المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الهدنة   ‌ ‌المفتي عطية صقر. مايو 1997   ‌ ‌المبادئ القرآن والسنة   ‌ ‌السؤال متى يجوز عقد الهدنة - فتاوى دار الإفتاء المصرية - جـ ١٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدة فى الطلاق الغيابى

- ‌نية الطلاق

- ‌من آداب الحياة الزوجية

- ‌الوفاء للزوج

- ‌إعفاف الزوجة

- ‌احترام ملكية المرأة

- ‌المحافظة على شرفها

- ‌المحافظة على شعورها

- ‌وطء شبهة

- ‌الخلوة بين الجنسين

- ‌شعر المرأة والباروكة

- ‌الزواج من خالة الأم

- ‌الولد الأسود لوالدين أبيضين

- ‌الأبناء وذنوب الآباء

- ‌المرأة على منصب القضاء

- ‌توارث الزوجين بالعقد

- ‌ملابس الحداد

- ‌عدة الفراق والإحداد

- ‌العدة بين الرجل والمرأة

- ‌مزاحمة الرجال النساء

- ‌القواعد من النساء

- ‌المرأة والانتخاب

- ‌الوعد بالزواج وقراءة الفاتحة

- ‌زواج المسلم بالكتابية فى الكنيسة

- ‌عقد الزواج فى شهر المحرم

- ‌سكن المطلق مع مطلقته

- ‌الزوجة تكون فى الجنة لآخر أزواجها

- ‌نفقة علاج الزوجة

- ‌طلاق زوجة الغائب

- ‌عقد الزواج بالإشارة

- ‌الاختلاط فى العمل

- ‌المرأة رئيسة فى العمل

- ‌المرأة وكحل العين

- ‌فاطمة ورأيها فى الاختلاط

- ‌خضراء الدمن

- ‌شهادة الكتابى على زواج المسلم

- ‌بالرفاء والبنين

- ‌سر الزوجين

- ‌غياب الزوج عن زوجته

- ‌عودة الزوج الغائب

- ‌الاستئذان بين الآباء والأبناء

- ‌الإيلاء

- ‌المخطوبة التائبة

- ‌عورة المسلمة مع غير المسلمة

- ‌استثناءات الحرمة بين الرضاعة والنسب

- ‌الرضاع

- ‌التعقيم

- ‌الجنين الحى فى بطن أم ميتة

- ‌حدود الاختلاط بين الجيران

- ‌الملابس الضيقة

- ‌تعليم المرأة

- ‌فى الهندسة الوراثية

- ‌التسمية بأسماء عزيز وكريم وسيد

- ‌الطلاق فى بلد لا تعترف به

- ‌عدة الزوجة التى أسلمت

- ‌الذهب للنساء

- ‌العلاج بين الجنسين

- ‌صورة من الخلوة بين الجنسين

- ‌طلاق المكره

- ‌قص شعر المولود فى اليوم السابع

- ‌عدة المسافرة

- ‌صيغة علىَّ الطلاق

- ‌زواج الصغيرة

- ‌التعامل مع المطلقة رجعيا

- ‌خروج المعتدة

- ‌دية المرأة والكتابى

- ‌سن الزواج

- ‌صلاة المرأة على الجنازة

- ‌العداوة فى الأسرة

- ‌شهادة المرأة

- ‌الرضاع من ميتة

- ‌مدة الرضاع

- ‌الطلاق السنى والبدعى

- ‌الرضاع وحقن اللبن

- ‌أدب النساء فى الطرق والمجالس

- ‌الطلاق بالرجال

- ‌تقبيل زوجة الابن وأم الزوجة

- ‌لبن الفحل

- ‌الزغاريد فى الأفراح

- ‌نقوط الفرح

- ‌ما يثبت به الرضاع

- ‌الطلاق

- ‌نكاح الزانية

- ‌اغتصاب المرأة وحملها

- ‌الزوجة التى لا تصلى

- ‌الكذب بين الزوجين

- ‌التمريض بين الرجل والمرأة

- ‌الإشهاد فى عقد الزواج

- ‌عقم الزوجة والزوج

- ‌وحم الحامل

- ‌الشروط فى عقد الزواج

- ‌ماء الزنا لا حرمة له

