الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1010 ـ لا تتكرر زكاة المعشرات مالم تكن للتجارة)
قوله: ومن زكى ما ذكر من المعشرات مرة فلا زكاة فيه بعد، لأنه ير مرصود للنماء.
لا تتكرر زكاة المعشرات ولو بلغت أحوالاً، لكن هذا ما لم تكن للتجارة. فإذا زرع للتجارة فإنها تقوم عند الحول، وأما أنها تزكى زكاة حبوب فلا.
…
(تقرير)
(باب زكاة النقدين)
(1011 الدينار، والدرهم، والجنيه)
الدينار مثقال من الذهب، وزنته بالدراهم درهم وثلاثة أسباع درهم. لكن على أصل الشيخ أن ربع الدينار هو ربع الجنيه كبر هذا أو صغر في سائر موارد ذكر الدينار. والثلاثة الاريل هي ثلاثة دراهم في سائر موارد ذكر الدرهم.
وكلامه ظاهر فيما إذا كان الجنيه مثقالاً أو مثقالين. أما إذا كان مثلاً واحد مثقال وواحد ستة مثاقيل فهذا يتأمل، وملمحه أن النصوص جاءت بلفظ " دينار"" درهم " لم يعتبر فيها بالوزن.
الجنيه الفرنجي مثقالان إلا ربعاً وكأنه ينقص شيئاً قليلا " العصملي " ما حررناه لكنه في ذكر بعض مثقال ونصف (تقرير)
(1012 ـ زكاة مبلغ مودع في البنك)
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبد المجيبد إسماعيل داغستاني
…
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: ـ
فقد وصلنا استفتاؤك ، وفهمنا ما تضمنه من سؤالك عن زكاة المبلغ المودع لوالدتك في البنك، ومقداره ثمانية وستون ألف ريال وكسور ثمن نصيبها من النصف المهدوم توسعة للشارع العام من بين والدها المتوفي، وهل يجب فيه الزكاة لأنه معد للبناء، وما مقدار الواجب فيه، علماً أنه استلم المبلغ من الحكومة في 29/7/81هـ.
والجواب: ـ الحمد لله. نعم تجب الزكاة فيه بعد مضي حول، والواجب فيه ربع العشر عن كل عام يمضي عليه. وبالله التوفيق والسلام.
(ص ـ ف 479 في 11/3/هـ)
(1013 ـ أوراق البنكوت)
" الخامسة " سؤالك عن (البنكنوت) هل فيها زكاة، أم أن الزكاة في الذهب والفضة.
والجواب: اختلف في أوراق البنكنوت: هل هي عروض أو فلوس، أو أثمان. وحيث أن الغالب عليها /صف الأثمان فهي فرع عنها، فلا يظهر لي فيها إلا أنها كالأثمان حكماً في الزكاة والربا والصرف، فتجب فيها الزكاة بشرطها.
(ص ـ ف / ـ ف هـ)
(1014ـ أحسن المسالك في الأوراق أن تعتبر نقوداً، وأدلة ذلك)
الأوراق هذه بعض الناس لا يرى فيها الربا في بعض صوره، كأن يوهب إياها أو تكون أثمان مبيعات فلا ينويها للتجارة، فيقول هي عروض ليست أموالاً تزكى، يقول: يوم بعت عقاري بنصف
مليون ما نويت التجارة ـ إني أتجر بنصف المليون ـ فيبطلون الزكاة إذا جعلوها عروضاً، فيسقط حتى المستحقين بهذا.
أحسن المالك في الأوراق هذه أن تكون في كل باب من أبواب الربا تعد نقوداً، وفي باب الزكاة تعد نقوداً.
فكل ناحية يتوفر فيها حق المستحقين ويسلم من الربا تعتبر نقوداً والأشياء الأخر يعتقدها ما يعتقدها.
