المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كتاب الزكاة) (نصيحتان) (957) ـ الأولى: في التذكير بفريضة الزكاة، وبيان الحكمة - فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ - جـ ٤

[محمد بن إبراهيم آل الشيخ]

الفصل: ‌ ‌(كتاب الزكاة) (نصيحتان) (957) ـ الأولى: في التذكير بفريضة الزكاة، وبيان الحكمة

(كتاب الزكاة)

(نصيحتان)

(957)

ـ الأولى: في التذكير بفريضة الزكاة، وبيان الحكمة في ايجابها، والاضرار والمفاسد المترتبة على منعها)

من محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ إلى من يبلغه من المسلمين، وفقني الله وإياهم إلى صراطه المستقيم، آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإني أحمد الله رب العالمين، وأصلي واسلم على رسول الله وخاتم النبيين، نصح أمته وقال فيما صح عنه:" الدين النصيحة"(1) وأنزل الله عليه (وذكر فن الذكرى تنفع المؤمنين)(2)

ثم إن الباعث لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير بفريضة الزكاة التي تساهل بها بعض الناس وغفلوا عنها، مشتغلين بتدبير أموالهم عن فريضة من فرائض الدين، وركن من أركان الإسلام يكفر جاحده، وتقاتل الطائفة الممتنعة من أدائه، ولقد ذكر الله في كتابه الزكاة مقرونة بالصلاة فقال (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)(3) وقال (وماأمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين

(1) رواه مسلم وأبو داود والنسائي.

(2)

سورة الذاريات ـ آية 55.::::::

(3)

سورة الحج ـ أية 78.

ص: 5

حنفاء، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيّمة) (1) وأمر تعالى رسوله بأخذها حيث يقول (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)(2) وجاء الوعيد الشديد على من بخل بها وقصر فيها، قال الله تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضة ولاينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ماكنزتم لأنفسكم فذوقوا ماكنتم تكنزون) (3) وفي الحديث الصحيح:" مامن صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جبهته وجنبه وظهره كلما بردت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد"(4) وفي الصحيح: " من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوق به يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه ـ يعني شدقيه ـ ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك".

ولا يخفى مامن الله به على عباده من نعمة المال، ولاسيما في هذا الزمن الذي تكاثرت فيه المصالح والخيرات، واتسعت فيه أسباب الرزق، وتضخمت فيه أموال كثير من الناس، وما الأموال إلا ودائع في أيدي الأغنياء، وفتنة وامتحان لهم من الله لينظر أيشكرون

(1) سورة البينة آية ـ 5.

(2)

سورة التوبة ـ آية 103.

(3)

سورة التوبة ـ آية 34.

(4)

أخرجه الستة إلا الترمذي، وفي رواية:" من آتاه الله مالاً إلخ ".

ص: 6

أم يكفرون. ومن شكرها وقيد النعمة فيها أداء زكاتها، والصدقة على الفقراء والمساكين، والإنفاق مما استخلفهم الله فيه، قال تعالى: {أمنوا بالله ورسوله، وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه، فالذين أمنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبير) (1)

ومن الحكمة في تشريع الزكاة مواساة الأغنياء لإخوانهم الفقراء. فلو قام الأغنياء بهذه الفريضة حق القيام وصرفوا الزكاة مصرفها الشرعي لحصل الفقراء والمساكين ما يكفيهم، ولا يحتاجون معه إلا غيره. أما إذا منع الأغنياء ما أوجب الله عليهم من فريضة الزكاة فإنه ينشأ من هذا أضرار ومفاسد كثيرة من تعريف العبد نفسه للعذاب العظيم، وكراهة الله والناس له، وتسبب لإهلاك المال وانتزع البركة منه، ففي الحديث " ما خالطت الزكاة مالاً قط إلا أهلكته، (2) ومن ظلم للفقراء والمساكين وإيصال الضرر إليهم، ودعوة له إلى ارتكاب شتى الحيل في الحصول على لقمة العيش، والتعرض للوقوف في المواقف الحرجة، والإلحاح في السؤال، بل ربما اضطرتهم فاقتهم وشدة الحاجة إلى السرقة والإقدام على بعض الجرائم، لما يقاسونه من ألام الفقر والمسكنة التي لو أحس بها الغني يوماً من الدهر لتغيرت نظرته إليهم، ولعرف عظيم نعمة الله عليه وإذا كان في الزكاة مصلحة للفقراء والمساكين وبهم ضرورة إليها فإن فيها مصلحة لأرباب الأموال، وبهم ضرورة إلى أدائها من

(1) سورة الحديد أية - 7.