- ‌القتال فى الإسلام

- ‌الجندى وأسرار الحرب

- ‌لقمان

- ‌النحت والرسم والتصوير

- ‌العجز عن الوفاء بالنذر

- ‌الجن

- ‌القرعة

- ‌عقوبة السجن

- ‌على كرم الله وجهه

- ‌قتل الحيوان المريض لإراحته

- ‌الصيد بالبنادق

- ‌شعر الغزل

- ‌حكم التمثيل

- ‌المخدرات

- ‌اللقطة

- ‌حلقات الذكر

- ‌التداوى بالمحرم

- ‌آكل لحم الآدمى

- ‌العلاقة بين المسلم وغيره

- ‌سد الأسنان بالذهب

- ‌زرع الشعر

- ‌الفيديو والتلفزيون والراديو

- ‌الإطعام فى كفارة القتل

- ‌الكبائر والصغائر

- ‌تحلية الخنجر بالفضة

- ‌الرق فى نظر الإسلام

- ‌دار الإسلام ودار الحرب

- ‌حد عمر لابنه

- ‌الحدود زواجر أم جوابر

- ‌دهن الخنزير

- ‌الجهاد فى الإسلام

- ‌الانتفاع بالمشيمة

- ‌الإنسان مسير أم مخير

- ‌يأجوج ومأجوج

- ‌المهدى المنتظر

- ‌المسيح الدجال

- ‌المبشرون بالجنة

- ‌إفساد اليهود

- ‌ليلة النصف من شعبان

- ‌أطفال الأنابيب

- ‌النظر إلى صورة المرأة

- ‌الوقوف تحية للقادم

- ‌الرد على تحية المذيع والكاتب

- ‌تحية السلام مع غير المسلم

- ‌الإشارة باليد عند السلام

- ‌التعليم فى كليات الحقوق

- ‌الغش فى الامتحان

- ‌الترضى على الصحابة والصالحين

- ‌كوافير السيدات

- ‌تغيير محل النذر

- ‌الزنى لا يكفره الزواج

- ‌خصاء الحيوانات ووسمه بالنار

- ‌قراءة كتب الفلسفة والكفر

- ‌إبليس والجن والشياطين

- ‌اللحوم المستوردة

- ‌تحضير الأرواح

- ‌الإضراب عن الطعام

- ‌حبس الطيور والأسماك للزينة

- ‌اقتناء الكلاب والاتجار فيها

- ‌السحر

- ‌الرشوة

- ‌نقل الأعضاء

- ‌التقبيل

- ‌قتل الحيوانات الضارة

- ‌الكذب الأبيض وكذبة أبريل

- ‌الحياة على الكواكب الأخرى

- ‌الصحابى الذى اهتز له العرش

- ‌الاحتفال بالأعياد القومية

- ‌من أدب الدعوة

- ‌الرياضة البدنية فى نظر الإسلام

- ‌أدوات اللعب

- ‌حكم مشاهدة التلفزيون

- ‌موقف الإسلام من السياحة

- ‌حكم نقل الخصية

- ‌مسئولية الطبيب

- ‌التحية بالانحناء

- ‌كفارة اليمين

- ‌ضرب التلميذ

- ‌ملك اليمين والخدم

- ‌العملية المرذولة

- ‌تغيير المنكر

- ‌الرأى العام والشورى

- ‌تأمين الفكر الإسلامى

- ‌مسئولية العضو المنقول

- ‌البدعة

- ‌أكل لحم الخيل

- ‌التصفيق للإعجاب والتحية

- ‌التشبه بين الجنسين

- ‌التحية بين الجنسين

- ‌الرجوع فى الإقرار

- ‌احتياط ضد الأخطار

- ‌القلب والروح والنفس والعقل

- ‌تحية القادم

- ‌الحاكم وتوحيد المذاهب

- ‌الإمام وسلطة الشعب

- ‌إمام الدولة

- ‌ليلة القدر وليلة المولد النبوى

- ‌منبع نهر النيل والفرات

- ‌مرض الصرع

- ‌الرؤى والأحلام

- ‌موقف الإسلام من المخالف فى الرأى

- ‌الخدمة العسكرية

- ‌العدسات اللاصقة

- ‌العلاج عند غير المسلم

- ‌الفتوى بغير علم

- ‌الكلب الأسود

- ‌أول من تكلم العربية

- ‌اليمين الغموس

