المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خاتمة: التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل فإن اختل واحد منها انتفى الإسلام - شرح كشف الشبهات لمحمد بن إبراهيم آل الشيخ

[محمد بن إبراهيم آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌احتجاج المشركين في زماننا بالمتشابه

- ‌الشبهة الأولى: أن من أقر بتوحيد الربوبية ولم يقصد من الصالحين إلا الجاه والشفاعة فليس بمشرك

- ‌الشبهة الثانية: حصرهم عبادة غير الله في الأصنام دون الصالحين

- ‌الشبهة الثالثة: أن طلب الشفاعة منهم ليس بشرك

- ‌الشبهة الرابعة: نفيهم عبادة الصالحين مع أنهم يدعونهم أو يذبحون لهم

- ‌الشبهة الخامسة: أن من أنكر الشرك فقد أنكر شفاعة الرسول

- ‌الشبهة السادسة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي الشفاعة وأنها تطلب منه

- ‌الشبهة السابعة: أن الالتجاء إلى الصالحين ليس بشرك فليس مشركا بذلك

- ‌الشبهة الثامنة: الشرك عبادة الأصنام ونحن لا نعبد الأصنام

- ‌الشبهة التاسعة: قولهم: إنكم تكفِّرون المسلمين

- ‌الشبهة العاشرة: من قال لاإله إلا الله يكفر ولايقتل ولو فعل ما فعل واستدلوا بأحاديث

- ‌الشبهة الحادية عشرة: قولهم إن الاستغاثة بالأنبياء ليست شركا لجواز الاستغاثة بالأنبياء في الآخرة

- ‌الشبهة الثانية عشرة: استدلالهم على أن الاستغاثة بالأموات والغائبين ليست شركا بعرضها على إبراهيم من جبريل

- ‌خاتمة: التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل فإن اختل واحد منها انتفى الإسلام

الفصل: ‌خاتمة: التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل فإن اختل واحد منها انتفى الإسلام

‌خاتمة: التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل فإن اختل واحد منها انتفى الإسلام

ولنختم الكلام إن شاء الله تعالى بمسألة عظيمة مهمة جداً تُفهم مما تقدم، ولكن نُفرِد لها الكلام لعظم شأنها ولكثرة الغلط فيها فنقول: لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شيءٌ من هذا لم يكن الرجل مسلماً.

ــ

(ولنختم الكلام إن شاء الله تعالى بمسألة عظيمة مهمة جدا تفهم مما تقدم) من أجوبة الشبهات السابقة؛ مجموعُ جواب الشبهات السابقة يكفي لكن متفرق فيها1، وإفرادها يكون أوعى لها وأحفظ2. ذكرت في الأجوبة عموماً وهاهنا خصوصاً (ولكن نفرد لها الكلام لعظم شأنها ولكثرة الغلط فيها) وما كان كذلك كان حقيقاً أن يحفظه الطالب وأن يثني عليه الخناصر (فنقول: لا خلاف) بل إجماع بين أهل العلم (أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل) فلابد من الثلاثة؛ لابد أن يكون هو المعتَقَد في قلبه، ولابد أن يكون هو الذي ينطق به لسانه، ولابد أن يكون هو الذي تعمل به جوارحه (فإن اختل شيء من هذا) لو وحَّد بلسانه دون قلبه ما نفعه توحيده، ولو وحد بقلبه وأركانه دون لسانه ما نفعه ذلك، ولو وحد بأركانه دون الباقي (لم يكن الرجل مسلماً) هذا إجماع أن الإنسان لابد أن يكون موحداً باعتقاده ولسانه وعمله.

1 لكن جمعها في مسألة واحدة أوضح للطالب ولعظم شأنها يذكر لها كالترجمة بكلام يختص ويفرد بالكلام؛ فإن كل ما كان أعظم شأناً فإنه يفرد بكلام، فعِظَمُ شأنها يستحق أن تفرد بكلام وكثرة الغلظ فيها يستحق أن تفرد بكلام (عبارة أخرى) .

2 ليكون أحفظ للطالب والاهتمام أو يكون من باب تكريرها مرتين للحفظ ويكون من باب اللف بعد النشر (عبارة أخرى) .

