المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجواب عن حديث حذيفة - عودوا الى خير الهدي

[محمد إسماعيل المقدم]

الفصل: ‌الجواب عن حديث حذيفة

ومسجد بيت المقدس"، قال عبد الله: "لعلك نسيتَ وحفظوا، أو أخطأتَ وأصابوا" (1).

‌الجواب عن حديث حذيفة

1 -

أنه اختُلِفَ في رفعه ووقفه، والأقرب وقفه، فقد رواه ثلاثة من الحفاظ (2) عن ابن عيينة به موقوفًا من كلام حذيفة.

= قال: "مسجد جماعة" ذكره ابن حزم في "المحلى"(5/ 195)، ثم قال:"قلنا: هذا شك من حذيفة أو ممن دونه، ولا يُقطع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشك، ولو أنه عليه السلام قال: "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة" لحفظه الله تعالى علينا، ولم يدخل فيه شك، فصحَّ يقينًا أنه عليه السلام لم يقله" اهـ. من "المحلى"(5/ 195 - 196). وقال الشوكاني رحمه الله: "وأيضًا الشك الواقع في الحديث مما يُضعف الاحتجاج باحد شِقَّيْه" اهـ. من "نيل الأوطار"(4/ 360).

(1)

رواه الطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 20)، وأخرجه البيهقي (4/ 316)، وانظر:"سير أعلام النبلاء"(15/ 81).

(2)

وهم: عبد الرزاق الصنعاني في "المصنف"(4/ 348)، وسعيد بن عبد الرحمن بن حسان المخزومي، وهو ثقة كما في "التقريب"(2348)، ومحمد بن أبى عمر العدني، وهو صدوق.

ص: 66

2 -

أن ابن مسعود لم يقبل رواية حذيفة، بل رَدَّها، وهذا لا يمكن أن يصدر منه لو علم رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على أن حذيفة قال ذلك اجتهادًا تفرد به (1).

3 -

يحتمل أن حذيفة أخطأ في رواية الحديث، فاشتبه عليه لفظ:"لا تشد الرحال .. " الحديث (2)، ومن ثم قال له ابن مسعود:"لعلك نسيتَ وحفظوا، أو أخطأت فأصابوا".

وبفرض صحة حديث حذيفة يجاب عنه:

أولًا: بأنه منسوخ، ولذا قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله:

(1) ومن هنا قال الشوكاني رحمه الله معلقًا على قول ابن مسعود: "فلعلهم أصابوا وأخطات": "فهذا يدل على أنه لم يستدل على ذلك بحديثٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى أن عبد الله يخالفه، ويُجوِّز الاعتكاف في كل مسجد، ولو كان ثَمَّ حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما خالفه" اهـ. من "نيل الأوطار"(4/ 360).

(2)

وقد قال الخطايى في "معالم السنن": "إن بعض أهل العلم استنبط من حديث النهي عن شد الرحال أن الاعتكاف لا يصح إلا في المساجد الثلاثة" اهـ. (2/ 222).

ص: 67

"فتأملنا هذا الحديث فوجدنا فيه إخبار حذيفة لابن مسعود أنه قد علم ما ذكره له عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتَرْكَ ابن مسعود إنكارَ ذلك، وجوابَه إياه بما أجابه في ذلك من قوله لهم:

"حفظوا" أي: قد نُسخ ما قد ذكرته من ذلك، "وأصابوا" فيما قد فعلوا، وكان ظاهرُ القرآن على ذلك، وهو قول الله عز وجل:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} ، فعمَّ المساجد كلَّها بذلك، وكان المسلمون عليه في مساجد بُلدانهم" (1) اهـ.

ثانيا: أنه محمول على بيان الأفضلية، قال الكاساني رحمه الله:"فأفضل الاعتكاف أن يكون في المسجد الحرام، ثم مسجد المدينة، ثم في المسجد الأقصى، ثم في المساجد العظام التي كثرُ أهلها"(2) اهـ.

والحاصل: أن مذهب حذيفة غريب مهجور (3) مخالف

(1)"مشكل الآثار"(4/ 20).

(2)

"بدائع الصنائع"(2/ 113).

(3)

ومثله مذهب عطاء الذي خصَّه بمسجِدَيْ مكة والمدينة، وابن المسيب بمسجد المدينة.

ص: 68