- ‌التوبة والاستتابة

- ‌التائب من الذنب

- ‌العلاج بالزار

- ‌التاريخ الميلادى

- ‌شجرة النخل

- ‌المسرح والسينما

- ‌بين حدى الزنى والسرقة

- ‌قطع يد السارق والسارقة

- ‌إحياء الموات

- ‌الحب حلال أو حرام

- ‌ذبح غير المأكول

- ‌الولى والكرامة

- ‌الأظافر

- ‌البيعة على الإسلام والهجرة

- ‌كتمان الشهادة

- ‌الضيافة عند اليتيم

- ‌ضرب المتهم للإقرار

- ‌أنا ونحن

- ‌بيض الطائر الميت

- ‌الحزبية

- ‌تحية العلم

- ‌التوبة من المال الحرام

- ‌من آداب تغير المنكر

- ‌مصارعة الثيران

- ‌النكتة والمزاح

- ‌نسب الفاطميين

- ‌أوليات الخلفاء الراشدين

- ‌أوانى الذهب والفضة

- ‌الثور والأرض

- ‌الأكل على المائدة

- ‌القصاص من الذكر للأنثى

- ‌نزر وفرض

- ‌نقل جزء من الخنزير إلى الإنسان

- ‌من أحكام الردة

- ‌تكرير السكر بالعظم

- ‌الأرضون السبع

- ‌الطريقة البرهامية

- ‌أبو ذر فى الربذة

- ‌أكل الجراد

- ‌حكم الأكل فى الطريق

- ‌الأكل مع النذر

- ‌الأدوية المسكنة

- ‌مشط العاج

- ‌عيادة المريض غير المسلم

- ‌القردة وبنو إسرائيل

- ‌التاريخ الدولى

- ‌اجتماع حدين

- ‌حيث "ادرءوا الحدود بالشبهات

- ‌دخول الكنائس

- ‌الليالى المفضلة

- ‌دعاء الثوب الجديد

- ‌الزهد والغنى

- ‌تعلم السحر

- ‌شروط استجابة الدعاء

- ‌التمايل عند ذكر الله

- ‌صبغ الشعر

- ‌العمامة والعذبة

- ‌جبر عظم الإنسان بعظم نجس

- ‌العمل بالكنيسة

- ‌القصص والشعر الخيالى

- ‌تحول التوائم إلى قطط

- ‌رفض الصلح

- ‌تمنى المحرمات

- ‌مم خلق الحيوان

- ‌التشفى بالموت والمصائب

- ‌أنواع النفس أو صفاتها

- ‌الدين والطب النفسى

- ‌الأصبع الزائدة

- ‌استثناءات فى الغيبة

- ‌مجالس المنكر

- ‌التقارير السرية

- ‌الهدنة

- ‌حكمة خلق الحشرات والوحوش

- ‌الولاية بين المؤمن وغيره

- ‌مسئولية الطبيب

- ‌رعاية ولد الزنا

- ‌صياح الديك

- ‌قتل الضفدع وأكله

- ‌الأكل من زرع الغير

- ‌حضور حفلات بها خمر

- ‌الانتفاع بطابع البريد مرتين

- ‌بيعة الإمام

- ‌مقاطعة العصاة

- ‌مدح الإنسان نفسه

- ‌سعد بن معاذ

- ‌القصاص من المسلم للكافر

- ‌شبهات حول حد الردة

- ‌إعراب كلمة كافة

- ‌الرفق بالحيوان

- ‌قوس قزح

- ‌الدروس الخصوصية

- ‌الإصرار على الصغائر

- ‌العجز عن النذر

- ‌إكرام الضيف

- ‌السلف والسلفية

- ‌الوساطة والشفاعة

- ‌المداحون

- ‌الشكر على المعروف

- ‌القصد فى الموعظة

- ‌الثعلب والقنفذ

- ‌زلة العالم

- ‌التثبت من القول

- ‌الإرهاب

- ‌أعداء الإسلام

- ‌رابعة العدوية

- ‌النص والاجتهاد

- ‌حياك الله وبياك

- ‌النظم الاقتصادية

- ‌علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين

- ‌الذكر واللهو

- ‌شم النسيم

- ‌لبس الحرير

- ‌العزلة والاختلاط

- ‌حق الضيافة

- ‌بين الفتوى والقضاء