ص: 126

فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما، وهذا يغلط فيه كثير من الناس؛ يقولون: هذا حق، ونحن نفهم هذا ونشهد أنه الحق، ولكن لا نقدر أن نفعله، ولا يجوز عند أهل بلدنا إلا من وافقهم، وغير ذلك من الأعذار. ولم يدرِ المسكينُ أن غالب أئمة الكفر يعرفون الحق ولم يتركوه إلا لشيء من الأعذار كما قال تعالى:{اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً} وغير ذلك من الآيات كقوله: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} .

ــ

وهذه أمثلة اختلال واحد من هذه الثلاثة.

(فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند) إذا اعتقد ولا نطق ولا عمل بالحق بأركانه فهذا كافر عند جميع الأمة (كفرعون) كما في آية: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} 1 (وإبليس) وكذلك إبليس يعرف الحق كما قال: {فَبِعِزَّتِكَ} {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} 3 فكفرُهُما كفرُ عناد؛ فإن فرعون وإبليس يعرفان الحق في الجملة. وقد ينطقون به، وبعض الكفر يكون عن جهل وعدم بصيرة (وأمثالهما) كعلماء اليهود أمة الغضب وأمثالهم ممن يعلم الحق ولا يعمل به (وهذا) المقام مقامُ التوحيد، وأنه لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل (يغلط فيه

1 سورة الإسراء، الآية:102.

2 سورة (ص)، الآية:82.

3 سورة الحجر، الآية:39.

ص: 127

فإن عمل بالتوحيد عملاً ظاهراً وهو لا يفهمه أو لا يعتقده بقلبه فهو منافق، وهو شرٌ من الكافر الخالص {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} .

ــ

كثير من الناس) منهم من إذا نُعِت له التوحيد (يقولون هذا حق) وهذا الذي ندين الله به (ولكن) يعتذرون يقولون: (لا نقدر أن نفعله، ولا يجوز عند أهل بلدنا إلا من وافقهم) يعني ما يوافقون أهل بلده (وغير ذلك من الأعذار) التي اعتذر بها، يعني ليس عن جهل بها، ما جحدوها لكن آثروا العاجل والحطام على الآجل (ولم يدر المسكين أن غالب أئمة الكفر يعرفون الحق ولم يتركوه إلا لشيء من الأعذار) التي هي مثل هذه الأعذار (كما قال تعالى:{اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً} 1) ففي هذا أنهم عرفوا الحق وإنما آفتُهم شهوتُهم وإيثارُ عاجِلهم على آجلهم (وغير ذلك من الآيات كقوله: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} 2) فعلماء اليهود يعرفون الحق ويعرفون أنه الحق، ولكن رياساتهم منعتهم من الانقياد له. فمعرفتُهم وإقرارهم بالحق ما نفعهم حيث تركوا العمل به والانقياد كما كان اليهود قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم يقولون إنه ضل زمن الأنبياء، ووالله لئن بُعثَ نبيٌ لنقاتلنكم معه، قال تعالى:{وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} 3 الآية.

(فإن عمل بالتوحيد عملاً ظاهراً) جرى على لسانه وعملت به

1 سورة التوبة، الآية:9.

2 سورة البقرة، الآية:146.

3 سورة البقرة، الآية:89.

ص: 128

وهذه المسألة مسألة كبيرة طويلة تبين لك إذا تأملتها في ألسنة الناس ترى من يعرف الحق ويترك العمل به لخوفِ نقص دنيا أو

ــ

أركانه (وهو لا يفهمه. أو لا يعتقده بقلبه) أو فهمه ولكن لم يَنْقَد بجَناحه (فهو منافق، وهو شر من الكافر الخالص) فإن الكافر الخالص لأتى الشر من وجهه ولا خادَعَ ولا دلَّس ولا لبس وخان {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} 1 يعني تحت الكفار؛ فهم أشرُّ من الكفار في الآخرة.

