المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رسالة تاسعة: التهليلات العشر من صلاتي المغرب والفجر - عدة رسائل في مسائل فقهية (مطبوع ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية، الجزء الثاني)

[حمد بن ناصر آل معمر]

فهرس الكتاب

- ‌الرسالة الأولى

- ‌(حكم اشترط طلاق الضرة في عقد النكاح)

- ‌(الشروطُ الصحيحة في عقدِ النِّكاح)

- ‌(حكمُ تَراضِي الزوجين علَى تعليقِِ الطَّلاقِ بالتزَوُّجِ عَلَيْها)

- ‌(طَلاقُ غير البالغ)

- ‌أحكام زيادةِ الوكيلِ بالتطليق على الواحدة

- ‌(حكمُ تكرارِ لفظِ التطليقِ في الخُلْع)

- ‌(حُكْمُ مَن أَخَذَ عِوَضَ الخُلْعِ ولَمْ يَنْطِقْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إِنْشَائِهِ)

- ‌(تَعليقُ الطَّلاق)

- ‌(الوصيَّةُ بالأُضحيةِ وأكْلُ ورثةِ المُوصِي منها)

- ‌(المفاضلة بين التضحية عن الميت والتصدق بثمنها)

- ‌(حكمُ من ضحَّى عن غيره قبل نفسه أو وفاء نذره)

- ‌(التفريقُ بين الأمِ وولدها الصغير وبين الأخوةِ في البيع)

- ‌الرسالة الثانية

- ‌(طلب إمام المسجد المعاونة من الفيء أو الزكاة)

- ‌(فروع في العبادات)

- ‌رسالة ثالثةالمنكر الذي يجب إنكاره

- ‌رسالة رابعة كنايات الطلاق

- ‌رسالة خامسة: استخدام الدابة بجزء من الثمرة

- ‌رسالة سادسة: عدة البائن إذا مات زوجها

- ‌رسالة سابعة: سرقة الدابة

- ‌رسالة ثامنة: طلق زوجته في مرض موته وأبانها

- ‌رسالة تاسعة: التهليلات العشر من صلاتي المغرب والفجر

- ‌رسالة عاشرة: ما تضمنته سورة الإخلاص من التوحيد العلمي والعملي

- ‌رسالة حادية عشرة: صفة الواجب والمسنون

- ‌الرسالة الثانية عشرة: عشرة صلاة المسبوق

- ‌الرسالة الثالثة عشرة: اقتتلت فئتان فتفرقوا عن قتيل من أحدهما

- ‌(المسألة الأولى)

- ‌(والمسألة الثانية) :

- ‌(والمسألة الثالثة) :

- ‌(والمسألة الرابعة) :

- ‌(المسألة الخامسة) :

الفصل: ‌رسالة تاسعة: التهليلات العشر من صلاتي المغرب والفجر

‌رسالة تاسعة: التهليلات العشر من صلاتي المغرب والفجر

(قال جامع الرسائل) : ومن جواب أسئلة وردت على حمد بن ناصر رحمه الله وعفا عنه- قال:

(التهليلات العشر من صلاتي المغرب والفجر)

الحمد لله، أما المسائل التي سألت عنها، فأولها السؤال عن التهليلات العشر بعد صلاة الصبح والمغرب، إذا كان قد ثبت في الأحاديث:"من قال قبل أن ينصرف - وفي لفظ دبر المغرب والصبح -: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له" 1 إلخ، وهو الذي يفعله الناس اليوم من الجهر، هل كان من هديه صلى الله عليه وسلم وفعله أصحابه والتابعون؟ وما أصل هذه التهليلات؟

فنقول، وبالله التوفيق: أما أصل التهليلات العشر، فهو ما أشار إليه السائل - وفقه الله- من الأحاديث الواردة فيه، فروى الترمذي في سننه حديث أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قال في دبر صلاة الصبح، وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي، ويميت، وهو على كل شيء قدير - عشر مرات -، كتب له عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات" 2

الحديث.

وروى الترمذي أيضا، والنسائي في اليوم والليلة من حديث عمارة بن شبيب مرفوعا:"من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، على إثر المغرب، بعث الله له مَسْلحةً يحفظونه حتى يصبح" 3 الحديث. قال الترمذي: غريب. فهذان

1 أحمد (4/226) .

2 الترمذي: الدعوات (3474) .

3 الترمذي: الدعوات (3534) .

ص: 60

الحديثان هما أصل التهليلات العشر بعد صلاة الصبح والمغرب، وهما حجة على استحباب هذه التهليلات، ولهذا استحبها العلماء، وذكروها في الأذكار المستحبة دبر الصلاة، وأن المصلي يهلل بهن دبر صلاة الفجر وصلاة المغرب.

