المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اللغة العربية واللغات الأخرى - فتاوى دار الإفتاء المصرية - جـ ١٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدة فى الطلاق الغيابى

- ‌نية الطلاق

- ‌من آداب الحياة الزوجية

- ‌الوفاء للزوج

- ‌إعفاف الزوجة

- ‌احترام ملكية المرأة

- ‌المحافظة على شرفها

- ‌المحافظة على شعورها

- ‌وطء شبهة

- ‌الخلوة بين الجنسين

- ‌شعر المرأة والباروكة

- ‌الزواج من خالة الأم

- ‌الولد الأسود لوالدين أبيضين

- ‌الأبناء وذنوب الآباء

- ‌المرأة على منصب القضاء

- ‌توارث الزوجين بالعقد

- ‌ملابس الحداد

- ‌عدة الفراق والإحداد

- ‌العدة بين الرجل والمرأة

- ‌مزاحمة الرجال النساء

- ‌القواعد من النساء

- ‌المرأة والانتخاب

- ‌الوعد بالزواج وقراءة الفاتحة

- ‌زواج المسلم بالكتابية فى الكنيسة

- ‌عقد الزواج فى شهر المحرم

- ‌سكن المطلق مع مطلقته

- ‌الزوجة تكون فى الجنة لآخر أزواجها

- ‌نفقة علاج الزوجة

- ‌طلاق زوجة الغائب

- ‌عقد الزواج بالإشارة

- ‌الاختلاط فى العمل

- ‌المرأة رئيسة فى العمل

- ‌المرأة وكحل العين

- ‌فاطمة ورأيها فى الاختلاط

- ‌خضراء الدمن

- ‌شهادة الكتابى على زواج المسلم

- ‌بالرفاء والبنين

- ‌سر الزوجين

- ‌غياب الزوج عن زوجته

- ‌عودة الزوج الغائب

- ‌الاستئذان بين الآباء والأبناء

- ‌الإيلاء

- ‌المخطوبة التائبة

- ‌عورة المسلمة مع غير المسلمة

- ‌استثناءات الحرمة بين الرضاعة والنسب

- ‌الرضاع

- ‌التعقيم

- ‌الجنين الحى فى بطن أم ميتة

- ‌حدود الاختلاط بين الجيران

- ‌الملابس الضيقة

- ‌تعليم المرأة

- ‌فى الهندسة الوراثية

- ‌التسمية بأسماء عزيز وكريم وسيد

- ‌الطلاق فى بلد لا تعترف به

- ‌عدة الزوجة التى أسلمت

- ‌الذهب للنساء

- ‌العلاج بين الجنسين

- ‌صورة من الخلوة بين الجنسين

- ‌طلاق المكره

- ‌قص شعر المولود فى اليوم السابع

- ‌عدة المسافرة

- ‌صيغة علىَّ الطلاق

- ‌زواج الصغيرة

- ‌التعامل مع المطلقة رجعيا

- ‌خروج المعتدة

- ‌دية المرأة والكتابى

- ‌سن الزواج

- ‌صلاة المرأة على الجنازة

- ‌العداوة فى الأسرة

- ‌شهادة المرأة

- ‌الرضاع من ميتة

- ‌مدة الرضاع

- ‌الطلاق السنى والبدعى

- ‌الرضاع وحقن اللبن

- ‌أدب النساء فى الطرق والمجالس

- ‌الطلاق بالرجال

- ‌تقبيل زوجة الابن وأم الزوجة

- ‌لبن الفحل

- ‌الزغاريد فى الأفراح

- ‌نقوط الفرح

- ‌ما يثبت به الرضاع

- ‌الطلاق

- ‌نكاح الزانية

- ‌اغتصاب المرأة وحملها

- ‌الزوجة التى لا تصلى

- ‌الكذب بين الزوجين

- ‌التمريض بين الرجل والمرأة

- ‌الإشهاد فى عقد الزواج

- ‌عقم الزوجة والزوج

- ‌وحم الحامل

- ‌الشروط فى عقد الزواج

- ‌ماء الزنا لا حرمة له

- ‌القتال فى الإسلام

- ‌الجندى وأسرار الحرب

