهُ يَعْقُوبُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي قَالُوا فَلَمَّا قَدِمَ يَعْقُوبُ عَلَى خَالِهِ أَرْضَ حَرَّانَ إِذَا لَهُ ابْنَتَانِ اسْمُ الْكُبْرَى لَيَا وَاسْمُ الصغرى رَاحِيلَ وَكَانَتْ أَحْسَنَهُمَا وَأَجْمَلَهُمَا فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْعَى عَلَى غَنَمِهِ سَبْعَ سِنِينَ فلما مضت المدة على خاله لابان صنع طَعَامًا وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهِ وَزَفَّ إِلَيْهِ لَيْلًا

ص: 194

ابْنَتَهُ الْكُبْرَى لَيَا وَكَانَتْ ضَعِيفَةَ الْعَيْنَيْنِ قَبِيحَةَ الْمَنْظَرِ. فَلَمَّا أَصْبَحَ يَعْقُوبُ إِذَا هِيَ لَيَا فَقَالَ لِخَالِهِ لِمَ غَدَرْتَ بِي وَأَنْتَ إِنَّمَا خَطَبْتُ إِلَيْكَ رَاحِيلَ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَّتِنَا أَنْ نُزَوِّجَ الصُّغْرَى قَبْلَ الْكُبْرَى فَإِنْ أَحْبَبْتَ أُخْتَهَا فَاعْمَلْ سَبْعَ سِنِينَ أُخْرَى وَأُزَوِّجُكَهَا فَعَمِلَ سَبْعَ سِنِينَ وَأَدْخَلَهَا عَلَيْهِ مَعَ أُخْتِهَا وَكَانَ ذَلِكَ سَائِغًا فِي مِلَّتِهِمْ ثُمَّ نُسِخَ فِي شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ وَهَذَا وَحْدَهُ دَلِيلٌ كَافٍ عَلَى وُقُوعِ النَّسْخِ لِأَنَّ فِعْلَ يَعْقُوبَ عليه السلام دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ هَذَا وَإِبَاحَتِهِ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ وَوَهَبَ لَابَانُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنِ ابْنَتَيْهِ جارية فوهب لليا جارية اسمها زلفى ووهب لراحيل جارية اسمها بلهى وَجَبَرَ اللَّهُ تَعَالَى ضَعْفَ لَيَا بِأَنْ وَهَبَ لَهَا أَوْلَادًا فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ وَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ رُوبِيلُ ثُمَّ شَمْعُونُ ثُمَّ لَاوِي ثُمَّ يَهُوذَا فَغَارَتْ عِنْدَ ذَلِكَ رَاحِيلُ وَكَانَتْ لَا تَحْبَلُ فوهبت ليعقوب جاريتها بلهى فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ وَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا سَمَّتْهُ دَانَ وحملت وولدت غلاما آخر سمته نيفتالى فعمدت عند ذلك ليا فوهبت جاريتها زلفى مِنْ يَعْقُوبَ عليه السلام فَوَلَدَتْ لَهُ جَادَ [1] وَأَشِيرَ غُلَامَيْنِ ذَكَرَيْنِ ثُمَّ حَمَلَتْ لَيَا أَيْضًا فَوَلَدَتْ غُلَامًا خَامِسًا مِنْهَا وَسَمَّتْهُ أَيْسَاخَرَ [2] ثُمَّ حَمَلَتْ وَوَلَدَتْ غُلَامًا سَادِسًا سَمَّتْهُ زَابِلُونَ ثُمَّ حَمَلَتْ وَوَلَدَتْ بِنْتًا سَمَّتْهَا دِينَا فَصَارَ لَهَا سَبْعَةٌ مِنْ يَعْقُوبَ ثُمَّ دَعَتِ اللَّهَ تَعَالَى رَاحِيلُ وَسَأَلَتْهُ أَنْ يَهَبَ لَهَا غُلَامًا مِنْ يعقوب فسمع