المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الدين والسياسة   ‌ ‌المفتي عطية صقر. مايو 1997   ‌ ‌المبادئ القرآن والسنة   ‌ ‌السؤال يردد كثير من - فتاوى دار الإفتاء المصرية - جـ ١٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدة فى الطلاق الغيابى

- ‌نية الطلاق

- ‌من آداب الحياة الزوجية

- ‌الوفاء للزوج

- ‌إعفاف الزوجة

- ‌احترام ملكية المرأة

- ‌المحافظة على شرفها

- ‌المحافظة على شعورها

- ‌وطء شبهة

- ‌الخلوة بين الجنسين

- ‌شعر المرأة والباروكة

- ‌الزواج من خالة الأم

- ‌الولد الأسود لوالدين أبيضين

- ‌الأبناء وذنوب الآباء

- ‌المرأة على منصب القضاء

- ‌توارث الزوجين بالعقد

- ‌ملابس الحداد

- ‌عدة الفراق والإحداد

- ‌العدة بين الرجل والمرأة

- ‌مزاحمة الرجال النساء

- ‌القواعد من النساء

- ‌المرأة والانتخاب

- ‌الوعد بالزواج وقراءة الفاتحة

- ‌زواج المسلم بالكتابية فى الكنيسة

- ‌عقد الزواج فى شهر المحرم

- ‌سكن المطلق مع مطلقته

- ‌الزوجة تكون فى الجنة لآخر أزواجها

- ‌نفقة علاج الزوجة

- ‌طلاق زوجة الغائب

- ‌عقد الزواج بالإشارة

- ‌الاختلاط فى العمل

- ‌المرأة رئيسة فى العمل

- ‌المرأة وكحل العين

- ‌فاطمة ورأيها فى الاختلاط

- ‌خضراء الدمن

- ‌شهادة الكتابى على زواج المسلم

- ‌بالرفاء والبنين

- ‌سر الزوجين

- ‌غياب الزوج عن زوجته

- ‌عودة الزوج الغائب

- ‌الاستئذان بين الآباء والأبناء

- ‌الإيلاء

- ‌المخطوبة التائبة

- ‌عورة المسلمة مع غير المسلمة

- ‌استثناءات الحرمة بين الرضاعة والنسب

- ‌الرضاع

- ‌التعقيم

- ‌الجنين الحى فى بطن أم ميتة

- ‌حدود الاختلاط بين الجيران

- ‌الملابس الضيقة

- ‌تعليم المرأة

- ‌فى الهندسة الوراثية

- ‌التسمية بأسماء عزيز وكريم وسيد

- ‌الطلاق فى بلد لا تعترف به

- ‌عدة الزوجة التى أسلمت

- ‌الذهب للنساء

- ‌العلاج بين الجنسين

- ‌صورة من الخلوة بين الجنسين

- ‌طلاق المكره

- ‌قص شعر المولود فى اليوم السابع

- ‌عدة المسافرة

- ‌صيغة علىَّ الطلاق

- ‌زواج الصغيرة

- ‌التعامل مع المطلقة رجعيا

- ‌خروج المعتدة

- ‌دية المرأة والكتابى

- ‌سن الزواج

- ‌صلاة المرأة على الجنازة

- ‌العداوة فى الأسرة

- ‌شهادة المرأة

- ‌الرضاع من ميتة

- ‌مدة الرضاع

- ‌الطلاق السنى والبدعى

- ‌الرضاع وحقن اللبن

- ‌أدب النساء فى الطرق والمجالس

- ‌الطلاق بالرجال

- ‌تقبيل زوجة الابن وأم الزوجة

- ‌لبن الفحل

- ‌الزغاريد فى الأفراح

- ‌نقوط الفرح