فالذي يقول: إنها عروض، أو فلوس. يقول: يلزمك أن تسوغ (1) لابد أنه سيصرفها. فلا أحسن من المسلك أن تسمى نقوداً وأسلم من كل شيء، ولو طولب بالتأصيل فإنه سيذهب إلى المرجع أن له الحق أن يعطي نقوداً، وهذا أصل الوضع لو يصير على المحاقة في الشرع فإنه يلزمهم، وكثير من الناس يجبن عن طلب ذلك أو يتعذر (2) أصلها أن لها رصيداً. والذي يفعل هذا يسلم من هذه الآفات. يقال لو لم تكن نقوداً.
ولا أفتي بهذا (3) إلا بعض الجهال، فإذا جعلت عروضاً والمال محبوب تركت الزكاة، إلا إذا سلك المسلك الأول وقال: أجعلها نقوداً.
لاتسأل عن أمور الناس اليوم، التجارة اليوم أكثرها ليس تجارة مسلمين؛ بل تجارة نصارى أو أشباه نصارى. إذا أخذ ورق بورق مؤجل هذا الربا (4)(تقرير)
(1) الربا.
(2)
يقول ذلك من باب المعاذير.
(3)
فيها ـ بأنها عروض أو فلوس.
(4)
وانظر فتاوي في الربا برقم 1675 / 1 في 19- 6 ـ 1386هـ و 12681 في 27/ 10 / 1384هـ.
(1015 ـ س: الزري في المشالح)
جـ: يذكرون فيه شيئاًُ من الذهب. وبعضهم يقول ليس ذهباً ولكنه شيء يقرب من الذهب.
وعلى القول بأنه ذهب فالشيء اليسير منه يجوز، والشيخ جرز مثل تركاش النشاب وأشياء يسيرة تابعة لغيرها. فعلى أصل الشيخ أن الزري يسير تابع، وكذلك أبوبكر عبد العزيز.
(تقرير)
(1016 ـ بحث في البلاتين، وورع) :
البلاتين يمكن إلحاقه بالذهب في الأحكام، جنيه ويفوق المائة. يزيد على الذهب أكثر من المرتين، وهو أبيض، إلا أنه أكدر من الفضة؛ لكن فيه من القوة والصلابة شيء كثير، وفيه نفاسة فله ميزة، والظاهر أن ميزتة نفاسته في الجوهرية، وكأنه ليس كثيراً، إذ لو كان كثيراً لكان موجوداً بكثرة.
ينبغي البحث في أحكامه: من زكاته، ومسألة الربا فيه، ومن جواز اللبس ونحو ذلك. وكأن مسألة الربا فيه، ومن جواز اللبس ونحو ذلك. وكأن مسألة الجمال في اللبس مافيه زيادة جمال، لكن فيه نفاسة.
عندي منه أسنان ولا استمريت في لبسها، فترددت في اللبس وعدمه فيما علمت، والذي صنع لي الأسنان ذكر أنه معدن.
لكن إذا كان هذه نفاسته: هل يلحق بالذهب، أولاً. فإنه يوجد جواهر أنفس من الذهب، ولايلزم من ذلك أن تعطي أحكام الذهب. والله أعلم.
(تقرير)
(1017 ـ قوله كتحلية المراكب)
ومثله الكراسي والمجالس ونحوها بل أولى
…
(تقرير)
(1018 ـ يجوز للرجال لبس ساعة اليد ما لم تكن مذهبة) :
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم الأستاذ عبد الغني الفقيه
…
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد: -
فقد وصلنا خطابك الذي تقول فيه: أرفع لسماحتكم أنه قد كثر القيل والقال بين بعض الزملاء في مسألة لبس الساعة في اليد، فقائل بتحريم لبسها لأنه تشبه بالنساء حيث أن موضع الزينة في أيديهن. وقائل بكراهتها للغرض نفسه، وقائل بإباحة لبسها في اليد وأنها لم تكن في شيء من التشبه، وأن الناس يلبسونها في أيديهم، وأنها لت تصنع إلا لهذا الغرض. نرجو التكرم بإفتائنا في هذه المسألة.
