الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي سَمْنٍ، مِنْ حِلِّ الِانْتِفَاعِ بِهِ
5354 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ قَالَ: " إِنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا، أَوْ مَائِعًا، فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ، أَوْ فَاسْتَنْفِعُوا بِهِ "
⦗ص: 393⦘
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الِاسْتِصْبَاحَ، أَوِ الِاسْتِنْفَاعِ بِالسَّمْنِ النَّجِسِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ رَوَى فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثًا بَيَّنَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى، كَمَا بَيَّنَهُ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا فَقَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ دِينَارٍ الطَّاحِيَّ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَعْمَرٍ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، فَذَكَرَ:
5355 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الطَّاحِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ قَالَ:" إِنْ كَانَ مَائِعًا أُهَرِيقَ، وَإِذَا كَانَ جَامِدًا أُخِذَتْ وَمَا حَوْلَهَا، وَأُكِلَ الْآخَرُ "
⦗ص: 394⦘
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ لَوْ تَفَرَّدَ بِحَدِيثٍ لَكَانَ مَقْبُولًا مِنْهُ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَانْفَرَدَ بِزِيَادَةٍ فِي حَدِيثٍ، كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مَقْبُولَةً مِنْهُ قَالَ: فَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ مَعْمَرٍ، وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمَالِكٌ، فَخَالَفَا مَعْمَرًا فِي إِسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ، فَذَكَرَ:
5356 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ:" سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَقَالَ: " أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَكُلُوهُ "
⦗ص: 395⦘
5357 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَيْمُونَةَ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِهِ
5358 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ مَيْمُونَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ:" يَا رَسُولَ اللهِ؛ فَأْرَةٌ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ، فَقَالَ: " خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْنِ فَاطْرَحُوهُ "
5359 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
⦗ص: 396⦘
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ مَعْمَرٌ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمَالِكٌ، فَلَا نَجْعَلُ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ دَافِعَةً لِلْأُخْرَى، وَلَكِنْ نُصَحِّحُهُمَا جَمِيعًا، وَنَعْمَلُ بِمَا فِيهِمَا فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَقَدْ وَجَدْنَاكُمْ تَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَنْعَ مِمَّا أَطْلَقَهُ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي رُوِّيتُمُوهُ عَنْ مَعْمَرٍ مِنْ إِبَاحَتِهِ الِاسْتِصْبَاحَ بِمَا أَبَاحَ الِاسْتِصْبَاحَ بِهِ فِيهِ
5360 -
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ
5361 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَامَ الْفَتْحِ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ عز وجل قَدْ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْأَصْنَامَ، وَالْمَيْتَةَ، وَالْخِنْزِيرَ "، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: كَيْفَ تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ تُدْهَنُ بِهِ السُّفُنُ وَالْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهِ النَّاسُ؟، فَقَالَ: " هُوَ حَرَامٌ، قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ، لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ جَمَّلُوهَا، فَبَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ "
⦗ص: 397⦘
قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْعُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الِاسْتِصْبَاحِ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شُحُومِ الْمَيْتَةِ، وَبَيْنَ السَّمْنِ الَّذِي قَدْ خَالَطَتْهُ الْمَيْتَةُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ الَّذِيَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، وَالَّذِي فِي هَذَا الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مُخْتَلِفَانِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ الَّتِي هِيَ فِي نَفْسِهَا حَرَامٌ، وَشُحُومِهَا كَذَلِكَ، وَلَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِالْحَرَامِ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ الَّذِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ،
