المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب قسمة الصدقات - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ٤

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌باب قسمة الصدقات

‌باب قسمة الصدقات

490 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- "لا تحل الصدقة لغني إِلا لخمسة، لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تُصُدِّق عليه منها فأهدى منها لغنيّ". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم، وأعلّ بالإرسال (1).

أخرجوه عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم في رواية الحاكم وأبي داود ومالك، وفي رواية أحمد وأبي داود وابن ماجه والبزار وعَبْد بن حُمَيْد وأبي يَعْلَى والبيهقي عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد.

قوله: "لا تحل الصدقة لغني" اختلف في تحقيق الغنى المانع من أخذ الصدقة فأشار البخاري إلى أن ذلك هو الكافي لصاحبه القائم بمصالحه وقال بعد إيراده لقوله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (2)، "وكم الغني"(3)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"ولا يجد غنًى يغنيه"(4)، لقول الله تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} (5) فأشار إلى ذلك لأن ذلك غني يغنيه أي يقوم بحاجته، وفي

(1) أحمد 3: 56، أبو داود الزكاة، باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني 2: 286: 287 ح 1635، ابن ماجه الزكاة، باب من تحل له الصدقة 1: 590 ح 1841، الحاكم 1: 407: 408 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لإرسال مالك بن أنس إياه عن زيد بن أسلم، البيهقي الصدقات، باب العامل على الصدقة يأخذ منها بقدر عمله 7:15.

(2)

من سورة البقرة الآية 273.

(3)

البخاري الزكاة، باب قوله تعالى:{لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} 3: 340 (معلقا).

(4)

جزء من حديث أبي هريرة عن البخاري وطرفه: "ليس المسكين .... ". الزكاة، باب قوله تعالى:{لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} 3: 343 ح 1479.

(5)

سورة البقرة الآية 273.

ص: 381

قوله: {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} لأنهم إذا استطاعوا ضربًا في الأرض لتحصيل ما يقوم بهم فقد ملكوا نوعًا من الغنى، وقد أخرج الترمذي من حديث ابن مسعود:"قيل يا رسول الله: وما يغنيه؟ قال خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب"(1). وفي إسناده حكيم بن جبير وهو ضعيف (2)، وقد روي من حديث شيخه زبيد أبو عبد الرحمن، ولكن أحمد جزم بأن رواية زبيد موقوفة (3)، وفي حديث أبي سعيد عند النسائي:"مَنْ سأل وله أوقية فقد أَلْحَفَ"(4).

وأخرج أبو داود: "مَنْ سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إِلحافًا"(5).

وأخرج من حديث سهل بن الحنظلية قال: قال رسول الله: "مَنْ سأل -وعنده ما يغنيه- فإِنما يستكثر من النار، فقالوا: يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: قَدْر ما يغديه ويعشيه"(6)، وصححه ابن حبان (7).

قال الترمذي (8) في حديث ابن مسعود: والعمل على هذا عند بعض أصحابنا كالثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق، قال: ووسع قَوْمٌ في ذلك فقالوا: إذا كان عنده خمسون درهمًا أو أكثر وهو محتاج، فله أن يأخذ

(1) الترمذي الزكاة، باب ما جاء من تحل له الزكاة 3: 40 ح 650، وقال عقبه:"حديث ابن مسعود حديث حسن وقد تكلم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث".

(2)

حكيم بن جبير ضعيف، (التقريب 80).

(3)

الفتح 3: 41، والرواية التي أشار إليها في الترمذي الزكاة، باب ما جاء مَنْ تحل له الزكاة 3: 41 ح 651.

(4)

النسائي الزكاة، باب من الملحف 5:73.

(5)

أبو داود الزكاة، باب من يعطى من الصدقة .... ، 2: 278 - 279 ح 1627.

(6)

أبو داود الزكاة، باب من يعطى من الصدقة .... ، 2: 280 - 281 ح 1629.

(7)

ابن حبان، الإحسان 1:378.

(8)

الترمذي 3: 41.