- ‌لقمان

- ‌النحت والرسم والتصوير

- ‌العجز عن الوفاء بالنذر

- ‌الجن

- ‌القرعة

- ‌عقوبة السجن

- ‌على كرم الله وجهه

- ‌قتل الحيوان المريض لإراحته

- ‌الصيد بالبنادق

- ‌شعر الغزل

- ‌حكم التمثيل

- ‌المخدرات

- ‌اللقطة

- ‌حلقات الذكر

- ‌التداوى بالمحرم

- ‌آكل لحم الآدمى

- ‌العلاقة بين المسلم وغيره

- ‌سد الأسنان بالذهب

- ‌زرع الشعر

- ‌الفيديو والتلفزيون والراديو

- ‌الإطعام فى كفارة القتل

- ‌الكبائر والصغائر

- ‌تحلية الخنجر بالفضة

- ‌الرق فى نظر الإسلام

- ‌دار الإسلام ودار الحرب

- ‌حد عمر لابنه

- ‌الحدود زواجر أم جوابر

- ‌دهن الخنزير

- ‌الجهاد فى الإسلام

- ‌الانتفاع بالمشيمة

- ‌الإنسان مسير أم مخير

- ‌يأجوج ومأجوج

- ‌المهدى المنتظر

- ‌المسيح الدجال

- ‌المبشرون بالجنة

- ‌إفساد اليهود

- ‌ليلة النصف من شعبان

- ‌أطفال الأنابيب

- ‌النظر إلى صورة المرأة

- ‌الوقوف تحية للقادم

- ‌الرد على تحية المذيع والكاتب

- ‌تحية السلام مع غير المسلم

- ‌الإشارة باليد عند السلام

- ‌التعليم فى كليات الحقوق

- ‌الغش فى الامتحان

- ‌الترضى على الصحابة والصالحين

- ‌كوافير السيدات

- ‌تغيير محل النذر

- ‌الزنى لا يكفره الزواج

- ‌خصاء الحيوانات ووسمه بالنار

- ‌قراءة كتب الفلسفة والكفر

- ‌إبليس والجن والشياطين

- ‌اللحوم المستوردة

- ‌تحضير الأرواح

- ‌الإضراب عن الطعام

- ‌حبس الطيور والأسماك للزينة

- ‌اقتناء الكلاب والاتجار فيها

- ‌السحر

- ‌الرشوة

- ‌نقل الأعضاء

- ‌التقبيل

- ‌قتل الحيوانات الضارة

- ‌الكذب الأبيض وكذبة أبريل

- ‌الحياة على الكواكب الأخرى

- ‌الصحابى الذى اهتز له العرش

- ‌الاحتفال بالأعياد القومية

- ‌من أدب الدعوة

- ‌الرياضة البدنية فى نظر الإسلام

- ‌أدوات اللعب

- ‌حكم مشاهدة التلفزيون

- ‌موقف الإسلام من السياحة

- ‌حكم نقل الخصية

- ‌مسئولية الطبيب

- ‌التحية بالانحناء

- ‌كفارة اليمين

- ‌ضرب التلميذ

- ‌ملك اليمين والخدم

- ‌العملية المرذولة

- ‌تغيير المنكر

- ‌الرأى العام والشورى

- ‌تأمين الفكر الإسلامى

- ‌مسئولية العضو المنقول

- ‌البدعة

- ‌أكل لحم الخيل

- ‌التصفيق للإعجاب والتحية

- ‌التشبه بين الجنسين

- ‌التحية بين الجنسين

- ‌الرجوع فى الإقرار

- ‌احتياط ضد الأخطار

- ‌القلب والروح والنفس والعقل

- ‌تحية القادم

- ‌الحاكم وتوحيد المذاهب

- ‌الإمام وسلطة الشعب

- ‌إمام الدولة

- ‌ليلة القدر وليلة المولد النبوى

- ‌منبع نهر النيل والفرات

- ‌مرض الصرع

- ‌الرؤى والأحلام

- ‌موقف الإسلام من المخالف فى الرأى

- ‌الخدمة العسكرية

- ‌العدسات اللاصقة

- ‌العلاج عند غير المسلم

- ‌الفتوى بغير علم

- ‌الكلب الأسود

- ‌أول من تكلم العربية

- ‌اليمين الغموس

