المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رسالة سابعة: سرقة الدابة - عدة رسائل في مسائل فقهية (مطبوع ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، الجزء الثاني)

[حمد بن ناصر آل معمر]

فهرس الكتاب

- ‌الرسالة الأولى

- ‌(حكم اشترط طلاق الضرة في عقد النكاح)

- ‌(الشروطُ الصحيحة في عقدِ النِّكاح)

- ‌(حكمُ تَراضِي الزوجين علَى تعليقِِ الطَّلاقِ بالتزَوُّجِ عَلَيْها)

- ‌(طَلاقُ غير البالغ)

- ‌أحكام زيادةِ الوكيلِ بالتطليق على الواحدة

- ‌(حكمُ تكرارِ لفظِ التطليقِ في الخُلْع)

- ‌(حُكْمُ مَن أَخَذَ عِوَضَ الخُلْعِ ولَمْ يَنْطِقْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إِنْشَائِهِ)

- ‌(تَعليقُ الطَّلاق)

- ‌(الوصيَّةُ بالأُضحيةِ وأكْلُ ورثةِ المُوصِي منها)

- ‌(المفاضلة بين التضحية عن الميت والتصدق بثمنها)

- ‌(حكمُ من ضحَّى عن غيره قبل نفسه أو وفاء نذره)

- ‌(التفريقُ بين الأمِ وولدها الصغير وبين الأخوةِ في البيع)

- ‌الرسالة الثانية

- ‌(طلب إمام المسجد المعاونة من الفيء أو الزكاة)

- ‌(فروع في العبادات)

- ‌رسالة ثالثةالمنكر الذي يجب إنكاره

- ‌رسالة رابعة كنايات الطلاق

- ‌رسالة خامسة: استخدام الدابة بجزء من الثمرة

- ‌رسالة سادسة: عدة البائن إذا مات زوجها

- ‌رسالة سابعة: سرقة الدابة

- ‌رسالة ثامنة: طلق زوجته في مرض موته وأبانها

- ‌رسالة تاسعة: التهليلات العشر من صلاتي المغرب والفجر

- ‌رسالة عاشرة: ما تضمنته سورة الإخلاص من التوحيد العلمي والعملي

- ‌رسالة حادية عشرة: صفة الواجب والمسنون

- ‌الرسالة الثانية عشرة: عشرة صلاة المسبوق

- ‌الرسالة الثالثة عشرة: اقتتلت فئتان فتفرقوا عن قتيل من أحدهما

- ‌(المسألة الأولى)

- ‌(والمسألة الثانية) :

- ‌(والمسألة الثالثة) :

- ‌(والمسألة الرابعة) :

- ‌(المسألة الخامسة) :

الفصل: ‌رسالة سابعة: سرقة الدابة

الإمام أحمد، ولا بد أن يقيم على إقراره، فإن رجع عن إقراره لم يقم عليه الحد، بل لو شرعوا في إقامة الحد عليه، فرجع ترك، لحديث ماعز، والله أعلم.

‌رسالة سابعة: سرقة الدابة

بسم الله الرحمن الرحيم

من حمد بن ناصر إلى الأخ جمعان جعله الله من أهل العلم، والإيمان، آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والخط وصل -أوصلك الله إلى رضوانه، وكذلك المسائل التي تسأل عنها.

(الأولى) : إذا سرقت الدابة، ونحرت

إلخ.

(فالجواب) : إن الدابة إن سرقت من حرز مثلها كالبعير المعقول الذي عنده حافظ، أو لم يكن معقولا، وكان الحافظ ناظرا إليه أو مستيقظا بحيث يراه، ونحو ذلك مما ذكر الفقهاء في معرفة حرز المواشي، فهذه إذا سرقت من الحرز فعلى السارق القطع بشروطه. فإن لم تكن في حرز فلا قطع على السارق، وعليه غرامة مثلي قيمتها، وهو مذهب الإمام أحمد، واحتج بأن عمر غرم حاطب بن أبي بلتعة حين نحر غلمانه ناقة رجل من مزينة مثلي قيمتها.

وأما من سرق من الثمرة، فإن كان بعدما آواها الجرين فعليه القطع. فإن كان قبل ذلك بأن سرق من الثمر المعلق فلا قطع، وعليه غرامة مثليه في مذهب الإمام أحمد. وقال أكثر الفقهاء: لا يجب فيه أكثر من مثله، وبالغ أبو عمر بن عبد البر، وقال: لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بغرامة مثليه.