ص: 382

من الزكاة، وهو قول الشافعي وغيره من أهل العلم، قال الشافعي: فيكون الرجل غنيًّا بالدرهم مع الكسب، ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله، والظاهر أن التحديد بالخمسين إنما هو باعتبار حال الوقت، وأن الخمسين يجد صاحبها بها سدادًا مِنْ عِوَز، وإلا فإنها قد تكون الخمسين باعتبار كثرة المؤنة وغلاء السعر في حق صاحب ذلك في حكم الدرهم الواحد، ولا شك أن جانب المناسبة والحكمة في شرعية الزكاة تقضي بعدم الوقوف على قدر معين، وإنما ذلك باعتبار الكفاية، ويفسر هذا المعنى حديث أبي هريرة وغيره، وذهب الهادي والمؤيد والأزرقي والإمام يحيى وأبو حنيفة إلى أن الغنى هو ملك النصاب، وسواء كان النصاب من الذهب أو الفضة أو ما يقوم بذلك، وذهب الحقيني والأزرقي (1) -تخريجًا على أصل الهادي- وأبو طالب بأن من كان معه من العروض ما يساوي النصاب فإنه لا يصير بذلك غنيا لا سيما ذا العول، قال الإمام المهدي (2): بل هو غني لقوله صلى الله عليه وسلم: "أوقية أو عدلها" فجعل العرض في تحريم المسألة كالنقد، وذهب المرتضي وأبو طالب إلى أن: مَنْ كان لا يكفيه غلة أرضه للسنة وإن قومت نصابًا فإنه فقير تحل له الزكاة، وذهب بعضهم على ما حكاه الخطابي (3) أن حد الغنى من وجد ما يغديه ويعشيه على ظاهر حديث سهل بن الحنظلية، وقد تأوله بعضهم بأن الغنى ما يغديه ويعشيه على الدوام، وذهب أبو عبيد بن سَلَّام (4) إلى أن حد الغنى أربعون درهمًا لقوله:"منْ سأل وله أوقية" وهي أربعون درهمًا، والظاهر أن ذلك إنما هو في حِلِّ السؤال لا في حِلّ الصدقة من

(1، 2) البحر 2: 186.

(3)

معالم السنن 2: 277، 278.

(4)

الفتح 3: 342.

ص: 383

غير سؤال، فالظاهر قَوْل الشافعي، ويقرب منه قول الهادي وأبي حنيفة.

وفي قوله: "أو غازٍ في سبيل الله" يفهم منه أن الغازي له أن يتجهز في غزوه من الزكاة وإن كان غنيًّا، لأنه ساعٍ في سبيل الله، ويلحق به من كان قائمًا بمصلحة عامة من مصالح المسلمين؛ كالقضاء والإفتاء والتدريس أي أنه له الأخذ من الزكاة فيما يقوم به مدة القيام بالمصلحة وإن كان غنيًّا، والله أعلم.

قال الطبري (1): في حديث عمر رضي الله عنه الآتي دليل واضح على أن مَنْ شُغِلَ بشيءٍ من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله، انتهى.

وذكر ابن المنذر (2) أنَّ زيد بن ثابت كان يأخذ الأجر على القضاء، واحتج أبو عُبَيْد في جَوَاز ذلك بما فرض اللهُ للعاملين على الصدقة وجعل لهم منها حقًّا لقيامهم وسعيهم فيها، وهذا الذي ذكره هو الذي أشار إليه البخاري حيث قال:"باب رزق الحاكم والعاملين عليها"(3).

والمراد بالرزق: ما يرتبه الإمام من بيت المال لمن يقوم بمصالح المسلمين.

وقال المطرزيُّ (4): الرزق ما يخرجه الإمام كل شهر للمرتزقة من بيت المال، والعطاء ما يخرجه كل عام.

وقول البخاري: "والعاملين عليها": يحتمل أن يريد العاملين على الصدقات، وعطفه على أجر الحاكم فيكون المراد أن الحاكم يرزقه مثل رزق العامل من الصدقة بقدر عمله، ويحتمل أن يريد العاملين على

(1) الفتح 13: 154.

(2)

الفتح 31: 154.

(3)

صحيح البخاري، كتاب الأحكام 13:149.

(4)

الفتح 13: 150.

ص: 384

الحكومات وإنْ لم يَجْرِ لها ذكر؛ لأن ذلك مدلول عليه بذكر الحاكم ويؤيد الاستدلال على جواز أخذ الرزق بآية الصدقات، وهُم من جملة المستحقين لها لعطفهم على الفقراء والمساكين بعد قوله:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} (1).

