الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حال المصافة، وجهله مصافه أيضا أنه لا يكون فذا. قال في الإنصاف عند قول المصنف: ومن لم يقف معه إلا كافر أو امرأة أو محدث يعلم حدثه فهو فذ.
قال: (تنبيه) مفهوم كلام المصنف أنه إذا لم يعلم حدثه بل جهله، وجهله مصافه أيضا، أنه لا يكون فذا، وهو صحيح، وهو المذهب، نص عليه، وجزم به في الفائق والشرح، وقدمه في الفروع. وقال القاضي: وغيره حكمه حكم جهل المأموم حدث الإمام على ما سبق، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الرسالة الثالثة عشرة: اقتتلت فئتان فتفرقوا عن قتيل من أحدهما
وهذه مسائل أخر سئل عنها الشيخ الإمام أحمد بن ناصر رحمه الله.
(المسألة الأولى)
إذا التقى فئتان من المسلمين، ووقع بينهما قتال، وقتل من إحدى الطائفتين رجل، وعلم قاتله بعينه، ورضوا بالدية، فهل تكون الدية على القاتل أم على جميع الطائفة؟
فنقول، وبالله التوفيق: إذا اقتتلت طائفتان لعصبية أو رياسة، ونحو ذلك فهما ظالمتان، وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى، صرح بذلك في الشرح الكبير والإنصاف والإقناع، والشيخ تقي الدين في السياسة الشرعية. قال في الإنصاف بعد قوله:"وتضمن كل، واحدة ما أتلفته على الأخرى": وهذا بلا خلاف أعلمه، لكن قال الشيخ تقي الدين: إن جهل قدر ما تهبه كل طائفة تساقطا، كمن جهل الحرام من ماله أخرج نصفه، والباقي له.
وقال أيضا: أوجب الأصحاب الضمان على مجموع الطائفة، وإن لم يعلم عين المتلف. قال في الإقناع وشرحه: فلو دخل بينهم بصلح، وجهل قاتله ضمناه، وإن علم قاتله من طائفة، وجهل عينه ضمنته وحدها. قال ابن عقيل:
ويفارق المقتول في زحام الجامع والطواف، أن الزحام والطواف ليس فيه تعد، بخلاف الأول. انتهى.
قال مالك في الموطأ في جماعة اقتتلوا، فانكشفوا، وبينهم قتيل أو جريح لا يدرى من فعل ذلك به: إن أحسن ما سمعه في ذلك العقل، وإن عقله على القوم الذين نازعوه، وإن كان القتيل أو الجريح من غير الفريقين، فعقله على الفريقين جميعا. انتهى. وقال في الشرح الكبير: إذا اقتتلت الفئتان، فتفرقوا عن قتيل من أحدهما، فاللوث على الطائفة الأخرى، ذكره القاضي. فإن كانوا بحيث لا يقتله سهام بعضهم بعضا، فاللوث على عاقلة القتيل، وهذا قول الشافعي. وروي عن أحمد أن عقل القتيل على الذين نازعوهم فيما إذا اقتتلت الفئتان إلا أن يدعوا على واحد بعينه، وهذا قول مالك. وقال ابن أبي ليلى: عقله على الفريقين جميعا، لأنه يحتمل أنه مات من فعل أصحابه، فاستوى الجميع فيه.
وعن أحمد في قوم اقتتلوا، فقتل بعضهم وجرح بعض، فدية المقتولين على المجروحين تسقط منها دية الجراح. انتهى.
وقال في الإنصاف بعد ما ذكر نص أحمد هذا: قال الإمام أحمد: قضى به علي، وحمله على من ليس به جرح من دية القتلى شيء فيه وجهان، قال ابن حامد: قلت: الصواب على أنهم يشاركونهم في الدية انتهى.
فهذا كلام الفقهاء فيما إذا جهل عين القاتل، وأما إذا علم القاتل، ففيه تعلق الحكم به، فإن كان القتل عمدا، فأولياؤه يخيرون إن شاؤوا اقتصوا، أو إن شاؤوا أخذوا الدية، فإن قبلوا الدية فهو من مال القاتل دون العاقلة، ولا شيء على الطائفة التي هو منها إلا أن يكونوا قطاع الطريق لأنهم ردؤهم ومباشرهم سواء، وكذا إن تواطؤوا على قتله؛ فقتله بعضهم، وأعانه الآخرون