- ‌التوبة والاستتابة

- ‌التائب من الذنب

- ‌العلاج بالزار

- ‌التاريخ الميلادى

- ‌شجرة النخل

- ‌المسرح والسينما

- ‌بين حدى الزنى والسرقة

- ‌قطع يد السارق والسارقة

- ‌إحياء الموات

- ‌الحب حلال أو حرام

- ‌ذبح غير المأكول

- ‌الولى والكرامة

- ‌الأظافر

- ‌البيعة على الإسلام والهجرة

- ‌كتمان الشهادة

- ‌الضيافة عند اليتيم

- ‌ضرب المتهم للإقرار

- ‌أنا ونحن

- ‌بيض الطائر الميت

- ‌الحزبية

- ‌تحية العلم

- ‌التوبة من المال الحرام

- ‌من آداب تغير المنكر

- ‌مصارعة الثيران

- ‌النكتة والمزاح

- ‌نسب الفاطميين

- ‌أوليات الخلفاء الراشدين

- ‌أوانى الذهب والفضة

- ‌الثور والأرض

- ‌الأكل على المائدة

- ‌القصاص من الذكر للأنثى

- ‌نزر وفرض

- ‌نقل جزء من الخنزير إلى الإنسان

- ‌من أحكام الردة

- ‌تكرير السكر بالعظم

- ‌الأرضون السبع

- ‌الطريقة البرهامية

- ‌أبو ذر فى الربذة

- ‌أكل الجراد

- ‌حكم الأكل فى الطريق

- ‌الأكل مع النذر

- ‌الأدوية المسكنة

- ‌مشط العاج

- ‌عيادة المريض غير المسلم

- ‌القردة وبنو إسرائيل

- ‌التاريخ الدولى

- ‌اجتماع حدين

- ‌حيث "ادرءوا الحدود بالشبهات

- ‌دخول الكنائس

- ‌الليالى المفضلة

- ‌دعاء الثوب الجديد

- ‌الزهد والغنى

- ‌تعلم السحر

- ‌شروط استجابة الدعاء

- ‌التمايل عند ذكر الله

- ‌صبغ الشعر

- ‌العمامة والعذبة

- ‌جبر عظم الإنسان بعظم نجس

- ‌العمل بالكنيسة

- ‌القصص والشعر الخيالى

- ‌تحول التوائم إلى قطط

- ‌رفض الصلح

- ‌تمنى المحرمات

- ‌مم خلق الحيوان

- ‌التشفى بالموت والمصائب

- ‌أنواع النفس أو صفاتها

- ‌الدين والطب النفسى

- ‌الأصبع الزائدة

- ‌استثناءات فى الغيبة

- ‌مجالس المنكر

- ‌التقارير السرية

- ‌الهدنة

- ‌حكمة خلق الحشرات والوحوش

- ‌الولاية بين المؤمن وغيره

- ‌مسئولية الطبيب

- ‌رعاية ولد الزنا

- ‌صياح الديك

- ‌قتل الضفدع وأكله

- ‌الأكل من زرع الغير

- ‌حضور حفلات بها خمر

- ‌الانتفاع بطابع البريد مرتين

- ‌بيعة الإمام

- ‌مقاطعة العصاة

- ‌مدح الإنسان نفسه

- ‌سعد بن معاذ

- ‌القصاص من المسلم للكافر

- ‌شبهات حول حد الردة

- ‌إعراب كلمة كافة

- ‌الرفق بالحيوان

- ‌قوس قزح

- ‌الدروس الخصوصية

- ‌الإصرار على الصغائر

- ‌العجز عن النذر

- ‌إكرام الضيف

- ‌السلف والسلفية

- ‌الوساطة والشفاعة

- ‌المداحون

- ‌الشكر على المعروف

- ‌القصد فى الموعظة

- ‌الثعلب والقنفذ

- ‌زلة العالم

- ‌التثبت من القول

- ‌الإرهاب

- ‌أعداء الإسلام

- ‌رابعة العدوية

- ‌النص والاجتهاد

- ‌حياك الله وبياك

- ‌النظم الاقتصادية

- ‌علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين

- ‌الذكر واللهو

- ‌شم النسيم

- ‌لبس الحرير

- ‌العزلة والاختلاط

- ‌حق الضيافة

