الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب اللباس
392 -
عن أبي عامر (أ) الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيَكونَنَّ مِن أُمَتي أقوامٌ يَسْتَحِلُّون الخَزَّ والحرَيرَ". رواه أبو داود وأصله في البخاري (وفي (ب) تمامه قال: "يُمْسَخُ مِنْهم آخرون قِردةً وخنَازيرَ إِلَى يَوْم القِيامةِ". لفظ أبي داود) (جـ)(1).
قوله: "ليكونن من أمتي" فيه دلالة على أن استحلال المحرمات لا يخرجه عن كونه من الأمة ولكنه يحتمل أن يريد به أمة الدعوة (د) دون الإجابة، فلا يدل على ذلك، ولكن الظاهر الأول.
وقوله: "يستحلون الخَزَّ" هو بالخاء المعجمة والزاي كذلك وهو الذي نص عليه الحميدي وابن الأثير (2) في هذا الحديث، وهو ضرب من ثياب الإبريسم معروف وذكره أبو موسى (3) في باب الحاء المهملة والراء المهملة، وقال: الحر -بتخفيف الراء- الفرج، وأصله حِرْح بكسر الحاء وسكون الراء وجمعه أحراح، ومنهم من شدد الراء (يعني في حر لا في حرح فهي ساكنة) (هـ) وليس بجيد. قال في النهاية (4): والمشهور في هذا الحديث
(أ) ساقطة من جـ.
(ب) في جـ: ومن.
(جـ) بهامش الأصل.
(د) زاد في جـ: من.
(هـ) بهامش الأصل، وساقطة من هـ.
_________
(1)
أبو داود: اللباس، باب ما جاء في الخز 4/ 319 ح 4039، البخاري بلفظ (الحر): الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه 10/ 51 ح 5590.
(2)
النهاية 2/ 28.
(3)
في كتابه ذيل الغريب. الفتح 10/ 55.
(4)
النهاية 1/ 366.
على اختلاف طرقه هو الأول (1) ولعل ما ذكره أبو موسى جاء في حديث آخر. (ولعله قوله صلى الله عليه وسلم: "أول دينكم نبوة ورحمة، ثم ملك أعفر، ثم ملك وجبروت، فيستحل فيه الحِر (2) والحرير". قال البيهقي (أ): الحر بكسر الحاء وهو الزنا (ب) قال الأسيري: هكذا رواه الثقات الحفاظ بالراء) (جـ) وهو حافظ عارف بما روى وشرح ولا يتهم، والله أعلم.
وقوله: "والحرير" من عطف العام على الخاص إذا كان الخز (3) المراد به الخالص من الحرير كما عرفت وإن كان ثياب الخز (د) مرادًا بها المنسوج من الخز والصوف كما فسر به بعضهم هذا الحديث فهما متغايران، لأن الخز المراد به ما كان مخلوطًا من الحرير والصوف، والحرير يراد به الخالص منه، وهذا عام في التحريم ولا بد من تخصيصه بما يحل منه، وهو ما
(أ) في جـ: الباهلي.
(ب) زاد في هـ:
و (جـ) بهامش الأصل، وهـ.
(د) في جـ: الحرير.
_________
(1)
قال الحافظ: وقد عرف أن المشهور في رواية البخاري بالمهملتين، قال: وكذا في معظم الروايات. الفتح 10/ 55.
(2)
أخرجه الطبراني وأبو يعلى من حديث أبي ثعلبة الخشني عن أبي عبيدة ومعاذ قالا: إنه بدأ هذا الأمر بنبوة ورحمة ثم كائن خلافة .. ورحمة ثم كائن ملكًا عضوضًا، ثم كائن عتوًا وجبرية وفساد في الأمة يستحلون الحرير والخمور والفروج والفساد في الأمة ينصرون على ذلك ويرزقون أبدًا حتى يلقوا الله عز وجل. لفظ أبي يعلى 2/ 177 - 178 ح 873 ولفظ الطبراني .. "يستحلون الحرير والفروج والخمور يرزقون على ذلك وينصرون على ذلك حتى يلقوا الله عز وجل". 1/ 156 - 157 ح 367. وعند البزار من حديث أبي عبيدة وليس فيه "يستحلون الحرير" إلخ. 2/ 323 ح 1589. وهو ضعيف، لأن فيه ليث بن أبي سليم، مر في 235 ح 46 وفي دلائل النبوة والطيالسي، نحو لفظ الطبراني وأبي يعلى 6/ 340. 31 ح 228. فلم أقف على لفظ الحر في شيء: من طرق هذا الحديث والله أعلم.
