المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلالأسئلة الواردة على القياس - غاية السول إلى علم الأصول

[ابن المبرد]

الفصل: ‌فصلالأسئلة الواردة على القياس

‌فصل

الأسئلة الواردة على القياس

الاستفسار ويتوجه على الإجمال، وعلى المعترض اثباته ببيان احتمال اللفظ معنيين فصاعدا، لا بيان التساوي لعسره. وجوابه بمنع التعداد، أو رجحان أحدهما بأمر ما.

ص: 136

والثاني: فساد الاعتبار، وهو مخالفة القياس نصا، وجوابه بمنع النص، أو استحقاق عليه لضعفه أو عمومه أو اقتضاء مذهب له.

الثالث: فساد الوضع: وهو اقتضاء العلة نقيض ما علق بها، وجوابه بمنع الاقتضاء المذكور، أو بأن اقتضاءها لما ذكره المستدل أرجح فإن ذكر الخصم شاهدا لاعتبار ما ذكره فهو معارضة.

الرابع: المنع: وهو منع حكم الأصل، ولا ينقطع به المستدل على الأصح، وله إثباته بطرقه، ومنع وجود المدعى عليه في الأصل، فيثبته (10|أ) حسا، أو عقلا، أو شرعا، بدليل،

ص: 137

أو وجود أثر، أو لازم له، ومنع عليته ومنع وجودها في الفرع فيثبتهما بطرقهما.

الخامس: التقسيم، ومحله قبل المطالبة؛ لأنه منع وهو مقبول بعد المنع، بخلاف العكس، وهو حصر ما ادعاه المستدل علة وإلغاءه، وشرط انقسامه إلى ممنوع ومسلم وحصر الجميع والمطابقة لما ذكره وصيانة التقسيم أن يقال إن عينت كذا فمسلم وإلا فممنوع.

السادس: المطالبة: وهو طلب دليل علة الوصف ويتضمن تسليم الحكم ووجود الوصف في الأصل والفرع، وهو من الممنوع.

ص: 138

السابع: النقص: وهو إبداء العلة بدون الحكم، وفي بطلانها به خلاف، ويجب احترازه عنه على الأصح، وجوابه بمنع وجود العلة والحكم في صورته، أو بيان مانع، أو انتفاء شرط، أو ورد النقض على المذهبين.

والكسر: وهو إبداء الحكمة بدون الحكم (لصيغة) شاقة، ولا تزاد الحكمة، ولا تنضبط بالرأي، فوقف فيها على تقدير الشارع.

ص: 139

الثامن: القلب: وهو تعليق نقيض حكم المستدل على علته بعينها، فقد يصحح مذهبه وقد يبطل مذهب خصمه، وهو معارضه فجوابه جوابها إلا بمنع وجود الوصف.

التاسع: المعارضة: إما في الأصل، ببيان وصف غير وصف لمستدل، يقتضي الحكم فيحتمل ثبوته لأحدهما، أو لهما، وهو أظهر كمن أظهر، كمن أعطى فقيرا قريبا غلب على الظن إعطاءه لسببين. ويلزم المستدل حذف وصف المعترض بالاحتراز عنه في دليله على الأصح، وإلا ورد معارضة، ولا يكفي المستدل في دفعها، إلا ببيان استقلال وصفه بثبوت

ص: 140

الحكم، إما ثبوت علته بنص، أو بإلغاء وصف المعترض.

وأما في الفرع، بذكره ما يمتنع معه ثبوت الحكم، إما بنص، أو إجماع فيه، وإما بإبداء مانع الحكم، أو لسببه.

العاشر: عدم التأثير: وهو ذكر م يستغني فيه الدليل في ثبوت الحكم بطرديته، نحو صلاة لا تقصر فلا يقدم أذانها (على الوقت كالمغرب، إذ باقي الصلوات تقصر ولا يقدم أذانها)، أو لثبوت الحكم بدون شرطه كالبيع بدون الرؤية لا يصح بيعه، كالطير في الهواء، فإن بيع الطير في الهواء ممنوع وإن رؤي.