(2)

أخرجه البزار عن عائشة.

ص: 7

تطهير وتزكية لهم، وبعد عن البخل المذموم، وقرب من فعل الكرم والجود، واستجلاب للبركة والزيادة والنماء، وحفظ للمال ودفع الشرور.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: " من أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شره " رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحة، وعن أنس رضي الله عنه قال: أتى رجل من تميم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: إني ذو مال كثير وذو أهل ومال وحاضرة فأخبرني كيف أصنع وكيف أنفق؟ فقال رسو الله صلى الله عليه وسلم: " تخرج الزكاة من مالك فإنها طهرة تطهرك، وتصل أقربائك، وتعرف حق المسكين، والجار، والسائل، رواه أحمد وعن الحسن رضي الله عنه الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع " رواه أبو داود في المراسيل.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو لمن جاء بالزكاة فتارة يقول: " اللهم بارك " وتارة يقول: " اللهم صلى عليه "(1)

هذا ولقد تولى اله قسمة الزكاة بنفسه وجزأها إلى ثمانية أجزاء.

(1) فمن الأول ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن أبي أوفى " قال كان أبي من أصحاب الشجرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صلى الله عليه وسلم على آل فلان، قال فأتاه أبي بصدقة فقال: اللهم صلي على آلي أبي أوفى " ومن الثاني ما رواه النسائي عن وائل ابن حجر " أن الني صلى الله عليه وسلم بعث ساعياً، فأتى رجلاً فآتاه فصيلاً مخلولاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بعثنا مصدق الله ورسوله، وإن فلان أعطاه فصيلاً مخلولاً، اللهم لا تبارك فيه ولا في إبله. فبلغ ذلك الرجل فجاء بناقة حسناء، فقال أتوب إلى الله عز وجل وإلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك فيه وفي إبله.

ص: 8

أما الأشياء التي تجب فيها الزكاة فهي أربعة أصناف: الخارج من الأرض كالحبوب والثمار، وبهيمة الأنعام، وعروض التجارة والذهب والفضة. وقد تجب في غيرهن.

ولكل من هذه الأصناف الأربعة نصاب محدود لا تجب الزكاة فيما دونه، فنصاب الحبوب والثمار خمسة أو ست. وأدنى نصاب الغنم أربعون شاة، وأدنى نصاب الإبل خمس، وأدنى نصاب البقر ثلاثون، ونصاب الفضة مائتا درهم، ونصاب الذهب عشرون مثقالاًَ.

فإذا ملك الإنسان نصاب الذهب وقره إحدى عشر جنيهاً ونصف أو ملك نصاباً من الفضة وقدره ستة أو خمسة ريالاً عربياً تقريباً، وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة ربع العشر. وكذلك الأوراق التي كثرت في أيدي الناس وصار التعامل بها أكثر من غيرها فإذا ملك الإنسان منها ما يقابل نصاباً من الفضة وحال عليه الحول فإنه يخرج منها زكاتها ربع عشر. أما العروض وهي ما اشتراها الإنسان للربح فإنها في آخر العام ويخرج ربع عشر قيمتها. وإذا كان الإنسان دين على أحد فإنه يزكيه إذا قبضه، فإن كان الدين على مليء فالأفضل أن يزكيه عند رأس الحول، وله أن يؤخر زكاه حتى يقضيه.

ويجب إخراج الزكاة في بلد المال إلا لعذر شرعي.

ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب.

ولا يجوز صرفها لغير أهلها الذين ذكرهم الله بقوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة

ص: 9

قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله) (1) .

والزكاة حق الله فلا تجوز الحاباة بها ولا أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعاً أو يدفع ضراً.

