الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها ما رواه الدارمي في سننه وأبو نعيم في الحلية عن زياد بن حدير قال، قال لي عمر رضي الله عنه: هل تعرف ما يهدم الإسلام، قال قلت: لا. قال: «يهدمه زلة عالم وجدال المنافق بالكتاب وحكم الأئمة المضلين» . وهذه الأحاديث يشد بعضها بعضاً، وفيها أبلغ تحذير من الاغترار بزلات العلماء والأخذ بها.
وإذا علم هذا فليعلم أيضاً أنه لا يجوز كتمان ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بل لا بد من تبليغه ولا يلتفت إلى نهي من نهى عن ذلك وأنكره.
فصل
وقد اختلف في الضمير في قوله «خلق الله آدم على صورته» على من يعود الضمير.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ثلاثة أقوال في ذلك، أحدها: وهو قول الأكثر أنه يعود على المضروب لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه.
قلت وإلى هذا ذهب ابن خزيمة فقال في «كتاب التوحيد» بعد إيراده لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في ذلك من عدة طرق. قال أبو بكر توهم بعض من لم يتحر العلم أن قوله «على صورته» يريد صورة الرحمن عز ربنا وجل عن أن يكون هذا معنى الخبر. بل معنى قوله «خلق الله آدم على صورته» الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم. أراد صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب والذي قبح وجهه، فزجر صلى الله عليه وسلم أن يقول ووجه من أشبه وجهك لأن وجه آدم شبيه وجه بنيه فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم. قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك كان مقبحاً وجه آدم صلوات الله
وسلامه عليه الذي وجوه بنيه شبيهة بوجه أبيهم. فتفهموا رحمكم الله. معنى الخبر لا تغلطوا ولا تغالطوا فتضلوا عن سواء السبيل وتحملوا على القول بالتشبيه الذي هو ضلال.
هذا نص كلام ابن خزيمة على حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصورة وهو معدود من زلاته لأنه قد ذهب إلى قول الجهمية في تفسيره لمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم على صورته» وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه المسمى «نقض أساس التقديس» عن الشيخ أبي الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي (1) الشافعي أنه قال في كتابه الذي سماه «الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاماً لذوي البدع والفضول» فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة فغير مقبول وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف غير مجهول نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة تأويل الحديث «خلق آدم على صورته» فإنه يفسر ذلك بذلك التأويل ولم يتابعه عليه من قبله من أئمة الحديث لما روينا عن أحمد رحمه الله تعالى. ولم يتابعه أيضاً من بعده، حتى رأيت في «كتاب الفقهاء» للعبادي الفقيه أنه ذكر الفقهاء وذكر عن كل واحد منهم مسألة تفرد بها، فذكر الإمام ابن خزيمة وأنه تفرد بتأويل هذا الحديث «خلق آدم على صورته» على أني سمعت عدة من المشايخ رووا أن ذلك التأويل مزور مربوط على ابن خزيمة وإفك مفترى عليه. فهذا وأمثال ذلك من التأويل لا نقبله ولا نلتفت إليه بل نوافق ونتابع ما اتفق الجمهور عليه. قال شيخ الإسلام أبو العباس وقد ذكر الحافظ أبو موسى المديني فيما جمعه من مناقب الإمام الملقب بقوام
(1) الكرجي بفتح الكاف والراء وبالجيم نسبة إلى الكرج وهي بلدة من بلاد الجبل بين أصبهان وهمدان.
السنة أبي القاسم إسماعيل بن محمد التيمي صاحب «كتاب الترغيب والترهيب» قال سمعته يقول: أخطأ محمد بن إسحاق بن خزيمة في حديث الصورة. ولا يطعن عليه بذلك بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب. قال أبو موسى أشار بذلك إلى أنه قل من إمام إلا وله زلة فإذا ترك ذلك الإمام لأجل زلته ترك كثير من الأئمة، وهذا لا ينبغي أن يفعل. انتهى.
وقال الذهبي في كتابه «سير أعلام النبلاء» في ترجمة ابن خزيمة وكتابه في التوحيد مجلد كبير، وقد تأول في ذلك حديث الصورة. فليعذر من تأول بعض الصفات. وأما السلف فما خاضوا في التأويل. بل آمنوا وكفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله: ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده - مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق- أهدرناه وبدعناه، لقل من يسلم من الأئمة معنا. رحم الله الجميع بمنه وكرمه».
وقد ذكر ابن قتيبة في كتابه المسمى «تأويل مختلف الحديث» عدة أقوال من أقوال أهل الكلام في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم على صورته» ومنها أن المراد أن الله جل وعز خلق آدم على صورة الوجه، قال ابن قتيبة: وهذا لا فائدة فيه، والناس يعلمون أن الله تبارك وتعالى خلق آدم على خلق ولده ووجهه على وجوههم، وزاد قوم في الحديث أنه عليه السلام مر برجل يضرب وجه رجل آخر فقال:«لا تضربه فإن الله تعالى خلق آدم عليه السلام على صورته» أي صورة المضروب، وفي هذا القول من الخلل ما في الأول. انتهى وسيأتي ذكر ما أشار إليه من الخلل في القول الأول إن شاء الله تعالى والزيادة التي ذكرها ابن قتيبة في حديث الصورة لا أصل لها ولم أرها في شيء من الروايات الصحيحة. وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية أنه لا أصل لذلك ولا يعرف في شيء من كتب الحديث.
وقد رد الإمام أحمد رحمه الله تعالى على من قال إن الضمير في قول
النبي صلى الله عليه وسلم: «خلق الله آدم على صورته» يعود على المضروب ونص على أن هذا قول الجهمية.