الله نداءها وأجاب دعائها فَحَمَلَتْ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ يَعْقُوبَ فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا عَظِيمًا شَرِيفًا حَسَنًا جَمِيلًا سَمَّتْهُ يُوسُفَ كُلُّ هَذَا وَهُمْ مُقِيمُونَ بِأَرْضِ حَرَّانَ [3] وَهُوَ يَرْعَى عَلَى خَالِهِ غَنَمَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ عَلَى الْبِنْتَيْنِ سِتَّ سِنِينَ أُخْرَى فَصَارَ مُدَّةُ مُقَامِهِ عِشْرِينَ سَنَةً فَطَلَبَ يَعْقُوبُ مِنْ خَالِهِ لَابَانَ أَنْ يُسَرِّحَهُ لِيَمُرَّ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ لَهُ خَالُهُ إِنِّي قَدْ بُورِكَ لِي بِسَبَبِكَ فَسَلْنِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتَ فَقَالَ تُعْطِينِي كُلَّ حَمَلٍ يُولَدُ مِنْ غَنَمِكَ هَذِهِ السَّنَةَ أَبْقَعَ وَكُلَّ حَمَلٍ مُلْمِعٍ أَبْيَضَ بِسَوَادٍ وَكُلَّ أَمْلَحَ بِبَيَاضٍ وَكُلَّ أَجْلَحَ أَبْيَضَ مِنَ الْمَعْزِ فَقَالَ نَعَمْ فَعَمَدَ بَنُوهُ فَأَبْرَزُوا مِنْ غَنَمِ أَبِيهِمْ مَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ مِنَ التُّيُوسِ لِئَلَّا يُوَلَدَ شَيْءٌ مِنَ الْحُمْلَانِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ وَسَارُوا بِهَا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَنْ غَنَمِ أَبِيهِمْ قَالُوا فَعَمَدَ يَعْقُوبُ عليه السلام إلى قضبان رطبة بيض من لوز وولب فكان يقشرها بلقا وينصبها فِي مَسَاقِي الْغَنَمِ مِنَ الْمِيَاهِ لِيَنْظُرَ الْغَنَمُ إِلَيْهَا فَتَفْزَعَ وَتَتَحَرَّكَ أَوْلَادُهَا فِي بُطُونِهَا فَتَصِيرَ أَلْوَانُ حُمْلَانِهَا كَذَلِكَ وَهَذَا يَكُونُ مِنْ بَابِ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَيَنْتَظِمُ فِي سِلْكِ الْمُعْجِزَاتِ فَصَارَ لِيَعْقُوبَ عليه السلام أَغْنَامٌ كَثِيرَةٌ وَدَوَابُّ وَعَبِيدٌ وَتَغَيَّرَ لَهُ وَجْهُ خَالِهِ وَبَنِيهِ وَكَأَنَّهُمُ انْحَصَرُوا مِنْهُ وَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى يَعْقُوبَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ وَوَعَدَهُ بِأَنْ يَكُونَ مَعَهُ فَعَرَضَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِهِ فَأَجَابُوهُ مُبَادِرِينَ إِلَى طَاعَتِهِ فَتَحَمَّلَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَسَرَقَتْ رَاحِيلُ أَصْنَامَ أَبِيهَا فَلَمَّا جَاوَزُوا وَتَحَيَّزُوا عَنْ بلادهم لحقهم لا بان وَقَوْمُهُ فَلَمَّا اجْتَمَعَ لَابَانُ بِيَعْقُوبَ عَاتَبَهُ فِي خروجه بغير علمه وهلا أعلمه فيخرجهم في فرح ومزاهر وَطُبُولٍ وَحَتَّى يُوَدِّعَ بَنَاتِهِ وَأَوْلَادَهُنَّ وَلِمَ أَخَذُوا أصنامه معهم ولم يكن عند