فاتقوا الله أيها المسلمون وتذكروا ما أوجب الله عليكم من الزكاة وما يقاسيه الفقراء والمساكين من ويلات الفقر والفاقة، وبادروا إلى إخراج زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، خالصة لوجه الله، ولا من فيها، ولا أذى، ولا رياء، ولا سمعة، اغتنموا الفرصة قبل فوات الأوان (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون)(2) .

جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ونفعنا بهذه الذكرى، وهدانا جميعاً إلى طريق الحق والخير والفلاح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وأله وصحبه وسلم.

في يوم الجمعة 10 رمضان المبارك 1375هـ

(هذه الفتوى قدمها لي عبد الله بن إبراهيم بن جار الله أثابه الله)

(859- الثانية في الموضوع أيضاً)

من محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف إلى من تبلغه النصيحة من إخواننا المسلمين، سلك الله بنا وبهم صراطه المستقيم، وجنبينا وإياهم سبل أصحاب الجحيم، ورفقنا جميعاً للتمسك بشرائع الدين القويم آمين.

(1) التوبة - آية 60.

(2)

سورة البقرة - آية 254.

ص: 10

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فالموجب لهذه الكلمة هو النصيحة والشفقة وإقامة الحجة والإعذار من كتمان ما يلزم للناس، ومن أهم ذلك في هذه الأيام بيان ما يلزم من أحكام الزكاة التي هي ثالث أركان الإسلام، وثانية الصلاة وقرينتها، قرنها الله تعالى بالصلاة في نيف وثلاثين موضعاً من كتابه العزيز؛ لكون هذه الأيام غالباً وقت إخراج الزكاة، ولمزيتها بمضاعفة الحسنات، وورد الوعيد الشديد على تركها، والتغليظ في منعها، قال تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم، بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة، ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير) (1)

وقال تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) (2) وهذا الوعيد مفسر بالحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطرقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه ويقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلي هذه الآية: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله - إلى قوله خبير} وقال تعالى: {يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم} الآية.

(1) سورة آل عمران - آية 80.

(2)

سورة التوبة - آية 34.

ص: 11

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره "(1) والآيات والأحاديث في التغليظ في مانع الزكاة وعقوبته كثيرة معروفة.

والأموال التي تجب فيها الزكاة: (أحدها) سائمة بهيمة الأنعام. وهي: الإبل، والبقر، والغنم (الثاني) : الإخراج من الأرض من الحبوب والثمار وما يلحق بها كالعسل (الثالث) الأتمان وهي النقود: من الذهب والفضة، وما يقوم مقامها من فلوس وأوراق نقدية، وكذلك حلي الذهب والفضة، وإذا بلغ نصاباً بنفسه أو بما يضم إليه من جنسه وفي حكمه، ولم يكن معداً للاستعمال ولا للعارية وأقل نصاب الذهب عشرون مثقالاً، وبالجنيه السعودي وكذلك الأفرنجي أحد عشر جنيهاً ونصف جنيه تقرياً، وأقل نصاب الفضة مائتا درهم، وبالريال العربي ستة وخمسون ريالاً، وبالفرنسي ثلاثة وعشرون ريالاً تقريباً. و (الرابع) : عروض التجارة: وهي كل ما أعد للبيع والشراء لأجل الربح والتكسب من جميع سلع التجارة كالمجوهرات ونحوها، وكذلك السيارات والمكائن وغيرها من المنقولات والثابتات كالعقارات من أراضي وبيوت ونحوها إذا تملكها بفعله بنية التجارة فإنها تعتبر سلعة تجارة، ويلزمه أن يقومها عند الحول بما تساوي من الثمن لدى أهل الصنف ولا ينظر إلى رأس مالها الذي اشتراها به، وعليه، أن يؤدي قيمتها عند الحول إذا بلغت نصاب الذهب والفضة، لعموم حديث سمرة: " كان

(1) تقدم هذا الحديث، والحديث الآتي بعده في النصيحة قبله.