- ‌ما يثبت به الرضاع

- ‌الطلاق

- ‌نكاح الزانية

- ‌اغتصاب المرأة وحملها

- ‌الزوجة التى لا تصلى

- ‌الكذب بين الزوجين

- ‌التمريض بين الرجل والمرأة

- ‌الإشهاد فى عقد الزواج

- ‌عقم الزوجة والزوج

- ‌وحم الحامل

- ‌الشروط فى عقد الزواج

- ‌ماء الزنا لا حرمة له

- ‌القتال فى الإسلام

- ‌الجندى وأسرار الحرب

- ‌لقمان

- ‌النحت والرسم والتصوير

- ‌العجز عن الوفاء بالنذر

- ‌الجن

- ‌القرعة

- ‌عقوبة السجن

- ‌على كرم الله وجهه

- ‌قتل الحيوان المريض لإراحته

- ‌الصيد بالبنادق

- ‌شعر الغزل

- ‌حكم التمثيل

- ‌المخدرات

- ‌اللقطة

- ‌حلقات الذكر

- ‌التداوى بالمحرم

- ‌آكل لحم الآدمى

- ‌العلاقة بين المسلم وغيره

- ‌سد الأسنان بالذهب

- ‌زرع الشعر

- ‌الفيديو والتلفزيون والراديو

- ‌الإطعام فى كفارة القتل

- ‌الكبائر والصغائر

- ‌تحلية الخنجر بالفضة

- ‌الرق فى نظر الإسلام

- ‌دار الإسلام ودار الحرب

- ‌حد عمر لابنه

- ‌الحدود زواجر أم جوابر

- ‌دهن الخنزير

- ‌الجهاد فى الإسلام

- ‌الانتفاع بالمشيمة

- ‌الإنسان مسير أم مخير

- ‌يأجوج ومأجوج

- ‌المهدى المنتظر

- ‌المسيح الدجال

- ‌المبشرون بالجنة

- ‌إفساد اليهود

- ‌ليلة النصف من شعبان

- ‌أطفال الأنابيب

- ‌النظر إلى صورة المرأة

- ‌الوقوف تحية للقادم

- ‌الرد على تحية المذيع والكاتب

- ‌تحية السلام مع غير المسلم

- ‌الإشارة باليد عند السلام

- ‌التعليم فى كليات الحقوق

- ‌الغش فى الامتحان

- ‌الترضى على الصحابة والصالحين

- ‌كوافير السيدات

- ‌تغيير محل النذر

- ‌الزنى لا يكفره الزواج

- ‌خصاء الحيوانات ووسمه بالنار

- ‌قراءة كتب الفلسفة والكفر

- ‌إبليس والجن والشياطين

- ‌اللحوم المستوردة

- ‌تحضير الأرواح

- ‌الإضراب عن الطعام

- ‌حبس الطيور والأسماك للزينة

- ‌اقتناء الكلاب والاتجار فيها

- ‌السحر

- ‌الرشوة

- ‌نقل الأعضاء

- ‌التقبيل

- ‌قتل الحيوانات الضارة

- ‌الكذب الأبيض وكذبة أبريل

- ‌الحياة على الكواكب الأخرى

- ‌الصحابى الذى اهتز له العرش

- ‌الاحتفال بالأعياد القومية

- ‌من أدب الدعوة

- ‌الرياضة البدنية فى نظر الإسلام

- ‌أدوات اللعب

- ‌حكم مشاهدة التلفزيون

- ‌موقف الإسلام من السياحة

- ‌حكم نقل الخصية

- ‌مسئولية الطبيب

- ‌التحية بالانحناء

- ‌كفارة اليمين

- ‌ضرب التلميذ

- ‌ملك اليمين والخدم

- ‌العملية المرذولة

- ‌تغيير المنكر

- ‌الرأى العام والشورى

- ‌تأمين الفكر الإسلامى

- ‌مسئولية العضو المنقول

- ‌البدعة