ص: 141

الحادي عشر: تركيب القياس من مذهبين، نحو قوله في البالغة: أنثى فلا تزوج نفسها كابتة خمسة عشر، إذ الخصم يمنع تزويجها لصغرها لا لأنوثيتها، ففي صحة التمسك به خلاف.

الثاني عشر: وهو تسليم الدليل مع منع المدلول وينقطع المعترض بفساده والمستدل بصحته. ففي النفي كقوله في القتل بالمثقل: التفاوت في الآلة لا يمنع القصاص كالتفاوت في القتل وفي القتل وفي هذا كفاية. (10|ب)

ص: 142

فصل

الاستصحاب دليل، ذكره المحققون إجماعا، وإنما الخلاف في استصحاب حكم الإجماع، والأكثر ليس بحجة، خلافا للشافعي وابن شاقلا وابن حامد.

ونافي الحكم يلزمه الدليل على الأصح.

ص: 143

فصل

شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يخالف شرعنا بنسخه في أصح الروايتين. والثانية: لا يكون شرع لنا إلا بدليل، وهل يكون على الأولى مخصوصا بملة إبراهيم، أو موسى، أو عيسى، أو ليس مخصوصا بملة، وهو الصحيح فيه أقوال.

ثم هل كان النبي صلى الله عليه وسلم متعبدا بشرع من قبله قبل بعثته مطلقا؟ أو آدم، أو نوح، أو إبراهيم، أو عيسى، أو لم يكن متعبدا، فيه خلاف.

ص: 144

فصل

الاستقراء دليل ذكره بعض أصحابنا. ومذهب الصحابي إن لم يخالفه صحابي فإن انتشر ولم ينكر فإجماع، سبق. وإن لم ينتشر

ص: 145

فحجة، مقدم على القياس في أصح الروايتين.

ومذهب الصحابي فيما يخالف القياس توقيف ظاهر الوجوب على الأصح.

ومذهب التابعي ليس بحجة عند الأكثر وكذا لو خالف القياس على الأصح.

ص: 146

فصل

الاستحسان: هو العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل شرعي، وفي القول به خلاف.

ص: 147

فصل

الاستصلاح: وهو اتباع المصلحة، إن شهد الشرع باعتبارها كاقتباس الحكم من معقول دليل شرعي فقياس أو ببطلانها فلغو إذ هو تغيير للشرع. وإن لم يشهد لها ببطلان، ولا اعتبار، فهي إما تحسيني، أو حاجي، أو ضروري، ولا يصح التمسك بالأوليين، من غير أصل، وفي الثالث خلاف.

ص: 148

فصل

الاجتهاد لغة: بذل الجهد "في فعل شاق.

وشرعا: بذل الجهد "في تعرف الحكم الشرعي.

وشرط المجتهد إحاطته بمدارك الأحكام، وهي الأصول المتقدمة،، وما يعتبر للحكم في الجملة كمية وكيفية، فالواجب عليه من الكتاب، معرفة ما يتعلق بالأحكام منه وهي خمسمائة آية بحيث يمكنه استحضارها، وقيل: يشترط فيه حفظ جميع القرآن. ومعرفة صحة الحديث، اجتهادا، كعلمه بصحة مخرجه وعدالة رواته، أو تقليدا، كنقله من كتاب صحيح ارتضى الأئمة رواته، والناسخ والمنسوخ منهما،

ص: 149

ومن الإجماع ما تقدم فيه، ومن النحو واللغة ما يكفيه يتعلق بالكتاب والسنة من نص، وظاهر، ومجمل، وحقيقة، ومجاز، وعام، وخاص، ومطلق، ومقيد، لا تفاريع الفقه، وعلم الكلام، ولا يشترط عدالته في اجتهاد، بل في قبول فتياه وخبره، ويتجزأ الاجتهاد، وقيل: لا، (11|أ)

وقيل: في باب لا في مسألة.

ويجوز التعبد بالاجتهاد في زمنه عليه السلام عقلا، على الأصح. وفي جوازه شرعا خلاف. ويجوز اجتهاده عليه السلام في أمر الشرع عقلا، على الأصح، وفي جوازه ووقوعه شرعا خلاف.

