الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ الْوَاجِبِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَمْثِيلِ الرَّجُلِ بِعَبْدِهِ مِنْ عَتَاقٍ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَمَنْ سِوَاهُ مِمَّا لَا عَتَاقَ مَعَهُ
5329 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عِيسَى الْقُرَشِيِّ ثُمَّ الْأَسَدِيِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" جَاءَتْ جَارِيَةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدِي اتَّهَمَنِي، فَأَقْعَدَنِي عَلَى النَّارِ، حَتَّى احْتَرَقَ فَرْجِي، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ رضي الله عنه: " هَلْ رَأَى ذَلِكَ عَلَيْكَ؟ "، قَالَتْ: لَا، قَالَ: فَاعْتَرَفْتِ لَهُ بِشَيْءٍ؟، قَالَتْ: لَا، فَقَالَ عُمَرُ: عَلَيَّ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ الرَّجُلَ قَالَ لَهُ: " تُعَذِّبُ بِعَذَابِ اللهِ عز وجل " قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اتَّهَمْتُهَا فِي نَفْسِهَا، قَالَ: رَأَيْتَ ذَلِكَ عَلَيْهَا؟ قَالَ الرَّجُلُ: لَا، قَالَ: فَاعْتَرَفَتْ لَكَ بِهِ؟، قَالَ: لَا، قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ أَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَا يُقَادُ مَمْلُوكٌ مِنْ مَالِكِهِ، وَلَا وَلَدٌ مِنْ وَالِدِهِ "، لَأَقَدْتُهَا مِنْكَ، فَجَرَّدَهُ، فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، وَقَالَ: اذْهَبِي، فَأَنْتَ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللهِ عز وجل، وَأَنْتِ مَوْلَاةٌ لِلَّهِ عز وجل وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ حَرَّقَ وَسَقَطَ مِنَ الْكِتَابِ: مَمْلُوكَهُ بِالنَّارِ،
⦗ص: 362⦘
أَوْ مَثَّلَ بِهِ مُثْلَةً، فَهُوَ حُرٌّ، وَهُوَ مَوْلَى اللهِ عز وجل وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم " قَالَ اللَّيْثُ:" هَذَا أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ "
5330 -
وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ لَقِيطٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَنْدَرٍ، عَنْ أَبِيه: " أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لِزِنْبَاعِ بْنِ سَلَامَةَ، فَعَتَبَ عَلَيْهِ، فَخَصَاهُ
⦗ص: 363⦘
وَجَدَعَهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَغْلَظَ لِزِنْبَاعٍ الْقَوْلَ، وَأَعْتَقَهُ مِنْهُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ هُمَا مَا كَانَ يُحْتَجُّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى عَتَاقِ الْمَمْلُوكِ عَلَى مَوْلَاهُ بِتَمْثِيلِهِ بِهِ، مِمَّا يُرْوَى بِهِ مِمَّا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُمُ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى قَوْلِ مَالِكٍ، وَإِلَى قَوْلِ اللَّيْثِ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا كَانَ يَجْعَلُ وَلَاءَهُ لِمَوْلَاهُ وَكَانَ مَا يَحْتَجُّونَ بِهِ لِمَا قَالُوهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِيهِ
كَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ
⦗ص: 364⦘
الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرٍ: أَنَّ أَبَا يَزِيدَ الْقِدَاحَ أَخْبَرَهُ قَالَ: " رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَتْهُ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ شُوِيَتْ بِالنَّارِ، فَاسْتَرْجَعَ عُمَرُ حِينَ رَآهَا، وَقَالَ: مَنْ سَيِّدُكِ؟، فَقَالَتْ: فُلَانٌ، فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: " عَذَّبْتَهَا بِعَذَابِ اللهِ عز وجل، وَاللهِ لَوْلَا لَأَقَدْتُهَا مِنْكَ "، فَأَعْتَقَهَا، وَأَمَرَ بِهِ، فَجُلِدَ " فَتَأَمَّلْنَا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا الْحَدِيثَ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، مِمَّا لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عِيسَى، وَلَيْسَ مِمَّنْ يُعْرَفُ، وَلَا مِمَّنْ يَقُومُ هَذَا بِمِثْلِهِ وَوَجَدْنَا الْحَدِيثَ الَّذِي ثَنَّيْنَا بِذِكْرِهِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فَوْقَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، لَيْسَ مِمَّا يُقْطَعُ بِمِثْلِهِ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ عِنْدَ الْمُحْتَجِّينَ بِهِ لِخِصْمِهِمْ إِذَا احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِمِثْلِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَوَجَدْنَا الْحَدِيثَ الَّذِي ثَلَّثْنَا بِذِكْرِهِ، وَإِنْ كَانَ طَرِيقُهُ الَّذِي رُوِيَ مِنْهُ حَسَنًا مَقْبُولًا أَهْلُهُ، لَيْسَ فِيهِ أَيْضًا مَا يَجِبُ بِهِ حُجَّةٌ لِلْمُحْتَجِّينَ بِهِ، فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ رضي الله عنه فَعَلَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لِفَاعِلِهِ، إِذْ كَانَ مَذْهَبُهُ الْعُقُوبَاتِ
⦗ص: 365⦘