- ‌الغيبة

- ‌النميمة

- ‌عجائب الدنيا السبع

- ‌كرة القدم

- ‌الطب واختلاف الأديان

- ‌السر والعلن فى الصدقة

- ‌حكمة تحريم الزنا

- ‌التداوى والتوكل

- ‌المصالح المرسلة

- ‌أسرى الحرب

- ‌الصحف والمجلات

- ‌علاج المعاصى

- ‌الحكمة والدبلوماسية

- ‌لا سِيَّما

- ‌حكم التحية بالسلام

- ‌الوقت من ذهب

- ‌التجسس

- ‌رعاية الشباب

- ‌بروتوكولات حكماء صهيون

- ‌المافيا

- ‌العرف

- ‌صوت الناقوس

- ‌أسامة والقصاص

- ‌الأمل والعمل

- ‌شطحات الصوفية

- ‌الشافعى عالم قريش

- ‌عهد لرهبان سيناء

- ‌مراتب العلم

- ‌التبرك بآثار الصالحين

- ‌الإسلام هو الدين العالمى

- ‌من أدب الكلام

- ‌مجالس الغيبة

- ‌من آداب الزيارة

- ‌السيد أحمد البدوى

- ‌السيد إبراهيم الدسوقى

- ‌السيد أبو الحسن الشاذلى

- ‌ابن عطاء الله السكندرى

- ‌الإمام الغزالى

- ‌الخنافس

- ‌الخدم وأسراء البيوت

- ‌حكمة التشريع

- ‌تعليم العلم لغير أهله

- ‌الآل والأهل

- ‌الأدب

- ‌إعفاءات من الجندية

- ‌شهر الله المحرم

- ‌المصطفون من العباد

- ‌خلق الأرض

- ‌السهر

- ‌الحروب بين المسلمين

- ‌الضمير

- ‌الترويح عن النفس

- ‌المدنية الغربية

- ‌الإشاعة والتشهير

- ‌الادخار

- ‌الاحتفال بوفاء النيل

- ‌قبة الصخرة

- ‌الطيور المهاجرة

- ‌الكنائس

- ‌الذين تكلموا فى المهد

- ‌المال العام

- ‌القتل الخطأ

- ‌حديث النفس

- ‌حفظ الأسرار والتجسس

- ‌التاريخ وذكر مساوئ الموتى

- ‌الكفارة والفدية

- ‌التفرقة العنصرية

- ‌الشيوعية

- ‌التقية

- ‌خطة دينية لمواجهة الكوارث

- ‌خواص العدد (7)

- ‌السلام عند القدوم وعند الانصراف

- ‌الاستعانة بغير المسلمين فى الحرب

- ‌عين الحسود

- ‌الحق والوعد فى فلسطين

- ‌حد الحرابة

- ‌الأخذ بالثأر

- ‌التيامن

- ‌السراويل

- ‌حديث: فى غربة الإسلام

- ‌التعصب الدينى

- ‌التسمية عند الذبح

- ‌التكاليف الشرعية تنظيم للحرية

- ‌الكذب الواجب

- ‌خصام الأقارب

- ‌عوض مجلس عرفى

- ‌المرتد التائب

- ‌جوزة الطيب

- ‌الزراعة بين الدين والدنيا

- ‌دفع الصائل

- ‌الوعد والعهد

- ‌أفغانستان

- ‌البوسنة والهرسك

- ‌شكر النعمة

- ‌من أساليب التبشير

- ‌الدين والسياسة

- ‌الذهب بين الرجال والنساء

- ‌الإسلام والتطور

- ‌حكمة تحريم لحم الخنزير

- ‌أسلحة الدمار الشامل

- ‌الفتنة وما يجب نحوها

- ‌بلقيس

- ‌التهنئة برمضان والمناسبات

- ‌العقاب الشامل

- ‌اللغات الأجنبية وتعلمها

- ‌تقصير الملابس

- ‌نذر بدون وفاء

- ‌الحيل

- ‌رأس الحسين

- ‌الخضر

- ‌حد البلوغ

- ‌حد القذف وحادثة الإفك

- ‌اللغة العربية واللغات الأخرى

- ‌السباق

- ‌من يقيم الحدود

الفصل: ‌ ‌الهدنة   ‌ ‌المفتي عطية صقر. مايو 1997   ‌ ‌المبادئ القرآن والسنة   ‌ ‌السؤال متى يجوز عقد الهدنة

‌الهدنة

‌المفتي

عطية صقر.