قال الطبري: ذهب الجمهور على جواز أخذ القاضي الأجرة على الحكم لكونه يشغله الحُكْم عن القيام بمصالحه، غير أن طائفة من السلف كرهت ذلك ولم يحرموه مع ذلك، وقال أبو علي الكرابيسي: لا بأس للقاضِي أن يأخذ الرزق على القضاء عند أهل العلم قاطبة من الصحابة ومنْ بعدهم، وهو قول فقهاء الأمصار، لا أعلم بينهم خلافًا، وقد كره ذلك قومٌ منهم مَسْرُوق، ولا أعلم أحدًا منهم حرمه.

قال المُهَلِّب: وَجْه الكراهة أنه في الأصل محمول على الاحتساب لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} (2) فأرادوا أن يجري الأمر فيه على الأصل الذي وضعه الله لِنَبِيِّهِ، ولئلا يدخل فيه مَنْ لا يستحقه فيتحيل على أموال الناس.

وقال غيره: أخذُ الرزق على القضاء إذا كانت جهة الآخذ من الحلال جائز إجماعًا، ومن تركه إنما تركه تورعًا، وأما إذا كانت هناك شبهة فالأولى الترك جزمًا، يحرم إذا كان المال يؤخذ لبيت المال من غير وجهه، واختلف إذا كان الغالب حرامًا.

وأما مِنْ غير بيت المال ففي جواز الأخذ من المتحاكمين خلاف، ومن أجازه شرط فيه شروطًا، وقد حسن القول بالجواز إلى إلغاء الشروط، وفَشَا ذلك في هذه الأعصار بحيث لا يبالي من أي جهة كان، والله المستعان.

(1) التوبة الآية: 60.

(2)

سورة الشورى الآية: 23.

ص: 385

واستشْهَدَ البخاريُّ على ذلك فقال: "وكان شريح يأخذ على القضاء أجرًا".

وهو شُرِيْح بن الحارث بن قيس النخعي الكوفي قاضي الكوفة، ولّاه عمر ثم قضى لمن بعده بالكوفة دهرًا طويلًا، وله مع عليٍّ أخبار في ذلك، وهو ثقة مخضرم؛ أدرك الجاهلية والإسلام، ويقال: إن له صحبة، مات قبل الثمانية وقد جاوز المائة (1).

وقد وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور من طريق مجالد عن الشعبي بلفظ: "كان مسروق لا يأخذ على القضاء أجرًا، وكان شريح يأخذ"، وقال: وقالت عائشة رضي الله عنها: يأكل الوصي بقدر عمله، ووصله ابن أبي شيبة عن عائشة في قوله تعالى:{وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} (2)، ثم قال:"وأكل أبو بكر وعمر".

أما أثر أبي بكر فوصله ابن أبي شيبة عن عائشة قالت: "لما استخلف أبو بكر قال: قد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤنة أهلي، وقد شغلتُ بأمر المسلمين .... " الحديث، إلى أن قال:"فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال، ويحترف للمسلمين فيه".

ومنه أن عمر رضي الله عنه لما ولي أَكَلَ هو وأهله من المال، واحترف في مال نفسه.

(1) انظر الفتح 13: 150 وانظر ترجمته وأخباره في: طبقات ابن سعد 6: 347 (طبعة صادر)، الكامل لابن الأثير 4: 270، وصايا العلماء 87، المحبر لابن حبيب 305 - 387، جمهرة النسب لابن الكلبي 121، جمهرة أنساب العرب لابن حزم 425، طبقات خليفة 145، حلية الأولياء 4: 132 - 141، تذكرة الحفاظ 1:59.

(2)

النساء الآية: 6.

ص: 386

وأما أثر عمر فوصله ابن أبي شيبة وابن سعد (1) من طريق حارثة بن مُضَرّب -بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء بعدها موحدة- قال: قال عمر: "إني أنزلتُ نفسي من مال الله منزلة قيم اليتيم إن استغنيت عنه تركت، وإن افتقرت إليه أكلت بالمعروف"، وسنده صحيح.

