الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستولى على فارس وكرمان وخوزستان "عربستان" ومازندران واستراباد (1).
بعد ذلك توجه الشاه إسماعيل إلى جهة الشرق إلى خراسان واستولى عليها سنة (916هـ) واستولى على مدينة مشهد. وفي نفس السنة توجه إلى مرو شمال شرق إيران وذبح أكثر من عشرة آلاف من سكانها من أهل السنة (2).
ثم حاول أن يمتد إلى بلاد الأوزبك سنة (918هـ) وأرسل أحد قواده ولكنه انهزم وقتل قائده وضعفت جبهته في هذه المنطقة وهجم عليه الأوزبك وكادوا يستردون خراسان ولكن الشاه إسماعيل استردها.
دخول الشاه إسماعيل العراق واستيلاءه على بغداد
من المعلوم للجميع أن بغداد عاصمة الدولة العباسية سقطت بيد المغول سنة (656هـ) وبعدها حكم العراق المغول وسميت دولتهم
(1) فارس: هي المنطقة التي تقابل الخليج العربي من الجهة الثانية، أما كرمان فهي بين باكستان وإقليم فارس المذكور. أما خوزستان فهي عربستان وهي معروفة شمال الخليج العربي مقابل مدينة البصرة العراقية وأشهر مدنها مصفى عابدان، أما مازندران فهي شمال شرقي طهران جنوب شرقي بحر قزوين، وأما استراباد فهي شمال طهران جنوب بحر قزوين غربي مازندران، أي هو سيطر على غربي وجنوب وشمال إيران الحالية، مبتدءاً دولته من اقليم أذربيجان شمال إيران.
(2)
"إيران دراسة عامة" د. محمد وصفي أبو مغلي (ص247).
(الاليخانية) إلى أن تسلّم الجلائريون دويلتهم "قرا قونيلو" ثم "آق قونيلو" التي بدأ حكمها منذ سنة (806هـ) وكان آخر حكامها (سلطان مراد) الذي حكم سنة (903هـ) وفي سنة (914هـ) اراد الشاه إسماعيل احتلال بغداد فأرسل قائده حسين بك لاله، وانهزم والي بغداد "باريك"، وقد استبشر "نقيب النجف" محمد كمونة بعد أن كان والي بغداد "باريك" قد حبسه لأنه كان ينتظر الشاه، ويؤمل أهالي بغداد والعراق بأن الشاه إسماعيل سلطان عادل ،وكان الناس في اضطراب وقلة أمان تبحث عمن يوفر لهم الأمان.
دخل حسين لاله بغداد دون قتال وأخرج أحد كبار الشيعة والذي كان يخبر الناس بعدل الشاه إسماعيل حتى حبسه (باريك) والي بغداد التركمتني والمدعو (محمد كمّونة) من السجن ورحب به وعظمه، وذهبا هو والوالي إلى الشاه إسماعيل ليبشروه بفتح بغداد (1).
دخل الشاه إسماعيل بغداد وكرم (محمد كمونه) وأعلى مقامه ،ثم زار كربلاء والنجف وأكرم أهلها وعمّرها بالذهب والفرش
(1) هكذا كان الشيعة في العراق وبغداد قديماً يستقبلون الفرس والشيعة، وهذا ما حصل عندما كان محمد باقر الصدر يراسل خميني بعد ثورته سنة 1979م، ويخبره أنه ينتظر قدومه في بغداد، وظل عند شيعة العراق ولاء للإيرانيين واضح، واليوم تجد كل شيعة العراق والبحرين ولبنان والسعودية، كل هؤلاء ولاءهم لإيران، هذا الأمر المفضوح أدى بالرئيس المصري حسني مبارك أن يقول: إن ولاء الشيعة في البلاد العربية لإيران. وهو لم يذكر إلا ظاهرة لا يستطيع أحد إنكارها.
والسجاد الثمين. ثم أدب بعض عشائر الجنوب (1). هذه هي خلاصة أعماله في العراق.
وعودة إلى ما فعله الشاه إسماعيل في بغداد، فأهل بغداد لم يقاوموا الشاه؛ لأن محمد كمونه أخبرهم بعدله وكان لاضطراب الأوضاع في زمن "آق قونيلو" دافعا لإهل بغداد كي يتأملوا
بظهور حاكم جديد ينقذهم مما هم فيه، ولكن الشاه إسماعيل أمر قائده حسين لاله بتهديم مدينة بغداد وقتل أهل السُنة والصلحاء، وتوجه إلى مقابر أهل السُنة ونبش قبور الموتى وأحرق عظامهم.
