الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ فِيمَا كَانَ يَسْتَعْمِلُهُ فِي خُطَبِهِ، وَفِي كَلَامِهِ مِنْ قَوْلِهِ: " أَمَّا بَعْدُ
"
5327 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ:" " خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَلَا آذَنُ؛ فَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي " " وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا بِأَسَانِيدَ غَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ
5328 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ،
⦗ص: 359⦘
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ:" أَمَّا بَعْدُ " وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي خُطْبَةِ الْحَاجَةِ مِنْ ذِكْرِهِ فِيهَا: " أَمَّا بَعْدُ "، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فَقَالَ قَائِلٌ: مَا الْمُرَادُ بِأَمَّا بَعْدُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ، وَمِمَّا يُسْتَعْمَلُ فِي الْكَلَامِ، ابْتِدَاءً مِمَّا لَمْ يَتَقَدَّمْهَا شَيْءٌ يَكُونُ بَعْدًا لَهُ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل: أَنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُ فِي كَلَامِهَا الْإِيجَازَ، وَالْإِشَارَاتِ إِلَى الْمَعَانِي الَّتِي يُرِيدُونَهَا بِالْكَلَامِ الَّذِي يُحَاوِلُونَ الْكَلَامَ بِهِ، لِعِلْمِهِمْ بِعِلْمِ مَنْ يُخَاطِبُونَهُ بِمَا يُخَاطِبُونَهُ بِهِ، فَكَانَ قَوْلُهُمْ:" أَمَّا بَعْدُ "، مِمَّا يَبْتَدِئُونَ بِهِ كَلَامَهُمْ، يُرِيدُونَ بِهِ مَعْنًى مَحْذُوفًا كَانَ ذَلِكَ الْكَلَامُ مِنْ أَجْلِهِ، فَعَادَ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنِ ابْتَدَءُوا مَا أَرَادُوا مِنْ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللهِ عز وجل، وَبِتَسْمِيَتِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ جَرَتِ الْكُتُبُ بَعْدَهُمْ، فَكَانَ مَعْنَى:(أَمَّا بَعْدُ) ؛ أَيْ: أَمَّا بَعْدُ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ مِنَ التَّسْمِيَةِ، وَالتَّحْمِيدِ، فَإِنَّ كَذَا، وَكَذَا، ثُمَّ يَذْكُرُونَ الَّذِي يُرِيدُونَهُ مَعَ حَذْفِهِمْ ذِكْرَ مَا أَرَادُوهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ رَفْعُهُمْ (بَعْدُ) ، إِذْ كَانَ الْمُضَافُ، وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَكَانُوا لَوْ جَاءُوا بِهِ بِتَمَامِهِ لَقَالُوا: (أَمَّا
⦗ص: 360⦘
بَعْدَ كِتَابِنَا هَذَا) ، فَيَأْتُونَ بِبَعْدُ مَنْصُوبَةً، لِأَنَّهَا صِفَةٌ، ثُمَّ يَقُولُونَ: فَقَدْ كَانَ كَذَا، وَكَذَا، فَلَمَّا حَذَفُوا ذَلِكَ، رَفَعُوا (بَعْدُ) ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهُ اللُّغَوِيُّونَ غَايَةً، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ عز وجل:{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ، وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4] ؛ أَيْ: مِنْ قَبْلِ كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْ بَعْدِ كُلِّ شَيْءٍ، لِمَا هُوَ مُضَافٌ إِلَى:(بَعْدُ) فَلَمَّا حَذَفَ ذِكَرَهُ، رَفَعَ (قَبْلُ) وَ (بَعْدُ) عَلَى الْغَايَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَالُوا: أُعْطِيكَ دِرْهَمًا لَا غَيْرُ، فَيَرْفَعُونَ (غَيْرُ) ، وَلَوْ جَاءُوا بِتَمَامِ الْكَلَامِ لَنَصَبُوا (غَيْرَ)، فَقَالُوا: أَعْطَيْتُكَ دِرْهَمًا، لَا غَيْرَهُ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