الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة البحث
مدخل
…
خاتمة البحث
أثبت التاريخ والتدوين العلمي أن القرآن الكريم محل عناية المسلمين حكاماً وأفراداً على المستويات والطبقات كافة. مظاهر هذا الاهتمام تتجلى في المؤسسات المختلفة التي تضع تعليم القرآن الكريم نصب عينيها، وجل اهتمامها. تكفل باستمرار هذه المؤسسات العلمية والدور القرآنية الأوقاف السخية من قبل أبناء الأمة الإسلامية بما يكفيها ويغنيها، ويضمن للقائمين عليها التفرغ لأداء رسالتها نحو القرآن الكريم، وأبناء الناشئة من المسلمين.
استمرت هذه الدور والمؤسسات في الازدهار والانتشار والتعدد، وكثرة الرواد، والإقبال عندما تولى شؤون إدارتها، واستثمار أوقافها، نظار أمناء، يقدرون مسؤولياتهم الدينية والاجتماعية، وتراجعت، وتدهورت عندما تولاها الطامعون الانتهازيون، ومن ليس لها بكفء فتراجعت نشاطاتها، وقلَّ روادها، حتى أدى الأمر في بعضها إلى محو معالمها والتسلط على انتزاعها، وتحويلها من أوقاف إلى تملكات شخصية.
كانت الأوقاف الخيرية عصب الحياة العلمية، وبخاصة الدراسات القرآنية في المقام الأول، تليها الدراسات الفقهية والشرعية بصفة عامة، فكان لها الأثر الكبير في الحفظ على القرآن الكريم مكتوباً في الصحف، ومحفوظاً في صدور القراء، سليماً من التغيير والتبديل، تقرؤه الأجيال الحاضرة والمستقبلة غضاً كما أنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين منذ أربعة عشر قرناً، لا يستطيع أحد أن يبدل فيه حرفاً واحداً فضلاً عن جملة، أو آية.
كان لماضي الأوقاف والعناية بها في خدمة القرآن الكريم تنظيم يتلاءم وتلك العصور التي حبست فيها هو الأنسب لها، وتشاء إرادة المولى أن يستيقظ المسلمون في الوقت الحاضر فيدركوا أهمية الأوقاف للمؤسسات العلمية، والاجتماعية، والآثار الإيجابية التي اضطلعت بها في الماضي، وهي جديرة أن تقوم بها في الحاضر، ولكن بأسلوب يتناسب مع الفكر التنظيمي في الوقت الحاضر، مع الاحتفاظ بالأهداف والمقاصد الشرعية، دون مساس بأحكامه وتشريعاته، تمثل هذا التنظيم في العمل الجماعي في الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وكان لمكة المكرمة مهبط الوحي شرف الريادة في هذا، وقد آتت جهود المخلصين على هذه الجمعية ثمارها، وكان من نتاج هذه الجمعية وثمارها المباركة ما جاء في تقرير مجلس الإدارة عام 1419هـ في عهد رئيسها سعادة الأستاذ السيد أمين بن عقيل عبد الرحمن عطاس حفظه الله إحصائية كاملة على النحو التالي:
1-
بلغ عدد حلقات القرآن الكريم (1426) حلقة.
2-
بلغ عدد الطلبة (26855) طالباً.
3-
بلغ عدد الطالبات (14335) طالبة.
4-
بلغ عدد المدرسين (916) مدرساً.
5-
بلغ عدد المدرسات (590) مدرسة.
6-
بلغ عدد الموجهين (29) موجهاً.
7-
بلغ عدد الموجهات (41) موجهة.
8-
عدد المساجد التي تقام فيها حلقات القرآن (498) مسجداً.
9-
عدد الحلقات التي تقام في المسجد الحرام (74) حلقة.
10-
عدد مدارس الطالبات (156) مدرسة.
أصبحت هذه الجمعية ورصيفاتها من جمعيات تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في مناطق المملكة العربية السعودية، وما تؤديه من نشاط في خدمة القرآن الكريم علامة بارزة، وظاهرة مشرقة في تاريخ التعليم في العصر الحديث، تجد العون السخي من قبل ولاة الأمر، والأثرياء وطبقات المجتمع كافة لما لمسوه من جهود مخلصة في المحافظة على كتاب الله عز وجل، وتخريج أجيال من شباب الأمة تحمله في صدورها نقياً صافياً من التحريف والتبديل، وأصبح من المتيقن أن الأوقاف التي ترصد لها فتنفق في خدمة القرآن الكريم هي الأكثر أجراً ومثوبة عند الله، وأنها الضمان الوحيد بعد عون الله وتوفيقه لبقائها، واستمرارها في أداء رسالتها مهما اختلفت الظروف الاجتماعية.
إن ضمان بقاء هذه الجمعيات، في أداء رسالتها ضمان لصلاح المجتمع، ومرفق أساس لصلاح شباب الأمة وتجنيب أبنائها مزالق الرذيلة والانحراف، فهي مرفق ديني، تعليمي، اجتماعي مهم.
يغني عن الإشادة والتمجيد لهذه الجمعيات في خدمة القرآن الكريم التعبير بلغة الأرقام عن إنجازاتها السنوية، ولتكن إحصائيات الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة لعام 1419هـ وهي الرائدة في هذا المجال، الأنموذج لإنجازات الجمعيات الأخرى في المملكة العربية السعودية، فقد جاءت حصيلة الجمعية من الحفاظ في تقريرها السنوي لعام 1419هـ كالآتي:
1-
عدد الحفاظ لكامل القرآن الكريم (241) مائتان وواحد وأربعون حافظاً.
عدد الحافظات لكامل القرآن الكريم في الفترة نفسها (157) مائة
وسبع وخمسون حافظة.
1-
عدد من حفظ خمسة عشر جزءاً من الطلبة اثنان وعشرون وتسعمائة طالب.
2-
عدد من حفظ خمسة عشر جزءاً من الطالبات ستون وثلاثمائة طالبة.
أما الذين حفظوا كامل القرآن منذ تأسيس هذه الجمعية فقد بلغ حوالي واحدٍ وأربعين وثلاثمائة وستة آلاف (6341) طالبٍ وطالبة حتى الآن) (1) .
هذا عدا النشاطات الأخرى التي تقدمها الجمعية للقطاعات الحكومية، والمشاركة في المسابقات المحلية والدولية مما جاء ذكره مفصلاً في تقريرها السنوي لعام 1419هـ (2) . بما يثلج الصدر، ويوحي بالاطمئنان الكامل على مستقبل مشرق في خدمة القرآن الكريم في مهبط الوحي بخاصة، وفي العالم الإسلامي بعامة بمستوى التنظيم الإداري والعلمي في العصر الحديث، وقد أثبت التاريخ فعالية نظام الوقف الإسلامي في بقاء هذه الأعمال الجليلة لأداء رسالتها نحو خدمة القرآن الكريم وغيره من المرافق التعليمية والاجتماعية على الوجه المطلوب، وبما يحقق المقاصد الشرعية، والأهداف النبيلة، وفي هذا ما يحث الهمم، ويدفع بالأمة إلى البذل السخي في سبيل خدمة القرآن الكريم، وصلى الله وسلم على من نزل عليه القرآن هداية ورحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) التقرير السنوي الثاني والثلاثون للفترة من 1/9/1418هـ حتى 12/9/1419هـ، ص7.
(2)
انظر: 10-15.