(المأثور في الأذكار عقب الصلاة ورفع الصوت بها)

وأما قول السائل: هل كان هذا من هديه صلى الله عليه وسلم أو فعله أصحابه؟ فهذا لم يبلغنا من فعله – صلى الله عليه وسلم، والذي ثبت عنه الترغيب في ذلك، ويترتب الأجر العظيم على فعله، وذلك كاف في استحبابه. وهذا له نظائر كثيرة في السنة: فإذا وردت الأحاديث بالحث على شيء من العبادات ورغب فيه الشارع ثبت أنها مستحبة، وإن لم يرد عن النبي – صلى الله عليه وسلم أنه فعلها لم تستحب. ومن تأمل الأحاديث عرف ذلك، وليس في هذا اختلاف بين العلماء، وإنما الخلاف بينهم في استحباب رفع الصوت بالذكر عقب الصلاة المكتوبة، لأنه قد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس:"أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم "1.

قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك، يعني بالجهر. ولهذا اختلف العلماء، هل الأصل الإسرار كما هو المشهور عند أتباع الأئمة؟ أم الجهر أفضل لهذا الحديث الصحيح؟ قال في الفروع: وهل يستحب الجهر لذلك كقول بعض السلف والخلف، وقاله شيخنا، أم لا؟ كما ذكره أبو الحسن بن بطال وجماعة، وأنه قول أهل المذاهب المتبوعة وغيرهم، وظاهر كلام أصحابنا مختلف، ويتوجه تخريج واحتمال يجهر لقصد التعليم فقط، ثم يتركه، وفاقا للشافعي، وحمل الشافعي خبر ابن عباس على هذا. انتهى

1 البخاري: الأذان (841)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (583)، وأبو داود: الصلاة (1003) ، وأحمد (1/367) .

ص: 61

كلامه. فهذا الاختلاف في استحباب الجهر بعد الصلوات بالأذكار الواردة من حيث الجملة، وحديث ابن عباس دليل على الاستحباب. وأما تخصيص هذه التهليلات بالجهر دون غيرها من الأذكار، فلم نعلم له أصلا، ولكن لما أثبت ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صح الاستدلال به على رفع الصوت بالتهليلات؛ إذ هو من جملة الأذكار الواردة، فمن رفع صوته بذلك لم ينكر عليه، بل يقال: رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة مستحب، ومن أسر لم ينكر عليه، لأن ذلك من مسائل الاختلاف بين العلماء، وكل منهم قد قال باجتهاده، رضي الله عنهم.

(حكم التلقيح بالجدري)

وأما السؤال عن التوتين الذي يفعله العوام يأخذون قيحا من المجدور، ويشقون جلد الصحيح، ويجعلونه في ذلك المشقوق يزعمون أنه إن جدر يخفف عنه، فهذا ليس من التمائم المنهي عن تعليقها فيما يظهر لنا، وإنما هو من التداوي عن الداء قبل نزوله كما يفعلون بالمجدور إذا أخذته حمى الجدري لطخوا رجليه بالحنا لئلا يظهر الجدري في عينيه، وقد جرب ذلك، فوجد له تأثير، وهؤلاء يزعمون أن التوتين من الأسباب المخففة للجدري.

والذي يظهر لنا فيه الكراهة، لأن فاعله يستعجل به البلاء قبل نزوله إلا أنه في الغالب إذا وتن ظهر فيه الجدري، فربما قتله، فيكون الفاعل لذلك قد أعان على قتل نفسه، كما قد ذكره العلماء فيمن أكل فوق الشبع؛ فمات بسبب ذلك فهذا وجه الكراهة1.

1 يظهر أن هذا التوتين الذي يسمى الآن التلقيح أو التطعيم لم يكن في عصر هذا المفتي أو في بلاده قد نجح كنجاحه المعروف الآن حتى في أمراض أخرى غير الجدري، ولذلك أثبت أنه مظنة الضرر فيكون مكروها، وقد حرمه في أول ظهوره كثير من أهل البلاد، والملل المختلفة حتى الإنكليز، وقد ثبت من عهد بعيد أنه يقي من هذا الداء الفتاك المشوه، وأن تأثير التلقيح الواقي خفيف جدا يتحمله الأطفال بسهولة، فالقول بوجوبه غير بعيد.

ص: 62

(التوسل إلى الخالق بالمخلوقين)

وأما السؤال عن قول الخارج إلى الصلاة: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، فهذا ليس فيه دليل على السؤال بالمخلوق كما قد توهمه بعض الناس، فاستدل به على جواز التوسل بذوات الأنبياء والصالحين، وإنما هو سؤال الله – تعالى- بما أوجبه على نفسه فضلا وكرما، لأنه يجيب سؤال السائلين إذا سألوه كما قال تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} 1، ونظيره قوله:{وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} 2، وقوله {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} 3، وقوله:{كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} 4.

هذا معنى ما ذكر العلماء في الحديث الوارد في ذلك إن صح، وإلا فهو ضعيف. وعلى تقدير صحته، فهو من باب السؤال بصفات الله، لا من السؤال بذات المخلوقين، والله أعلم.

1 سورة البقرة آية: 186.

2 سورة الروم آية: 47.

3 سورة هود آية: 6.

4 سورة يونس آية: 103.

ص: 63