وأخرج بسند صحيح (2) عن الأحنف قال: "كنا بباب عمر

" .. فذكر قصة وفيها: فقال عمر: "أنا أخبركم بما أستحل ما أحج عليه وأعتمر وحلتي الشتاء والقيظ وقُوتي وقُوت عيالي كرجل من قريش ليس بأعلاهم ولا أسفلهم".

ورخص الشافعي وأكثر أهل العلم في ذلك، وعن أحمد: لا يعجبني، وإن كان فيقدر عمله مثل ولي اليتيم، واتفقوا على أنه لا يجوز الاستئجار عليه، وهذا يؤيد ما ذكرناه أن قوله:"أو غازٍ في سبيل الله" باعتبار المعنى المناسب لذلك، أنه يشمل من كان فيه مصلحة عامة، والله أعلم.

491 -

وعن عبيد الله بن عَديّ بن الخِيَار أن رجلَيْن حدثاه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه الصدَقة، فقلبَ فيهما النظر فرآهما جلدين فقال:"إِن شئتما أعطيتكما، ولا حَظَّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب" رواه أحمد وقواه أبو داود والنسائي (3).

هو عبيد الله بن عدي بن الخيار بن عدي القرشي النوفلي (4)، يقال

(1) طبقات ابن سعد 3: 276.

(2)

طبقات ابن سعد 3: 275: 276.

(3)

أحمد 4: 224، 5: 362، أبو داود الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى 2: 285 ح 1633، النسائي الزكاة، مسألة القوي المكتسب 5: 74، الدارقطني الزكاة، باب لا تحل الصدقة لغني 2:119.

(4)

الإصابة 7: 223 ت 6234.

ص: 387

إنه ولد على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويُعَدُّ في التابعين، وروى عن عمر وعثمان وعبد الله بن عدي الأنصاري، روى عنه عروة بن الزبير وحميد ابن عبد الرحمن وعطاء بن يزيد، مات في زمن الوليد بن عبد الملك، والخيار بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الياء تحتها نقطتان وبالراء.

والحديث أخرجه الدارقطني، وزاد الطحاوي في "بيان المشكل" أن رجلين من قومه، قال أحمد بن حنبل: ما أجوده من حديث.

والآتيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها، وتقليب البصر مفسر في الرواية، وهو قوله:"فرفع فينا النظر وخفضه".

وقوله: "إِن شئتما" إلخ: تناول الحرام أعطيتكما قاله توبيخًا وتغليظًا.

والحديث فيه دلالة على تحريم الصدقة على الغني وهو إجماع، وإن اختلفوا في تحقيق الغنى.

وقوله: "ولا لقوي مكتسب": يدل على أنه يصير بالحرفة في حكم الغني يحرم عليه الصدقة، وأجاب عنه الإمام المهدي في "البحر" بأنه أراد بالقوي المكتسب من كان له كسب حاصل فيصير به غنيًّا، ونظرًا أنه قد دخل في الغنى ولا وجه للعطف، وقد ذهب الهادوية وأبو حنيفة ومالك إلى أنه لا يصير بذلك في حكم الغنى لتسميته فقيرًا والجواب عنه النص.

492 -

وعن قَبيصة بن مُخَارق الهلالي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِن المسألة لا تحل إِلا لأحد ثلاثة: رجل تحَمَّل حَمَالة فحَلَّتْ له المسألة حتى يصيبها ثم يُمسِكُ، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحِجَا من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة فحلت له

ص: 388

المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سُحْتٌ يأكلها سُحتًا" رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان (1).

هو أبو بشر -بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة والراء قَبيْصة -بفتح القاف وكسر الباء الموحدة وبالصاد المهملة- ابن مُخَارِق -بضَمِ الميم وبالخاء المعجمة وبالراء والقاف.

وفَدَ على النبي، صلى الله عليه وسلم، عداده في أهل البصرة، وروى عنه ابنه قطن وأبو عثمان النهدي وكنانة بن نعيم وأبو قلابة (2).

قوله: "تحمل حَمَالة" -بفتح الحاء المهملة- وهي المال الذي يتحمله الإنسان عن غيره، أي يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البَيْن، كالإصلاح بين قبيلتَيْن.

وقوله: "جائحة" أي آفة أهلكت ماله.