والجواب: ـ الحمد لله. لابأس بلبس الساعة اليدوية، وليست من التشبه في شئ؛ مالم تكن مذهبه، لحديث على رضي الله عنه:" نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب وعن لباس القسي والمعصفر " رواه مسلم. والسلام عليكم (1) .
(ص ـ ف 572 في 23 - 6 - 1378هـ)
س: ساعة الذهب للمرأة؟
(1) وتقدم ما يتعلق بالتشبه بالنساء في ستر العورة في (باب شروط الصلاة.) ويأتي أيضاً ما يتعلق بالساعة قريباً
جـ: - ليست من الحلي، لكن إن اجتهد وقيل هي من جنس السوار فربما لكونها مكان السوار، ولعلها إذا ساوت السوار في الزنة لابأس بها.
(تقرير)
(1019 ـ الخناجر الذهبية، وأسنان الذهب)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم محمد بن عبد الرحمن التويجري
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد: -
فجواباً على الاستفتاء الموجه منكم بتاريخ 6 ـ 8 ـ 1375هـ المتضمن السؤال عن مايأتي: -
1 -
هل يجوز لبس الخناجر الذهبية؟
2 -
هل يجوز أن يركب أحد من الناس أسناناً من الذهب الخالص إضطراراً كان أو زينة؟
الجواب: الحمد لله. لا يجوز ليس الخناجر الذهبية، كما لا يجوز تذهيبها هذا التذهيب الموجود من طمسها ونحه، وكذلك اتخاذ السن من الذهب سواء لضرورة أو غيرها، إنما يجوز ربط السن والأسنان بالذهب فقط، هكذا صرح علماؤنا رحمهم الله لم يذكروا فيما يتعلق بالأسنان إلا الربط فقط. ولا ريب أن الأصل في لبس الذكر الذهب هو التحريم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير " هذان حرام على ذكور أمتي (1) جل لإناثهم "
(1) أخرجه أبو داود والنسائي وللنسائي والترمذي " حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لأناثهم ".
(2)
صورة من الصور من عموم هذا الحديث فعليه إقامة الدليل، فإن فعل فذاك، وإلا فحق قوله الالغاء، وحضه التجهيل، هذا مالزم.
(ص ـ ف 445 في 28- 8 - 1375هـ)
(1020 - تلبيس أسنان الرجال بالذهب للتجميل)
وأما " المسألة الثالثة " وهي سؤالكم عن أسنان الذهب للرجال؟ فجوابها: أن الذهب حرام على الرجال إلا من استثني، وقد استثنى العلماء من هذا رباط الأسنان بالذهب. وأنف الذهب، ونحو ذلك بما تدعو إليه الضرورة، بخلاف ما يقصد به المياهات والفخر والزينة ونحوها كتلبيس الأسنان بالذهب للتجمل، وقد روى أبو داود وغيره:" أن عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفاً من فضة فانتن فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب " وروى عن موسى بن طلحة وأبي رافع وثابت البناني وغيرهم أنهم شدوا أسنانهم بالذهب.