(3)
قال ابن الأثير: الخز المعروف أولًا ثياب تنسج من صوف إبريسم، وهي مباحة لبسها الصحابة والتابعون، فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجم وزي المترفين، وإن أريد بالخز النوع الآخر، وهو المعروف الآن، فهو حرام لأن جميعه من الإبريسم وعليه يحمل الحديث "قوم يستحلون الخز". النهاية 2/ 28.
سيأتي في حديث عمر (1)، وكذا غير الخالص إذا كان الحرير هو الأقل.
والحديث فيه دلالة على تحريم ما ذكر -وهو مذهب الجماهير- على الرجال دون النساء. وحكى (أ) القاضي عياض عن قوم إباحته، وصرح الإمام المهدي بالخلاف في إباحته ونسبه إلى ابن علية، وقال: إنه انعقد الإجماع بعده على التحريم، (وقال أبو داود: عشرون نفسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل أو أكثر لبسوا الحرير منهم أنس والبراء بن عازب) (ب)(2) وعن ابن الزبير تحريمه (3) على الرجال والنساء وكأنه لم يبلغه الحديث المخصص للنساء الآتي، وأخرج مسلم عنه أنه خطب فقال: لا تلبسوا نساءكم الحرير، فإني سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا الحرير". فدل على أنه أخذ بالعموم ولم يبلغه الخصوص، وانعقد الإجماع (4) بعد ابن الزبير على الحل للنساء، (وكذلك الصبيان من الذكور يحرم إلباسهم الحرير كالرجال عند الأكثر قالوا: لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "حرام على ذكور أمتي"(5) ولشق (6) عمر قميص إسماعيل بن عبد الرحمن (جـ) لما دخل عليه وعليه قميص من حرير
(أ) في هـ: وذكر.
(ب) في هامش الأصل.
(جـ) زاد في جـ: بن عوف.
_________
(1)
في ح 394.
(2)
أبو داود 4/ 319.
(3)
البخاري 10/ 284 ح 5833، مسلم 3/ 1641 - 1642 ح / 11 - 2069 م.
(4)
قال به القاضي عياض. الفتح 10/ 285.
(5)
أحمد 4/ 394، الترمذي 4/ 217 ح 1720.
(6)
في عبد الرزاق ابن مسعود مع ابن له 11/ 70 ح 19937 وأثر عمر عزاه ابن مهران في جواهر الأخبار والآثار إلى الشفاء 4359.
وسواران من ذهب فشق القميص وفك السوارين وقال: اذهب إلى أمك. وقال محمد بن الحسن: يجوز ذلك. وقال أصحاب (1) الشافعي: يجوز لباسهم الحل والحرير في يوم العيد؛ لأنه لا تكليف عليهم، وفي جواز لباسهم ذلك في باقي السنة ثلاثة أوجه: أصحها جوازه، والثاني: تحريمه، والثالث: يحرم بعد سن التمييز) (أ).
393 -
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشْربَ في آنية الذَّهب والفضّة، وأن نَأكُلَ فيها، وعن لُبْس الحَريرِ والدِّيباج (ب)، وأن نَجْلِسَ عليه"(جـ. رواه البخاري (2).
في الحديث دلالة على تحريم الشرب فيما ذكر، وقد تقدم الكلام في باب الآنية.
وقوله: "والديباج" ما غلظ من ثياب: الحرير، وقوله:"أن نجلس عليه" جـ) فيه دلالة على تحريم الجلوس على الحرير، وهو قول (د) الجمهور، وقال به عمر وأبو عبيدة وسعد بن أَبي وقاص، وهذ الحديث حجة واضحة، وهو متفق على صحته، والخلاف في ذلك للقاسم وأبي طالب والمنصور وأبي حنيفة وأصحابه (3)، فقالوا (هـ) يجوز افتراشه إذ هو موضع إهانة، وقياسًا
(أ) في هامش الأصل.