قال الطبراني في «كتاب السنة» حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي إن رجلاً قال خلق الله آدم على صورته، أي صورة الرجل، فقال: كذب هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا، وقد نقل الحافظ الذهبي هذه الرواية في «الميزان» في ترجمة حمدان بن الهيثم، ونقلها الحافظ ابن حجر في آخر «كتاب العتق» من «فتح الباري» .
القول الثاني: أن الضمير يعود على آدم، قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»: زعم بعضهم أن الضمير يعود على آدم، أي على صفته أي خلقه موصوفاً بالعلم الذي فضل به الحيوان. قال الحافظ: وهذا محتمل. قلت: ما أبعده من الاحتمال وإنما هو قول باطل مردود بالنص على أن الله خلق آدم على صورة الرحمن. وسيأتي ذكر هذا النص قريباً إن شاء الله تعالى.
والقول بأن الضمير يعود على آدم وأن الله تعالى خلق آدم على صورته، أي على صورة آدم مروي عن أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي. وبه يقول بعض أكابر العلماء بعد القرون الثلاثة المفضلة، وهو معدود من زلاتهم، وقد ذكر ابن قتيبة هذا القول عن أهل الكلام والمراد بأهل الكلام عند أهل السنة أهل الكلام الباطل الذي ذمه السلف وحذروا منه - قال في كتابه الذي سماه «تأويل مختلف الحديث» وقد اضطرب الناس في تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إنه خلق آدم عليه السلام على صورته» فقال قوم من أصحاب الكلام: أراد خلق آدم على صورة آدم، لم يزد على ذلك. قال ابن قتيبة ولو كان المراد هذا ما كان في الكلام فائدة، ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته والسباع على صورها والأنعام على صورها، قال وقال قوم:
إن الله تعالى خلق آدم على صورة عنده، وهذا لا يجوز لأن الله عز وجل لا يخلق شيئاً من خلقه على مثال.
قلت: وهذا القول يرجع إلى قول من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم. قال ابن قتيبة: ولما وقعت هذه التأويلات المستكرهة وكثر التنازع حمل قوماً اللجاج على أن زادوا في الحديث فقالوا: روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله عز وجل خلق آدم على صورة الرحمن» يريدون أن تكون الهاء في «صورته» لله جل وعز وأن ذلك يتبين بأن يجعلوا الرحمن مكان الهاء. ثم تكلم ابن قتيبة في رد لحديث بما لا حاصل تحته - إلى أن قال- فإن صحت رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تأويل ولا تنازع فيه.
قلت: قد صحت الرواية بذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما وصححها أحمد وإسحاق بن راهويه وسيأتي بيان صحة الحديث إن شاء الله تعالى.
قال ابن قتيبة ولم أر في التأويلات شيئاً أقرب من الاطراد ولا أبعد من الاستكراه من تأويل بعض أهل النظر فإنه قال فيه: أراد أن الله تعالى خلق آدم في الجنة على صورته في الأرض. كأن قوماً قالوا كان من طوله في الجنة كذا ومن حليته كذا ومن نوره كذا ومن طيب رائحته كذا. لمخالفة ما يكون في الجنة ما يكون في الدنيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم» يريد في الجنة «على صورته» يعني في الدنيا.
قلت: وهذا القول يرجع إلى قول من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم. قال ابن قتيبة: ولست أحتم بهذا التأويل على هذا الحديث ولا أقضي بأنه مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لأني قرأت في التوراة: «أن الله جل وعز لما خلق السماء والأرض قال: نخلق بشراً بصورتنا فخلق آدم من أدمة الأرض ونفخ في وجهه نسمة الحياة» وهذا لا يصلح له ذلك التأويل، وكذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن
موسى صلى الله عليه وسلم ضرب الحجر لبني إسرائيل فتفجر وقال: «اشربوا يا حمير» فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: «عمدت إلى خلق من خلقي خلقتهم على صورتي فشبهتهم بالحمير» فما برح حتى عوتب، هذا معنى الحديث.
قال أبو محمد بن قتيبة والذي عندي -والله تعالى أعلم- أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد. انتهى كلام ابن قتيبة.
وقد رد الإمام أحمد رحمه الله تعالى على من قال: إن الضمير في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خلق الله آدم على صورته» أي على صورة آدم ونص على أنه من أقوال الجهمية. ذكر ذلك القاضي أبو الحسين في «طبقات الحنابلة» عن أبي جعفر محمد بن علي الجرجاني المعروف بحمدان قال: سألت أبا ثور عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق آدم على صورته» فقال على صورة آدم، وكان هذا بعد ضرب أحمد بن حنبل والمحنة، فقلت لأبي طالب: قل لأبي عبد الله فقال أبو طالب: قال لي أحمد بن حنبل صح الأمر على أبي ثور. من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي. وأي صورة كان لآدم قبل أن يخلقه. وروى الخلال عن أبي طالب من وجهين قال: سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل يقول من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي .. وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه. وروى الخلال أيضاً عن المروذي أنه قال: أظن أني ذكرت لأبي عبد الله عن بعض المحدثين بالبصرة أنه قال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خلق الله آدم على صورته» قال صورة الطين: قال هذا جهمي. وقال
نسلم الخبر كما جاء. قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في رده على الرازي: فأخبر أحمد أن هذا جهمي كما أن من قال على صورة الأرحام فهو جهمي لأن الجهمية هم الذين ينكرون الصفات ويتأولون ما ورد في ذلك من الأخبار والآيات انتهى. وقال القاضي أبو الحسين في «طبقات الحنابلة» في ترجمة عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق - وهو من أصحاب الإمام أحمد- قال محمد بن جعفر: سألت عبد الوهاب عن أبي ثور فقال: أتدين فيه بما حدثني به أبو طالب عن أبي عبد الله أنه سأله عنه فقال: يجفى ويجفى من أفتى برأيه. وقال زكريا بن الفرج سألت عبد الوهاب غير مرة عن أبي ثور فأخبرني أن أبا ثور جهمي، وذلك أنه قطع بقول أبي يعقوب الشعراني، حكى أنه سأل أبا ثور عن خلق آدم فقال: إنما هو على صورة آدم ليس هو على صورة الرحمن.