عَلَى الذُّنُوبِ فِي أَمْوَالِ الْمُذْنِبِينَ، كَمَا فَعَلَ بِحَاطِبٍ فِي عَبِيدِهِ الَّذِينَ كَانَ يُجِيعُهُمْ، حَتَّى حَمَلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَرِقَةِ نَاقَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَكَانَتْ قِيمَتُهَا أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَغَرِمَ حَاطِبٌ لِذَلِكَ ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ:" أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَانْتَحَرُوهَا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَأَمَرَ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَاكَ تُجِيعُهُمْ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَاللهِ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ: كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ؟ قَالَ: أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ عُمَرُ: أَعْطِهِ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ " وَكَانَ مَا كَانَ عَلَيْهِ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ هَذَا، لَا يَقُولُهُ الْمُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ الَّذِي قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمَّا كَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ عُمَرَ مُحْتَمِلًا مَا ذَكَرْنَا، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ الَّذِي كَانَ مِنْهُ لِلْجَارِيَةِ الْمَشْوِيَّةِ بِالنَّارِ لِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِذَا اتَّسَعَ خِلَافُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ مِنْهُ فِيهِ، وَلِأَنَّ مَذْهَبَهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَدْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِي الْأَمْوَالِ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الزَّكَاةِ: " مَنْ أَعْطَاهَا
⦗ص: 366⦘
مُؤْتَجِرًا، قَبِلْنَاهَا مِنْهُ، وَإِلَّا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ، عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا " وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِيمَنْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ مُسْتَكْرَهًا لَهَا، أَوْ غَيْرَ مُسْتَكْرِهٍ لَهَا، مِمَّا سَنَذْكُرُهُ مِنْ بَعْدُ فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ وَإِذَا وَجَبَ نَسْخُ ذَلِكَ وَاسْتِعْمَالُ ضِدِّهِ، كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِي الْأَمْوَالِ بِالْمَثُلَاتِ، وَغَيْرِهَا يَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَكُونُ الْعُقُوبَاتُ تُرَدُّ إِلَى أَمْثَالِهَا، وَتُرِكَ أَخْذُ مَا سِوَاهَا بِهَا ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ
5331 -
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ:" أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي جَارِيَةً كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي، فَجِئْتُهَا، فَفُقِدَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا، فَقَالَتْ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ، فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا، وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ، فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا، وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ، أَفَأَعْتِقُهَا؟، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَيْنَ اللهُ عز وجل؟ " قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: " مَنْ أَنَا؟ "
⦗ص: 367⦘
قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ قَالَ: " أَعْتِقْهَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَكَذَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ: هِلَالُ بْنُ أُسَامَةَ، وَالَّذِينَ يَرْوُونَهُ سِوَاهُ عَنْ هِلَالٍ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: هِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هِلَالٌ هَذَا: هُوَ ابْنُ عَلِيِّ بْنِ أُسَامَةَ، فَيَكُونُ مَالِكٌ نَسَبُهُ إِلَى جَدِّهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ مِنْ عَلِيٍّ، وَمِنْ أُسَامَةَ كَانَ يُكْنَى: أَبَا مَيْمُونَةَ، وَفِيهِ: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ، وَالنَّاسُ جَمِيعًا يَقُولُونَ فِيهِ: عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، وَيُخَالِفُونَ مَالِكًا فِيهِ
5332 -
وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ:" أَطْلَقْتُ غُنَيْمَةً لِي تَرْعَاهَا جَارِيَةٌ لِي فِي قِبَلِ أُحُدٍ، وَالْجَوَّانِيَّةِ، فَوَجَدْتُ الذِّئْبَ قَدْ ذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَصَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهَا مُؤْمِنَةٌ لَأَعْتَقْتُهَا، فَقَالَ: " ائْتِنِي بِهَا "، فَجِئْتُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَيْنَ اللهُ عز وجل؟ " فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ لَهَا: " مَنْ أَنَا؟ "،