ص: 12

رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي تعده للبيع " رواه أبو داود. كما عليه أن يزكي الديون التي له ي ذمم الناس إذا قبضها

وإذا استفاد مالاًَ مستقلاً خارجاً عن ربح التجارة كالأجرة والراتب ونحوها فإنه يبتدء له حولاً من حين استفاده، ويزكيه إذا تم حلوه.

وأما مصرفها فيد بينه الله تعلى بقوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليه، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، ابن السبيل، فرية من الله، والله عليم حكيم} فلا يجوز صرفها إلى غير هؤلاء الأصناف الثمانية كبناء المساجد والمدارس وتكفين الموتى ووقف المصاحف وكتب العلم وغير ذلك من جهة الخير.

ويجب إخراجها عند تمام الحول فوراً إلا لعذر شرعي.

ولا يدفعها إلا لمن يغلب على الظن من أهلها لأنها لا تحل لغني ولا لقوي مكتسب كما في حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار رواه ابن داود والنسائي. فليتق الله من لا تحل له إن يأخذ منها شيئاً فإنها سحت ومحق لما في يده قبله من المال.

ولا يجزى إخراجها إلا بنية سواء إخراجها بنفسه أو بوكيله، وسواء دفعها إلى مستحقها أو إلى نائب ا، لإمام ليفرقها على مستحقيها لحديث:" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرء ما نوى "(1) .

ولا يجوز دفعها إلى أصوله أو إلى فروعه أو زوجته أو إلى أحد

(1) متفق عليه.

ص: 13

ممن تلزمه نفقته، ولا يحابي بها قريبه، أو يبقي بها ما له، ولا يدفع بها مذمة.

وينبغي للإنسان الاستكثار من صدقة التطوع أيضاً في هذا الشهر الكريم والموسم العظيم، لحديث أنس:" سئل النبي صلى الله عليه وسلم الله أي الصدقات أفضل؟ فقال: صدقة في رمضان " رواه الترمذي، وقال صلى الله عليه وسلم " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل العظيم " متفق عليه.

وعن أنس مرفوعاً " إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء" والآيات والأحاديث في هذا كثيرة معروفة (1) نسأل الله أو يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يشملنا وإياكم بعفوه ومغفرته ورحمته وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويذلك اعداءه، ويؤيد إمامه المسلمين، ويأخذ يناصيته لما فيه الخير والصلاة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم في 10/9/1376هـ

(هذه النصيحة قدمها لي ناصر الخطيب ـ أثابه الله)

(959 ـ كيفية وجوب الزكاة، وطريقة توزيعها)

من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم رشدي ملحس وفقه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

(1) وعن عمرو بن عوف رفعه " ان صدقة المسلم تزيد في العمر، وتمنع ميتة السوء، ويذهب الله بها الكبر والفخر " وعن أبي سعيد: " ان صدقة السر تطفىء غضب الرب، وان صلة الرحم تزيد في العمر، وان صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وان قول لا إله إلا الله تدفع عن قائلها تسعة وتسعين بابا من البلاء أدناها الهم " أخرجه ابن عساكر.

ص: 14

فبالإشارة إلى مذكرتكم رقم 1619 وتاريخ 14/8/1376هـ الخاصة باستفتاء أحد زنوج أمريكا المقيم في اليابان الذي اعتنق الدين الإسلامي: عن كيفية أداء الزكاة، وكيفية توزيعها.

تجدون مرفقاً بهذا جواباً موضحاً فيه: كيفية الوجوب، وكيفية الأداء والله يحفظكم.

حرر في 23/8/1376هـ

(960 ـ الجواب)

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: أما بعد:

فإنه ورد علينا سؤال من رجل مقيم في اليابان، يذكر أنه اعتنق دين الإسلام منذ عشرة أشهر، وأنه لا يوجد في البلدة التي يقيم فيها مسلمين، ويسأل عن الطريقة الشرعية التي يتمكن معها من أداء فريضة الزكاة.

والجواب: لايخفى أن أداء الزكاة هو الركن الثالث من أركان الإسلام، وله شروط منها تمام الحول، فإذا تم الحول على المال الزكوي وجب إخراج زكاته والأموال التي تجب فيها الزكاة أربعة أصناف:

الأول ـ بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر، والغنم.