قال زكريا: فقلت ذلك لعبد الوهاب: ما تقول في أبي ثور فقال: ما أدين فيه إلا بقول أحمد بن حنبل، يهجر أبو ثور ومن قال بقوله، قال زكريا وقلت لعبد الوهاب مرة أخرى وقد تكلم في هذه المسألة:«خلق الله آدم على صورته» فقال: من لم يقل إن الله خلق آدم على صورة الرحمن فهو جهمي.
وذكر الذهبي في «الميزان» في ترجمة حمدان بن الهيثم أنه يروى عن أبي مسعود أحمد بن الفرات وعنه أبو الشيخ ووثقه، قال الذهبي: لكنه أتى بشيء منكر عن أحمد -يعني ابن الفرات- عن أحمد بن حنبل في معنى قوله عليه السلام: «إن الله خلق آدم على صورته» زعم أنه قال صوّر الله صورة آدم قبل خلقه ثم خلقه على تلك الصورة. فأما أن يكون خلق الله آدم على صورته فلا فقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].
قال يحيى بن مندة في مناقب أحمد قال المظفر بن أحمد الخياط
في كتاب «السنة» وحمدان بن الهيثم يزعم أن أحمد قال: صور الله صورة آدم قبل خلقه، وأبو الشيخ فوثقه في «كتاب الطبقات» ويدل على بطلان روايته ما رواه حمدان بن علي الوراق الذي هو أشهر من حمدان بن الهيثم وأقدم أنه سمع أحمد بن حنبل وسأله رجل عن حديث خلق آدم على صورته على صورة آدم فقال أحمد: فأين الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة الرحمن، ثم قال أحمد: وأي صورة لآدم قبل أن يخلق - ثم ذكر الذهبي ما رواه الطبراني عن عبد الله بن أحمد عن أبيه، وتقدم ذكره في آخر الكلام في رد القول الأول - قال الذهبي وقيل إن أبا عمر بن عبد الوهاب هجر أبا الشيخ لمكان حكاية حمدان وقال: إن أردت أن أسلم عليك فأخرج من كتابك حكاية حمدان بن الهيثم.
قلت: هذا القول الذي ذكره حمدان بن الهيثم عن أحمد لا شك أنه مفترى على أحمد بن حنبل، وجميع الروايات التي تقدم ذكرها عن أحمد رحمه الله تعالى في الرد على من أعاد الضمير في حديث الصورة على المضروب وعلى من أعاده على آدم كلها صريحة في الرد على من افترى على الإمام أحمد ونسب إليه القول الذي قد نص على أنه من أقوال الجهمية.
القول الثالث: أن الضمير يعود على الله تعالى قال الحافظ ابن حجر في: «فتح الباري» قال القرطبي: أعاد بعضهم الضمير على الله تعالى متمسكاً بما ورد في بعض طرقه «أن الله خلق آدم على صورة الرحمن» .
قلت: هذا هو قول أهل السنة والجماعة، وسيأتي النص على ذلك في حديثي ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما، وقد ذكر الإمام أحمد هذا القول فيما أملاه على بعض أصحابه من أقوال أهل السنة
والجماعة، قال القاضي أبو الحسين في:«طبقات الحنابلة» في ترجمة أبي جعفر محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي، نقلت من خط أحمد الشنجي بإسناده قال سمعت محمد بن عوف يقول، أملى علي أحمد بن حنبل -فذكر جملة من المسائل التي أملاها عليه مما يعتقده أهل السنة والجماعة، ومنها وأن آدم صلى الله عليه خلق على صورة الرحمن كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه ابن عمر عن سول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: هذا الحديث رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب «السنة» قال حدثني أبو معمر حدثنا جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن» رجاله رجال الصحيح، وأبو معمر اسمه إسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهذلي، وجرير هو ابن عبد الحميد الضبي، والأعمش اسمه سليمان بن مهران وعطاء هو ابن أبي رباح وقد رواه ابن أبي عاصم في كتاب «السنة» وابن خزيمة في «كتاب التوحيد» عن يوسف بن موسى -وهو القطان- عن جرير ابن عبد الحميد عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن» هذا لفظه عند ابن أبي عاصم، ولفظه عند ابن خزيمة «لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن» ورواه البيهقي في «كتاب الأسماء والصفات» من طريق عثمان بن أبي شيبة عن جرير فذكره بمثل رواية عبد الله بن أحمد. ورواه أبو بكر الآجري في كتاب «الشريعة» عن أبي محمد عبد الله بن صالح البخاري قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال حدثنا جرير بن عبد الحميد، فذكره بمثل رواية ابن خزيمة، ورواته كلهم
ثقات. أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال فيه أبو علي الحافظ ثقة مأمون، وقال أبو بكر الإسماعيلي ثقة ثبت، وقال أبو الحسين ابن المنادي هو أحد الثقات وأهل الصلاح والفهم لما يحدث به، وبقية رجاله رجال الصحيح.