(ب) بالهامش في هـ.
(جـ - جـ) في هامش جـ.
(د) ساقطة من جـ.
(هـ) في جـ: وقالوا.
_________
(1)
شرح مسلم 4/ 769.
(2)
مر تخريج الحديث في ح 14.
(3)
البحر 4/ 362. الهداية 4/ 81، وعند صاحبيه يكره.
على الوسائد المحشوة قزا، وقال به ابن عباس وأنس وهذا التعليل لا يعارض النهي المذكور. والله أعلم.
394 -
وعن عمر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لُبْسِ الحَرِيرِ إِلا موْضعَ إِصْبَعيْن (أ) أوْ ثلاثٍ أوْ أربعٍ". متفق عليه واللفظ لمسلم (1).
قوله: "إِلا موضع إِصبعين"(ب) إلخ، فيه دلالة على أن ذلك معفو، (وهذا مذهب الجمهور، وعن مالك في رواية (2) منعه، وعن بعض أصحابه رواية بإباحة العلم في الثوب بقدر أربع أصابع بل قالوا: يجوز العلم ولو كثر) (جـ) وسواء كان منسوجًا في الثوب أو ملصقًا، ويقاس عليه الاستعمال والجلوس وفي كلام الهادوية مقصور على الثلاث الأصابع، وهذا الحديث صريح في الأربع (د)، والعمل به هو الواجب. والله أعلم.
395 -
وعن أنس رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في قميصِ الحرِير في سفرٍ من حِكَّة كانتْ
(أ، ب) في جـ: أصبع، وبهامش هـ في نسخة المؤلف التي شرح عليها إلا موضع إصبع بالإفراد.
قلت: وفي الأصل الذي لدي كذلك، ولكنها عدلت إلى التثنية. والله أعلم.
(جـ) بهامش الأصل.
(د) زاد في جـ: الأصابع.
_________
(1)
البخاري، نحوه: اللباس، باب لبس الحرير للرجال وقدر ما يجوز منه. 10/ 284 ح 5828، مسلم، بلفظ (نبي الله): اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخاتم الذهب والحرير على الرجل وإباحته للنساء وإباحة العلم للرجل ما لم يزد على أربع أصابع 3/ 643 ح 15 - 2069، أبو داود: اللباس، باب ما جاء في لبس الحرير 4/ 320 ح 4042، الترمذي، اللباس، باب ما جاء في الحرير والذهب 4/ 217، ابن ماجه، نحوه: اللباس، باب الرخصة في العلم في الثوب 2/ 1188 ح 3593.
(2)
المنتقى 7/ 222.
بِهِمَا". متفق عليه (1).
وفي رواية "أنهما شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل فرخص لهما في (قميص) (أ) الحرير في غزاة لهما".
في الحديث دلالة على أنه يجوز لبس الحرير للضرورة المذكورة (ب) وهو مذهب الجمهور (2)، ويقاس عليها غيرها من الحاجات كعدم وجود اللباس، والخلاف في ذلك لمالك، فقال: لا يجوز، والحديث حجة عليه.
وقوله: "في سفرٍ"، هو لبيان الحال الذي كانا عليه لا للتقييد فيجوز ذلك وإن كان في الحضر وقد فهم بعض الشافعية (3) أن ذلك قيد في الترخيص فقال: لا يجوز إلا في السفر، وهو ضعيف.
وقوله: "لحكة" هو بكسر المهملة وتشديد الكاف وهو الجرب ونحوه، وناسب الحرير لما فيه من البرودة.
396 -
وعن علي رضي الله عنه قال: "كساني النبّي صلى الله عليه وسلم حُلّة سِيَراء، فخرجْت فيها فرأيت الغضبَ في وجهه فشقَقْتها بين نسائي".
(أ) في الأصل: قمص.
(ب) ساقطة من جـ.