مايو 1997

‌المبادئ

القرآن والسنة

‌السؤال

متى يجوز عقد الهدنة مع الأعداء؟

‌الجواب

يقول الله تعالى: {وإن جنحوا للسَّلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم} الأنفال: 61 ويقول {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين} براءة: 1.

معلوم أن الإسلام دين السلام، ولم يشرع الحرب إلا للدفاع وتأمين طريق الدعوة، وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تطبيقا لمنهج الإسلام فى ذلك، يكره الحرب وينهى عن تمنى لقاء العدو، ويتمنى أن يعرض عليه المشركون خطة فيها إصلاح وعدم قتال، ورضى أن يعقد مع المشركين هدنة لوقف القتال ما دامت فى مصلحة المسلمين.

جاء فى المغنى لابن قدامة "ج 10 ص 517" فى معنى الهدنة أن يعقد لأهل الحرب عقدا على ترك القتال مدة بعوض وبغير عوض، وتسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة وذلك جائز -وذكر الآيتين السابقتين-وروى مروان ومسور بن مخرمة أن النبى صلى الله عليه وسلم صالح سهيل بن عمرو بالحديبية على وضع القتال عشر سنين، ولأنه قد يكون بالمسلمين ضعف فيهادنهم حتى يقوى المسلمون. ولا يجوز ذلك إلا للنظر للمسلمين -أى لمصلحتهم- إما أن يكون فيهم ضعف عن قتالهم وإما أن يطمع فى إسلامهم بهدنتهم أو فى أدائهم الجزية والتزامهم أحكام الملة أو غير ذلك من المصالح.

إذا ثبت هذا فإنه لا تجوز المهادنة مطلقا من غير تقدير مدة، لأنه يفضى إلى ترك الجهاد بالكلية، ولا يجوز أن يشترط نقضها لمن شاء منهما، لأنه يفضى إلى ضد المقصود منها، وإن شرط الإمام لنفسه ذلك دونهم لم يجز أيضا، ذكره أبو بكر، لأنه ينافى مقتضى العقد، فلم يصح كما لو شرط ذلك فى البيع والنكاح.

وقال القاضى والشافعى: يصح، لأن النبى صلى الله عليه وسلم صالح أهل خيبر على أن يقرهم ما أقرهم الله تعالى. ولا يصح هذا، فإنه عقد لازم فلا يجوز اشتراط نقضه كسائر العقود اللازمة، ولم يكن بين النبى صلى الله عليه وسلم وبين أهل خيبر هدنة، فإنه فتحها عنوة، وإنما ساقاهم وقال لهم ذلك، وليس هذا بهدنة اتفاقا.

ثم قال ابن قدامة: ولا يجوز عقد الهدنة إلا على مدة مقدرة معلومة، لما ذكرنا، وقال القاضى: وظاهر كلام أحمد أنها لا تجوز أكثر من عشر سنين، وهو اختيار أبى بكر ومذهب الشافعى، لأن قوله تعالى {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} عام خص منه مدة العشر، لمصالحة النبى صلى الله عليه وسلم قريشا يوم الحديبية عشرا، ففيما زاد يبقى على مقتضى العموم، فعلى هذا إن زاد المدة على عشر بطل فى الزيادة، وهل تبطل فى العشر؟ على وجهين بناء على تفريق الصفقة.

وقال أبو الخطاب: ظاهر كلام أحمد أنه يجوز على أكثر من عشر، على ما يراه الإمام من المصلحة، وبهذا قال أبو حنيفة، لأنه عقد يجوز فى العشر، فجازت الزيادة عليها كعقد الإجارة، والعام مخصوص فى العشر لمعنى موجود فيما زاد عليها، وهو أن المصلحة قد تكون فى الصلح أكثر منها فى الحرب.