ورواه الدارقطني في «كتاب الصفات» من طريق هارون بن معروف عن جرير فذكره بمثل رواية عبد الله بن أحمد، وقد رواه ابن خزيمة في «كتاب التوحيد» عن عطاء مرسلاً فقال حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبح الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن» أبو موسى هو المعروف بالزمن وهو ثقة ثبت احتج سائر الأئمة بحديثه.
وقد ادعى الألباني في تعليقه على «كتاب السنة» لابن أبي عاصم أن هذا المرسل أصح من الموصول، وهذه دعوى لا دليل عليها فلا تقبل، وكما أن الأعمش قد روى الموصول بالعنعنة عن حبيب بن أبي ثابت فكذلك الثوري قد روى المرسل بالعنعنة عن حبيب بن أبي ثابت، وكل من الأعمش والثوري مدلس، وكل منهما من المرتبة الثانية من المدلسين فلا مزية إذاً لإسناد المرسل على إسناد الموصول، وقد قال الحافظ ابن حجر في تعريف المرتبة الثانية من المدلسين أنه من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى كالثوري، وذكر أيضاً الأعمش في هذه المرتبة، وعلى هذا فينبغي أن يساوى بين الأعمش والثوري في الرواية عن حبيب بن أبي ثابت إذ لا فرق بينهما في مرتبة التدليس.
وقد أعل ابن خزيمة الحديث الموصول عن ابن عمر رضي الله عنهما بثلاث علل إحداهن أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده فأرسل
الثوري ولم يقل عن ابن عمر، والثانية أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت، والثالثة أن حبيب بن أبي ثابت أيضاً مدلس لم يعلم أنه سمعه من عطاء، وقد تبعه الألباني على تعليل الحديث بهذه العلل الثلاث.
والجواب عن هذا التعليل من وجوه أحدها أن يقال إن العلل التي ذكرها ابن خزيمة والألباني واهية جداً، فأما مخالفة الثوري للأعمش فإنها لا تؤثر في رواية الأعمش لأن كلاً منهما حافظ إمام وشيخ من شيوخ الإسلام، وقد قال ابن عيينة: كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله وأحفظهم للحديث وأعلمهم بالفرائض، وقال عمرو بن علي الفلاس: كان الأعمش يسمى المصحف من صدقه، وقال يحيى القطان: الأعمش علامة الإسلام وقال شعبة: ما شفاني أحد في الحديث ما شفاني الأعمش، وقال عبد الله بن داود الخريبي كان شعبة إذا ذكر الأعمش قال: المصحف المصحف، وقال ابن عمار: ليس في المحدثين أثبت من الأعمش وقال يحيى بن معين: كان جرير إذا حدث عن الأعمش قال: هذا الديباج الخسرواني وقال ابن المديني: حفظ العلم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ستة عمرو بن دينار بمكة والزهري بالمدينة وأبو إسحاق السبيعي والأعمش بالكوفة وقتادة ويحيى بن أبي كثير بالبصرة، وفضائل الأعمش كثيرة جداً وهو من شيوخ الثوري، ومن كان بهذه المثابة من الفضائل فروايته لا تعلل بمخالفة الثوري له لأنه قد حفظ ما لم يحفظه الثوري.
وأما عنعنة الأعمش في روايته عن حبيب بن أبي ثابت فإنها لا تؤثر في صحة الإسناد لأن الأعمش معدود من المرتبة الثانية من المدلسين، ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في كتابه الذي سماه «تعريف أهل التقديس،
بمراتب الموصوفين بالتدليس» وذكر أن أهل هذه المرتبة قد احتمل الأئمة تدليسهم وأخرجوا لهم في الصحيح لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما رووا. وأيضاً فإن موافقة الثوري للأعمش في رواية الحديث عن حبيب بن أبي ثابت تدل على أن الأعمش لم يدلس في روايته عنه.
وأما عنعنة حبيب بن أبي ثابت في روايته عن عطاء فإنها لا تؤثر في صحة الإسناد لأن الظاهر أنه لم يدلس في هذه الرواية، ويدل على ذلك أنه كان يروي عن ابن عمر رضي الله عنهما مباشرة فلو كان قد دلس في هذا الحديث لكان جديراً أن يرويه عن ابن عمر رضي الله عنهما بدون واسطة بينه وبينه ليحصل له علو الإسناد ولكن لما رواه عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما دل ذلك على أنه لم يدلس في روايته، وقد قال ابن أبي مريم عن ابن معين أنه قال: في حبيب بن أبي ثابت ثقة حجة قيل له ثبت قال نعم إنما روى حديثين قال أظن يحيى يريد منكرين، حديث المستحاضة تصلي وإن قطر الدم على الحصير. وحديث القبلة للصائم، وقال ابن عدي هو ثقة حجة كما قال ابن معين، ويؤخذ من قول ابن معين وابن عدي أن رواية حبيب عن عطاء لا تؤثر فيها العنعنة.
الوجه الثاني: أن يقال إن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه قد صححا حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي فيه «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن» وقد قال قتيبة بن سعيد، أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إماما الدنيا. رواه الخطيب في تاريخه. وقد تقدم ما ذكره القاضي أبو الحسين في «طبقات الحنابلة» مما أملاه الإمام أحمد على محمد بن عوف الطائي من عقيدة أهل السنة والجماعة، ومنه وأن آدم صلى الله عليه خلق على صورة الرحمن كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدم أيضاً ما ذكره الحافظ الذهبي في «الميزان» عن حمدان بن علي الوراق
أنه سمع أحمد وسأله رجل عن حديث «خلق آدم على صورته» على صورة آدم فقال أحمد: فأين الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن» .