_________
(1)
البخاري، بلفظ (في قميص من حرير): الجهاد، باب الحرير في الحرب 6/ 100 ح 2919، مسلم نحوه: اللباس والزينة، باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها 3/ 1646 ح 25 - 2076، أبو داود، نحوه اللباس، باب في لبس الحرير لعذر 4/ 329 ح 4056، الترمذي: اللباس، باب ما جاء في الرخصة في لبس الحرير في الحرب 4/ 218 ح 1722، ابن ماجه: اللباس، باب من رخص له في لبس الحرير 2/ 1188 ح 3592.
(2)
المجموع 4/ 291.
(3)
المجموع 4/ 292.
متفق عليه. وهذا (اللفظ)(أ) لمسلم (1).
قوله: "حلة"، الحلة (ب) بضم المهملة، قال أهل اللغة (2): لا تكون إلا ثوبان وتكون غالبًا إزارًا ورداء، والسيراء فعلاء بكسر المهملة ثم ياء مثناة من تحت مفتوحة ثم راء مهملة ثم ألف ممدودة، وهو صفة الحلة فتكون الحلة بالتنوين، وقد روي بإضافة الحلة إلى السيراء وهما وجهان مشهوران، المحققون ومتقنو العربية يختارون الإضافة، قال سيبويه (3):(ب) لم يأت فعلاء (صفة، وإنما أتى اسمًا)(د) وأكثر المحدثين يقولون: حلة. قال الخطابي (4): في حلة سيراء، كما قالوا: ناقة عشراء، وهي برود مضلعة بالقز، كذا فسرها في سنن أَبي داود، وكذا قالها الخليل، والأصمعي وآخرون، قالوا كأنها شبهت خطوطها بالسيور، وقيل: في مختلفة الألوان، وقيل: هي وشي من حرير، وقيل: إنها حرير محض، وهذا هو الأنسب بالحديث المتعين هنا، لأن المختلط من حرير وغيره، لا يحرم إلا أن يكون الحرير أكثر
(أ) بالأصل وهـ: لفظ.
(ب) في هـ: كتب فوق "الحلة" محلة، ولا معنى لها.
(جـ) في هـ: س.
(د) بهامش الأصل.
_________
(1)
البخاري، بلفظه، كتاب اللباس، باب الحرير للنساء 10/ 296 ح 5840، مسلم، بلفظ: كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب إلخ 3/ 1645 ح 19 - 2071 م، أبو داود نحوه: اللباس، باب ما جاء في لبس الحرير 4/ 320 ح 4043، ابن ماجه، بمعناه: اللباس، باب لبس الحرير والذهب للنساء 2/ 1189 ح 3596، النسائي، بمعناه: الزينة، ذكر الرخصة للنساء في لبس السيراء 8/ 174.
(2)
النهاية 1/ 432.
(3)
النهاية 2/ 433.
(4)
معالم السنن 6/ 29.
وزنًا، ويدل عليه ما أخرجه أبو داود (1) عن ابن عباس قال:"إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير، فأما العلم من الحرير، وسدى الثوب فلا بأس به".
وقوله: "فشققتها بين نسائي"، في رواية لمسلم (2) فقال: شقه خمرًا بين الفواطم وهو تفسير "نسائي" في هذه الرواية، وهو كما قال الجمهور ثلاث: فاطمة بنت (3) النبي صلى الله عليه وسلم وفاطمة بنت (4) أسد أم علي رضي الله عنها وهي أول هاشمية ولدت هاشميًّا، وفاطمة بنت حمزة (5) رضي الله عنها وذكر الحافظ (6) عبد الغني أنهن أربع، قال القاضي عياض (7): يشبه أن تكون الرابعة فاطمة (8) بنت شيبة بن ربيعة امرأة عَقيل بن أبي طالب لاختصاصها بعلي رضي الله عنه وقربها إليه بالمصَاهرة، وهي من المبايعات شهدت حنينًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة بنت أسد كذلك. الصحيح أنها من المهاجرات خلافًا لمن زعم أنها ماتت قبل الهجرة.
وفي هذا الحديث دلالة على التحريم، إذ لا يرى الغضب في وجهه صلى الله عليه وسلم لأجل ذلك إلا وهو منكر.
