الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدُلُّ عَلَى حُكْمِ مَنْ دُعِيَ إِلَى وَلِيمَةٍ قَدْ أُمِرَ بِالْإِجَابَةِ إِلَيْهَا إِذَا عَلِمَ أَنَّ هُنَاكَ لَهْوًا، لَا يَصْلُحُ حُضُورُهُ فِي غَيْرِهَا، هَلْ فَرْضٌ الْإِجَابَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، أَوْ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ
؟
5236 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّ جِبْرِيلَ احْتُبِسَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَتَاهُ، فَقَالَ: " مَا حَبَسَكَ؟ " قَالَ: جَرْوٌ فِي بَيْتِكَ، فَنَظَرُوا، فَإِذَا جَرْوٌ تَحْتَ السَّرِيرِ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأُخْرِجَ " وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا فِيهِ تَقَدُّمُ وَعْدِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْتِيَهُ فِي سَاعَةٍ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فِيهَا ثُمَّ كَانَ مِنَ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
⦗ص: 247⦘
وَكَانَ وَعْدُ جِبْرِيلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعْدًا مُطْلَقًا، لَا ثُنْيَا فِيهِ، فَرَفَعَ عَنْهُ الْوَفَاءَ بِهِ مَنْعُ الشَّرِيعَةِ إِيَّاهُ مِنْ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ مَا كَانَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْفِقْهِ مَا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فِي الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي أُمِرَ بِإِتْيَانِهَا، وَالْجُلُوسِ لَهَا، فَيَأْتِيهَا، فَيَجِدُ عِنْدَهَا لَهْوًا، لَوْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِهَا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَضُرُّهُ الْجُلُوسُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ لِمَا قَدْ أُمِرَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ حِينَ دُعِيَ إِلَيْهَا أَنَّ ذَلِكَ فِيهَا: أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعَ مِنْ حُضُورِهَا، إِذْ كَانَتْ مَا قَدْ أُمِرَ بِهِ أَمْرًا لَمْ يَقَعْ فِيهِ ثُنْيَا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَحْكِ بَيْنَ مُحَمَّدٍ، وَبَيْنَهُمَا خِلَافًا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ خِلَافُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يَسَعُ الَّذِي دُعِيَ إِلَى ذَلِكَ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ، وَلَا الْقُعُودُ عِنْدَهُ وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فِيهِ، إِنَّمَا هُوَ لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَالسُّنَّةُ تَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا، فَالنَّهْيُ الَّذِي فِيهَا مُسْتَثْنَى مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُسْتَثْنَ بِاللِّسَانِ وَقَدِ احْتَجَّ غَيْرُنَا فِي ذَلِكَ بِحُجَّةٍ، زَادَهَا عَلَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَهِيَ
5237 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ
⦗ص: 248⦘
الرَّقِّيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الرَّقِّيُّ، بِنَحْوِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ هَكَذَا، قَالَ عَبْدُ اللهِ فِي حَدِيثِهِ: وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو: عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ:" كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَمِعَ صَوْتَ زُمَّارَةِ رَاعٍ، فَقَالَ هَكَذَا، وَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، وَعَدَلَ عَنِ الطَّرِيقِ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَسْمَعُ شَيْئًا؟، فَقُلْتُ: مَا أَسْمَعُ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ: " رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هَذَا "
⦗ص: 249⦘
فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ امْتَنَعَ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ فِي أُذُنِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ الْمَكْرُوهِ، وَإِنْ كَانَ فِي طَرِيقٍ لَهُمُ الِاجْتِيَازُ بِهَا، وَالسُّلُوكُ فِيهَا، فَكَانَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْقُعُودُ لِمَا قَدْ دُعِيَ لَهُ الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ قُعُودًا مُبَاحًا طَرَأَ عَلَيْهِ أَمْرٌ مَكْرُوهٌ، فَلَا يَسَعُهُ الْقُعُودُ الْمُبَاحُ عِنْدَ سَمَاعِهِ مَا قَدْ نُهِيَ عَنْ سَمَاعِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْطِنِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا عِنْدَنَا بِدَاخِلٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَا مِنْ شَكْلِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الْمُرُورُ فِي طَرِيقٍ لَيْسَ الْمُرُورُ فِيهَا بِفَرْضٍ، وَإِنَّمَا يَمُرُّ فِيهِ مَنْ يَمُرُّ عَلَى الِاخْتِيَارِ، لَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَكَانَ مَا يَفْعَلُهُ اخْتِيَارًا لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُخَالِطَهُ فِيهِ مَا قَدْ نُهِيَ عَنْهُ وَفِي الْمَعْنَى الْآخَرِ كَانَ حُضُورُهُ لِفَرُوضٍ عَلَيْهِ، فَكَانَ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رُفِعَ فَرْضُهُ عَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ بِرَفْعِ فَرْضِهِ عَنْهُ، وَكَانَ الَّذِي دَلَّ عَلَى رَفْعِ فَرْضِهِ عَنْهُ هُوَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، لَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