الثاني: الخارج من الأرض: من حبوب وثمار تكال وتدخر.

والثالث: النقود على اختلاف أنواعها.

والرابع: عروض التجارة.

ص: 15

أما بهيمة الأنعام فيجب في " الإبل" إذا كانت سائمة الحول أو أكثره وحال عليها الحول يجب في كل خمس شاة، ولا شيء فيما دون الخمس، وفي خمس وعشرين بنت مخاض ـ وهي ما تم لها سنة وفي ستة وثلاثين بنت لبون ـ وهي ما تم لها سنتان، وفي ستة وأربعين حقة ـ وهي ما تم لها ثلاث سنين. وفي إحدى وستين جذعة ـ وهي ما تم لها أربع سنين. وفي تسعة وسبعين بنتا لبون وفي إحدى وتسعين حقتان ، فإذا زادت عن مائة وعشرين واحدة فثلاث بنات لبون، ثم في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقه.

أما " زكاة البقر " فيجب في ثلاثين منها سائمة الحول تبيع أو تبيعة لكل منهما سنة، ولا شيء فيما دون الثلاثين، ويجب في أربعين مسنة، لها سنتان، ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة.

أما " زكاة الغنم " فلا شيء فيما دون الأربعين، فإذا بلغت أربعين وحال عليها الحول وكانت سائمة الحول أو أكثره فيجب فيها شاة.

ثم في كل مائة شاة، ولا شيء في الوقض ـ وهو مابين الفرضين.

أما الخارج من الأرض فإذا بلغ نصاباً وهو خمسة أوسق ـ والوسق ستون صاعاً بالصاع النبوي ـ فيجب فيه عشرة إذا كان يسقى بلا مؤنة، ونصف عشره إن كان يسقي بمؤنة كالمكائن والدالوب والناعورة ومضخات الماء ونحو ذلك.

أما النقود على اختلاف أنواعها، وكذلك قيم عروض التجارة ـ وهي ماأعد للبيع والشراء والتكسب بزيادة الربح ـ فالواجب في ذلك كله إذا بلغ نصاباً وهو عشرون مثقالاً من الذهب أو مائتا

ص: 16

درهم من الفضة ـ وزنتها مائة وأربعون مثقالاً ـ ربع العشر في المائة اثنان ونصف.

أما أهل الزكاة وكيفية أداء هذا السائل زكاته إلى مستحقيها فقد قال الله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم) فيجب أداؤها إلى هؤلاء الأصناف الثمانية أو بعضهم، فإن كان في بلاد المسلمين حقاً إلى بلده.

وحيث أن الصدقة في الحرمين الشريفين مضاعفة فإننا نرى أن يبعث الرجل المذكور بزكاته إلى من يفرقها في الحرمين الشريفين المكي والمدني بأن يعهد بها إلى رئيس المحكمة الشرعية بمكة ليتولى تفريقها على الفقراء بنفسه أو بنائبه. قاله ممليه الفقير إلى عفو ربه محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

حرر في 23/8/1376 (ص ـ ف 628 في 24/8/1376)

(961 ـ نتاج السائمة)

وأما أولاد الإبل والغنم فلا زكاة فيها بانفرادها، بل تحسب مع أمهاتها إذا كانت الأمهات قد بلغت نصاباً، فإذا كان لرجل تسع من الإبل فأنتجت في آخر الحول سبعة حيران، فهذه تزكى مع أمهاتها، ويصير في الجميع ثلاثة نصب. وكذلك إذا كان للرجل مائة من الغنم فأنتجت في آخر الحول إحدى وعشرين يصير في الجميع شاتان.