(1) أبو داود 3/ 329 ح 4055، أحمد 1/ 313، رواية أبي داود فيها "خصيف" وهو ضعيف مر في 968 ح 293. ولكن تابعه عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير وهو ثقة. التقريب 242.
(2)
مسلم 3/ 1645 ح 18 - 2071 ولفظه "شققه خمرًا".
(3)
و (4) الإصابة 13/ 71، 13/ 77.
(5)
الإصابة 13/ 79.
(6)
و (7) شرح مسلم 4/ 784.
(8)
الإصابة 13/ 81.
397 -
وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُحل الذهبُ والحرير لإِناث أمَّتي، وحُرم على ذُكوُرِهِمْ". رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه (1).
أخرجه الترمذي من طريق سعيد بن أبي هند (2) عن أبي موسى الأشعري وأعله أبو حاتم بأنه لم يلقه، وكذا ابن حبان في صحيحه (3) قال: سعيد بن أبي هند عن أبي موسى معلول لا يصح، وأما ابن حزم (أ) فصححه، وقد روي من ثمان طرق غير هذه الطريق عن علي وعن عقبة بن عامر وعن عمر وعن ابن عمرو (ب) وعن زيد بن أرقم وعن واثلة وعن ابن عباس، وجميع طرقه (4) فيها مقال، ولكن بعضها يتأيد بالبعض.
و (جـ) الحديث فيه دلالة على تحريم ذلك على الذكور، والحل للإناث،
(أ) في جـ: ابن خزيمة.
(ب) في هـ وجـ: وعن ابن عمر، قلت: وفي الباب عنه أيضًا انظر نصب الراية 4/ 223.
(جـ) الواو ساقطة من جـ.
_________
(1)
أحمد، نحوه 4/ 407، النسائي، نحوه، الزينة تحريم لبس الذهب 8/ 167، الترمذي، نحوه اللباس، باب ما جاء في الحرير والذهب 4/ 217 ح 1720، البيهقي، صلاة الخوف، باب الرخصة للنساء في لبس الحرير والديباج وافتراشهما والتحلي بالذهب 3/ 275، الطحاوي 2/ 346، الطيالسي 69 ح 506.
(2)
سعيد بن أبي هند الفزار، مولاهم ثقة أرسل عن أبي موسى. التقريب 126. الكاشف 1/ 374، تهذيب الكمال 1/ 506. التهذيب 4/ 94.الجرح والتعديل 4/ 71.
(3)
ابن حبان. (إحسان) 7/ 396. الجرح والتعديل 7/ 21.
(4)
انظر نصب الراية 4/ 222 - 227.
وفيه رد على ما ذهب إليه ابن الزبير من التحريم مطلقًا والتخصيص لعمومه بما تقدم. والله أعلم.
398 -
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِن الله يُحبُّ إِذا أنْعَمَ على عبدٍ نِعْمةً أنْ يَرىَ أثرَ نِعْمَتِهِ علَيْه". رواه البيهقي (1) وأخرج الترمذي (2) نحوه عن عمرو بن شعيب (أ) عن أبيه عن جده، وأخرج النسائي (3) عن أبي الأحوص عن أبيه، وفيه:"فإذَا آتاك اللهُ مالًا فلير أثر نعمة الله عليْكَ وكرامته (ب) "، والمعنى أن الله تعالى إذا أنعم على العبد ينبغي له أن يظهر نعمه في حقه فيلبس ما يناسب حاله فإنه شكر فِعْلي وأيضًا فإن المحتاج إذا رأى عليه آثار الغنى قصده.
399 -
عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن لبس القسي والمعَصْفَر". رواه مسلم (4).
(أ) في جـ: سعيد، وصحت: لعله شعيب.
(ب) بهامش هـ.
_________
(1)
سنن البيهقي: صلاة الخوف، باب الرخصة للرجال في لبس الخز، 3/ 271.
(2)
الترمذي 5/ 123 ح 2819، والحاكم 4/ 135 وقال: صحيح الإسناد.
(3)
النسائي ولفظه "إذا كان لك مال فلير عليك" 8/ 180 - 181.