- ‌بين الفتوى والقضاء

- ‌الغيبة

- ‌النميمة

- ‌عجائب الدنيا السبع

- ‌كرة القدم

- ‌الطب واختلاف الأديان

- ‌السر والعلن فى الصدقة

- ‌حكمة تحريم الزنا

- ‌التداوى والتوكل

- ‌المصالح المرسلة

- ‌أسرى الحرب

- ‌الصحف والمجلات

- ‌علاج المعاصى

- ‌الحكمة والدبلوماسية

- ‌لا سِيَّما

- ‌حكم التحية بالسلام

- ‌الوقت من ذهب

- ‌التجسس

- ‌رعاية الشباب

- ‌بروتوكولات حكماء صهيون

- ‌المافيا

- ‌العرف

- ‌صوت الناقوس

- ‌أسامة والقصاص

- ‌الأمل والعمل

- ‌شطحات الصوفية

- ‌الشافعى عالم قريش

- ‌عهد لرهبان سيناء

- ‌مراتب العلم

- ‌التبرك بآثار الصالحين

- ‌الإسلام هو الدين العالمى

- ‌من أدب الكلام

- ‌مجالس الغيبة

- ‌من آداب الزيارة

- ‌السيد أحمد البدوى

- ‌السيد إبراهيم الدسوقى

- ‌السيد أبو الحسن الشاذلى

- ‌ابن عطاء الله السكندرى

- ‌الإمام الغزالى

- ‌الخنافس

- ‌الخدم وأسراء البيوت

- ‌حكمة التشريع

- ‌تعليم العلم لغير أهله

- ‌الآل والأهل

- ‌الأدب

- ‌إعفاءات من الجندية

- ‌شهر الله المحرم

- ‌المصطفون من العباد

- ‌خلق الأرض

- ‌السهر

- ‌الحروب بين المسلمين

- ‌الضمير

- ‌الترويح عن النفس

- ‌المدنية الغربية

- ‌الإشاعة والتشهير

- ‌الادخار

- ‌الاحتفال بوفاء النيل

- ‌قبة الصخرة

- ‌الطيور المهاجرة

- ‌الكنائس

- ‌الذين تكلموا فى المهد

- ‌المال العام

- ‌القتل الخطأ

- ‌حديث النفس

- ‌حفظ الأسرار والتجسس

- ‌التاريخ وذكر مساوئ الموتى

- ‌الكفارة والفدية

- ‌التفرقة العنصرية

- ‌الشيوعية

- ‌التقية

- ‌خطة دينية لمواجهة الكوارث

- ‌خواص العدد (7)

- ‌السلام عند القدوم وعند الانصراف

- ‌الاستعانة بغير المسلمين فى الحرب

- ‌عين الحسود

- ‌الحق والوعد فى فلسطين

- ‌حد الحرابة

- ‌الأخذ بالثأر

- ‌التيامن

- ‌السراويل

- ‌حديث: فى غربة الإسلام

- ‌التعصب الدينى

- ‌التسمية عند الذبح

- ‌التكاليف الشرعية تنظيم للحرية

- ‌الكذب الواجب

- ‌خصام الأقارب

- ‌عوض مجلس عرفى

- ‌المرتد التائب

- ‌جوزة الطيب

- ‌الزراعة بين الدين والدنيا

- ‌دفع الصائل

- ‌الوعد والعهد

- ‌أفغانستان

- ‌البوسنة والهرسك

- ‌شكر النعمة

- ‌من أساليب التبشير

- ‌الدين والسياسة

- ‌الذهب بين الرجال والنساء

- ‌الإسلام والتطور

- ‌حكمة تحريم لحم الخنزير

- ‌أسلحة الدمار الشامل

- ‌الفتنة وما يجب نحوها

- ‌بلقيس

- ‌التهنئة برمضان والمناسبات

- ‌العقاب الشامل

- ‌اللغات الأجنبية وتعلمها

- ‌تقصير الملابس

- ‌نذر بدون وفاء

- ‌الحيل

- ‌رأس الحسين

- ‌الخضر

- ‌حد البلوغ

- ‌حد القذف وحادثة الإفك

- ‌اللغة العربية واللغات الأخرى

- ‌السباق

- ‌من يقيم الحدود

الفصل: ‌اللغة العربية واللغات الأخرى

‌اللغة العربية واللغات الأخرى

‌المفتي

عطية صقر.