وقال الخلال: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: قلت لأبي عبد الله كيف تقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم «خلق الله آدم على صورته» قال: الأعمش يقول عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر، قال: وقد رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «على صورته» فنقول كما جاء الحديث.
وقال الخلال أيضاً أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: سمعت إسحاق يعني بن راهويه يقول قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نطق به، قال إسحاق: حدثنا جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن» وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في كتابه الذي سماه «نقض أساس التقديس» ما رواه الخلال عن إسحاق بن راهويه ثم قال: فقد صحح إسحاق حديث ابن عمر مسنداً خلاف ما ذكره ابن خزيمة وقال الحافظ الذهبي في: «الميزان» في ترجمة أبي الزناد، قال حرب سمعت إسحاق بن راهويه يقول صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورة الرحمن، وقال الكوسج: سمعت أحمد بن حنبل يقول هذا الحديث صحيح، قال الذهبي: قلت وهو مخرج في الصحاح انتهى .. وقال الحافظ ابن حجر في آخر كتاب العتق من «فتح الباري» قال حرب الكرماني في «كتاب السنة» سمعت إسحاق بن راهويه يقول صح «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن» وقال إسحاق الكوسج سمعت أحمد يقول هو حديث صحيح انتهى.
وذكر الخلال في «كتاب السنة» ما ذكره إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله المشهورة عن أحمد وإسحاق أنه قال لأحمد: «لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورته» قال أحمد: صحيح وقال إسحاق: صحيح ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي.
وذكر الخلال أيضاً عن يعقوب بن بختان أن أبا عبد الله أحمد بن حنبل سئل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم «خلق الله آدم على صورته» فقال: لا نفسره. ما لنا أن نفسره. كما جاء الحديث.
وقد ذكر الذهبي في «سير أعلام النبلاء» في ترجمة أبي الزناد بعض طرق حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي جاء فيه «إن الله خلق آدم على صورته» ثم قال: وصح أيضاً من حديث ابن عمر، وقد قال إسحاق بن راهويه عالم خراسان صح هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الذهبي: فهذا الصحيح مخرج في كتابي البخاري ومسلم فنؤمن به ونفوض ونسلم ولا نخوض فيما لا يعنينا. مع علمنا بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير انتهى كلامه، وقوله ونفوض معناه إمرار الحديث كما جاء وهو موافق لما تقدم عن الإمام أحمد أنه قال لا نفسره، ما لنا أن نفسره، كما جاء الحديث.
وإذا علم أن الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه قد صححا حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي جاء فيه «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن» فلا ينبغي أن يلتفت إلى تضعيف ابن خزيمة له فضلاً عن تضعيف الألباني له تقليداً لابن خزيمة، وذلك لأن أحمد وإسحاق أعلم بالأسانيد والعلل ممن أقدم على تضعيف الحديث بغير مستند صحيح.
وأيضاً فإن عبد الله بن أحمد بن حنبل وابن أبي عاصم والدارقطني
والآجري قد رووا حديث ابن عمر رضي الله عنهما وأمروه كما جاء ولم يتعرضوا لتضعيفه، ولو كان في إسناده علة قادحة لما سكتوا عن بيانها، وخصوصاً الدارقطني فإنه من أئمة الجرح والتعديل وأهل العلم بعلل الأحاديث، وهو أعلم بالأسانيد وعلل الأحاديث من كثير من الذين كانوا قبل زمانه، ومع هذا فلم يتكلم في إسناد حديث ابن عمر رضي الله عنهما بشيء. فدل ذلك على صحته عنده، وفي إمرار هؤلاء الأئمة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما كما جاء أبلغ رد على من تكلم في إسناده بمجرد التعليلات الواهية.
وكما أن في تصحيح أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما رداً على من ضعفه من المتقدمين والمتأخرين فكذلك يرد عليهم بتصحيح من صححه من أكابر الحفاظ المتأخرين وهما شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية والحافظ الذهبي.
وكفى بهؤلاء الخمسة قدوة في تصحيح الحديث والرد على من تكلف في تعليله.
الوجه الثالث: أن يقال إن اللفظ الذي جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قد جاء نحوه فيما رواه أبو يونس سليم بن جبير الدوسي مولى أبي هريرة عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيما رواه أبو رافع نفيع بن رافع الصائغ عن أبي هريرة رضي الله عنه، فأما حديث أبي يونس فقد رواه عبد الله بن الإمام أحمد في «كتاب السنة» عن أبي بكر الصاغاني حدثنا أبو الأسود -وهو النضر بن عبد الجبار- حدثنا ابن لهيعة عن أبي يونس عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإنما صورة الإنسان على وجه الرحمن» رجاله كلهم ثقات سوى ابن لهيعة فهو صدوق خلط بعد احتراق كتبه. وقد رواه ابن أبي عاصم في «كتاب السنة» عن عمر بن الخطاب السجستاني حدثنا ابن
أبي مريم -يعني سعيد بن الحكم المصري- حدثنا بن لهيعة عن أبي يونس سليم بن جبير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قاتل فليجتنب الوجه فإن صورة وجه الإنسان على صورة وجه الرحمن» عمر بن الخطاب السجستاني ذكره ابن حبان في الثقات وقال مستقيم الحديث وقال الحافظ ابن حجر في: «التقريب» صدوق، وأما ابن أبي مريم فهو ثقة ثبت فقيه وأما ابن لهيعة فقد ضعفه بعض الأئمة ووثقه أحمد بن صالح ووثقه أيضاً أحمد محمد شاكر وجعل روايته من قبيل الصحيح. وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» صدوق خلط بعد احتراق كتبه. وحسن ابن عدي وابن كثير والهيثمي حديثه وقد روى له مسلم وابن خزيمة مقروناً بغيره، وروى له البخاري في عدة مواضع من صحيحه مقروناً بغيره ولكنه لم يسمه. قال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» . وهو ابن لهيعة لا شك فيه. وعلى هذا فأوسط الأقوال في حديثه أن يكون من قبيل الحسن.