(4)
مسلم، اللباس والزينة، باب النهي عن لبس الرجل المعصفر 4/ 1648 ح 9 - 207، أبو داود، اللباس، باب من كره الحرير 4/ 322 - 323 ح 4044، الترمذي، اللباس، باب ما جاء في كراهية خاتم الذهب 4/ 226 ح 1737، النسائي، الزينة النهي عن لبس خاتم الذهب 8/ 168، ابن ماجه (واقتصر على المعصفر، وقال: "نهاني") اللباس، باب كراهية المعصفر للرجال، 2/ 1191 ح 3602.
قوله: "القَسيّ" هي (أ) ثياب مضلعة يؤتى بها من مصر (ب والشام فيها شية، هكذا رواية مسلم، وأما رواية البخاري (1) فيها حرير أمثال الأترج. قال أهل اللغة (2) وغريب الحديث: هي ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقَسّ بفتح القاف وهو موضع من بلاد مصر ب) على جانب البحر قريب من تنيس. وقيل: هي ثياب كتان مخلوطة بحرير، وقيل: هي ثياب من القز وأصله القزي بالزاي منسوب إلى القز وهو رديء الحرير فأبدل من الزاي سين.
وفيه دليل على تحريمه إذ النهي حقيقة في التحريم إلا أنه إن كان حريره أكثر أو جميعه، فالنهي (جـ) على حقيقته، وإلا فالنهي للكراهة للتنزيه، للقرينة.
وقوله: "والمعصفر" وهو المصبوغ بالعصفر، فيه دلالة على تحريم لبس الثوب المصبوغ بالعصفر (د)، وقد ذهب إلى هذا العترة على ما حكاه في البحر (3). ودليله واضح وذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى إباحة المعصفر، وبه قال الشافعي (4) وأبو حنيفة ومالك لكنه
(أ) في هـ: هو.
(ب- ب) بهامش جـ.
(جـ) زاد في هـ: معلول.
(د) في جـ: بالمعصفر.
_________
(1)
ترجم البخاري، باب لبس القسي وأورد أثر عليّ ما القسية؟ قال: ثياب أتتنا من الشام أو من مصر مضلعة فيها حرير وفيها أمثال الأترنج والميثرة 10/ 292، وقد مر الكلام على لبس الحرير وما خالطه.
(2)
النهاية 4/ 59، 60. غريب الحديث الخطابي 3/ 233.
(3)
البحر 4/ 360.
(4)
شرح مسلم 4/ 778. المنتقى 7/ 221.
قال: غيرها أفضل منها. وفي رواية عنه أنه أجاز لباسها (أ) في البيوت وأفنية الدور، وكرهه في المحافل والأسواق وغيرها، وقال جماعة من العلماء: هو مكروه كراهة تنزيه قالوا: لأنه صلى الله عليه وسلم "لبس حلة حمراء"(1). وفي الصحيحين عن ابن عمر (2): "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة"، وقال الخطابي (3): النهي (ب) إنما هو عما صبغ من الثياب بعد النسج، فأما ما صبغ غزله ثم نسج فلا، وبعضهم على أن النهي إنما هو في حق المحرم، والبيهقي قال في كتابه معرفة السنن: نهى الشافعي الرجل عن المزعفر وأباح المعصفر، قال الشافعي: وإنما رخصت في المعصفر لأن أحدًا لم يحك عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه إلا ما قال علي رضي الله عنه: نهانى ولا أقول نهاكم (4)، قال البيهقي: وقد جاءت أحاديث تدل على أن النهي على العموم ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي ثم أحاديث ثم قال: ولو بلغت هذه الأحاديث الشافعي -رحمه الله تعالى- لقال بها إن شاء الله تعالى. ثم ذكر بإسناده ما صح عن الشافعي أنه قال: إذا صح حديث النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي فاعملوا بالحديث ودعوا قولي، وفي رواية:
(أ) في هـ: لبسها.
(ب) ساقطة من جـ.
_________
(1)
البخاري، من حديث البراء كان "النبي صلى الله عليه وسلم مربوعًا وقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئًا أحسن منه .. " 10/ 305 ح 5848.
(2)
البخاري 10/ 308 ح 5851، مسلم 2/ 844 ح 25 - 1187.