مايو 1997

‌المبادئ

القرآن والسنة

‌السؤال

ما رأى الدين فى الحملات التى قام بها بعض من يدعون التجديد والتيسير لتشجيع اللغة العامية، وعدم الالتزام بالقواعد النحوية، والإقبال على تعلم اللغات الأجنبية؟

‌الجواب

يقول مؤلفو كتاب " الوسيط فى الأدب العربى وتاريخه " طبعة سنة 1928،:

إن اللغة العربية من أغنى اللغات كلمًا وأعرقها قدمًا، وأخلدها أثرا، وأعذبها منطقا، وأسلسها أسلوبا، وأغزرها مادة. ولها من عوامل النمو ودواعى البقاء والرقى ما قلَّما يتهيأ لغيرها، وذلك لما فيها من اختلاف طرق الوضع والدلالة، وغلبة اطراد التصريف والاشتقاق، وتنوع المجاز والكناية وتعدد المترادفات، إلى النحت والقلب والإبدال والتعريب، ولما تشرفت به من ورود القرآن الكريم والسنة النبوية بلسانها. ولقريش عظيم الأثر فيما نجم عن اجتماع العرب فى مشاعر الحج والأسواق بتهذيب لغتهم أنفسهم، لأخذهم من لغات القبائل الوافده عليهم ما خف على اللسان وحسن فى السمع، حتى تهيأت لنزول القرآن الكريم بها.

واللغة العربية حية وستظل حية لا تموت، لأنها لغة القراَن الكريم ولغة العبادة لله. يجد المؤمن أنها ضرورية لفهم كلام الله وكلام رسوله، ولأداء العبادة التى لا تغنى عنها ترجمة مهما كالت الدقة فيها، ولأنها مناط الشرف عند الإبداع فى الخطابة أو الشعر.

وقد شهد بعظمها كثير من المنصفين الأجانب مثل "إرنست رينان " فى كتابه "تاريخ اللغات السامية" حيث يقول: من أغرب المدهشات أن تثبت تلك اللغة القوية وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحارى، عند أمة من الرُحَّل تلك اللغة التى فاقت أخوتها بكثره مفرداتها ودقة معانيها وحسن نظام مبانيها، وكانت هذه اللغة مجهولة عند الأمم، ومن يوم أن علمت ظهرت لنا فى حلل الكمال إلى درجة أنها لم تتغير أى تغير يذكر، حتى إنها لم يعرف لها فى كل أطوار حياتها لا طفولة ولا شيخوخة.. . "مجلة الأزهر مجلد 3 ص 240 ".

وإلى جانب فضل اللغة العربية فى فهم القراَن والسنة وإتقان العبادة، لها فضل كبير فى توحيد الأمة الإسلامية، التى دخل فيها الفارسى والحبشى والرومى، ونسوا لغتهم الأصلية، وروى الحافظ ابن عساكر أن رجلا عاب على غير العرب مناصرة محمد العربى، يريد أن يصرفهم عنه لاختلاف أجناسهم ولغاتهم، فغضب النبى صلى الله عليه وسلم وخطب فى المسجد "يا أيها الناس إن الرب واحد، والأب واحد، وإن الدين واحد وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هى اللسان، فمن تكلم بالعربية فهو عربى ".

هناك حملات مسعورة قديما وحكديثا لصرف الناس عن الإسلام بشبهات واهية من جهة العقيدة أو الشريعة أو شخص الرسول أو غير ذلك. ومن هذه الحملات تشجيع اللغات المحلية لكل جماعة بحجة سهولة التعامل بها، وصعوبة فهم القرآن وصعوبة تلاوته وقراءته، وللمحافظة على التاريخ والتراث لكل بلد أو جماعة. والهدف الحقيقى من وراء كل ذلك هو هجر اللغة العربية، وبالتالى الجهل بتعاليم الدين، ثم ضعف الشعور الجماعى ووحدة المسلمين، ثم تفرقهم وتباعدهم، ثم ضعفهم التام، وسهولة السيطرة عليهم.