والقِوَام -بكسر القاف-: هو ما يقوم بحاله ويَسُدٌّ خلته، وفي رواية "سِدَاد". وهو أيضًا بكسر السين-: وهو ما يسد به الحاجة، وكل شيء سددت به فهو سداد، ومنه سداد الثغر وسداد القارورة، وقولهم سداد من عوز.

وقوله: "أصابته فَاقَة" وهي الحاجة، "والحجا" -بالقصر- هو العَقْل، واعتبر كونهم من قومه لأنهم الأعرف بحاله، وكونهم من أهل الحجا دلالة على اشتراط تبصر الشاهد فيما شهد فيه، فلا تقبل شهادة مَنْ قصر تمييزه وغلب عليه الغباوة والغفلة.

(1) مسلم الزكاة، باب من تحل له المسألة 2: 722 ح 109 - 1044، أبو داود الزكاة، باب ما تجوز فيه المسألة 2: 290: 291 ح 1640، ابن خزيمة الزكاة، باب الدليل على أن شهادة ذوي الحجا .... 4: 65 ح 2360، ابن حبان الزكاة، ذكر الخصال المعدودة التي أبيح للمرء المسألة من أجلها 5: 168 ح 3387.

(2)

أسد الغابة 4: 383 الترجمة 4259.

ص: 389

واشتراط الثلاثة ذهب إلى ظاهره بعض الشافعية، وأنه لا يقبل في الاعتبار أقل من ذلك، والجمهور على أنه يكفي الاثنان قياسًا على سائر الشهادات، وحملوا هذا على الندب، وهذا محمول على مَنْ كان له مال من قبل وادعى الفقر، وأما من لم يكن كذلك فإنه يُقْبَلُ قوله.

وقوله: "سُحْت" -بضم السين المهملة وسكون الحاء المهملة-: هو الحرام الذي لا يحل كسبه، لأنه يسحت البَرَكَة أي يُذْهبُهَا.

وقوله: "يأكلها سُحْتًا": صفة سحت، والضمير الراجع إلى الموصوف مؤنث على تأويل الصدقة، وفائدة الصفة أنَّ آكِلَ السحت لا يجد للسحت الذي يأكله شبهة يجعله مباحًا على نفسه بَل يأكلها من جهة السحت.

والحديث فيه دلالة على تحريم المسألة في غير ما ذَكَرَ، وأن ما أعطي بالمسألة فهو حرام.

وقد ذهب إلى تحريم السؤال مطلقًا ابن أبي ليلى وتسقط به العدالة لهذا، ولقوله صلى الله عليه وسلم:"المسألة كدوح"(1) وغيره.

وأجيب بأن ذلك مع الغنى، والتخصيص لمن ذكر بدليله، وقال الإمام يحيى: يجوز سؤال الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم: "إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان" لا غيره فيكره إلا عن ضرورة كما في حق الثلاثة المذكورين في الحديث.

وذهب العترة والحنفية والشافعية والإمام يحيى أنه يجوز للفقير السؤال لقوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (2) حيث أريد بأحدهما السائل على بعض ما فسر به السلف {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} (3)، وإذ هو حقه

(1) مَرّ من حديث سمرة بن جندب رقم 479.

(2)

الآية 36 من سورة الحج.

(3)

الآية 10 من سورة الضحى.

ص: 390

كالدَّيْن.

وقال مالك: يجوز سؤال الحقير للتسامح به لا الكثير لقوله صلى الله عليه وسلم "فإنما يستكثر من الجمر"(1) وأجيب بأن ذلك مع الغِنَى، والظاهر من الأحاديث النهي عن السؤال مطلقًا إلا لمن ورد الاستثناء في حقهم، والله أعلم.

493 -

وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإِنها الصدقة لا تنبغي لآل محمد إِنما هي أوساخ الناس"، وفي رواية:"وإِنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" رواه مسلم (2).

هو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي القرشي، سكن المدينة ثم تحول عنها إلى دمشق، ومات بها سنة اثنتين وستين. روى عنه عبد الله بن الحارث، وقيل: كان رجلًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس له في الكتب الستة سوى هذا الحديث (3).

وفي الباب من حديث نوفل بن الحارث: "إن لكم في خُمس الخُمس ما يكفيكم أو يغنيكم" أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة.