والنفاق مشتق من نافقاء اليربوع إذا خالف باب جُحره. وفي الشرع مخالفة الظاهر للباطن، أما في الاعتقاد كمن يقول باللسان ويعمل بالأركان ولكن مخالف بالجنان. فهذا نفاقٌ أكبر ناقلٌ عن الملة، وقد ذكر الله المنافقين في ثلاث عشرة آية من سورة البقرة، بخلاف الكافر الأصلي فإنه أهون كفراً من المنافق والكفار الأصليون ذُكِروا في آيتين من سورة البقرة.

والقسم الثاني نفاقٌ عملي، وهو ما ذكر في الحديث:"إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" وصاحبه لا يكون مثل الأول، وهو أعظم من الكبائر؛ فإن جنس ما أتى في النصوص بتسميته كفراً أو نفاقاً فهو أعظم مما أتى أنه معصية متوعَّدٌ عليها بوعيد؛ لأن ذنب الشرك والنفاق أعظم من غيره وأقبح.

(وهذه المسألة) مسألة أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان

1 سورة النساء، الآية:145.

ص: 129

جاهٍ أو مداراة، وترى من يعمل به ظاهراً لا باطناً فإذا سألته عما يعتقد بقلبه فإذا هو لا يعرفه.

ولكن عليك بفهم آيتين من كتاب الله: أولاهما ما تقدم من قوله تعالى: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} . فإذا تحققت أن بعض الصحابة الذين غزوا الروم مع الرسول صلى الله عليه وسلم كفروا بسبب كلمة قالوها على وجه المزح واللعب، تبيَّن أن الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفاً من نقص مال أو جاه أو مداراة لأحدً أعظم ممن تكلم بكلمة يمزح بها.

ــ

والعمل (مسألة كبيرة طويلة) جداً (تبين لك إذا تأملتها في ألسنة الناس) في أحوال الناس وأردت تحصيل ثلاثة أمور: كونهم اعتقدوه، ونطقوا به بألسنتهم، وكمَّلوه بأعمالهم؛ فإنك تجد الأكثر لم يكملوا هذه الثلاثة، بل إما هذا وإما هذا وإما اثنان (ترى من يعرف الحق) لكن (يترك العمل به) وهذا مثل علماء اليهود ومثل فرعون ومثل إبليس (لخوف نقص دنيا أو جاه أو مداراة) هذا قسم. (و) القسم الثاني (ترى من يعمل به ظاهراً) أما قلبُه فلا يصل إليه حقيقة الاعتقاد (فإذا سألته عما يعتقده بقلبه فإذا هو لا يعرفه) فالأول كثير، والثاني دونه والثالث قليل؛ فالذي يعرفه وينطق به كثير وكذلك الذي يعتقده ويتكلم به كثير، والثالث الذي يعتقد ويعمل ولا ينطق وهو قليل.

(ولكن عليك بفهم آيتين من كتاب الله) فإن بفهمهما يتبين لك

ص: 130

والآية الثانية قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} فلم يعذر الله من هؤلاء إلا من أُكرِه مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان.

وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه سواء فعله خوفاً أو مداراة أو مشحَّة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله، أو فعله على وجه المزح، أو لغير ذلك من الأَغْرَاض، إلا المُكْرَه.

ــ

ما قرره المصنف من أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل

إلخ، (أولاهما ما تقدم من قوله:{لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} 1 فإذا تحققت أن بعض الصحابة الذين غزوا الروم مع الرسول صلى الله عليه وسلم كفروا بسبب كلمة) واحدة (قالوها على وجه المزح واللعب، تبين لك أن الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفا من نقص مال أو جاه أو مداراة لأحدٍ أعظم ممن تكلم بكلمة يمزح بها) وأولى وأحق بالكفر ممن تكلم بكلمة يمزح بها وهو من الصحابة؟ أفالصحابة الذين قالوها يصيرون كفاراً وهؤلاء لا يصيرون كفاراً؟!

(والآية الثانية) من الآيتين الدالتين على مراد المصنف أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل

إلخ، (قوله تعالى:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ} ) أي من صدر منه الكفر {إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} 2 أي إلا من كان في حقه شرطان: الأول الإكراه، فلابد أن يكون مكرهاً، والثاني كون قلبه

1 سورة التوبة، الآية:66.