(ص ـ ف 1286 في 8 - 10 - 1379هـ)
(1021 - أسنان الذهب للنساء والرجال) :
ولا أعرف وجهاً لجواز أسنان الذهب للرجال والنساء، أو يقلع أسنانه ويبدلها. هذا لا يجوز فيما نعرف. والنساء أخف. (تقرير)
(1022 ـ النظارة، والساعة، والسوار، المذهبة والمفضضة والسترة والبنطلون) :
بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال الأول: هل يجوز للرجال والنساء لبس النظارة والخاتم
والسوار والسلسلة والساعة أو غيرها من الذهب أو الفضة أو النحاس أو من الحديد أو غيره، أم لا؟
السؤال الثاني: هل يجوز لإنسان أن يعتقد أو يصدق أو يتشاءم أو يتوهم أن يصيبه ضرر كرض أو غيره من الأعداد أو من السنين أو من الشهور أو من الأيام أو من الأوقات أو من قراءة سورة أو آية أو من قراءة ورد أو من قراءة فائدة أو من دخول بيت أو من لبس ثوب أو من غيره، أم لا؟
السؤال الثالث: ما هي أسماء الكتب الشرعية الدينية الإسلامية الصحيحة المعتمدة النافعة المفيدة السلهة التي يجوز اقتناؤها والعمل بها في العقائد والعبادات والمعاملات وغيرها (1) ؟
فأجاب سماحة المفتي وفقه الله بما نصفه:
الحمد لله. النظارة تارة تكون مفضضة، وتارة تكون مذهبة، وتارة تكون مجردة من ذلك، وتارة تكون مذهبة مفضضة. فالجميع جائز الاستعمال للرجال والنساء، عدا المذهبة كثيراً فإنها ممنوعة للرجال فقط محرمة، والدليل ما رواه أحمد في مسنده والنسائي والترمذي وصححه عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها " وعن معاوية رضي الله عنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الذهب إلا مقطعاً " إسناده جيد. رواه أحمد وأبو داود
(1) هذه " الفتوى اللاذقية " وهي جواب عن ثلاث مسائل تقدمت الثانية في توحيد الالهية، وهذه المسألة الأولى ويأتي الجواب عن السؤال الثالث آخر الكتاب. موجهة إلى حضرة صاحب السماحة الشيخ محمد بن ابراهيم من عبد الحفيظ إبراهيم اللاذقي. طبعت عام 1375هـ في مطابع الرياض.
والنسائي، وعن علي رضي الله عنه قال:" نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب وعن لباس القصي والمعصفر " رواه مسلم.
والدليل على إباحة المفضضة ما رواه أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها لعباً " وفي رواية: " كيف شئتم " وقال الشيخ تقي الدين: لم يدل الدليل على تحريم لبس الفضة فليس فيها نص في التحريم؛ بخلاف الذهب والحرير (1) .
وأما الخاتم ذهباً كان أو فضة أو حديدا أو نحاساً أو رصاصاً فلا يحرم مطلقاً عدا خاتم الذهب فتحريمه على الرجال ظاهر، وقد حكي الاجماع على ذلك. وأدلة تحريم خاتم الذهب على الرجال معروفة كما تقدم.
أما " خاتم الحديد، والصفر، والنحاس " فقد صرح بعض العلماء بكراهيته، وقد سأل الأثرم أحمد عن خاتم الحديد ما ترى فيه فذكر حديث عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" هذه حلية أهل النار ". وابن مسعود قال: لبسة أهل النار. وابن عمر قال: ما طهرت كف فيها خاتم حديد. وقال بعض العلماء بإباحة خاتم الحديد، بدليل ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل:" التمس ولو خاتماً من حديد " وهذا أصح من الأحاديث المتقدمة الدالة على الكراهة.
وأما " الساعة " فحكمها حكم النظارة، وتقدم الكلام عليها فارجع إليه
(1) انظر جـ 25 ص 63 - 65 من مجموع فتاوي ابن تيمية.
وأما "السوار " فإما أن يكون من ذهب أو غيره، وعلى كل حال هو مباح للنساء مطلقاً. وأما الرجال فغير مباح لهم مطلقاً، فما كان من ذهب فمنعه لعلتين: إحداهما كونه ذهباً، والثانية مافيه من التشبه بالنساء. وإن كان من غير ذهب فعلة المنع فيه التشبه بالنساء.
وقد صرح العلماء بأنه يحرم تشبه رجل بأنثى في لباس وغيره وبالعكس. والمرجع فيما هو من خصائص الرجال والنساء في اللباس إلى عرف البلد، وذكره في التلخيص؛ لحديث " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال " رواه البخاري. " ولعن أيضاً الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل " إسنادة صحيح رواه أحمد وأبو داود.