وفي الطبراني من حديث ابن عباس قال: "بعث نوفل بن الحارث ابنته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكر نحوه. الحديث فيه دلالة على تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله، فأما على النبي صلى الله عليه وسلم فذلك إجماع، وأما على آله فادعى أبو طالب أنه إجماع أيضًا، وكذا ابن قدامة (4)، ونقل الطبري الجواز عن أبي حنيفة مطلقًا، وقيل عنه: يجوز

(1) تقدم من حديث أبي هرورة.

(2)

مسلم الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة 2: 752: 753 ح 167 - 1072.

(3)

سير أعلام النبلاء 3: 112، 113، طبقات ابن سعد 4: 57 - 59.

(4)

المغني 2: 655.

ص: 391

لهم إذا حرموا سهم ذوي القربى، حكاه الطحاوي، ورواه الرافعي عن الإصطخري، ونقل بعض المالكية في ذلك أربعة أقوال: الجواز مطلقًا، أو مع المَنْع من الخُمْس، والمنع مطلقًا، وجواز التطوع دون الفرض.

واختلف في الآل المحرم عليهم الزكاة (1)، فذهب الزيدية وأبو حنيفة ومالك إلى أنهم بنو هاشم فقط، وذهب الشافعي إلى ذلك مع دخول بني المطلب في ذلك الحُكْم، ولأحمد روايتان في بني المطلب، وعن المالكية فيما بين هاشم وفهر بن غالب (أ) قولان، وذهب أصبغ إلى أنهم بنو قُصَيّ، والظاهر أن المراد به هنا بنو هاشم؛ لأنهم هم الذين وردت فيهم أسباب الأحاديث في المنع.

واحتج الشافعي بقوله صلى الله عليه وسلم في بني المطلب "إنا لم نفترق في جاهلية ولا إسلام"(2)، وأجيب بأن المراد الموالاة.

وقوله: "إِنما هي أوساخ الناس" فِعلَّة التحريم أن ذلك لكونهم يتنزهون عن أوساخ الناس، وسميت أوساخ الناس لأنها تطهير لأموالهم ونفوسهم، كما قال الله - تعالى -:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (3) فذلك من التشبيه البليغ، وفيه دلالة على أن المُحَرَّم من الصدقة إنما هو المطهر، وهو ما كان ىن واجب، وأما صدقة التطوع فيحرم على النبي صلى الله عليه وسلم، ونقل الخطابي وغيره الإجماع على ذلك، وللشافعي قول: أنها تحل له، وأما آله فالأكثر على حلها لهم، وللشافعي قول

(أ) هـ: غالب بن فِهْر.

_________

(1)

تقدم في أول الكتاب الحديث على الآل عند الحديث على العترة.

(2)

أبو داود الخراج والإمارة، باب بيان مواضع قسم الخمس .... ، 3: 383 ح 2980، النسائي في قسم الفيء 7: 118، 119.

(3)

التوبة الآية: 103.

ص: 392

بتحريمها عليهم، وأبو العباس، وأبو يوسف لعموم الصدقة، والجواب أن ذلك في الصدقة الواجبة، والله أعلم.

494 -

وعن جُبَيْر بن مُطْعِم قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب من خُمس خيبر وتركتنا، ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِنما بنو المطلب وبنو هاشم شيءٌ واحد" رواه البخاري (1).

هو أبو محمد جُبَيْر (2) -بضم الجيم وفتح الباء الموحدة وسكون الياء- ابن مُطْعِم -بضم الميم وسكون الطاء وكسر العين- ابن عدي بن نوفل ابن عبد مناف القرشي النوفلي، ويقال كنيته أبو أمية، ويقال أبو عدي، أسلم قبل الفتح، ونزل المدينة، ومات بها سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة تسع وخمسين، [وفي "الرياض المستطابة" سنة ثمان أو تسع بالشك (أ)] روى عنه نافع ومحمد.

الحديث فيه دلالة على أنَّ بني المطلب يشاركون بني هاشم في سهم ذوي القربي دون من عداهم، وإن كانوا في النسب سواء، وعلله النبي صلى الله عليه وسلم باستمرارهم على الولاء فصاروا كالشيء الواحد في الأحكام، وهو دليل واضح، وقد ذهب إليه الشافعي، والخلاف في ذلك للجمهور، قالوا: وإعطاؤه لبني المطلب على وَجْه التفضيل لا الاستحقاق، ولا يخفى أن هذا خلاف الظاهر، والمراد ببني هاشم هم آل علي وآل جعفر وآل عَقِيْل وآل العباس وآل الحارث، ولم يدخل آل أبي لهب في ذلك الخط

(أ) بحاشية الأصل.