ثم قال: وتجوز مهادنتهم على غير مال، لأن النبى صلى الله عليه وسلم هادنهم يوم الحديبية على غير مال، ويجوز ذلك على مال يأخذه منهم، فإنها إذا جازت على غير مال فعلى مال أولى. وأما إن صالحهم على مال نبذله لهم فقد أطلق أحمد القول بالمنع منه، وهو مذهب الشافعى، لأن فيه صغارا للمسلمين، وهذا محمول على غير حال الضرورة، فأما إن دعت إليه ضرورة وهو أن يخاف على المسلمين الهلاك أو الأسر فيجوز، لأنه للأسير فداء نفسه بالمال فكذا هنا، ولأن بذله المال إن كان فيه صغار فإنه يجوز تحمله لدفع صغار أعظم منه، وهو القتل والأسر وسبى الذرية الذين يفضى سبيهم إلى كفرهم.

ثم تحدث عن مشروع صلح النبى صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب مع عيينة بن حصن على ثلث تمر المدينة، ورفض سعد بن معاذ وسعد بن عبادة لذلك، لأنه مذلة لهم بعد أن أعزهم الله بالإسلام، ولما طلب الحارث ابن عمرو الغطفاني من النبى صلى الله عليه وسلم نصف تمر المدينة، وإلا ملاها عليهم خيلا ورجلا، فقال له: حتى أشاور السعود، يعنى سعد بن عبادة وسعد بن معاذ وسعد بن زرارة، فشاورهم فرفضوا ما دام لم يكن ذلك أمرا من السماء ولا رأيا يحبه النبى وقالوا: ما كنا نعطيهم فى الجاهلية بسرة ولا تمرة إلا شراء أو قرى، فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام؟ وجاء فى تفسير القرطبى "ج 8 ص 40" أن المسلمين إذا كانوا على عز وقوة ومنعة وجماعة عديدة وشده فلا يطلبون الصلح مع الكفار لقوله تعالى {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم} محمد:35 كما قال القائل:

فلا صلح حتى تطعن الخيل بالقنا * وتضرب بالبيض الرقاق الجماجم وإن كان للمسلمين مصلحة فى الصلح، لنفع يجتلبونه، أو ضرر يدفعونه، فلا بأس أن يبتدئ المسلمون به إذا احتاجوا إليه.

ثم ذكر القرطبى أن القشيرى قال: إذا كانت القوة للمسلمين فينبغى ألا تبلغ الهدنة سنة، وإذا كانت القوة للكفار جاز مهادنتهم عشر سنين، ولا تجوز الزيادة، وقال الشافعى: لا تجوز مهادنة المشركين أكثر من عشر سنين على ما فعل النبى صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، فإن هودن المشركون أكثر من ذلك فهى منتقضة، وقال ابن حبيب عن مالك رضى الله عنه: تجوز مهادنة المشركين السنة والسنتين والثلاث وإلى غير مدة

وذكر القرطبى مشاورة النبى صلى الله عليه وسلم للسعدين فى مشروع الصلح يوم الأحزاب على ثلث تمر المدينة، ورفضهما لذلك وقولهما أخيرا:

والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فسُر بذلك النبى صلى الله عليه وسلم وقال "أنتم وذاك " وقال لعيبنة والحارث "انصرفا فليس لكما عندنا إلا السيف " وتناول سعد الصحيفة التى فيها مشروع الصلح وليس فيها شهادة أن لا إله إلا الله، فمحاها.

وفى هذا دلالة واضحة على أن المشروعات التى تنعكس آثارها على مجموع الأمة لا ينفرد بالموافقة عليها الحاكم، بل لابد من إشراك الشعب فيها، وهذه هى الشورى المعبرة بصدق عما يسمى فى العصر الحديث بالحكم الديمقراطى، حيث نزل الرسول على رأى ممثلى الشعب هنا كما نزل على رأيهم فى دخول المعركة فى بدر، وفى مواقع أخرى.

هذا، ويمكن استيفاء الموضوع فى كتاب زاد المعاد لابن القيم فى أحكام صلح الحديبية والفتاوى الإسلامية- المجلد العاشر ص 1-36

ص: 272