وأما حديث أبي رافع فقد رواه ابن أبي عاصم في «كتاب السنة» عن محمد بن ثعلبة بن سواء حدثني عمي محمد بن سواء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورة وجهه» إسناده حسن رجاله رجال الصحيح غير محمد بن ثعلبة بن سواء وقد قال فيه الحافظ ابن حجر في «التقريب» صدوق. وفي كل من هذا الحديث وحديث أبي يونس شاهد قوي لحديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي تقدم ذكره.
وقد صحح الألباني إسناد حديث أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه في تعليقه على «كتاب السنة» لابن أبي عاصم، قال: ولكنه في شك من ثبوت قوله «على صورة وجهه» فإن المحفوظ في الطرق الصحيحة «على صورته» قال: ثم إن سعيد بن أبي عروبة قد خولف في إسناده أيضاً عن قتادة فقال المثنى بن سعيد: عن قتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ «على صورته» أخرجه مسلم وأحمد وابن خزيمة
والبيهقي في «الأسماء والصفات» وتابعه همام حدثنا قتادة به سنداً ولفظاً، أخرجه مسلم وأحمد، فهذا هو المحفوظ عن قتادة إسناداً ومتناً.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها أن يقال ما وقع للألباني من الشك في ثبوت قوله: «على صورة وجهه» فهو مردود بتصحيحه لإسناد الحديث. وإذا كان الإسناد صحيحاً فلا وجه للشك في متنه. وقد قال عبد الله بن المبارك: بيننا وبين القوم القوائم -يعني الإسناد-، رواه في مسلم في مقدمة صحيحه، وقال عبد الله أيضاً الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، رواه مسلم في مقدمة صحيحه، ويؤخذ من قول عبد الله بن المبارك أن متون الأحاديث تعتبر بأسانيدها في الأخذ والرد، فما صح إسناده فمتنه مقبول وما لم يصح إسناده فمتنه مردود. وقد صح إسناد حديث أبي رافع عن أبي هريرة فيجب قبول متنه ولا يجوز رده.
الوجه الثاني: أن يقال إذا كان الحديث صحيح الإسناد وهو من أحاديث الصفات فالواجب أن يقابل بالقبول والتسليم وأن يمر كما جاء بلا تفسير. فهذه طريقة أهل السنة والجماعة في أحاديث الصفات. وقد تقدم ما رواه يعقوب بن بختان عن الإمام أحمد في ذلك، فأما النفرة من بعض النصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات ومقابلتها بالشك والتشكيك فيها ومحاولة ردها بالعلل الواهية فهي طريقة غير مرضية لمخالفتها لطريقة أهل السنة والجماعة.
الوجه الثالث: أن يقال: إن الألباني قد حاول تعليل حديث أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه بمخالفة المثنى بن سعيد لسعيد بن أبي عروبة في الإسناد حيث أن المثنى رواه عن قتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة. ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة. وهذه المحاولة
مردودة بتصحيح الألباني لإسناد حديث أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومردودة أيضاً بثناء أئمة الجرح والتعديل على سعيد بن أبي عروبة دون المثنى بن سعيد قال ابن أبي حاتم أخبرنا علي بن الحسين بن الجنيد أخبرنا المعلى بن مهدي قال: قال لي أبو عوانة ما كان عندنا في ذلك الزمان أحد أحفظ من سعيد بن أبي عروبة. وروى ابن أبي حاتم أيضاً عن أبي داود -يعني الطيالسي- قال كان سعيد بن أبي عروبة أحفظ أصحاب قتادة، وروى أيضاً عن ابن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول أثبت الناس في قتادة ابن أبي عروبة وهشام الدستوائي وشعبة فمن حدثك من هؤلاء الثلاثة الحديث فلا تبال أن لا تسمعه من غيره. وقال أيضاً: سمعت أبي يقول سعيد بن أبي عروبة قبل أن يختلط ثقة وكان أعلم الناس بحديث قتادة، وقال أيضاً: سئل أبو زرعة عن سعيد بن أبي عروبة فقال ثقة مأمون، وقال أيضاً قلت لأبي زرعة سعيد بن أبي عروبة أحفظ أو أبان العطار فقال سعيد أحفظ، وأثبت أصحاب قتادة هشام وسعيد، وروى أيضاً عن يحيى بن معين أنه قال سعيد بن أبي عروبة ثقة.