ص: 150

والإجماع على أن المصيب في العقليات واحد، وأن النافي ملة الإسلام مخطئ آثم كافر، اجتهد أو لم يجتهد. والمسألة الظنية الحق فيها عند الله واحد، وعليه دليل، فمن أصاب فمصيب، وإلا فمخطئ مثاب على اجتهاده، على الأصح. وتعادل دليلين قطعيين، محال وكذا ظنيين، فيجتهد (ويقف إلى أن يتبينه)، وعنه يجوز تعادلهما، فيخير في أيهما شاء. وليس للمجتهد أن يقول في شيئ في وقت واحد قولين متضادين، عند الأكثر. وإذا نص المجتهد على حكمين مختلفين في مسألة في وقتين، فمذهبه آخرهما إن علم التاريخ وإلا فأشبههما بأصول وقواعد مذهبه

وأقربهما إلى الدليل الشرعي وقيل: كلاهما مذهب له.

ص: 151

ومذهب الإنسان: ما قاله، أو ما جرى مجراه من تنبيه، أو غيره، وإلا لم يجز نسبته إليه من جهة القياس أو فعله أو المفهوم قولان.

ولا ينقض الحكم في الاجتهادات منه ولا من غيره، وحكمه بخلاف اجتهاده باطل، ولو قلد غيره على الأصح. وإذا نكح مقلد بفتوى مجتهد ثم تغير اجتهاد مقلده لم يحرم خلاف لقوم. وإذا حدثت مسألة لا قول فيها فللمجتهد الاجتهاد فيها والفتوى والحكم وهل هذا أفضل أم التوقف؟ فيه خلاف.

ص: 152

فصل

التقليد لغة: جعل الشئ في العنق.

وشرعا: قبول قول الغير من غير حجة.

يجوز التقليد في الفروع عند الأكثر، ولا تقليد فيما علم كونه من الدين ضرورة، ولا في الأحكام الأصولية الكلية، كمعرفة الله تعالى، ووحدانيته، وصحة الرسالة، ونحوها، وقيل: ولا في أصول الفقه. وإذا أدى اجتهاد المجتهد إلى حكم لم يجز له التقليد، وإن لم يجتهد فلا يجوز له، وقيل: بلى، وقيل: مع ضيق الوقت، وقيل، ليعمل لا ليفتي، وقيل: لمن هو

ص: 153

أعلم منه.

وللعامي أن يقلد من علم، أو ظن أهليته للاجتهاد بطريق ما، دون من عرفه بالجهل، ومن جهل حاله، فلا يقلده.

وفي لزوم تكرار النظر عند تكرار الواقعة خلاف، ولا يجوز خلو العصر من مجتهد على الأصح، ولا يجوز أن يفتي إلا مجتهد، وقيل: يجوز فتيا من ليس بمجتهد بمذهب إن كان مطلعا على المآخذ أهلا للنظر، وقيل عند عدم المجتهد، وقيل: يجوز مطلقا.

ويجوز تقليد المفضول في أصح الروايتين. (11|ب) ولو سألهما واختلفا عليه واستويا عنده تبع أيهما

ص: 154

شاء، وقيل: الأشد، وقيل: الأخف، وقيل: يسقطا، ويرجع إلى غيرهما.

ويلزم العامي التمذهب بمذهب يأخذ برخصه وعزائمه في احدى الروايتين، ولا يجوز له تتبع الرخص ويفسق به.

ويجب على المفتي أن يعمل بموجب اعتقاده، فيما له وعليه، وللمفتي رد الفتيا وفي البلد أهل لها غيره شرعا، وإلا لزمه. ولا يلزمه جواب ما لم يقع، ولا يحتمل السائل، ولا ينفعه ولا يكبر المفتي خطه، ولا يجوز إطلاق الفتيا في اسم مشترك

والله أعلم.

ص: 155

فصل

الترجيح: تقديم أحد طرفي الحكم لاختصاصه بقوة الدلالة.

ورجحان الدليل، عبارة عن كون الظن المستفاد منه أقوى، ولا مدخل له في المذاهب، من غير تمسك بدليل، ولا في القطعيات.

ويجوز تعارض دليلين من غير مرجح، وقيل: لا يجوز أن يوجد في الشرع خبران متعارضان من جميع الوجوه ليس مع أحدهما ترجيح يقدم به، وهو الصحيح.