(3)
معالم السنن 6/ 43.
(4)
ابن ماجه 2/ 1191 ح 3602.
فهو مذهبى. قال البيهقي: قال الشافعي: وأنهى الرجل الحلال بكل حال أن يتزعفر قال: وآمره إذا تزعفر أن يغسله.
400 -
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "رأى عليّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثوبين مُعَصْفرَيْن فقال: أُمُّكَ أمَرَتْكَ بهذا؟ ". رواه مسلم (1).
الحديث أخرجه مسلم بهذا اللفظ، وتمامه قلت:(أأغْسِلُهُما)(أ) يا رسول الله؟ قال: "بل احرقهما".
وفي رواية: "إنَّ هذه من ثياب الكفار فلا تلبسهما" وأخرجه النسائي وأبو داود (2).
قوله: "أمك أمرتك بهذا" معناه: أن هذا من لباس النساء وزينتهن وأخلاقهن. وأما الأمر بإحراقهما، فقيل: هو عقوبة، وتغليظ لزجره وزجر غيره عن مثل هذا الفعل، ولهذا نظائر في السنة مثل أمر المرأة التي
(أ) في الأصل: أغسلها، هـ: أغسلهما.
_________
(1)
في نسخة البلوغ قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبين معصفرين فقال: أمك أمرتك بهذا ولفظ مسلم روايتان:
أ) رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها"، كتاب اللباس، باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر 4/ 1674 ح 27 - 2077.
ب) "رأى النبي صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين فقال: أأمك أمرتك بهذا؟ قلت: أغسلهما، قال: بل احرقهما". 28 - 2077 م.
(2)
النسائي، اللباس والزينة، ذكر النهي عن لبس المعصفر 8/ 179، الحاكم، اللباس 4/ 190، أحمد 2/ 207.
لعنت الناقة بإرسالها. وأمر (عائشة بشراء بريرة مع شرطهم للولاء)(أ) ثم (ب) أنكر اشتراط الولاء، ونحو ذلك.
401 -
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها "أنها أخْرجت جُبَّة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مَكفُوفَةَ الجَيْبِ والكُمينِ والفَرْجَيْنِ بالدِّيباج". رواه أبو داود (1). وأصله في مسلم، وزاد:"كانت عند عائشة رضي الله عنها حتى قُبِضَتْ فَقَبَضَتْهَا أسْماء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغْسِلُها لَلمَرْضَى يُسْتَشْفَى بها". وزاد البخاري في الأدب المفرد: "وكان يلبَسُهَا للوفْدِ والجُمُعَة".
قوله: "إِنها أخرجت" إلخ، في مسلم إنها فعلت ذلك لابن عمر لما بلغها أنه يحرم العلم في الثوب، وقال: إنه سمع عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما يلبس الحرير من لا خلاق له"(2) قال: فخفت أن يكون العلم منه فأخرجت له جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: "مكفوفة الجيب" إلخ يعني أنه جعل لجيبها كفة بضم الكاف، وهي ما يكف به جوانبها ويعطف عليها. ويكون ذلك في الذيل وفي الفرجين وفي الكمين والجيب، والكفة من الديباج وهي محمولة
(أ) بهامش الأصل.
(ب) في جـ: و.
_________
(1)
أبو داود، (جبة طيالسة). اللباس، باب الرخصة في العلم وخيط الحرير 4/ 328 ح 4054، مسلم: اللباس والزينة، باب تحريم استعمال الذهب .. إلخ 4/ 1640 ح 10 - 2069، ابن ماجه: اللباس، باب الرخصة في العلم في الثوب 2/ 1188 ح 3594.
(2)
أخرجه البخاري 10/ 285 ح 5835.
على أنه أربع أصابع أو دونها (أو فوقها إذا لم يكن مصمتًا)(أ) جمعًا بين الأدلة.
وفيه دلالة على جواز مثل ذلك من الحرير، وجواز لباس الجبة وما له فرجان وأن لا كراهة في ذلك.
وقولها: (ب)"يستشفى بها" فيه دلالة على أنه لا كراهة في الاستشفاء، بآثار النبي صلى الله عليه وسلم وما لامس جسمه الشريف.