وقال ابن عدي سعيد بن أبي عروبة من ثقات الناس وله أصناف كثيرة وقد حدث عنه الأئمة، ومن سمع منه قبل الاختلاط فإن ذلك صحيح حجة ومن سمع بعد الاختلاط فذلك ما لا يعتمد عليه وهو مقدم في أصحاب قتادة ومن أثبت الناس رواية عنه وثبتاً عن كل من روى عنه إلا من دلس عنهم انتهى، وإذا كان سعيد بن أبي عروبة بهذه المنزلة العالية عند الأئمة فروايته عن قتادة مقدمة على رواية المثنى بن سعيد عن قتادة لأن المثنى وإن كان من الثقات فقد قال فيه ابن حبان إنه يخطئ، ومن كان موصوفاً بالخطأ فليست روايته عن قتادة مساوية لرواية من قيل فيه إنه أحفظ أصحاب قتادة. وأنه أثبت الناس فيه، وأنه أعلمهم بحديثه، وأنه مقدم في أصحابه. وأنه من أثبت الناس رواية عنه، وأن السماع
منه قبل الاختلاط صحيح حجة فضلاً عن تقديم رواية الموصوف بالخطأ على رواية الموصوف بالصفات الحميدة.
وبما ذكرته يتبين لطالب العلم أن تعليل رواية ابن أبي عروبة عن قتادة بمخالفة المثنى بن سعيد له في الإسناد عن قتادة لا وجه له وإنما هو من التكلف.
الوجه الرابع: أن يقال إن رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قد تأيدت بما رواه ابن لهيعة عن أبي يونس عن أبي هريرة رضي الله عنه، وإسناد هذه المتابعة حسن كما تقدم تقريره، وتأيدت أيضاً بحديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي تقدم ذكره وذكر من صححه من الأئمة فهو شاهد قوي لرواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
وبما ذكرته في الأوجه الأربعة يعلم أن حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة صحيح محفوظ إسناداً ومتناً وأنه لا وجه لتعليله بمخالفة المثنى بن سعيد لابن أبي عروبة في الإسناد عن قتادة.
الوجه الخامس: أن يقال إنه لا منافاة بين المتن الذي جاء في رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وبين المتن الذي جاء في رواية المثنى بن سعيد عن قتادة. بل كل منهما مطابق للآخر في الدلالة على أن الله تعالى خلق آدم على صورته، وما جاء مضمراً في رواية المثنى وغيرها من الروايات التي تقدم ذكرها في أول الكتاب فإن النص الصريح في حديث ابن عمر رضي الله عنهما وفيما رواه أبو يونس الدوسي وأبو رافع الصائغ عن أبي هريرة رضي الله عنه يفسره ويرد ما قيل فيه من التأويلات المستكرهة.
الوجه الرابع: من وجوه الجواب عن تعليل ابن خزيمة والألباني لحديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي تقدم ذكره (1) أن يقال قد تقدم
(1) ص20.
قريباً ما ذكره ابن قتيبة في كتابه الذي سماه «تأويل مختلف الحديث» أنه قرأ في التوراة «أن الله جل وعز لما خلق السماء والأرض قال نخلق بشراً بصورتنا فخلق آدم من أدمة الأرض ونفخ في وجهه نسمة الحياة» وذكر أيضاً هذا النص من التوراة في أول كتابه الذي سماه «المعارف» وهذا النص من التوراة مطابق للنص الذي جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما وفيما رواه أبو يونس الدوسي وأبو رافع الصائغ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن» وفي حديث أبي رافع «على صورة وجهه» والذي أنزل التوراة على موسى عليه الصلاة والسلام هو الذي أنزل الكتاب والحكمة على محمد صلى الله عليه وسلم وأمره أن يبين للناس ما نزل إليهم.
قال الله تعالى: {وَأَنزلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء: 113]، وقال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى *إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [لنجم: 3]، وقال تعالى:{وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، وقال تعالى:{إِنَّا أَنزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ} [المائدة: 44]، قال ابن قتيبة وكذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن موسى صلى الله عليه وسلم ضرب الحجر لبني إسرائيل فتفجر وقال:«اشربوا يا حمير» فأوحى الله تبارك وتعالى إليه «عمدت إلى خلق من خلقي خلقتهم على صورتي فشبهتهم بالحمير» فهذا موافق لما تقدم في حديثي ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما وفيما ذكرته من نص التوراة أبلغ رد على من تأول حديثي ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما بالتأويلات المستكرهة وعلى من عللهما بالتعليلات الواهية.
وقد استشهد شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله بقول ابن عباس رضي الله عنهما الذي ذكره ابن قتيبة في رده على من علل حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي تقدم ذكره. وقرر أن ابن عباس
رضي الله عنهما إنما قاله توقيفاً من النبي صلى الله عليه وسلم. وسيأتي كلامه على هذا الأثر في ضمن كلامه المنقول من كتابه المسمى «نقض أساس التقديس» إن شاء الله تعالى.
الوجه الخامس: أن أقول قد ذكرت في الوجه الثاني أن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه قد صححا حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي جاء فيه «أن الله خلق آدم على صورة الرحمن» وذكرت أيضاً عن شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي أنهما صححاه. وقال ابن حجر في «فتح الباري» أخرجه ابن أبي عاصم والطبراني بإسناد رجاله ثقات. وعلى هذا فإنه يجب أن يقابل بالقبول والتسليم وأن يمر كما جاء بلا تفسير، وقد تقدم قول الإمام أحمد لا نفسره، ما لنا أن نفسره، كما جاء الحديث. وروى الخلال في «كتاب السنة» عن الأوزاعي قال سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث فقالا أمروها كما جاءت. وروى أيضاً عن الوليد بن مسلم قال سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات فقالوا أمروها كما جاءت بلا كيف. وقد رواه الآجري في كتاب «الشريعة» بإسناده عن الوليد بن مسلم قال سألت الأوزاعي والثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن الأحاديث التي فيها الصفات فكلهم قالوا أمروها كما جاءت بلا تفسير.
