المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المبحث الثالث أدلة تحريم الابتداع في الدين] - البدع والمخالفات في الحج

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌[تمهيد]

- ‌[المبحث الأول البدعة تعريفها وأنواعها وأقسامها]

- ‌[تعريف البدعة]

- ‌[أنواع البدع وأقسامها]

- ‌[أولا انقسامها باعتبار إخلالها بدين المبتدع]

- ‌[ثانيا انقسامها باعتبار صلتها بالأصول الشرعية]

- ‌[ثالثا انقسامها بحسب ما تقع به]

- ‌[رابعا انقسامها باعتبار ما تقع فيه]

- ‌[خامسا انقسامها باعتبار الخلل الناشئ عنها]

- ‌[سادسا انقسامها باعتبار الأزمنة والأمكنة أو الأحوال والعبادات المختلفة]

- ‌[المبحث الثاني خطر البدع]

- ‌[المبحث الثالث أدلة تحريم الابتداع في الدين]

- ‌[المبحث الرابع البدع والمخالفات التي يقع فيها الحجاج]

- ‌[الكتب التي اهتمت بذكر البدع والمخالفات]

- ‌[أولا البدع والمخالفات قبل الإحرام]

- ‌[ثانيا البدع والمخالفات المتعلقة بالإنابة]

- ‌[ثالثا البدع والمخالفات المتعلقة بالإحرام والمواقيت ومحظورات الإحرام]

- ‌[رابعا البدع والمخالفات المتعلقة بالطواف ودخول المسجد]

- ‌[خامسا البدع والمخالفات المتعلقة بالسعي]

- ‌[سادسا البدع والمخالفات المتعلقة بمنى]

- ‌[سابعا البدع والمخالفات المتعلقة بعرفة]

- ‌[ثامنا المبيت بمزدلفة]

- ‌[تاسعا البدع والمخالفات المتعلقة برمي الجمرات]

- ‌[عاشرا البدع والمخالفات المتعلقة بالذبح والحلق والتقصير]

- ‌[الحادي عشر بدع ومخالفات أخرى]

- ‌[الخاتمة في أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة]

الفصل: ‌[المبحث الثالث أدلة تحريم الابتداع في الدين]

[المبحث الثالث أدلة تحريم الابتداع في الدين]

المبحث الثالث

أدلة تحريم الابتداع في الدين إن تحريم الابتداع في الدين مما يعرف من الدين بالضرورة والأدلة عليه كثيرة جدا، وهي أكثر من أن تحصر في هذه العجالة ولكن يذكر طرف منها يفي بالمقصود في هذه المقدمة النظرية لهذا البحث.

قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3](1) .

فقد أكمل الله الدين ولم يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم إلا وقد بلغ الناس ودلهم على ما فيه الخير لهم في الدنيا والآخرة فلم يدع صلى الله عليه وسلم خيرا إلا ودلهم عليه ولا شرا إلا وحذرهم منه، وقد تقدم قول الإمام مالك رحمه الله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة.

وقال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21](2)

(1) سورة المائدة، الآية 3.

(2)

سورة الشورى، الآية 21.

ص: 25

(فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله أو أوجبه بقوله أو بفعله، من غير أن يشرعه الله فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله)(1) .

وقد أنكر الله سبحانه وتعالى على المشركين شيئين:

1 -

شركهم بالله عز وجل.

2 -

تحريمهم ما لم يحرمه الله عليهم والابتداع في الدين قال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 148](2){وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النحل: 35](3) .

وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك مما اتبعوا فيه الشياطين فيما رواه مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: «ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم

(1) اقتضاء الصراط المستقيم (2 / 579) .

(2)

سورة الأنعام، الآية 148.

(3)

سورة النحل، الآية 35.

ص: 26

ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا» . . . . " (1) .

وقال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: 116](2)(فنهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين الذين حللوا وحرموا بمجرد ما وصفوه واصطلحوا عليه من الأسماء بآرائهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وغير ذلك مما كان شرعا لهم ابتدعوه في جاهليتهم، ويدخل في هذا كل من ابتدع بدعة ليس فيها مستند شرعي أو حلل شيئا مما حرم الله أو حرم شيئا مما أباح الله بمجرد رأيه وتشهيه)(3) .

وقد دلت السنة أيضا على تحريم الابتداع وذمه وزجر

(1) مسلم، الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (8 / 159) .

(2)

سورة النحل، الآية 116.

(3)

تفسير القرآن العظيم - ابن كثير (2 / 611) .

ص: 27

الناس عنه، ومن تلك الأدلة ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (1) وفي رواية لمسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» قال ابن رجب: " فمن تقرب إلى الله بعمل لم يجعله الله ورسوله قربة إلى الله فعمله باطل مردود عليه وهو شبيه بحال الذين كانت صلاتهم عند البيت مكاء وتصدية "(2) .

وأخرج الإمام أحمد وغيره عن العرباض بن سارية قال: «وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذفت منها العيون فقلنا يا رسول الله: كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليهم بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة» (3) وروى مسلم عن جابر: «كان رسول الله

(1) البخاري (ح 2697) ، ومسلم (ح 1718) .

(2)

جامع العلوم والحكم (1 / 178) .

(3)

مسند الإمام أحمد (4 / 126، 127) ، وأبو داود (4607) ، والترمذي (2676) .

ص: 28

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: " صبحكم ومساكم " ويقول: " بُعثت أنا والساعة كهاتين " ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» (1) .

(1) مسلم (ح 867) .

ص: 29