أملا ذلك محمد بن إبرهيم بن عبد اللطيف (ديوان جلالة الملك الشئون الداخلية)

ص: 17

والحوار يطلق على أبو سنة عند البدو الآن، وهذا عربي كما في قوله كما ألغيت في الدية الحوار (1)(تقرير)

(962 ـ الأوقاف على الجهات العامة لا تجب فيها)

من محمد بن إبرهيم إلى حضرة صاحب السمو الأمير المكرم

سعود بن عبد الله بن جلوى

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد وصلني كتابكم الكريم رقم 691 ـ 1 وتاريخ 7/6/1377هـ ومابرفقه ، وبعد تأمل ما أبداه قاضي مستعجلة الاحساء من أن الأوقاف التي على جهات عامة كالمساجد والربط والمدارس والفقراء ليس فيها زكاة، ولفتة النظر إلى أن عدم وجوب الزكاة فيها إذا كانت تحت يد وليها يعمرها ويأخذ غلتها، وأما إذا أجرها بأجرة معلومة متعلقة بذمة المستأجر فغلتها وما يزرعه المستأجر في أرضها ملك له، فإذا بلغ نصاباً وجبت فيه الزكاة.

بعد تأمل ذلك وجد ماأبداه القاضي المذكور صحيحاً يتعين شرعاً العمل به، والله يحفظكم.

(ص ـ ف ـ 760 وتاريخ 22/6/1377هـ)

(963 ـ ونحوها الموقوف على الضيف وفي أضاحي ووجوه الخير)

يعلم الناظر إليه بأني أفتيت خريزان بن حمد بن ثلاب بأن ليس عليه في وقف حمد بن ثلاب الكائن في الغيل المسمى بالبديعة

(1) يعد النسابون إلى تميم

بيوت المجد أربعة كبارا

يعدون الرباب وآل سعد

وعمرا ثم حنظلة الخيارا

ويسقط بينهما المرئي لغواً

كما ألغيت في الدية الحوارا

ص: 18

زكاة لكونه وقفاً على غير معين، بل على الضيف وفي أضاحي وفي وجوه الخير، وأخبرني الثقة حمد بن الشيخ سعد بن عتيق رحمه الله بأن وقفية البديعة المذكورة أعلاه كما شرح، وأنها بإملاء العم الشيخ عبد الله وختمه، حتى لا يخفى، قاله ممليه الفقير بإملاء العم الشيخ عبد الله وختمه، حتى لا يخفى، قاله ممليه الفقير إلى الله محمد بن إبرهيم بن عبد اللطيف، وكتبه من إملائه محمد بن علي بن عبد اللطيف، وصلى الله على محمد 13/8/1374هـ) .

(964 ـ الوقف على معين تجب فيه)

من محمد بن إبرهيم إلى المكرم صالح خليل علاف

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد:

فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن غلة وقف تقدر بنحو مائة ألف ريال سنوياً: هل تجب فيها الزكاة؟ وهل للناظر أن يستقطع الزكاة من الغلة عندما تستحصل عند رأس كل عام، ويعطيها الفقراء، أم لا؟ .

والجواب: الحمد لله. إن كان هذا الوقف على معينين وبلغت حصة كل منهم نصاباً وجبت فيه الزكاة. والذي يخرجها مالكها أو وكيله بنية الزكاة، فلا تجزى بدون نية، لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات" وإن كان الوقف على غير معين كالموقوف على الفقراء والمساجد والمدارس والأربطة ونحو ذلك من أعمال البر فلا زكاة فيه، لأن من شروط الزكاة تمام الملك.

والله أعلم، والسلام عليكم.

مفتي الديار السعودية (ص ـ ف ـ 3798 ـ 1 في 19/12/1377هـ)

ص: 19

(965 ـ اذا ادعى أن المواشي وقف..)

وأما ما يدعى أنه وقف من المواشي، وكان المدعي لذلك ثقة مأموناً. فيقبل قوله: أن هذا الشيء وقف. وأما المتهم فلا يقبل قوله إلا بأمر شرعي، أو يمين. حررت 21 رجب 1364هـ)

(هذه من الفتاوى التي أُرسلت من ديوان جلالة الملك الشئون الداخلية)

(966 ـ الديون التي للشركات وعليها)

من محمد بن إبراهيم إلى المكرم إبراهيم محمد سعيد شمس المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: وبعد:

فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن كيفية زكاة أموال الشركة التي ذكرت أنها تألفت برأس مال معلوم لمزاولة التجارة في حقل مخصوص، وصار لها ديون عند الناس لا يمكن في الغالب تحصيل الكثير منها. كما أن عليها ديوناً لأناس حسب ما بينها وبينهم من معاملة.. إلخ.

