الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رَوَى أَبُو بَرْزَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى
5263 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ قَالَ:" نَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَبَاعَ صَاحِبٌ لَنَا مِنْ رَجُلٍ فَرَسًا، فَأَقَمْنَا فِي مَنْزِلِنَا يَوْمَنَا، وَلَيْلَتَنَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَامَ الرَّجُلُ يَسْرُجُ فَرَسَهُ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنَّكَ قَدْ بِعْتَنِي، فَاخْتَصَمَا إِلَى أَبِي بَرْزَةَ، فَقَالَ: " إِنْ شِئْتُمَا قَضَيْتُ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا "، وَمَا أُرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ كَانَ بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى الْخِيَارِ الْوَاجِبِ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ، بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ يُحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَبِمَا كَانَ مِنْ أَبِي بَرْزَةَ
⦗ص: 277⦘
فِيهِ، وَمِنْ قَوْلِهِ:" وَمَا أُرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا " وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَدْ أَقَامَا فِي مَنْزِلِهِمَا الَّذِي تَبَايَعَا فِيهِ يَوْمًا، وَلَيْلَةً، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ كَانَ مِنْهُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، مِمَّا يَكُونُ مِنْ مِثْلِهِ مِنَ الْقِيَامِ إِلَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ غَائِطٍ، وَمِنْ بَوْلٍ، يَكُونُ بِذَلِكَ مُفَارِقًا لِصَاحِبِهِ، وَمِنْ قِيَامٍ إِلَى صَلَاةٍ، يَكُونُ بِذَلِكَ تَارِكًا لِمَا كَانَ فِيهِ، وَمُتَشَاغِلًا بِغَيْرِهِ وَمَثَلُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي صَرْفٍ تَعَاقَدَاهُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا مِثْلُ الَّذِي قَدْ كَانَ مِنْهُمَا مِنَ الْقِيَامِ إِلَى مَا نَعْلَمُ أَنَّهُمَا قَدْ قَامَا إِلَيْهِ مِنَ الْغَائِطِ، وَمِنَ الْبَوْلِ، وَلَمْ يَتَقَابَضَا مَا تَصَارَفَا عَلَيْهِ، كَانَ ذَلِكَ فَسَادًا لِصَرْفِهِمَا، وَخُرُوجًا مِنْهُمَا عَنْهُ، وَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْخِيَارِ لَوْ كَانَ وَاجِبًا بَعْدَ الْبَيْعِ، لَكَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَقْطَعُهُ وَقَدْ قَالَ أَبُو بَرْزَةَ لَهُمَا:" مَا أُرَاكُمَا تَفَرَّقْتُمَا "، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ التَّفَرُّقَ كَانَ عِنْدَهُ غَيْرُ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ
5264 -
وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ أَبِي الْوَضِيءِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ: أَنَّهُمُ اخْتَصَمُوا إِلَيْهِ فِي رَجُلٍ بَاعَ جَارِيَةً، فَنَامَ مَعَهَا الْبَائِعُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: لَا أَرْضَاهَا، فَقَالَ أَبُو بَرْزَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا " وَكَانَا فِي خِبَاءِ شَعْرٍ
⦗ص: 278⦘
فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: أَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ فَرَسًا، وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي: أَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ جَارِيَةً، وَالْحَدِيثُ رَاجِعٌ إِلَى أَبِي بَرْزَةَ بِالِاخْتِلَافِ الَّذِي فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِذَا وَقَعَ فِيهِ هَذَا الِاخْتِلَافُ كَمَا ذَكَرْنَا، لَمْ يَكُنْ بِإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَوْلَى مِنْهُ بِالْأُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِأَحَدِهِمَا، إِلَّا احْتَجَّ عَلَيْهِ مُخَالِفُهُ بِالْآخَرِ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ أَنَّ الْخِيَارَ الْوَاجِبَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ ذَلِكَ التَّفَرُّقَ بِالْأَبْدَانِ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