الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل إذا وقعت الهمزة آخر الكلمة
فقد " أخرجت عن أصالتها بحسب وضعها آخر الكلمة محل الوقف والسكون.
فإذا كان ما قبلها متحركا مثل يستهزىء فإنه لا يتأتى سقوطها بإلقاء حركتها عليه لأنه متحرك.
ويصح النطق بالهمزة ساكنة مثل: إن يشأ وهيىء أو في الوقف أن الكلمة إنما تكتب على الوقف. فلذلك تعضد بحرف من جنس حركة ما قبلها لأنها إن سكنت في الوقف لم يدبرها حركة نفسها إذ لا حركة لها، إنما يدبرها حركة ما قبلها ولولا حركة ما قبلها ما عضدت فلذلك وجب أن يدبرها حركة ما قبلها إلا أن يقوى معناها في الكلمة بحيث تكون له مرتبة ظاهرة أصلية في الإعتبار فتعضد بحرف حركتها مثل: الملو أربعة أحرف عضدت فيها الهمزة بالواو تنبيها على أن معنى الكلمة
ظاهر للفهم في قسم الملك من الوجود فهؤلاء الملوا هم أرفع الطبقات وهم أصحاب الأمر المرجوع إليهم في التدبير. فقوي معنى الهمزة فعضدت وزيدت الألف بعد الواو تنبيها على أنهم أحد قسمي الملأ فظهورهم هو بالنسبة إلى القسم الآخر في الوجود إذ منهم التابع والمتبوع قد انفصلا في الوجود. وسنتكلم على الألف في بابه.
فزيادة هذه الحروف ونقصانها ينوب مناب ذكر صفات الوجود.
ويدل على هذا التأويل ما جاء في قصة نوح في سورة " المؤمنون " في وصف الملأ بالذين كفروا وبعده نسبوا إلى قومه وقالوا في الآية: (يُريدُ أَن يَتَفَضّلَ عَلَيكُم) وآخرها (فَتَرَبَصوا بِهِ حَتى حين) .
فلهم الأمر في قومهم ولا يرون أحدا من البشر فوقهم لقولهم (وَلَو شاءَ اللَهُ لأَنزَلَ مَلائِكَة) فهؤلاء الطبقة العليا يفي الملأ.
ثم طبقة أخرى دون هؤلاء يدل عليها ما في قصة نوح
أيضا في سورة هود. فإنهم وصفوا بالذين كفروا و " بعدها " نسبوا إلى قومه مثل أولئك. وقال هؤلاء في الآية (وَما نَرى لَكُم عَلَينا مِن فَضلٍ بَل نَظُنُكُم كاذِبين) فهؤلاء جوزوا أن يكون غيرهم من البشر أفضل منهم فإنهم طبقة دون أولئك.
ثم طبقة أخرى يدل عليها ما في قصة نوح أيضا في الأعراف لم يوصفوا ولم يذكروا تفصيلا فهم بمعنى " أشرف " قومه من غير مزيد اعتبار. فهم أخفض الطبقات في اعتبار الملأ. فأرفع طبقة وأظهرها في الوجود هم الذين عضدت همزتهم. وما في سورة النمل فظاهر بيّن أنهم أصل المشورة والفتوى لأنهم شووروا في أمر سليمان عليه السلام وتعتبر ما لم نذكره بمثل ما ذكرته يحول الله.
و" كذلك: (نَبوا الَّذينَ مِن قَبلِكُم) في سورة إبراهيم. (نَبوا الخَصم) و (نَبَوا عَظيم) في سورة " ص " عضدت
الهمزة لظهور تلك الأنباء وعظمها في الوجود، ولكن بالنسبة إلى ما قد وقع مفهوما من خبرها. ولذلك زيدت الألف. وكذلك (يَبدوا الخَلق) عضدت الهمزة لظهور الخلق في الملك بالنسبة إلى الملكوت.
وهذه الكلمات جوامع جزئيات. وتعتبر ما لم نذكره بمثل ما " قد " ذكرته بحول الله.
وإن كان ما قبل الهمزة ساكنا فإن كان الألف مثل: " هباء " وجفاء فإنها لا تعضد إلا أن يكون في المعنى ما يقويها مثل (أَو لَم يَكُن لَهُم آَية اَن يُعلِمَهُ عُلَماءُ بَني إِسرائيل) عضدت الهمزة تنبيها على علو درجتهم في العلم وظهورهم في الوجود في أرفع طبقة المرجوع إليهم في جزئيات العلم وكلياته ولذلك جعلهم الله آية.
واختلفت المصاحف في حرف آخر وهو (إِنّما يَخشى اللَهَ مِن عِبادِهِ العُلَمؤا) .
وكذلك جزاؤا: خمسة أحرف.
أحدها في العقود: (إِنّما جَزاوا الَّذَينَ يُحارِبونَ اللَهَ وَرَسولَهُ) .
وفيها: (وَذَلِكَ جَزاؤا الظَالِمين) .
وفي الشورى: (وَجَزاؤا سَيئَةٍ سيئَةٌ مِثلُها) .
وفي الحشر: (وَذَلِكَ جَزاؤا الظَالِمين) .
وفي الزمر: (ذَلِكَ جَزاؤا المُحسِنين) .
وفي طه: (وَذَلِكَ جَزاؤا مَن تَزَكى) على اختلاف في هذا فهذه الحروف عضدت همزتها لظهورها وظهور مصالحها في الوجود لكن بالنسبة إلى تلك الأعمال التي هي " جزاء " عليها وهي جوامع الأصناف من يجازي في الدنيا والآخرة ولذلك زيدت الألف بعد الواو في آخر الكلمة.