وأما " لبس السلسلة " التي يلبسها أهل التأنث، فإن كانت ذهباً أو فضة فقد تقدم الكلام على حكم لبس الرجل الذهب والفضة، وإن كانت غير ذلك ولبسها تأنيثاً وتشبها بالنساء فحرمته أيضاً بعلة التأنيث؛ إذا التخنث ومشابهة النساء في أزيائهن وحركاتهم حرام، فعن أبن عباس قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخنثين من الرجال والمرجلات من النساء ". وفي رواية: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهن من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال " رواه البخاري. واللعن يدل على أنه من الكبائر. والحكمة في النهي إخراجه الشيء عن صفته التي وضعه عليها أحكم الحكماء. وعن أي هريرة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مابال هذا؟ فقيل يا رسول الله
يتشبه بالنساء فأمر به فنفي إلى النقيع فقيل يا رسول الله ألا نقتله؟ فقال: إني نهيت عن قتل المصلين " قال العلماء: المخنث من يشبه النساء في حركاته وكلماته. وقال المنذري: المخنث بفتح النون وكسرها من فيه انخناث وهو التكسر والتثني كما يفعله النساء، لا الذي يفعل الفاحشة الكبرى. وقال في " الفتح " قال الطبري: لا يجوز للرجال التشبه بالنساء وبالعكس. قلت: وكذا في الكلام والمشي. فأما هيئة اللباس فمختلف باختلاف عادة كل بلد قرب قوم لايفترق زي نسائهم عن رجالهم في اللبس؛ لكن يمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار. وأما ذم التشبه بالكلام والمشي فمختص بمن يتعمد ذلك. وأما من كان ذلك من أصل خلقته فإنما يؤمر بتكليف تركه والإدمان على ذلك بالتدرج. فإن لم يفعل وتمادى دخل في الذم ولاسيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به. وأخذه واضح من لفظ "المتشبهين " أهـ.
وعلل بعض العلماء تحريم لبس الحرير على الرجال لما يورثه بملامته للبدن من الأنوثة والتخنث وضد الشهامة والرجولة؛ فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث؛ ولهذا لا تجد من يلبسه في الأكثر إلا ويظهر على شمائله من التخنث والتأنث والرخاوة مالايخفى حتى ولو كان من أشهم الناس وأكبرهم لحولية ورجولة فلابد أن ينقصه الحرير منها وإن لم يذهبها مرة. ولهذا كان أصح القولين أنه يحرم على الولي إلباسه الصبي لما ينشأ عليه من صفات أهل التأنث، فلبس الحرير يليق بالنساء، فإن من طبعهن اللين والنعومة والتحلي. قال الله سبحانه: (أومن ينشأ في الحلية وهو
في الخصام غير مبين) (1) ويروي: تمعددوا، وأخشوشنوا. لأن الرجال من طبعهم الخشونة والشهامة والرجولية، وهذا الذي ينبغي ويليق به ويتناسب مع أخلاقه. وعن فضالة بن عبيد قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن كثير من الإرفاه ويأمرنا أن نحتفي أحياناً " رواه أبو داود.
وفيما تقدم أعظم دليل على تحريم التخنث، وأنه من كبير الذنوب، وفيها أعظم تنفير منه ومن رسائله وأسبابه، وذلك لعظم ضرره؛ إذ هو يفقد الإنسان نفسه ومعنويته وأخلاقه، فهو من أعظم الأمراض، فلعظم ضرره صرحت الأحاديث بلعن المخنثين والأمر بنفيهم وإبعادهم، تفادياً من سريان مرضهم. إذ هم خطر على المجتمع الإنساني.
وأما " البرنيطة " فلا يجوز لبسها لأنها من ألبسة الكفار وزيهم الخاص، ففي لبسها تشبه بهم. والتشبه بالكفار محرم، والأدلة على ذلك كثيرة منها ما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ومن تشبه بقوم فهو منهم " قال الإمام أحمد: إسناده جيد. قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: فأقل أحوال هذا الحديث أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبهين بهم، كما قال سبحانه وتعالى:(ومن يتولهم منكم فإنه منهم)(2) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " جزوا الشوارب وأرخوا اللحي ولا تشبهوا بالمجوس " رواه مسلم.
(1) سورة الزخرف آية - 18.
(2)
سورة المائدة آية - 3.
