المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل وقد دلت نصوص الأحاديث التي تقدم ذكرها في أول الكتاب - عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن - جـ ١

[حمود بن عبد الله التويجري]

الفصل: ‌ ‌فصل وقد دلت نصوص الأحاديث التي تقدم ذكرها في أول الكتاب

‌فصل

وقد دلت نصوص الأحاديث التي تقدم ذكرها في أول الكتاب (1) على إثبات الصورة لله تعالى والرد على أهل الكلام الباطل الذين ينفون هذه الصفة عن الله تعالى ويتأولونها بالتأويلات المستكرهة، ولا شك أن نفي هذه الصفة عن الرب تبارك وتعالى ينافي الإيمان بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد تقدم عن أبي محمد بن قتيبة أنه قال: والذي عندي أن الصورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد انتهى.

وقد جاء في إثبات الصورة لله تعالى أحاديث صحيحة سوى ما تقدم.

منها ما في الصحيحين وغيرهما من حديث الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة رضي الله عنه أخبره أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب» قالوا لا يا رسول الله، قال:«هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك، يجمع الله الناس فيقول من كان يعبد شيئاً فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا

(1) ص6 - 8 و20 و26 - 27.

ص: 43

مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه» الحديث وفي آخره ذكر آخر أهل الجنة دخولاً وأنه إذا دخلها «قال الله له تمنه فيسأل ربه ويتمنى حتى إن الله ليذكره من كذا وكذا حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله تعالى ذلك لك ومثله معه» قال عطاء بن يزيد: وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة لا يرد عليه من حديثه شيئاً حتى إذا حدث أبو هريرة أن الله قال لذلك الرجل ومثله معه قال أبو سعيد وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة، قال أبو هريرة ما حفظت إلا قوله:«ذلك لك ومثله معه» قال أبو سعيد أشهد أني حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «ذلك لك وعشرة أمثاله» .

ومنها ما في الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث أبي هريرة الذي تقدم ذكره وفيه «وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه» الحديث. وفي رواية للبخاري في «كتاب التوحيد» قال: «فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا» .

ومنها ما رواه الإمام أحمد والترمذي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح - فذكر حديث المنام بطوله وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني قمت من الليل فتوضأت وصليت ما قدّر لي فنعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن

ص: 44

صورة» الحديث. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح سألت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري- عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن صحيح.

ومنها ما رواه الإمام أحمد والترمذي أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني ربي الليلة في أحسن صورة» قال: أحسبه في المنام. الحديث قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

ومنها ما رواه ابن أبي عاصم في «كتاب السنة» عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى تجلى لي في أحسن صورة» الحديث. وهو طرف من حديث المنام الطويل، ورجال هذا الحديث رجال الصحيح.

ومنها ما رواه ابن أبي عاصم أيضاً في «كتاب السنة» عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تراءى لي ربي في أحسن الصورة» الحديث وإسناده حسن.

ومنها ما رواه ابن أبي عاصم أيضاً في «كتاب السنة» عن ثوبان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن ربي أتاني الليلة في أحسن صورة» .

ومنها ما رواه ابن أبي عاصم أيضاً في كتاب «السنة» عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «رأيت ربي في المنام في أحسن صورة» وهذا الحديث والذي قبله يشهد لهما ما تقدم من حديث معاذ وابن عباس وجابر بن سمرة وأبي أمامة رضي الله عنهم وقد قال أبو عبد الله ابن منده في «الرد

ص: 45

على الجهمية» روي هذا الحديث عن عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ونقلها عنهم أئمة البلاد من أهل الشرق والغرب انتهى.

وإذا علم هذا فقد روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«رؤيا الأنبياء في المنام وحي» وروى ابن جرير في تفسيره وابن أبي عاصم في «كتاب السنة» عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كانت رؤيا الأنبياء وحياً» وروى البخاري في صحيحه عن عبيد بن عمير قال: «إن رؤيا الأنبياء وحي» ثم قرأ {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102]، وروى الإمام أحمد في مسنده وابن أبي عاصم في كتاب السنة بأسانيد صحيحة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه موقوفاً «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ما رأى في يقظته أو نومه فهو حق» وفي رواية لأحمد قال:«رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم حق» .

وإذا علم أن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وحي وحق وعلم أيضاً ما تقدم ذكره في الأحاديث الصحيحة من إثبات الصورة لله تعالى فليعلم أنه يجب الإيمان بهذه الصفة وإمرارها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وقد تلقاها الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقابلوها بالقبول والتسليم وأمروها كما جاءت، ثم تلقاها التابعون عن الصحابة وقابلوها بالقبول والتسليم وأمروها كما جاءت، ثم تلقاها أتباع التابعين ومن بعدهم من أكابر العلماء وقابلوها بالقبول والتسليم وأمروها كما جاءت، وخرجها أكابر المحدثين في الصحاح وكتب السنة وقابلوها بالقبول والتسليم وأمروها كما جاءت، ثم خلف من بعدهم خلف سلكوا مسلك أهل الكلام الباطل الذي ذمه السلف، وحذروا منه فخاضوا في تأويلها وصرفها عن ظاهرها بما سنح

ص: 46