⦗ص: 368⦘
فَقَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، فَأَعْتِقْهَا "
5333 -
وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ، ثُمَّ ذَكَرَهُ
⦗ص: 369⦘
قَالَ: وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ الصَّكَّةِ، لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ ذِكْرِ اللَّطْمَةِ، لِأَنَّ اللَّطْمَةَ قَدْ تُسَمَّى صَكَّةً، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ عز وجل:{فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ، فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29] ، وَكَانَتِ اللَّطْمَةُ قَدْ يَكُونُ عَنْهَا الشَّيْنُ فِي الْوَجْهِ الَّذِي يَكُونُ تَمْثِيلًا بِالْمَلْطُومِ، فَلَمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْكَشْفَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ حُضُورِ الْجَارِيَةِ إِلَيْهِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ فِي وَجْهِهَا مَا يَكُونُ تَمْثِيلًا بِهَا، أَعْتَقَهَا، أَوْ قَضَى بِعَتَاقِهَا عَلَى مَوْلَاهَا الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ تَمْثِيلَهُ بِهَا لَا يُوجِبُ عَتَاقَهَا عَلَيْهِ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ يَقُولُهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ
5334 -
وَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
5335 -
وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ ثُمَّ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ يَزِيدَ وَمِنْ إِبْرَاهِيمَ فِي حَدِيثِهِ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: " سَأَلَنِي عَنِ اسْمِي، فَقُلْتُ: شُعْبَةُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شُعْبَةَ قَالَ: " لَطَمَ رَجُلٌ وَجْهَ خَادِمٍ لَهُ عِنْدَ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، فَقَالَ سُوَيْدٌ:" أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ مُحَرَّمَةٌ؟، لَقَدْ رَأَيْتُنِي، وَأَنَا سَابِعُ سَبْعَةِ إِخْوَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَنَا إِلَّا خَادِمٌ وَاحِدٌ، فَلَطَمَ أَحَدُنَا وَجْهَهُ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَعْتِقَهُ "
⦗ص: 370⦘
قَالَ: فَكَانَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُ أَنْ يَعْتِقَهُ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عَتْقٌ قَبْلَ ذَلِكَ بِلَطْمَتِهِ إِيَّاهُ الَّتِي قَدْ يَكُونُ عَنْهَا إِحْدَاثُ الْمُثْلَةِ بِهِ فِي وَجْهِهِ وَوَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ، مَا هُوَ أَدَلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْعَتَاقِ بِالْفِعْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَهُوَ "
5336 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَاسْمُهُ مَيْسَرَةُ، وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْكُوفَةِ،
⦗ص: 371⦘
عَنْ زَاذَانَ قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَدَعَا عَبْدًا لَهُ، فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ رَفَعَ شَيْئًا مِنَ الْأَرْضِ، وَقَالَ: " مَا لِي فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ مَا يَزِنُ، أَوْ مَا يُسَاوِي هَذِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ ضَرَبَ عَبْدًا لَهُ حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ، كَانَ كَفَّارَتُهُ عِتْقَهُ "
5337 -
وَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ زَاذَانَ قَالَ:" كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَقَدْ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا لَهُ، فَأَخَذَ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ، فَقَالَ: " مَا لِي فِيهِ مِنَ الْأَجْرِ مَا يُسَاوِي هَذَا، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ، فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ "
⦗ص: 372⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَكَانَ ضَرْبُ الْحَدِّ مِنْ أَمْثَلِ الْمَثُلَاتِ، وَمِنَ النَّكَالِ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ عز وجل مِنْ عُقُوبَاتِ الْمُذْنِبِينَ مَا يُوجِبُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَجْعَلْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِعَبْدِهِ، قَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ عَبْدُهُ لِقَوْلِهِ:" فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ "، وَهُوَ قَبْلُ أَنْ يَعْتِقَهُ عَبْدٌ، وَفِيمَا قَدْ ذَكَرْنَا مَا قَدْ قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ لِمَنْ يَنْفِي الْعَتَاقِ بِالْمُثْلَةِ الَّتِي وَصَفْنَا عَلَى مَنْ يُوجِبُهَا فِيمَا ذَكَرْنَا، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