ونسى هؤلاء المغرضون ومن ينخدعون بهم أن الحكماء يسعون الآن لجمع الناس على لغة واحدة لتيسير التفاهم وتبادل المنافع "الإسبرانتو" التى اقترحها الطبيب البولونى "لودفيج زامنهوف " والإسلام جاء بلغة واحدة لكل المسلمين، ولو كانت للمسلمين قوة فى تاريخهم الطويل لسادت اللغة العربية فى كل مكان يوجد فيه إسلام، لأنها أحسن اللغات، والبقاء دائما للاصلح {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض} الرعد:17.

إن اللغة العربية بمقوماتها وبقبولها للتطعيم بألفاظ من اللغات الأخرى يمكن أن تساير كل عصر وتتمشى مع كل حضارة، فهى البحر الذى يكمن فى أحشائه الدر كما يقول شاعر النيل.

لقد تصدى لهذه الدعوة للعامية والمحليات بعض الغيورين على الدين وعلى العروبة. وبينوا ما فى كتب المحدثين من سموم حين يعالجون مستقبل الثقافة، ويضعون مناهج للتعليم والتأليف الذى لا يلتزم قواعد اللغة العربية، ووجدت برامج تدرس فى بعض الكليات والمعاهد بعناوين مثل: دراسات لغوية حديثة، والتطور اللغوى العربى فى العصر الحديث، واللهجات العربية الحديثة، والأدب الشعبى، والمذاهب الكبرى فى الآداب الأوروبية، ومدارس القصة، وتطور الفكر الإسلامى فى العصر الحديث. وناقش الدكتور محمد محمد حسين أستاذ الأدب العربى الحديث بجامعة الإسكندرية سنة 1958، على صفحات مجلة الأزهر هذه الأفكار بموضوعية ودقة، وبيَن ما فيها من أثر على اللغة العربية والعروبة والدين، وذكر حملة صاحب "مستقبل الثقافة فى مصر" على الأزهر وعلماء الدين، لاهتمامهم البالغ باللغة العربية ودعوته إلى حرية تعلمها وتعليمها والتصرف فيها دون رقابة أو تحكم "مجلة الأزهر -المجلد 30 ص 326".

وذم الدكتور دعوة أحد المناهضين للعربية فى المؤتمر الأول لمجامع اللغة العربية بدمشق -إلى تأليف معاجم محلية لا يثبت فيها إلا ما بقى من اللهجات العربية حيًّا فى عامية كل إقليم، ودعا اَخر إلى إعادة النظر فى تبويب النحو وتدوينه من جديد.

وذكر الدكتور من تزعَّم الدعوه من رجال التعليم إلى تأليف كتب القراءة الجديدة " شرشر-جلاجلا. . . " وما جاء فيها من ألفاظ سوقية عامية "ص 359 من المجلة المذكورة" وأن نتيجة ذلك عدم استقامة اللسان باللغة العربية أو صعوبة التزام القواعد النحوية وشيوع الكلمات السوقية، وتعدى ذلك إلى عدم الالتزام بالأوزان الشعرية ذات الوقع الموسيقى المؤثر على العواطف والأذواق.

إن مما يؤسف له أن بعض من يسمون أنفسهم عصريين متمدينين يحاولون أن يظهروا عصريتهم بتطعيم كلامهم بكلمات أجنبية، كدليل على معايشتهم للعصر وتفاعلهم مع الظروف وانفتاحهم على العالم كله " مرسى، برافو، شور، داكور، اكسيلانس، مستر. . . " أو يكتبون عناوين محلاتهم بلغة أجنبية مثل:

سوبر ماركت، رستوران.. . " وكل ذلك غزو للغة العربية من أبنائها الذين كان المفروض فيهم أن يتعصبوا للغتهم الشرقية الدينية.