- ‌أكل لحم الخيل

- ‌التصفيق للإعجاب والتحية

- ‌التشبه بين الجنسين

- ‌التحية بين الجنسين

- ‌الرجوع فى الإقرار

- ‌احتياط ضد الأخطار

- ‌القلب والروح والنفس والعقل

- ‌تحية القادم

- ‌الحاكم وتوحيد المذاهب

- ‌الإمام وسلطة الشعب

- ‌إمام الدولة

- ‌ليلة القدر وليلة المولد النبوى

- ‌منبع نهر النيل والفرات

- ‌مرض الصرع

- ‌الرؤى والأحلام

- ‌موقف الإسلام من المخالف فى الرأى

- ‌الخدمة العسكرية

- ‌العدسات اللاصقة

- ‌العلاج عند غير المسلم

- ‌الفتوى بغير علم

- ‌الكلب الأسود

- ‌أول من تكلم العربية

- ‌اليمين الغموس

- ‌التوبة والاستتابة

- ‌التائب من الذنب

- ‌العلاج بالزار

- ‌التاريخ الميلادى

- ‌شجرة النخل

- ‌المسرح والسينما

- ‌بين حدى الزنى والسرقة

- ‌قطع يد السارق والسارقة

- ‌إحياء الموات

- ‌الحب حلال أو حرام

- ‌ذبح غير المأكول

- ‌الولى والكرامة

- ‌الأظافر

- ‌البيعة على الإسلام والهجرة

- ‌كتمان الشهادة

- ‌الضيافة عند اليتيم

- ‌ضرب المتهم للإقرار

- ‌أنا ونحن

- ‌بيض الطائر الميت

- ‌الحزبية

- ‌تحية العلم

- ‌التوبة من المال الحرام

- ‌من آداب تغير المنكر

- ‌مصارعة الثيران

- ‌النكتة والمزاح

- ‌نسب الفاطميين

- ‌أوليات الخلفاء الراشدين

- ‌أوانى الذهب والفضة

- ‌الثور والأرض

- ‌الأكل على المائدة

- ‌القصاص من الذكر للأنثى

- ‌نزر وفرض

- ‌نقل جزء من الخنزير إلى الإنسان

- ‌من أحكام الردة

- ‌تكرير السكر بالعظم

- ‌الأرضون السبع

- ‌الطريقة البرهامية

- ‌أبو ذر فى الربذة

- ‌أكل الجراد

- ‌حكم الأكل فى الطريق

- ‌الأكل مع النذر

- ‌الأدوية المسكنة

- ‌مشط العاج

- ‌عيادة المريض غير المسلم

- ‌القردة وبنو إسرائيل

- ‌التاريخ الدولى

- ‌اجتماع حدين

- ‌حيث "ادرءوا الحدود بالشبهات

- ‌دخول الكنائس

- ‌الليالى المفضلة

- ‌دعاء الثوب الجديد

- ‌الزهد والغنى

- ‌تعلم السحر

- ‌شروط استجابة الدعاء

- ‌التمايل عند ذكر الله

- ‌صبغ الشعر

- ‌العمامة والعذبة

- ‌جبر عظم الإنسان بعظم نجس

- ‌العمل بالكنيسة

- ‌القصص والشعر الخيالى

- ‌تحول التوائم إلى قطط

- ‌رفض الصلح

- ‌تمنى المحرمات

- ‌مم خلق الحيوان

- ‌التشفى بالموت والمصائب

- ‌أنواع النفس أو صفاتها

- ‌الدين والطب النفسى

- ‌الأصبع الزائدة

- ‌استثناءات فى الغيبة

- ‌مجالس المنكر

- ‌التقارير السرية

- ‌الهدنة

- ‌حكمة خلق الحشرات والوحوش

- ‌الولاية بين المؤمن وغيره

- ‌مسئولية الطبيب

- ‌رعاية ولد الزنا

- ‌صياح الديك