وحديث " خالف هدينا هدي المشركين ". وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اللحد لنا والشق لغيرنا " رواه أهل السنن، وروى البخاري في صحيحه أن عمر كتب إلى المسلمين المقيمين ببلاد فارس:" إياكم وزي أهل الشرك ". ويروي أن حذيفة بن اليمان دعي إلى وليمة فرأي شيئاً من زي العجم فخرج وقال: من تشبه بقوم فهو منهم. رواه الخلال. وروى الإمام أحمد من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده ". وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس منا من تشبه بغيرنا " رواه الترمذي.
قال الشيخ تقي الدين: وهذا وإن كان فيه ضعف فهو يصلح للاعتضاد، وبكل حال فهو يقتضي تحريم التشبه بهم لعلة كونه تشبهاً، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذاً عن ذلك الغير. فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضاً ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا تشبهاً نظر، لكن ينهي عنه لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة، مع أن قوله:" غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود " دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا ولافعل؛ بل بمجرد ترك تغيير ماخلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية.
قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله: وأمر بمخالفتهم في الهدي الظاهر لامور منها: أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث
تناسباً وتشاكلا بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس، فإن اللابس لثياب أهل العلم يجد من نفسه نوع انضمام إليهم. ومنها: أن المخالفة في الهدي الظاهر تورث مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف إلى الهدي، وكل ما كان القلب أتم حياة كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطناً وظاهراً أتم، وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين أشد. ومنها: أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهراً بين المهديين والمغضوب عليهم. إلى غير ذلك من الأسباب الحكمية.
هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحاً محضاً لو تجرد عن مشابهتهم. فأما ما كان من موجبات كفرهم فإنه يكون شعبة من شعب الكفر فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع ضلالهم ومعاصيهم. فهذا أصل ينبغي التقطن له. أهـ
وهذه " المسألة ": أي مسألة تحريم تشبه المسلم بالكافر أدلتها ظاهرة جلية، وقد صنفت المصنفات الكثيرة في خصوص هذه المسألة وفروعها وأدلتها، وذلك الأسباب والعلل التي منع من أجلها التشبه بهم؛ ولاشك أن الدين الإسلامي هو الدين الكامل التام الذي جاء بأحسن الأخلاق وأرقى النظم والتعليمات، فلم يعد حاجة معه إلى غيره. فما قرع الأسماع من لدن ذراً الله البشر دين أكمل منه وللا أتم ـ فكل ما دعا إليه من أخلاق ومعاملات فهي النهاية في الحسن والكمال والعدل (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت
عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً) (1) . ولتمامه وكماله وملاءمته لكل زمان ومكان وعدم حاجة البشر معه إلى غيره نسخت شريعته سائر الشرائع، فهو الدين الباقي الخالد إلى أوان خراب هذا العالم وانتهاء أمده وقيام الساعة.
إن الأمة التي اعتنقته وعملت بجميع تعاليمه وطبقته تطبيقاً تاماً في أقوالها وأفعالها واعتقاداتها سعدت أكمل سعادة، ورقت أعلى رتبة في المجد، ووصلت إلى جميع ما تصبو إليه، وانتصرت انتصاراً باهراً بلغ حدود المعجزات: أقر التاريخ أنهم مع قلة عددهم وعدتهم ملكوا الدنيا في ربع قرن مع كثرة عدوهم ووفرة مالديه من عدد وعدة وهذا مصداق قوله تعالى: (ليظهره على الدين كله)(2) .
وبالإطلاع على التاريخ نجد أنه بحسب تمسك الأمة بالدين الإسلامي وتطبيقه يكون انتصارها، وبحسب إعراضها وتساهلها بالدين يكون ضعفها وانهيارها. فانظر حالة المسلمين في زمن الخلافة والدولة الأموية والعباسية وزمن نور الدين الشهيد وصلاح الدين الأيوبي، ثم حالة المسلمين بعد ذلك حين ماتساهلوا بالدين وضعف تمسكهم به إلى ما وصلوا إليه من ذل واستعباد وما ظلمهم الله (ولكن كانوا هم الظالمين) (3) وهذا مصداق قوله تعالى:(إن تنصروا الله ينصركم)(4) وقوله: (إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)(5) وورد في بعض الآثار: إذا
(1) سورة المائدة آية 3.