[1] في النسخة الحلبية حاذ

[2]

في نسخة انساخر

[3]

في الطبري بأرض بابل.

ص: 195

يَعْقُوبَ عِلْمٌ مِنْ أَصْنَامِهِ فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَخَذُوا لَهُ أَصْنَامًا فَدَخَلَ بُيُوتَ بَنَاتِهِ وَإِمَائِهِنَّ يُفَتِّشُ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا وَكَانَتْ رَاحِيلُ قَدْ جعلتهن في بردعة الحمل وَهِيَ تَحْتَهَا فَلَمْ تَقُمْ وَاعْتَذَرَتْ بِأَنَّهَا طَامِثٌ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِنَّ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَاثَقُوا عَلَى رَابِيَةٍ هُنَاكَ يُقَالُ لَهَا جَلْعَادُ عَلَى أَنَّهُ لا يهبن بَنَاتِهِ وَلَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهِنَّ وَلَا يُجَاوِزُ هَذِهِ الرَّابِيَةَ إِلَى بِلَادِ الْآخَرِ لَا لَابَانُ وَلَا يَعْقُوبُ وَعَمِلَا طَعَامًا وَأَكَلَ الْقَوْمُ مَعَهُمْ وَتَوَدَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنَ الْآخَرِ وَتَفَارَقُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ فَلَمَّا اقْتَرَبَ يَعْقُوبُ مِنْ أَرْضِ سَاعِيرَ تَلَقَّتْهُ الْمَلَائِكَةُ يُبَشِّرُونَهُ بِالْقُدُومِ وَبَعَثَ يَعْقُوبُ الْبُرُدَ الى أخيه العيصو يترفق لَهُ وَيَتَوَاضَعُ لَهُ فَرَجَعَتِ الْبُرُدُ وَأَخْبَرَتْ يَعْقُوبَ بِأَنَّ الْعِيصَ قَدْ رَكِبَ إِلَيْكَ فِي أَرْبَعِمِائَةِ رَاجِلٍ فَخَشِيَ يَعْقُوبُ مِنْ ذَلِكَ وَدَعَا اللَّهَ عز وجل وَصَلَّى لَهُ وَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ وَتَمَسْكَنَ لَدَيْهِ وَنَاشَدَهُ عَهْدَهُ وَوَعْدَهُ الَّذِي وَعَدَهُ بِهِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَكُفَّ عَنْهُ شَرَّ أَخِيهِ الْعِيصَ وَأَعَدَّ لِأَخِيهِ هَدِيَّةً عَظِيمَةً وَهِيَ مِائَتَا شَاةٍ وَعِشْرُونَ تَيْسًا وَمِائَتَا نَعْجَةٍ وَعِشْرُونَ كَبْشًا وَثَلَاثُونَ لِقْحَةً وَأَرْبَعُونَ بَقَرَةً وَعَشَرَةٌ مِنَ الثِّيرَانِ وَعِشْرُونَ أَتَانًا وَعَشَرَةٌ مِنَ الْحُمُرِ وَأَمَرَ عَبِيدَهُ أَنْ يَسُوقُوا كُلًّا مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَحْدَهُ وَلْيَكُنْ بَيْنَ كُلِّ قَطِيعٍ وَقَطِيعٍ مَسَافَةٌ فَإِذَا لَقِيَهُمُ الْعِيصُ فَقَالَ لِلْأَوَّلِ لِمَنْ أَنْتَ وَلِمَنْ هَذِهِ مَعَكَ فَلْيَقُلْ لِعَبْدِكَ يَعْقُوبَ أَهْدَاهَا لِسَيِّدِي الْعِيصَ وَلْيَقُلِ الَّذِي بَعْدَهُ كَذَلِكَ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ ويقول كل منهم وهو جائى بَعْدَنَا وَتَأَخَّرَ يَعْقُوبُ بِزَوْجَتَيْهِ وَأَمَتَيْهِ وَبَنِيهِ الْأَحَدَ عَشَرَ بَعْدَ الْكُلِّ بِلَيْلَتَيْنِ وَجَعَلَ يَسِيرُ فِيهِمَا لَيْلًا وَيَكْمُنُ نَهَارًا فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْفَجْرِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ تَبَدَّى لَهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي صُورَةِ رَجُلٍ فَظَنَّهُ يَعْقُوبُ رَجُلًا مِنَ النَّاسِ فَأَتَاهُ يَعْقُوبُ لِيُصَارِعَهُ وَيُغَالِبَهُ فَظَهَرَ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ فِيمَا يُرَى إِلَّا أَنَّ الْمَلَكَ أَصَابَ وَرِكَهُ فَعَرَجَ يَعْقُوبُ فَلَمَّا أَضَاءَ الْفَجْرُ قَالَ لَهُ الْمَلَكُ مَا اسْمُكَ قَالَ يَعْقُوبُ قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُدْعَى بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَّا إِسْرَائِيلُ فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ وَمَنْ أَنْتَ وَمَا اسْمُكَ فَذَهَبَ عَنْهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَأَصْبَحَ يَعْقُوبُ وَهُوَ يَعْرُجُ مِنْ رِجْلِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِرْقَ النساء ورفع يعقوب عينيه فإذا أخوه عيصو قَدْ أَقْبَلَ فِي أَرْبَعِمِائَةِ رَاجِلٍ فَتَقَدَّمَ أَمَامَ أَهْلِهِ فَلَمَّا رَأَى أَخَاهُ الْعِيصَ سَجَدَ لَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَكَانَتْ هَذِهِ تَحِيَّتَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَانَ مَشْرُوعًا لَهُمْ كَمَا سَجَدَتِ الْمَلَائِكَةُ لِآدَمَ تَحِيَّةً لَهُ وَكَمَا سَجَدَ إِخْوَةُ يُوسُفَ وَأَبَوَاهُ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَمَّا رَآهُ الْعِيصُ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَاحْتَضَنَهُ وَقَبَّلَهُ وَبَكَى وَرَفَعَ الْعِيصُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ إِلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَهَبَ اللَّهُ لِعَبْدِكَ فَدَنَتِ الْأَمَتَانِ وَبَنُوهُمَا فَسَجَدُوا لَهُ وَدَنَتْ لِيَا وَبَنُوهَا فَسَجَدُوا لَهُ وَدَنَتْ رَاحِيلُ وابنها يوسف فخرّا سجدا لَهُ وَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَقَبِلَهَا وَرَجَعَ الْعِيصُ فَتَقَدَّمَ أَمَامَهُ وَلَحِقَهُ يَعْقُوبُ بِأَهْلِهِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْأَنْعَامِ وَالْمَوَاشِي والعبيد قاصدين جبال ساعير فلما مر بساحور ابْتَنَى لَهُ بَيْتًا وَلِدَوَابِّهِ ظِلَالًا ثُمَّ مَرَّ على أورشليم قرية شخيم فنزل قبل القرية واشترى مزرعة شخيم بن جمور بِمِائَةِ نَعْجَةٍ فَضَرَبَ هُنَالِكَ فُسْطَاطَهُ وَابْتَنَى ثَمَّ مَذْبَحًا فَسَمَّاهُ إِيلَ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ وَأَمَرَهُ اللَّهُ بِبِنَائِهِ لِيَسْتَعْلِنَ لَهُ فِيهِ وَهُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ الْيَوْمَ الَّذِي جَدَّدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ سُلَيْمَانُ بْنُ داود عليهما

ص: 196