إن من سياسة الاستعمار فرض نظامه وثقافته ولغته على المستعمرات، ونتيجة لذلك رأينا بعض البلاد الإسلامية التى كانت تروج فيها اللغة العربية أصبحت اللغة الأجنبية هى الرسمية أو الشائعة فى التخاطب والمراسلات والتأليف، وما زال لها أثر واضح حتى بعد زوال الاستعمار شكلا وحكما، وفى ذلك تذويب للشخصية العربية والإسلامية. ويجرنا ذلك إلى الحديث عن تعريب العلوم أو دراستها باللغة العربية كالطب والهندسة، وهناك نداءات تميل إلى ذلك، حفاظا على اللغة، وقامت بعض الدول العربية بالاستجابة لهذا النداء، وإن كانت فيه صعوبة فى الدراسة والترجمة.

ولا مانع فى هذا المجال من استعمال الأسلوب الأجنبى مع الأسلوب العربى، وليست هذه دعوة إلى هجر اللغات الأجنبية، فإن تعلمها لازم وبخاصة فى هذه الأيام التى تشابكت فيها المصالح وسهلت المواصلات. وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر زيد بن ثابت أن يتعلم لغة يهود ليعرف ما فى كتبهم التى يرسلونها إليه، فتعلم اللغات مشروع، ولكن مع المحافظة على اللغة العربية لغة القراَن والدين ومن المؤكد أن حفظ القرآن الكريم - فى الصغر بالذات - أكبر مساعد على رسوخ اللغة العربية وتعودها واستقامة اللسان بها.

هذا، وتعلم اللغة العربية واجب على كل مسلم بالإجماع، كما قرره الإمام الشافعى فى رسالته، وهو الذى جرى عليه العمل، حتى كثر الأعاجم وقل العلم وغلب الجهل، فصاروا يكتفون من لغة الدين بما فرضه الله فى العباده والذكر.

أما حكم تعلم اللغات الأجنبية فهو الجواز، وقد يصل إلى حد الوجوب عند الحاجة إليه، وهو داخل فى عموم الأمر بطلب العلم ومدح العلماء، والنصوص الكثيرة الواردة لم تحدد نوعا معينا من العلم، بل وسَّعت ميدانه ومما يدل على ذلك قوله تعالى فى سورة فاطر: 28 {إنما يخشى الله من عباده العلماء} بعد ذكر نزول الماء من السماء ونمو النباتات واختلاف طبقات الأرض ومكونات الجبال واختلاف المخلوقات الحية من الإنسان والحيوان، مما يدعو إلى الإيمان بالله وحسن استخدام كنوز الأرض شكرًا لله وتحقيقًا للخلافة، حتى العلم الذى يظن أنه شر لا بأس بتعلمه لاتقاء شره كما قيل:

عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه * ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه وتعلم اللغات الأجنبية فيه خير لا شك فى ذلك، فمن تعلم لغة قوم أمن من مكرهم، حيث نتمكن من الاطلاع على ماكتبوا لنفيد من خيره ونتقى شره ونرد عليه واليهود كانوا يسبون الرسول صلى الله عليه وسلم بعبارة يدل ظاهرها على أنها خير مثل "راعنا" فهى فى لغتهم تعنى الرعونة، كانوا ينادون بها الرسول، والمسلمون يقلدونهم فيها دون علم بما يقصدون منها، ظانين أنها-كما فى لغة العرب -تدل على الرعاية. قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا} البقرة:104.

وكان ابن عباس رضى الله عنهما يترجم بين يدى الرسول عند قدوم الوفود بلهجاتهم المختلفة "البخارى ج 1 ص 32" ويقال: إن الذين حملوا كتب النبى صلى الله عليه وسلم بدعوة الملوك كانوا يعرفون لغاتهم.

وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم لغة يهود، لأن كتبًا تأتى منهم تحتاج إلى من يترجمها له، روى البخارى تعليقا والبغوى وأبو يعلى موصولا عن زيد بن ثابت الأنصارى قال: أتى بى إلى النبى صلى الله عليه وسلم مقدمه فقيل: هذا غلام من بنى النجار وقد قرأ سبع عشرة سورة. فقرأت عليه فأعجبه ذلك فقال "تعلم كتاب يهود، فإلى ما اَمنهم على كتابى" فتعلمت، فما مض لى نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له. "الزرقانى على المواهب اللدنية للقسطلانى ج 3 ص 323".

فتعلم اللغات الاجنبية مشروع، ويجب أن يكون فى الوطن من يتقنونها كلها، حتى لا يعيش المجتمع فى عزلة عن العالم

ص: 428