وقال ابن عبد البر في كتابه: «جامع بيان العلم وفضله» ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصاً في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه. ثم روى بإسناده عن الأوزاعي قال كان مكحول والزهري يقولان أمروا هذه الأحاديث كما جاءت، قال وقد روينا عن مالك بن أنس والأوزاعي
وسفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة ومعمر بن راشد في الأحاديث في الصفات أنهم كلهم قالوا أمروها كما جاءت نحو حديث النزول وحديث «أن الله خلق آدم على صورته» وأنه يدخل قدمه في جهنم وما كان مثل هذه الأحاديث. قال أبو عمر بن عبد البر: رواها السلف وسكتوا عنها وهم كانوا أعمق الناس علماً وأوسعهم فهماً وأقلهم تكلفاً، ولم يكن سكوتهم على عي، فمن لم يسعه ما وسعهم فقد خاب وخسر انتهى.
وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في «الفتوى الحموية الكبرى» ما رواه الخلال عن الأوزاعي والوليد بن مسلم مما ذكراه عن الأئمة الذين تقدم ذكرهم وأنهم قالوا في أحاديث الصفات. أمروها كما جاءت بلا كيف، ثم قال فقولهم رضي الله عنهم «أمروها كما جاءت» رد على المعطلة، وقولهم «بلا كيف» رد على الممثلة. والزهري ومكحول هما أعلم التابعين في زمانهم. والأربعة الباقون أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين ومن طبقتهم حماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهما - إلى أن قال في قولهم، أمروها كما جاءت بلا كيف - إنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة. ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا أمروها كما جاءت بلا كيف فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى. وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات. وأيضاً فإن من ينفي الصفات الخبرية أو الصفات مطلقاً لا يحتاج أن يقول بلا كيف. فمن قال إن الله ليس على العرش لا يحتاج أن يقول بلا كيف. فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا بلا كيف. وأيضاً فقولهم أمروها بلا كيف كما جاءت يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظ دالة على معاني. فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد. أو
أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة. وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت ولا يقال حينئذ بلا كيف، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول انتهى.
وذكر شيخ الإسلام أيضاً ما رواه أبو القاسم اللالكائي في كتابه المشهور في «أصول السنة» بإسناده عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة أنه قال اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرب عز وجل من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئاً منها فقد خرج مما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وفارق الجماعة فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة. لأنه قد وصفه بصفة لاشيء.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية: محمد بن الحسن أخذ عن أبي حنيفة ومالك وطبقتهما من العلماء وقد حكى هذا الإجماع وأخبر أن الجهمية تصفه بالأمور السلبية غالباً أو دائماً، وقوله من غير تفسير. أراد به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون من الإثبات.
وذكر الشيخ أيضاً ما رواه البيهقي وغيره بإسناد صحيح عن أبي عبيد القاسم بن سلام أنه قال في أحاديث الصفات هي عندنا حق حملها الثقات بعضهم عن بعض، غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها وما أدركنا أحداً يفسرها.
قال شيخ الإسلام: وأبو عبيد أحد الأئمة الأربعة الذين هم الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد، وله من المعرفة بالفقه واللغة
والتأويل ما هو أشهر من أن يوصف. وقد كان في الزمان الذي ظهرت فيه الفتن والأهواء، وقد أخبر أنه ما أدرك أحداً من العلماء يفسرها أي تفسير الجهمية انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
وما ذكره محمد بن الحسن عن الفقهاء من الإيمان بالصفات من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه، وقوله أيضاً أنهم لم يصفوا، فالمراد به أنهم لم يكيفوا الصفة. بل أمروا ما جاء في الآيات والأحاديث كما جاء، وهذا هو معنى ما رواه الخلال بإسناده عن سفيان بن عيينة قال سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، كيف استوى، قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ المبين، وعلينا التصديق.
وروى البيهقي وغيره عن يحيى بن يحيى قال كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، كيف استوى، فأطرق مالك برأسه حتى علاه الرحضاء، ثم قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، ثم أمر به أن يخرج.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى فقول ربيعة ومالك الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب، موافق لقول الباقين أمروها كما جاءت بلا كيف، فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا. الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، ولما قالوا أمروها كما جاءت بلا كيف فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم انتهى.
وقال أبو بكر الآجري في كتاب «الشريعة» باب «الإيمان بأن الله
عز وجل خلق آدم على صورته بلا كيف» ثم روى في الباب عدة أحاديث، منها حديث سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورته» .
ومنها حديث سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبحوا الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورته» .
ومنها حديث ابن عجلان عن سعيد - يعني المقبري- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لا تقل قبح الله وجهك ولا وجه من أشبه وجهك فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته» ورواه أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته» .
ومنها حديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن عز وجل»
قال الآجري: هذه من السنن التي يجب على المسلمين الإيمان بها ولا يقال فيها: كيف؟ ولم؟ بل تستقبل بالتسليم والتصديق وترك النظر كما قال من تقدم من أئمة المسلمين. حدثنا أبو نصر محمد بن كردي قال حدثنا أبو بكر المروذي قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والأسماء والرؤية وقصة العرش فصححها وقال: «تلقتها العلماء بالقبول» تسلم الأخبار كما جاءت.
وقال أبو بكر المروذي وأرسل أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة إلى أبي عبد الله يستأذنانه في أن يحدثنا بهذه الأحاديث التي تردها الجهمية فقال