- ‌قتل الضفدع وأكله

- ‌الأكل من زرع الغير

- ‌حضور حفلات بها خمر

- ‌الانتفاع بطابع البريد مرتين

- ‌بيعة الإمام

- ‌مقاطعة العصاة

- ‌مدح الإنسان نفسه

- ‌سعد بن معاذ

- ‌القصاص من المسلم للكافر

- ‌شبهات حول حد الردة

- ‌إعراب كلمة كافة

- ‌الرفق بالحيوان

- ‌قوس قزح

- ‌الدروس الخصوصية

- ‌الإصرار على الصغائر

- ‌العجز عن النذر

- ‌إكرام الضيف

- ‌السلف والسلفية

- ‌الوساطة والشفاعة

- ‌المداحون

- ‌الشكر على المعروف

- ‌القصد فى الموعظة

- ‌الثعلب والقنفذ

- ‌زلة العالم

- ‌التثبت من القول

- ‌الإرهاب

- ‌أعداء الإسلام

- ‌رابعة العدوية

- ‌النص والاجتهاد

- ‌حياك الله وبياك

- ‌النظم الاقتصادية

- ‌علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين

- ‌الذكر واللهو

- ‌شم النسيم

- ‌لبس الحرير

- ‌العزلة والاختلاط

- ‌حق الضيافة

- ‌بين الفتوى والقضاء

- ‌الغيبة

- ‌النميمة

- ‌عجائب الدنيا السبع

- ‌كرة القدم

- ‌الطب واختلاف الأديان

- ‌السر والعلن فى الصدقة

- ‌حكمة تحريم الزنا

- ‌التداوى والتوكل

- ‌المصالح المرسلة

- ‌أسرى الحرب

- ‌الصحف والمجلات

- ‌علاج المعاصى

- ‌الحكمة والدبلوماسية

- ‌لا سِيَّما

- ‌حكم التحية بالسلام

- ‌الوقت من ذهب

- ‌التجسس

- ‌رعاية الشباب

- ‌بروتوكولات حكماء صهيون

- ‌المافيا

- ‌العرف

- ‌صوت الناقوس

- ‌أسامة والقصاص

- ‌الأمل والعمل

- ‌شطحات الصوفية

- ‌الشافعى عالم قريش

- ‌عهد لرهبان سيناء

- ‌مراتب العلم

- ‌التبرك بآثار الصالحين

- ‌الإسلام هو الدين العالمى

- ‌من أدب الكلام

- ‌مجالس الغيبة

- ‌من آداب الزيارة

- ‌السيد أحمد البدوى

- ‌السيد إبراهيم الدسوقى

- ‌السيد أبو الحسن الشاذلى

- ‌ابن عطاء الله السكندرى

- ‌الإمام الغزالى

- ‌الخنافس

- ‌الخدم وأسراء البيوت

- ‌حكمة التشريع

- ‌تعليم العلم لغير أهله

- ‌الآل والأهل

- ‌الأدب

- ‌إعفاءات من الجندية

- ‌شهر الله المحرم

- ‌المصطفون من العباد

- ‌خلق الأرض

- ‌السهر

- ‌الحروب بين المسلمين

- ‌الضمير

- ‌الترويح عن النفس

- ‌المدنية الغربية

- ‌الإشاعة والتشهير

- ‌الادخار

- ‌الاحتفال بوفاء النيل

- ‌قبة الصخرة

- ‌الطيور المهاجرة

- ‌الكنائس

- ‌الذين تكلموا فى المهد

- ‌المال العام

- ‌القتل الخطأ

- ‌حديث النفس

- ‌حفظ الأسرار والتجسس

- ‌التاريخ وذكر مساوئ الموتى

- ‌الكفارة والفدية

- ‌التفرقة العنصرية

- ‌الشيوعية

- ‌التقية

- ‌خطة دينية لمواجهة الكوارث

- ‌خواص العدد (7)