_________

(1)

البخاري المغازي، باب غزوة خيبر 7: 484 ح 4229.

(2)

الإصابة 2: 65 ح 1087، الاستيعاب 3:95.

ص: 393

لأنه لم يسلم منهم أحد في وقته صلى الله عليه وسلم، كذا نُقِلَ عن زيد بن علي، وفي "الجواهر والدرر" أن عتبة ومعتب ابني أبي لهب ثبتا معه صلى الله عليه وسلم في حنين (1)، [وفي "جامع الأصول": أسلم عتبة وأخوه معتب عام الفتح، وكانا قد هربا فبعث العباس فأتى بهما فأسلما فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهما ودعا لهم وشهدا معه حُنَيْنًا والطائف، ولم يخرجا من مكة ولم يأتيا المدينة، ولهما عقب عند أهل النسب، وهذا عتبة له ذِكْر في كتاب الفرائض، وقيل: إنه أخوه عتيبة، وكان عتبة وعتيبة زوجي بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم، فلما نزلت:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} (2) أمرهما أبوهما بفراقهما ففعلا (أ)].

495 -

وعن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على الصدقة من بني مخزوم فقال لأبي رافع: اصحبني، فإنك تصيب منها. قال: حتى آتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله، فأتاه فسأله، فقال:"مولى القوم من أَنفسهم، وإِنا لا تحل لنا الصدقة". رواه أحمد والثلاثة وابن خُزَيْمَة وابن حبان (3).

وأخرج الحديث الطبراني عن ابن عباس (4)، والرجل اسمه كما صرح

(أ) بحاشية الأصل.

_________

(1)

الإصابة 6: 380، 9:251.

(2)

سورة المسد: الآية 1.

(3)

أحمد 6: 8، أبو داود الزكاة، باب الصدقة على بني هاشم 2: 298: 299 ح 1650، الترمذي الزكاة، باب ما جاء في كراهة الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بينه ومواليه 3: 46 ح 657، النسائي الزكاة، باب مولى القوم منهم 5: 80، ابن خزيمة الزكاة، باب الزجر عن استعمال موالى النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة 4: 57 ح 2344، ابن حبان، ذكر الزجر عن أكل الصدقة المفروضة لآل محمد 5: 124 ح 3282.

(4)

الطبراني الكبير 11: 379 ح 12059.

ص: 394

به النسائي والطبراني الأرقم بن الأرقم (1).

والحديث فيه دلالة على أنَّ حُكْمَ مولى بني هاشم حكمهم في تحريم الزكاة عليه، وقد ذهب إلى هذا المؤيد وأبو طالب، وعن أبي حنيفة وأصحابه وقول للشافعي، وذهب الناصر والإمام يحيي ومالك وقول للشافعي إلى حلها لهم لأن علة التحريم مفقودة وهو قُرْبُ النَّسَب، والجواب أن الحديث صريح في التحريم، ويدل على تحريمها على الآل ومواليهم ولو كان على جهة الأخذ بالعمالة، وذهب الناصر، وأبو حنيفة إلى أنه يجوز أخذ العمالة من الزكاة، وذهب إليه بعض الشافعية أيضًا، قالوا: لأنها إجارة، والجواب أن السهم المذكور وإن كان أخذه على وجه الأجرة، ولكن هذا الحديث يرده.

496 -

وعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر العَطَاءَ فيقول: أعْطه أفقر مني، فيقول:"خُذْه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مُشْرفٍ ولا سائل فخُذْهُ، وما لا فلا تتبعه نفسك" رواه مسلم (2).

قوله: "كان يعطي عمر العطاء" في رواية لمسلم أيضًا زيادة حسبت العُمالة وهي بضم العين المهملة، ولذا قال الطحاوي: ليس معنى الحديث في الصدقات وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام، وليست هي من جهة الفقر ولكن من الحقوق، ولذلك لم يقبل من عمر قوله:"أعطه أفقر مني"، لأنه إنما أعطاه لمعنى غير الفقر، ويدل عليه قوله:

(1) انظر: طبقات ابن سعد 3: 505.