والصحيح ما ذهب إليه الإمام أحمد لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه

ص: 51

عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق فقال: "من أصاب منه من ذي حاجة، غير متخذ خبنة1، فلا شيء عليه. ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة. ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن، فعليه القطع" حديث حسن.

قال الإمام أحمد: لا أعلم شيئا يدفعه، وأما ما عدا هذا من الثمرة والماشية، فالمشهور من مذهب الإمام أحمد أنه لا يغرم أكثر من القيمة، إن كان متقوما أو مثله إن كان مثليا، فالأصل وجوب غرامة المثل فقط، المتلف والمغصوب والنهب والاختلاس وسائر ما تجب غرامته مخالفة الأصل في هذين الموضعين لا أثر له، ويبقى ما عداهما على الأصل.

واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله وجوب غرامته المثلية في كل سرقة لا قطع فيها.

وأما قول السائل -وفقه الله- إذا اختلفا في القيمة، ولا بينة لهما، من القول قوله؟ 2 فالظاهر من كلامهم أن القول قول الغارم. وأما قوله إذا سرقها، وباعها على من لا يعرف، فما الحكم؟ فنقول الحكم فيها كما تقدم، وهو غرامة المثلين على ما ذكرنا من تغريم عمر حاطبا، وعلى ما دل عليه حديث عمرو بن شعيب، فإن فيه أن السائل قال: الشاة الحريسة يا نبي الله؟ قال: "ثمنها ومثله معه"3 ولا فرق بين بيع الشاة، وبين ذبحها ونحر الناقة وبيعها.

دبر الرجل جاريته

(وأما المسألة الثانية) : إذا دبر الرجل جاريته كقوله: أنت عتيقة على موتي، أو إذا مت فأنت حرة، فهل بين هذه الألفاظ فرق؟

(فالجواب) : أنه لا فرق بين هذه الألفاظ، بل متى علق صريح العتق بالموت فقال: أنت حرة أو محررة أو عتيقة بعد موتي، صارت مدبرة بغير

1 الخبنة كما في القاموس ما يحمله في حفنه.

2 أي فالقول لمن.

3 ابن ماجه: الحدود (2596) .

ص: 52

خلاف علمته. وأما قوله إذا دبرها، وهي حامل أو حملت بعد التدبير، فما الحكم في ولدها؟

فنقول: أما إذا دبرها وهي حامل، فإن ولدها يدخل معها في التدبير بغير خلاف علمناه، لأنه بمنزلة عضو من أعضائها. وأما إذا حملت بعد التدبير، ففيه خلاف بين العلماء: فذهب الجمهور إلى أنه يتبع أمه في التدبير، ويكون حكمه حكمها في العتق بموت سيدها، وهو مروي عن ابن مسعود، وابن عمر، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن والقاسم ومجاهد والشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك والثوري وأصحاب الرأي.

وذكر القاضي أن حنبلا نقل عن أحمد أن ولد المدبرة عبد إذا لم يشترطه المولى قال: فظاهره أنه لا يتبعها، ولا يعتق بموت سيدها، وهذا قول جابر بن زيد، وهو اختيار المزني من أصحاب الشافعي.

قال جابر بن زيد: إنما هو بمنزلة الحائط تصدقت به إذا مت، فإن ثمرته لك ما عشت، وللشافعي قولان كالمذهبين.

تصرف الفضولي

(وأما المسألة الثالثة) إذا تصرف الفضولي، وأنكره صاحب المال، فلم يجز التصرف، فما الحكم في نماء المبيع؟

(فنقول) : اختلف الفقهاء في تصرف الفضولي إذا أجازه المالك، هل هو صحيح أم لا؟، والخلاف مشهور. وأما إذا لم يجز المالك لم ينعقد أصلا، ولا تدخل هذه المسألة في الخلاف، بل الملك باق على ملك صاحبه، ولا ينتقل بتصرف الفضولي، ونماؤه لمالكه.

وأما قوله: إذا قال الفضولي للمشتري: أنا ضامن ما لحقك من الغرامة، هل يلزمه غرامة النماء؟ فنقول: إن كان المشتري جاهلا أن هذا مال الغير، أو كان عالما لكن جهل الحكم، وغره الفضولي، فما لزم المشتري من الغرامة

ص: 53

من هذا النماء الذي تلف تحت يده، فهو على الضامن من الغار.