وبدأ يعذب أهل السُنة سوءالعذاب ثم يقتلهم محاولا أن يغيرهم للتشيع، وهدم مسجد أبي حنيفة النعمان في مدينة الأعظمية ،ونكل بقبر أبي حنيفة ونبش قبره وهدم المدارس العلمية للحنفية وهدموا كثيرا من المساجد (2). وقتل كل
(1) كان أكثر عشائر الجنوب العراقي سُنة إلا أهالي مدينة كربلاء والنجف وبعض مدينة الحلة ومناطق متفرقة، وأكثر عشائر الجنوب العراقي سُنة على مذهب المالكية والحنفية وقليل شوافع، ولنا بحثا نسأل الله أن ييسر نشره في (تاريخ تشيّع العشائر العراقية العربية) والذي واكب ظهور الدولة الصفوية.
(2)
انظر" تاريخ الأعظمية" ، وليد الأعظمي (113) ،يكره الشيعة السنة ويكفرونهم ويلعنون بشكل خاص أبي حنيفة النعمان، وما أشبه الليلة بالبارحة فها هم اليوم "جيش المهدي" و"قوات بدر" وبالاستعانة بحكومة الجعفري والمالكي يقصفون مسجد أبي حنيفة في مدينة الأعظمية في بغداد بقنابل الهاون.
من ينتسب لذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه في بغداد لمجرد أنهم من نسبه، وقتلهم قِتلة قاسية (1).
وقد أرخ الشيعة في ذلك الزمان لهذه الحادثة حتى قال مؤرخهم ابن شدقم "الشيعي" في كتابه "تحفة الأزهار وزلال الأنهار": "فتح بغداد وفعل بأهلها النواصب ذوي العناد ما لم يسمع بمثله قط في سائر الدهور بأشد أنواع العذاب حتى نبش موتاهم من القبور".
هكذا يسمي أهل السُنة النواصب، بمجرد أنهم لا يؤمنون بعقائد الشيعة، فهم نواصب يستحقون القتل (2).
(1) كتب الشيعة منذ القديم تحمل حقداً خاصاً لخالد بن الوليد، وقد رد ابن تيمية في "منهاج السنة" شبهاتهم حوله، ويبدو أن ثقافة الشاه إسماعيل الشيعية جيده فنفذ كل حقده بقتل كل من ينتسب لهذا الصحابي الجليل والقائد العظيم سيف الله المسلول، وقبل أيام فجروا في البصرة أثرا تاريخيا يعود للزبير بن العوام رضي الله عنه ابن صفية عمة رسول اللهصلى الله عليه وسلم.
(2)
للشيعة فن عجيب في تسخير المصطلحات لتأجيج الرأي العام الشيعي ضد أهل السُنة. فانظر هنا إلى قوله "النواصب" فهذا مصطلح أطلقه أهل السُنة إلى فرقة برزت في الشام في القرن الثاني والثالث للهجرة تبغض علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد انقرضت ولا يوجد مسلم سني يبغض علياً في يومنا هذا، بل حب علي سنة وبغضه فسق وبدعة، هذا هو معتقد كل أهل السُنة. أما الشيعة فيعنون بـ "النواصب" كل من لم يؤمن بأن علياً ولياً منصب من الله بعد رسول الله، وهذا ما لم يؤمن به أهل السُنة، على هذا فأهل السنة كلهم نواصب. والشيعة كتبهم مليئة بتكفير النواصب وأنهم شر من اليهود والنصارى، ويجب قتلهم، وهذا ما حصل قديماً، ويحصل اليوم. وارجع إلى صحف الشيعة في العراق وإلى قنواتهم الفضائية كقناة "الفرات" التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بقيادة عبد العزيز الحكيم، حيث يوصف أهل السُنة بـ "النواصب" حتى يستحق قتلهم شرعاً "شرع الشيعة".
وقد ألف صديقنا الفاضل عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي كتابا قيما سماه "موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين" والمنشور في مكتبة الرضوان سنة (2005م) ضمنه فصلا رائعا صفحة307 بعنوان: عرض لأبرز أساليب الإمامية.
ولم تكن أفكار الشاة إسماعيل من عنده، بل ساعده على ذلك علماء الشيعة لأنه استقطب العلماء من كل مكان من لبنان والنجف وغيره من المناطق، وهم من شارك بتأجيج الحقد الدفين على أهل السنة، بعبارة أصح: أين ما وجدت الطائفية فستجد علماء الشيعة وراءها.
وقد فرّ كثير من سُنة بغداد، وممن هرب الأسرة الكيلانية بعد أن خرّب الشاه إسماعيل قبر عبد القادر، فرّ هؤلاء إلى الشام ومصر وأخبرو العالم الإسلامي ما فعل الصفويون الشيعة ببغداد وأهلها (1).
وصلت أخبار المذبحة العظيمة لأهل السُنة إلى بلاد الدولة العثمانية في تركيا، إضافة إلى أخباره السابقة عن تشييع أهل السُنة
(1) أخبار أفعال الشاه إسماعيل ببغداد منثورة في كتب التاريخ السني والشيعي، وانظر:"العراق بين احتلالين" للمؤرخ عباس العزاوي، و"أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث"، ستيفن لونكريك وغيرهما.