- ‌السلام عند القدوم وعند الانصراف

- ‌الاستعانة بغير المسلمين فى الحرب

- ‌عين الحسود

- ‌الحق والوعد فى فلسطين

- ‌حد الحرابة

- ‌الأخذ بالثأر

- ‌التيامن

- ‌السراويل

- ‌حديث: فى غربة الإسلام

- ‌التعصب الدينى

- ‌التسمية عند الذبح

- ‌التكاليف الشرعية تنظيم للحرية

- ‌الكذب الواجب

- ‌خصام الأقارب

- ‌عوض مجلس عرفى

- ‌المرتد التائب

- ‌جوزة الطيب

- ‌الزراعة بين الدين والدنيا

- ‌دفع الصائل

- ‌الوعد والعهد

- ‌أفغانستان

- ‌البوسنة والهرسك

- ‌شكر النعمة

- ‌من أساليب التبشير

- ‌الدين والسياسة

- ‌الذهب بين الرجال والنساء

- ‌الإسلام والتطور

- ‌حكمة تحريم لحم الخنزير

- ‌أسلحة الدمار الشامل

- ‌الفتنة وما يجب نحوها

- ‌بلقيس

- ‌التهنئة برمضان والمناسبات

- ‌العقاب الشامل

- ‌اللغات الأجنبية وتعلمها

- ‌تقصير الملابس

- ‌نذر بدون وفاء

- ‌الحيل

- ‌رأس الحسين

- ‌الخضر

- ‌حد البلوغ

- ‌حد القذف وحادثة الإفك

- ‌اللغة العربية واللغات الأخرى

- ‌السباق

- ‌من يقيم الحدود

الفصل: ‌ ‌الدين والسياسة   ‌ ‌المفتي عطية صقر. مايو 1997   ‌ ‌المبادئ القرآن والسنة   ‌ ‌السؤال يردد كثير من

‌الدين والسياسة

‌المفتي

عطية صقر.

مايو 1997

‌المبادئ

القرآن والسنة

‌السؤال

يردد كثير من المعاصرين هذه المقولة: لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين، فما مدى صحة هذه المقولة؟

‌الجواب

إذا أردنا أن نعقد صلة بين أمرين فلابد من تحديد المراد من كل منهما تحديدا دقيقا، حتى يكون الاختلاف فى الحكم واردا على موضوع واحد، وقد بينا فى ص 114 من الجزء الأول من "بيان للناس " مفهوم الدين وما يراد به، وقلنا: إنه وضع إلهى شرع لإسعاد الناس فى معاشهم ومعادهم، أى فى دنياهم وأخراهم، وهو المراد بالهدى الذى نبه الله سبحانه آدم على أهميته حين أهبطه إلى الأرض ليكون خليفة فيها فقال {اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى. ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} طه: 123، 124.

وإسعاد الناس فى أخراهم يكون بما جاء فى قوله تعالى: {فمن زُحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} آل عمران: 185، وإسعادهم فى دنياهم يكون بتوفية مطالبهم المادية والروحية، بحيث لا يضلون ولا يشقون.

ودين الإسلام هو خاتمة الأديان جميعا، فيه كل ما يحقق السعادة فى كل القطاعات، بما جاء به من عقيدة صحيحة ومن شريعة كاملة وافية {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا} المائدة: 3، نظم علاقة الإنسان بربه وبنفسه وبأسرته وبمجتمعه، ونظَم العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين الجماعات والدول، وذلك من كل النواحى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية وغيرها، "انظر ص 452 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى".

والسياسة فى أصلها فن الإدارة والرعاية، وأطلقت عرفا على سياسة الحاكم لرعيته، عن طريق الأجهزة المختلفة، التشريعية منها والتنفيذية والقضائية وغيرها وما يستلزم ذلك من دستور وقوانين، ومجالس وإدارات وما إليها.

والدين الإسلامى فيه كل ذلك، وكتب الفقه العام عقدت أبوابا وفصولا لمعالجتها كلها. وهى مملوءة بالأدلة والنصوص والآراء الاجتهادية، بل وضعت كتب خاصة بنظام الحكم من أقدمها كتاب "الأحكام السلطانية والولايات الدينية" للماوردى المتوفى سنة 450 هـ و"الأحكام السلطانية" للقاضى أبى يعلى الفراء الحنبلى، و "السياسة الشرعية فى إصلاح الراعى والراعية" لابن تيمية، والدولة الإسلامية قامت على أساس هذا الدين بنظامه الشامل لأمور الدنيا والآخرة على السواء، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم مبلّغا للوحى ومشرعا وإماما فى الصلاة وقاضيا بين الناس وقائدا للجيش، والخلفاء من بعده كانوا كذلك، وسار الحكام على هذه السياسة بأنفسهم أو بمن ينوبون عنهم، وبهذا التكامل فى التشريع والدقة فى التطبيق كانوا أعظم دولة خطبت ودها الدول الأخرى، وقبست من علومها وحضارتها ما طورت به حياتها حتى بلغت شأوا بعيدا فى القوة.