(2)

البخاري الزكاة، باب مَنْ أعطاه الله شيئًا من غير مسألة ولا إشراف نفس 3: 337، ح

1473، ومسلم الزكاة، باب إباحة الأخذ لمن أعطي من غير مسألة ولا إشراف 2: 723 ح 111 - 1045 (واللفظ له).

ص: 395

"خذه فتموله".

قال الطبري: اختلفوا في قوله: "خذه" بعد إجماعهم بأنه أمر ندب فقيل: هو مندوب لكل من أُعْطِيَ عطية أن يقبلها كائنًا من كان بالشرطين المذكورين في آخر الحديث، وقيل ذلك مخصوص بعطية السلطان، وقال بعضهم: يكره عطية السلطان وهو محمول على السلطان الجائر، والكراهة لأجل الوَرَع والتحرز من الوقوع في الحرام، وهو المشهور من تصرف السلف، والله أعلم.

والتحقيق أنَّ مَنْ عَلِمَ كون ماله حلالًا فلا يرد عليه، ومن عَلمَ كَوْن ماله حرامًا فيحرم عطيته، ومن شك فيه فالاحتياط رده وهو الورع، ومَنْ أباحه أخذ بالأصل.

قال ابن المنذر: واحتج مَنْ رَخَّصَ فيه بأن الله تعالى قال في اليهود: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} (1)، وقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه (2) عند يهودي مع علمه بذلك، وكذلك أخذ الجزية منهم مع علمه بذلك، وأن كثيرًا من أموالهم مِنْ ثَمَن الخمر والخنزير والمعاملات الباطلة، انتهى.

وقد ذكر في "الجامع الكافي مختصر جامع آل محمد" ما معناه أن عطية السلطان الجائر لا ترد، قال: لأنه إنْ علم أن ذلك عين مال مسلم وجب قبوله وتسليمه لمالكه، وإن كان ذلك ملتبسًا فهو مَظْلَمَة مصرفها إلى من يستحقها، وإن كان ذلك عين مال الجائر، ففيه تقليل لباطله وأخذ ما يستعين بإنفاقه على معصية.

هذا معنى كلامه وهو كلامٌ حَسَن، موافق لقواعد الشريعة إلا أنه شرط

(1) المائدة الآية: 42.

(2)

البخاري كناب الرهن، باب مَنْ رهن درعه 5: 142 ح 2509.

ص: 396

في ذلك أن يأمن القابض على نفسه من محبة المحسن التي جُبِلَتْ النفوسُ على حب من أحسن إليها، وعلى غيره الاغترار بأنه على حق، والله أعلم.

وفي الحديث دلالة على أن للإمام أن يعطي بعض رعيته إذا رأى لذلك وجهًا، وإنْ كان غيره أحوج إليه منه، وإنَّ رد عطية الإمام ولا سيما الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من الأدب.

وقوله: "وأنت غير مشْرف" هو -بالشين المعجمة- من الإشراف، وهو التعرض للشيء والحرص عليهم من قولهم "أشرف على كذا" إذا تطاول له، وقيل للمكان المرتفع "مشرِف" لذلك.

قال أبو داود (1): سألتُ أحمد عن إشراف النفس، فقال: بالقلب، وقال يعقوب بن محمد: سألت أحمد (2) عنه فقال: هو أن يقول مع نفسه يبعث إلَيَّ فلانٌ بكذا، وقال الأثرم: هو أن يضيق عليه أن يرد ما إذا كان كذلك.

وقوله: "وما لا" يعني ما لم يوجد فيه هذين الشرطَيْن فلا تتبعه نفسك أي لا تعلقها به.

وفي الحديث منقبة ظاهرة لعمر مبينة لفضله وزهده، وإيثاره لحب الله ورسوله وتجرده من العلائق الدنيوية، رضي الله عنه.

[عدة أحاديث قسمة الصدقات ستة (أ)].

آخر الجزء الرابع، ويتلوه إِن شاء الله الجزء الخامس وأوله: كتاب الصيام والحمد لله رب العالمين

(أ) بحاشية الأصل.

_________

(1)

و (2) الفتح 3: 337.

ص: 397