2 سورة النحل، الآية:106.

ص: 131

والآية تدل على هذا من جهتين:

الأولى قوله: {إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ} فلم يستثن الله إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على العمل أو الكلام، وأما عقيدة القلب فلا يكره أحد عليها.

والثانية قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} فصرَّح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر، وإنما سببه أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا فآثره على الدين.

والله سبحانه وتعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين، وصلي الله على محمد وآله وصحبه أجمعين. آمين.

ــ

مطمئناً ساكناً بالإيمان (فلم يعذر الله) لم يستثنِ (من هؤلاء إلا من أُكره مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان) .

والإكراه كونه وصل إلى حدِّ يخشى على نفسه القتل أو ولده؛ فهذا يجوز أن ينطق بكلمة الكفر التي أكره عليها بشرط كون قلبه مطمئناً بالإيمان؛ أي معتقد الحق بجنانه، لكن إن كان لما أكره طاع بقلبه ولم يكن مطمئناً فهو من أهل الكفران.

(وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه سواء فعله خوفا أو مداراة أو مشحة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله، أو فعله على وجه المزح، أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره) .

(والآية تدل على هذا) أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان

ص: 132

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والعمل (من جهتين: الأولى قوله: {إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ} فلم يستثن الله تعالى إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لا يكره) لا يتصور في حقه الإكراه إلا بهذين الأمرين (إلا على العمل أو الكلام، وأما عقيدة القلب فلا يكره أحد عليها) فإذا فعل وصدر منه الكفر فإنه كافر بعد إيمانه (والثانية) تقدم قول المصنف أنها تدل على ما قرره من جهتين وتقدمت الجهة الأولى وهذه الثانية (قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا} ) الباء للسبب، يعني ذلك بسبب محبتهم {الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} 1 يعني الجنة (فصرَّح أن هذا الكفر والعذاب) المحكوم به عليهم في هذه الآية والمترتِّب على ما صدر منهم (لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر، وإنما سببه) أي صدور الكفر منه، أنه تكلم بالكفر لسبب وهو أن له في التكلم بالكفر شيئاً واحداً، وهو (أن له في ذلك حظاً من حظوظ الدنيا) يحصل له فيرتكب هذا المحظور لأجل أنه لا يحصل له مطلوبه إلا -والعياذ بالله- بإيثار الحياة الدنيا (فآثره على الدين) على الآخرة.

فالإنسان الذي يُلجِئُه من يُلجِئُه إلى أن يصدر منه الكفر له حالات:

أحدها: أن يمتنع ويصبر عليها، فهذه أفضل الحالات.

الثانية: أن ينطق بلسانه مع اعتقاد جنانه الإيمان، فهذا جائز له تخفيف ورحمة.

1 سورة النحل، الآية:107.

ص: 133

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثالثة: أن يُكرَه فيجيب ولا يطمئن قلبه بالإيمان؛ فهذا غير معذور وكافر.

الرابعة: أن يُطلب منه ولا يُلجَأ؛ فيجيب ما وصل إلى حد الإكراه ولكن يوافق بلسانه وقلبُه مطمئنٌ بالإيمان فهذا كافر.

الخامسة: أن يُذكر له ولا يصل إلى حد الإكراه، فيوافق بقلبه ولسانه فهذا كافر.

(والله سبحانه وتعالى أعلم. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. أمين) .

أقول: وكان الفراغ من كتابة هذه المبيضة في شهر صفر عام ألف وأربعمائة وأحد عشر.

وقد كان تاريخ كتابة هذه التقريرات المتلقاه من في شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله عام ستة وستين وثلاثمائة وألف هجرية وبعضها بعد ذلك وبعضها قبل هذا التاريخ وقد بلغت نسخها التي كتبتها حال إلقائه الدروس ست نسخ وبعضها أقل من ذلك وقد جمعت ذلك كله في هذه المبيضة والله أسأل أن ينفع به وينفعني به إنه سميع قريب مجيب وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتبها بخطه

محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن قاسم

ص: 134