ص: 156

وأحد المتعارضين باطل، إما لكذب الناظر، أولخطئه، بوجه ما في النقليات أو خطا الناظر في النظريات أو بطلان حكمه بنسخ.

والترجيح اللفظي، إما من جهة السند، أو المتن، أو مدلول اللفظ، أو أمر خارج.

ويقدم الأكثر رواة على الأقل، وفي تقديم الأوثق خلاف.

ويرجح بزيادة الثقة، والفطنة، والورع، والعلم، والضبط، والنحو، وبأنه أشهر بأحد هذه الأمور،

ص: 157

وبكونه أحسن سياقا وباعتماده على حفظه لا نسخة سمع منها، وعلى ذكر لا خط.

وبعلمه بروايته، وبأنه عرف أنه لا يرسل إلا عن عدل، وبكونه صاحب القصة، أو مباشرها، أو مشافها، أو أقرب عند سماعه.

ويرجح التواتر على الآحاد، والمسند على المرسل، وفي تقديم رواية الخلفاء الأربعة روايتان.

فإن رجحت رجحت رواية الأكابر على غيرهم.

ويقدم الأكثر صحبة، ومتقدم الإسلام والمتأخر سيان، وقيل: المتأخر.

ص: 158

المعنى: النص مقدم على الظاهر.

والظاهر مراتب باعتبار لفظه، أو قرينة، فيقدم الأقوى منها فالأقوى. والاتحاد على الاتفاق والورع وذو الزيادة على غيره. ويرجح النهي على الأمر، والأمر على المبيح، والأقل احتمالا على الأكثر، والحقيقة على المجاز ومفهوم الموافقة على مفهوم المخالفة.

المدلول يرجح الحظر على الإباحة على الأصح، وعلى الندب، والوجوب على الكراهة وعلى الندب، وقوله عليه السلام على فعله، والمثبت على النافي، إلا أن يستند

ص: 159

النفي إلى علم بالعدم، والناقل عن حكم الأصل على غيره، على الأصح. وموجب الحد والجزية على نافيهما.

الخارج: يرجح المجرى على عمومه على المخصوص، (12|أ) وما تلقى بالقبول على ما دخله النكير، وما عضده عموم كتاب أو سنة، أو قياس شرعي، أو معنى عقلي، فإن عضد أحدهما كتاب والآخر سنة فروايتان.

(وما ابتدئ به

ص: 160

على ذي السبب)، وما عمل به الخلفاء الراشدون، في أصح الروايتين.

وبقول أهل المدينة، في الأصح.

والقياسي إما من جهة الأصل، أو العلة، أو القرينة.

أما الأول: فحكم الأصل الثابت بالإجماع راجح، على الثابت بالنص، والثابت بالقرآن، أو تواتر السنة، على الثابت بآحادها، والثابت بمطلق النص، على الثابت بالقياس، والمقيس على أصول كثيرة على غيره.

وأما الثاني: فتقدم العلة المجمع عليها على غيرها، والمنصوصة على المستنبطة، والثابتة عليتها تواترا على الثابتة آحادا، والمناسبة على غيرها، والناقلة على المقررة، الحاضرة على المبيحة.

ص: 161

وفي مسقطة الحد، وموجبة العتق، والأخف، خلاف.

وتقدم (الوصفية والمردودة) إلى أصل قاس علة الشارع، والمطردة إن صحة، والمنعكسة إن شرط العكس.

والمتعدية كالقاصرة إن قبلت، وقيل: تقدم القاصرة، وقيل: المتعدية.

ويقدم الحكم الشرعي أو اليقيني على الوصف الحسي، والإثبات عند قوم، وقيل: الحق التسوية، والمؤثر على الملائم، والملائم على الغريب، والمناسب على الشبهي. والمرجحات كثيرة ضابطها اقتران أحد الطرفين

ص: 162

بأمر نقلي أو اصطلاحي أو قرينة عقلية أو لفظية أو حالية مع زيادة ظن، وقد حصل الرجحان من جهة القرائن بهذا، والله أعلم.

ص: 163