إثبات الشفعة بالشركة والطريق

(وأما المسألة الرابعة) وهي قوله على القول بإثبات الشفعة بالشركة والطريق، هل إذا باع إنسان عقاره، وقد وقعت الحدود أن الشركة باقية في البئر والطريق ومسير الماء، هل يأخذ الشفيع المبيع كله لأجل الشركة في هذه الأمور؟ أم لا شفعة له في الطريق ومسير الماء؟

فنقول: على القول بإثبات الشفعة بالشركة في البئر والطريق، يأخذ الشفيع المبيع كله بالشركة في البئر والطريق، ولا يختص ذلك في البئر نفسها ولا بالطريق وحده، وقد نص على ذلك أحمد -رحمه لله- في رواية أبي طالب، فإنه سأله عن الشفعة لمن هي؟ فقال: للجار إذا كان الطريق واحدا؛ فإذا صرفت الطرق، وعرفت الحدود، فلا شفعة.

ويدل على ذلك ما رواه أهل السنن الأربعة من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظره بها، وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا"1.

وفي حديث جابر المتفق عليه: "الشفعة في كل ما لم يقسم؛ فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق، فلا شفعة"2. فمفهوم الحديث الأخير موافق لمنطوق الأول بإثبات الشفعة إذا لم تصرف الطرق، والشركة في البئر تقاس على الشركة في الطريق لأن الشفعة إنما شرعت لإزالة الضرر عن الشريك، ومع بقاء الشركة في البئر والطريق يبقى الضرر بحاله، وهذا اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله، وهو الذي عليه الفتوى.

وأما الشفعة فيما لا ينقل وليس بعقار كالشجر إذا بيع مفردا ونحو ذلك، فاختلف العلماء في ذلك، فالمشهور في المذهب أنها لا تثبت فيه، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي. وعن أحمد رواية أخرى أن الشفعة تثبت

1 الترمذي: الأحكام (1369)، وأبو داود: البيوع (3518)، وابن ماجه: الأحكام (2494) ، وأحمد (3/303)، والدارمي: البيوع (2627) .

2 البخاري: الشفعة (2257)، ومسلم: المساقاة (1608)، والترمذي: الأحكام (1370)، والنسائي: البيوع (4646)، وأبو داود: البيوع (3514)، وابن ماجه: الأحكام (2499) ، وأحمد (3/296،3/399) .

ص: 54

في البناء والغراس، وإن بيع مفردا، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"الشفعة فيما لم يقسم "1، ولأن الشفعة تثبت لدفع الضرر، والضرر فيما لم يقسم أبلغ منه فيما ينقسم، وقد روى الترمذي من حديث عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للشفيع شريك، والشفعة في كل شيء" 2 وقد روي مرسلا، ورواه الطحاوي من حديث جابر مرفوعا، ولفظه:"قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء"3.

وجوب الضيافة

(وأما مسألة الضيافة) والقول بوجوبها، فالضيف على من نزل به. وأما الغائب، ومن لم ينزل به الضيف، فلا يجب عليه معونة المنزول به إلا أن يختار المعين.

إبراء الغريم

(وأما مسألة الغريم) الذي أبرأ غرماءه مما عليهم من الدين، فلما برئ من المرض أراد الرجوع مما زاد على الثلث، فهذا لا رجوع فيه، بل سقط الدين بمجرد إسقاطه، وإنما التفضيل فيما إذا أبرأ من الدين ومات في ذلك المرض.

(وأما الذي أبرأ غريمه على شرط مجهول) بأن شرط عليه ذلولا تمشي في الجهاد دائما، ومتى ماتت اشترى أخرى، أو شرط عليه أضحية كل سنة على الدوام، فهذا لا يصح، والبراءة والحالة هذه لا تصح، والله أعلم.

1 ابن ماجه: الأحكام (2497) .

2 الترمذي: الأحكام (1371) .

3 البخاري: الشركة (2496)، ومسلم: المساقاة (1608)، والنسائي: البيوع (4701)، وأبو داود: البيوع (3514)، وابن ماجه: الأحكام (2499) ، وأحمد (3/296)، والدارمي: البيوع (2628) .

ص: 55