⦗ص: 398⦘
إِنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ بِالسَّمْنِ النَّجِسِ، لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ النَّجِسَةَ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنَ الثِّيَابِ النَّجِسَةِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ نَجَاسَتُهَا مِنْ لِبْسِهَا، وَمِنَ النَّوْمِ فِيهَا، إِذَا كَانَتْ يَابِسَةً، لَا يُصِيبُ الْأَبْدَانَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالسَّمْنِ النَّجِسِ، إِذْ كَانَ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي نَجَّسَهُ هُوَ الْمَيْتَةُ، حَتَّى يَصِحَّ الْحَدِيثَانِ اللَّذَانِ رُوِّينَاهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَلَا يَتَضَادَّانِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى فِي السَّمْنِ النَّجِسِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيُنَ، عَنْ عَطَاءٍ يَعْنِي: ابْنَ السَّائِبِ، عَنْ مَيْسَرَةَ، وَزَاذَانَ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ:" إِذَا سَقَطَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ وَهُوَ جَامِدٌ فَاطْرَحْهَا وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْنِ، ثُمَّ كُلْهُ، وَإِنْ كَانَ السَّمْنُ ذَائِبًا فَخُذْهَا فَأَلْقِهَا، وَاسْتَنْفِعْ بِهِ لِلسِّرَاجِ، وَلَا تَأْكُلْهُ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ،
⦗ص: 399⦘
عَنْ عَبْدِ اللهِ فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، قَالَ:" إِنْ كَانَ جَامِدًا أُلْقِيَ وَمَا حَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا اسْتُصْبِحَ بِهِ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي الدُّهْنِ:" أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ فِيهِ لِلْمِصْبَاحِ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي فَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي زَيْتٍ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَصْبِحُوا بِهِ، وَيُعْطُوهُ الدَّبَّاغَةَ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ: أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي أَمْرَاقٍ لِآلِ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ " اسْتَصْبِحُوا بِهِ، وَادْهَنُوا بِهِ الْأَدَمَ "
وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ:" أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَصْبِحُوا بِهِ، وَيَدْهَنُوا بِهِ الْجُلُودَ "، يَعْنِي: فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ
وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ:" إِنَّهُمْ أَتَوْا سَوِيقًا، فَوَجَدُوا فِيهِ وَزَغَةً مَيْتَةً، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: " لَا تَأْكُلُوا، وَبِيعُوا، وَلَا تَبِيعُوهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَبَيَّنُوا لِمَنْ تَبِيعُونَهُ مِنْهُ " وَكَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا إِطْلَاقُ بَيْعِهِ فَقَالَ قَائِلٌ: أَفَتُجِيزُونَ بَيْعَهُ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ لَمَّا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ نَجَاسَتِهِ كَجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِالثِّيَابِ مَعَ نَجَاسَتِهَا، وَكَانَ بَيْعُ الثِّيَابِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ جَائِزًا، كَانَ بَيْعُ السَّمْنِ الَّذِي هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ جَائِزًا فَإِنْ قَالَ: إِنَّ الثِّيَابَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تُغْسَلَ، فَتَعُودَ طَاهِرَةً، وَالسَّمْنُ لَا يَعُودُ طَاهِرًا أَبَدًا قِيلَ لَهُ: إِنَّ الثِّيَابَ وَإِنْ كَانَتْ كَمَا ذَكَرْتَ، فَإِنَّهَا قَبْلَ أَنْ تَعُودَ إِلَى مَا وَصَفْتَ كَالسَّمْنِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي نَجَاسَتِهِ، وَقَدْ وَجَدْنَا الدُّورَ الَّتِي لَا تَخْلُو مِنَ الْمَخَارِجِ الَّتِي قَدْ نَجَسَتْ مَوَاضِعِهَا بِمَا صَارَ إِلَيْهَا مِمَّا بُنِيَتْ
⦗ص: 402⦘
مِنْ أَجْلِهِ، مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ تَطْهِيرُهَا، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَانِعٍ مِنْ بَيْعِهَا، فَالسَّمْنُ الَّذِي ذَكَرْنَا كَهِيَ فِيمَا وَصَفْنَا، وَقَدْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ
كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ:" أَنَّهُ سَأَلَهُمَا عَنِ الزَّيْتِ تَمُوتُ فِيهِ الْفَأْرَةُ، هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ؟، فَقَالَا: لَا "، فَقُلْنَا: نَبِيعُهُ؟ فَقَالَا: نَعَمْ، ثُمَّ كُلُوا ثَمَنَهُ، وَبَيِّنُوا لِمَنْ تَبِيعُونَهُ مَا وَقَعَ فِيهِ " وَبِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه، وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَبِهِ نَأْخُذُ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