ذلك كله فى الوقت الذى لم يقم فيه دين غير الإسلام بما قام به من تطور ونهوض، لما توارثه أهل هذه الأديان من فصل بين الدين والسياسة، وإعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله، ومن احتكار بعض رجالها لسلطة التشريع، ورقابة التنفيذ بما لا يخرج عن سائرة الكتاب المقدس، الذى يرغب فى الزهد والانزواء عن الدنيا، الأمر الذى جعل بعض المتحررين المتأثرين بثقافة المسلمين وحضارتهم يثورون على الأوضاع التى يعيشون فى ظلها مقيدة أفكارهم مغلولة أيديهم، فكانت النهضة التى فصلت الدين عن الدولة، وانطلقت أوروبا إلى العالم الواسع تصول فيه وتجول بحرية كاملة فى كل الميادين وسيطر عليها هذا الشعار "لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة" ونقله بعض الشرقيين إلى بلادهم، وحاولوا أن يطبقوه لينهضوا كما نهض هؤلاء، على جهل منهم، بأن هذا الشعار أملته ظروف من نادوا به، والجو الدينى الذى كانوا يعيشون فيه، وعدم إسعاف تشريعاتهم الدينية بتحقيق سعادتهم، وكذلك على جهل ممن قلدوهم بأن الدين الإسلامى ليس كالدين الذى ثاروا عليه، قاصرا عن الوفاء بمطالبهم بل هو دين كامل التشريع مثالى فى كل ما وضعه من قوانين لإسعاد الناس من دنياهم وأخراهم.

ومن هنا سمعنا هذه المقولة "لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة" يرددها كثير من الكُتَّاب والساسة والمنادين بالإصلاح. وهو شعار لا يصلح فى المجتمعات التى تدين بالإسلام وقد قرر كُتَّاب الغرب أن الإسلام دين وعولة،، فقال "شاخت " فى دائرة معارف العلوم الاجتماعية: ليس الإسلام مجرد دين، بل إنه نظام فكرى اجتماعى يشمل الدين والدنيا جميعا. تراث الإنسانية-ج 5ص 17.

هذا، إذا أردنا بالسياسة فن الإدارة والحكم، الذى يحقق للمجتمع خيرى الدنيا والآخرة.

وكذلك تكون صادقة إذا أريد بها: عدم استغلال الدين للوصول إلى الحكم، فإذا تحقق ذلك طرح الدين لأنه أدى مهمته وانتهى.

فذلك نفاق لا يرضاه أى دين.

أما إذا أريد بهذا الشعار حرمان المتدينين من ممارسة حقوقهم السياسية، فذلك مرفوض، وكذلك إذا أريد به عدم تقيد نظام الحكم بمبادئ الدين فهو مرفوض أيضا، انظر توضيح ذلك عند الكلام على دور الشريعة الإسلامية فى تحقيق أهداف المجتمع. "ص 380 ج 2 - من كتاب بيان للناس " الكلام عن العلمانية، "ص 452 من المجلد الثانى من هذه الفتاوى".

هذا، وقد ذكر المقريزى فى خططه أن السياسة كلمة مغولية أصلها"ياسة" وأصل نشأتها أن جنكيز خان التترى لما غلب الملك أونك خان وصارت له دولة، قرر قواعد وعقوبات فى كتاب سماه "ياسة" وجعله شريعة لقومه وتدوول من بعده، وكان لا يدين بدين ولما انتشر ملك أولاده وأسر عدد منهم فى الدفاع عن دولتهم وبيعوا فكان منهم دولة المماليك بمصر، ولشدة مهابة الأمراء للمغول وياستهم حافظوا على تنفيذ هذه "الياسة" فوكلوا إلى قاضى الشريعة العبادات والأحوال الشخصية، وأما هم وعاداتهم فكانت على مقتضى الياسة ونصبوا الحاجب ليقضى بينهم فيما اختلفوا فيه، وجعلوا إليه النظر فى قضايا الدواوين السلطانية عند الاختلاف فى أمور الإقطاعيات، فشرعوا فى الديوان ما لم يأذن به الله. . . إلى أن قال: هذا وكان الوازع الديني موجودا، فلما قلَّ الحياء وضعف الدين طغت السياسة وأحكامها وانزوى الدين وأهله، ج 2 ص 359.

هذا رأيه فى السياسة وهو يؤيد أنها نظام لا يلتزم بالدين، وضعه قوم لا يعترفون به

ص: 411