وكذلك شركاؤا: حرفان أحدهما في الأنعام (الَّذَينَ زَعَمتُم أنهُم فيكُم
شُركاؤا) عضدت الهمزة لأنهم زعموا ذلك وأظهروه في الوجود وبالغوا في التشريك في الملك. وهذا خطاب في مواطن الآخرة يظهر للكافرين عيانا باطل ما هم عليه. والحرف الثاني في الشورة (أَم لَهم شُرَكاؤا شَرَعوا لَهُم) عضدت الهمزة بيانا أن ما أظهروه شركاء لله في الملك مفقود منهم صفة توجب لهم شيئا من ذلك. وهو خطاب في موطن الدنيا يظهر منه للمؤمنين باطل ما عليه الكافرون.
وهاتان الآيتان كافيتان في بيان الحق بحسب الفريقين وبحسب الدارسينس.
واختلف في الحرف الذي في سورة القلم فمن عضد الهمزة فللتنبيه على ظهور باطلهم لهم في الدنيا في معرض " الإحتجاج " عليهم ومن لم يعضدها فلأنهم لا يعقلون " إذ لو كانوا يعقلون " ما أشركوا.
وكذلك أنبؤا: حرفان في الأنعام وفي الشعراء جاء ذكر إتيانهما
معا بعد قوله تعالى: (فَقَد كَذبوا) فدل على أن هذا الإتيان هو بالفعل في الملك إذ قد أعرضوا على إتيانها بالقول على التفصيل والإجمال كما أخبر الله تعالى عنهم في الآيتين.
وكذلك الضعفؤا: حرفان في إبراهيم وفي المؤمن يتحاجون في موضع ظهور ضعفهم على تفاصيله فهم ضعفاء في القول في احتجاجاتهم في الدنيا والآخرة، ضعفاء القوة لا ناصر لهم ولا راحم، ضعفاء العمل إذ هم تبع لغيرهم قد بلغوا غاية الضعف في الوجود.
وكذلك البلؤا: حرفان في " و " الصافات وفي الدخان عضدت الهمزة لعظم البلاء في الوجود وارتقائه إلى أعظم رتبة، إما في الشر بذبح الأنبياء وهم أقرب الأحباء، وإما في الخير بالنجاة منه وظهورا الآيات البينات. وكله قد وقع في الوجود. وهما أصلان جامعان كما هو " 5ب " مذكور في السورتين.
وكذلك شفعاؤا: أفرد في الروم: (وَِلَم يَكُن لَهُم مِن شُرَكائِهِم شُفَعاؤا) والشفعاء أعظم رتبة يوم القيامة حين تظهر الشفاعة
بالفعل في الملك الأخروي وذلك مسلوب عن شركائهم.
وكذلك: (وَما دُعاؤا الكافِرينَ) حرف واحد. وهو الدعاء الظاهر في الملك على ألسنتهم وليس في قلوبهم فإنهم كافرون أبدا بقلوبهم. ألا ترى كيف سألوا الخزنة فقالوا (اِدعوا رَبَكُم يُخَفّف عَنّا يَوماً مِنَ العَذاب) . وهم مقرون بأن الرسل أتتهم بالبينات وفي ما جاءت به الرسل إليهم أنهم لا ناصر لهم ولا شافع ولا راحم إذا دخلوا النار فسؤالهم الخزنة تكذيبهم لما جاءتهم به رسلهم فهم في ضلال في الدنيا والآخرة كافرون أبدا (وَلَو رُدوا لِما نُهوا عَنهُ) .
وزيدت الألف تنبيها على ظهور دعائهم باللسان لا بالقلب فإن الذي ظهر باللسان غير ما في القلب والجنان.
وكذلك: ما تشاؤا أفرد في هود عضدت الهمزة لأنهم قصدوا ذلك من حيث الوجود وإن مشيئتهم في أعلا رتبة.
قالوه في مقابلة التحجير عليهم.
فهذا أصل جامع لجزئيات الحلال والحرام من جهة الإقدام والإحجام بحسب المشيئة والأحكام.
وكذلك: ابنؤا الله. " قالته " اليهود والنصارى يريدون أنهم أرفع
طبقة في الناس عند الله وأنهم مكرمون عنده يغذيهم وينعم عليهم ولا يؤاخذهم بذنب.
وكذلك عضدت الهمزة بالياء في أربعة أحرف تنبيها على اختصاص معنى الكلمة بظهوره في المعنى الملكوتي.
منها: في يونس (مِن تِلقائي نَفسي) هو التلقاء الخاص الذي يظهر من قبل النفس ورأيها.
وفي النحل: (وَإِيتاي ذي القُربى) هو الإيتاء الخاص الذي بينه.
وفي طه: (وَمِ، ءاناىء اللَيل) هي آناء خاصة ملكوتية غير معينة بالحس.
وفي الشورى: (أَو مِن وَراىء حِجاب) هو الوراء الخاص بالملكوت الذي يظهر بالحجاب.
وهذه جوامع كلمات تندرج تحتها جزئيات. وقد قال بعض المصنفين، إن هذه اآيات زائدة بعد الهمزة وهو ضعيف، وجهة " العضد " أول بها. والله أعلم.
وإن كان الساكن قبل الهمزة غير الألف مثل الخبء وبرىء فإنها لا