وقوله: "وكان يلبسها للوفد والجمعة"، فيه دلالة على استحباب لباس الزينة الجائز عند اجتماع الناس ووفود من لم يكن قد عرف من قبل ذلك. والله أعلم.
فائدة: ذكر في المواهب اللدنية أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم ثلاث جباب يلبسهن، جبة في الحرب، وجبة سندس أخضر، وجبة طيالسة (جـ) وعمامة يقال لها: السحاب وأخرى سوداء، ورداء، وكان له منطقة من أديم فيها ثلاث حلق من فضة والإبزيم من فضة (د والطرف من فضة د).
فائدة أخرى: ذكر في الهداية شرح الإرشاد أنه يستثنى من لبس الحرير ما عمت به البلوى من خلع الملوك الحرير أو ما أكبره (هـ) وزنًا منه على العلماء والقضاة، فقد نقل الماوردي جوازه لأن زمنه يسير، وخرج على أن أمر الإمام إكراه، ويشهد للجواز إلباس عمر رضي الله عنه سراقة
(أ) بهامش الأصل، وساقط من جـ.
(ب) في جـ: وقوله.
(جـ) في جـ: كاليالسة، وهو تصحيف.
(د- د) ساقطة من جـ.
(هـ) في جـ: ما أكثره.
سواري كسرى، وقد يمنع بأن فعل عمر لإظهار معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال له حين فتح مكة، وكان أشعر وقد حسر عن ذراعيه:"كأني بك وقد سورت سوار كسرى" ويجوز للرجل والخنثى الجلوس على حرير بسط عليه ثوب قطن، ويجوز خياط الثوب بالحرير ولبس (1) ما خيط به، ويحل منه خيط السبحة قاله في المجموع (2). قال الزركشي: ويقاس به لبقة الدواة، قال الفوران: ويجوز منه كيس المصحف للرجل والخنثى قال: ويكره لباس الثياب الحسنة (أ) لغير غرض شرعي، نقله النووي عن المتولي والروياني واختار في المجموع (3) ما اقتضاه كلام غيرهما من أنه خلاف السنة، ويحرم على الرجل إطالة العدبة طولًا فاحشًا، وإرسال الثوب على الكعبين للخيلاء (4)، ويكره ذلك لغير الخيلاء، وله لبس العمامة بعدبة ودونها ويسن (ب) أن تكون العدبة بين الكتفين ويستحب (5) تقصير الكم لحديث أسماء بنت زيد "كان كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ". رواه أبو داود والترمذي (6) وحسنه، قال الزركشي: وينبغي طي الثياب. وفيه أحاديث لكن بأسانيد ضعيفة رواها الطبراني وغيره.
(أ) هـ: الخشنة.
(ب) في جـ: وليس.
_________
(1)
المجموع 4/ 291.
(2)
الذي في المجموع: لو اتخذ سبحة فيها خيط حرير لم يحرم استعمالها لعدم الخيلاء.
(3)
المجموع 4/ 301.
(4)
و (5) المجموع 4/ 302.
(6)
ولفظهما "كانت يد كم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو داود 4/ 312 ح 4027، الترمذي 4/ 238 ح 1765 وقال: حسن غريب.
ويجوز بلا كراهة لبس القميص والقباء والفرجية مزرورًا وغير مزرور إذا لم تبد العورة، ذكره في المجموع (1)، قال ابن عبد السلام (2): وإفراط توسعة الثياب والأكمام بدعة وسرف، ولا بأس بلبس العلماء شعار، ليعرفوا بذلك فيسألوا ويأمروا فيطاعوا. انتهى.
(عدة (أ) أحاديث اللباس اثنا عشر حديثًا) (ب).
(أ) جـ: عدد.
(ب) بهامش الأصل.
_________
(1)
المجموع 4/ 306.
(2)
قال: وللبدع المباحة أمثلة .. التوسع في اللذيذ من المأكل والمشارب والملابس والمساكن ولبس الطيالسة وتوسيع الأكمام، وقد يختلف في بعض ذلك فجعله بعض العلماء من البدع المكروهة .. القواعد 2/ 205.