بإيران وقَتل الآلاف المؤلفة، أضف إلى ذلك جسارة الشاه إسماعيل إلى إرسال دعوته إلى داخل الدولة العثمانية؛ لذا اجتمع السلطان العثماني سليم الأول في عام (920هـ/1514م)، برجال الدولة وقضاتها وعلماءها ورجال السياسة، وقرروا أن الدولة الصفوية تمثل خطراً على العالم الإسلامي بالعموم؛ وعلى الدولة العثمانية بالخصوص، وقرر السلطان إعلان الجهاد المقدس ضد هذه الدولة، واستبقها بأعمال نلخصها بما يلي:
1 -
أرسل السلطان العثماني سليم مراسلات للشاه إسماعيل الصفوي، بلهجة حادة.
2 -
طهّر بلاده (تركيا) من الشيعة التابعين للشاه الصفوي؛ لأنهم عملوا طابورا خامسا للشاه.
ولما لم يستجب الشاه إسماعيل لدعوة السلطان سليم الأول بالتسليم قرر السلطان السير بالجيش بقيادته مستعيناً ببقايا أسرة "آق قونيلو"، وأراد الشاه إسماعيل بحيلة لتأخير الحرب لفصل الشتاء؛ كي يهلك الجيش العثماني جوعاً وبرداً.
أحسّ إسماعيل بالخطر فطلب الهدنة ولكن السلطان
استمر في زحفه إلى صحراء جالديران شمال تبريز حتى وصلها سنة (920هـ/1514م)، وسحق الجيش الصفوي الشيعي على أرضه، وفرّ الشاه إسماعيل تاركاً كل أمواله، وأسّرت زوجته، وقتل الخائن "محمد كمونه" السابق ذكره، والذي ذهب مع الشاه إلى تبريز (1) ،هكذا هزم الشاه إسماعيل ولكن بقيت بغداد تحت إحتلال الصفويين
شَعَر الشاه إسماعيل بالضعف وشرع بالبحث عن صديق ليتعاون معه ضد العثمانيين، وكان للبرتغاليين الصولة العظمى في بلاد العرب ،وخاصة طموحهم بواسطة اسطولهم في بحر العرب والخليج العربي واستيلاء قائدهم "البو كريك" على مضيق هرمز.
كلّ هذه الأمور أغرت الشاه إسماعيل لإجراء اتفاقيات وأحلاف مع البرتغاليين، وقد كان
…
لأمه"مارتا" وجدته لأمه "تيودورا" اليونانية تأثيراً واضحاً في ذلك الحلف (2).
وسننقل نص رسالة أرسلها "البوكيرك" إلى الشاه إسماعيل الصفوي جاء فيها:
(1) هذه أسرة شيعية عريقة تنتسب لآل البيت، وقد مر كيف خان جدهم "محمد كمونة" البلاد، وكيف لاقى مصيره، وليعرف أهل بغداد أصولهم ولا ينخدعوا بأصول عوائل كان أجدادهم خونة للأمة، كما فعل اليوم أحمد الجلبي وغيرهم ممن وقّع على احتلال العراق.
(2)
تأثير زواج الخلفاء والقيادات الأسلامية من النصرانيات على الأمة واضح، ، وبهذه المناسبة نذكر أن جدّة محمد باقر الحكيم وأخوه عبد العزيز الحكيم يقال أنها (بولندية أو رومانية)،وقيل يهودية وقيل نصرانية، والمسألة تحتاج إلى تحرير وتحقيق.
"إني أقدّر لك احترامك للمسيحيين في بلادك (1)، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر، أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة، وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي وسأنفذ له كل ما يريد"(2).
وفعلاً تم التحالف مع النصارى البرتغاليين وأقرَّهم الشاه إسماعيل باستيلاءهم على هرمز مقابل مساعدة الشاه على احتلال البحرين والقطيف. كما اتفق على مشروع لتقسيم المشرق العربي بأن يحتل الصفويون مصر والبرتغاليون فلسطين (3).
ولكن هذا الحلم لم يتحقق - ولله الحمد - والفضل بعد الله في
(1) نفس ما تفعله جمهورية إيران الإسلامية حيث تحترم غير المسلمين (المجوس، اليهود، النصارى)، وتقيم لهم المعابد إلا أهل السُنة في إيران فهم الأسوأ حالاً والأقل مساجداً.
(2)
"قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين"(ص63)، د. زكريا إبراهيم بيومي، (1411/ 1991)، عالم المعرفة.
(3)
الدولة الصفوية هي أول دولة شيعية إماميةكبيرة النفوذ، إذ أن دول الشيعة السابقة إما شيعة إسماعيلية، كالفاطميين، أو شيعة زيدية وليلاحظ القارئ أن الدولة الصفويةهي أول دولة شيعية فارسية اتفقت على بيع فلسطين.