والجواب: أما بالنسبة لما على الشركة من الديون فيجوز لها أن تحسم من أموالها الزكوية بمقدار ما عليها من الديون وتزكي الباقي.

أما بالنسبة للديون التي لها عند الناس فالدين الذي على مليء باذل تزكيه الشركة إذا قبضته عن جميع السنين الماضية.

أما الديون المشكوك في تحصيلها كالتي عند أُناس مفلسين أو مماطلين أو جاحدين ونحوهم فلا زكاة فيها حتى تقبض. فإذا قبضت فبعض العلماء يقول: إنها تزكى لجميع السنوات الماضية، وهذا هو المشهور من المذهب. والقول الثاني: أنها تزكى لعام واحد

ص: 20

فقط، وهو رواية عن الإمام أحمد، وبه قال الإمام مالك، وأفتى به الشيخ عبد الرحمن بن حسن، وقال: إنه اختيار إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهذا هو الصواب. والله أعلم.

مفتي الديار السعودية (ص ـ ف ـ 2305 ـ 1 في 23/8/1385هـ)

وبكل حال يقوى بأنه يزكى أكثر من سنة في حق المليء خاصة. (تقرير)(1)

(967 ـ الرصيد في البنك المقفل)

" المسألة الثانية ": عن رصيد لكم في بنك مقفل من قبل الحكومة منذ سنتين، لا يستفاد منه، ولا يوثق بحصوله، ويحتمل أن البنك يفلس ويتلف الرصيد: فهل فيه زكا ة؟

والجواب: لا زكاة في ذلك حتى يقبض، فإذا قبض زكي للسنين السابقة. وقيل: إنه يزكى لسنة واحدة، والله أعلم والسلام عليكم.

مفتي الديار السعودية (ص ـ ف ـ 178ـ1 وتاريخ15/1/1389هـ)

(968 ـ الدين لا يمنع زكاة الأموال الظاهرة)

من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة قاضي محكمة الدليمية

سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد جرى الاطلاع على الاستفتاء الموجه إلينا منكم في خطابكم

(1) وانظر حكم زكاة التحاويل على مشترين يدعون الافلاس ـ في زكاة العروض برقم 1352 في 1/9/1380هـ.

ص: 21

رقم 104 وفي 13/11/1381هـ من أنه يوجد لديكم من الفلاحين من عليهم من الديون ما ينقص بها النصاب، ومع ذلك يكلفون بدفع زكاة ثمارهم، وتذكرون أن أمر وجوبها عليهم والحال ما ذكر مشكل عليكم، حيث أن الثمار مال ظاهر والديون خفية.

ونفيدكم أن في المذهب روايتين أقواهما وهي التي عليها العمل أن الدين لا يمنع (1) زكاة الأموال الظاهرة، وذلك لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر عماله بأن يستفسروا من أهل الأموال الظاهرة ممن تجب عليهم الزكاة هل عليهم ديون تنقص نصابها، وكذا لم يرد عن عماله رضي الله عنهم الاستفسار من أهل الزكاة عن ذلك. وبالله التوفيق. والسلام عليكم.

(ص ـ ف ـ 146 وتاريخ 8/2/1382هـ)

(969 ـ هل تجب في النصاب الذي وجبت فيه)

" المسألة الثانية ": إذا وجبت الزكاة على الرجل، فهل يلزمه إخراجها من نفس النصاب الذي وجبت فيه الزكاة، أو يجوز إخراجها من أمواله المستجدة؟

والجواب: لا يلزمه إخراجها من نفس النصاب، بل يجوز إخراجها منه أو من أي مال استجد لديه، بل يجوز أن يخرجها ولو من غير م اله، كما إذا أخذ دراهم من غيره قرضة أو هبة فخرج زكاته منها فلا بأس بذلك.

(ص ـ ف ـ 1354 في 17/6/1387هـ)

(1) في الأصل والمسودة: يمنع. والصواب: لا يمنع. بدليل ما يأتي بعده من التعليل.

ص: 22