(2)
سورة التوبة آية - 33.
(3)
سورة الزخرف آية - 76.
(4)
سورة محمد آية - 7
(5)
سورة الرعد آية _ 11.
عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله: أدخل الله عليهم ذلا لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم " أخرجه الحاكم والطبرني والبيهقي بإسناد حسن.
واعلم أن التشبه بالكفار يكون بمجرد عمل مايعملون، قصد المشابهة، أولا. قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله: وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها معللا ذلك النهي " بأنها تطلع وتغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار "(1) . ومعلوم أن المؤمن لايقصد السجود إلا لله، وأكثر الناس قد لايعلمون أن طلعوعها وغروبها بين قرني شيطان ولا أن الكفار يسجدون لها، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في ذلك حسماً لمادة المشابهة من كل طريق.
ولنذكر بعض أمور ارتكبها بعض المسلمين واستحسنوها واعتادوها وهي من زي الكفار وعاداتهم:
فمن ذلك: حلق اللحى، واعفاء الشارب. ولاشك في قبح ذلك وتحريمه، وإنما يستحسنه منكوس القلب، فاسد الفطرة، قليل المبالاة بأوامر الدين ونواهيه، وهذا من تسويل الشيطان وتحسينه القبيح (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً)(2) . والأدلة كما قلنا قد
(1) اخرج الامام مالك في الموطأ والنسائي عن عبد الله الصنابحي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ان الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فاذا ارتفعت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات " واخرجه البخاري ومسلم بمعناه.
(2)
سورة فاطر آية - 8.
صرحت بتحريم ذلك بعلة أنه تشبه باليهود والمجوس، فمن فعل ذلك فقد اختار زي اليهود والمجوس على زي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم. وقد ذكر ابن حزم: أن إعفاء اللحى وقص الشارب فرض، فعن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً:"خالفوا المشركين، وفروا اللحى وأحفوا الشوارب " متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أحفوا الشوارب، وأعفوا اللحى، ولا تشبهوا بالمجوس " وعن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لم يأخذ من شاربه فليس منا " رواه ابن ماجه.
ومن ذلك أيضاً حلق بعض الرأس وترك بعضه، وما يفعله بعض السفلة مما يسمونه " التواليت " فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نهى عن القزع، وقال احلقه كله أو دعه كله " رواه أبو داود. وقال في "شرح الإقناع ": فيدخل في القزع حلق مواضع من جوانب الرأس، وأن يحلق وسطه ويشرك جوانبه كما تفعله شمامسة النصاري، وحلق جوانبه وترك وسطه كما يفعله كثير من السفلة، وأن يحلق مقدمه ويترك مؤخره. وسئل أحمد عن حلق القفا. فقال: هو من فعل المجوس، ومن تشبه بقوم فهو منهم، وقال: لابأس أن يحلق في الحجامة.
ومن ذلك استعمال الآلات التي تحمل الصليب لما فيه من التشبه بالنصارى، وكذلك الملابس التي رقم عليها الصليب فقد صرحت الأحاديث بالنهي عن ذلك، فروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يترك
شيئاً في بيته فيه تصليب إلا قضية " قوله " قضبه " القضب القطع والتصليب ما كان على صورة الصليب، قال في الانصاف بعد ذكر أنه يكره: ويحتمل تحريمه، وهو ظاهر نقل صالح. قلت: وهو الصواب. أهـ.
ومن ذلك شد الوسط بما يشبه الزنار أو مايشبه شد الزنار، لما فيه من التشبه بأهل الكتاب. و " الزنار " خيط غليظ تشده النصارى على أوساطهم.
ومن ذلك اعتياد تعطيل وتغيير الزي في أعيادهم أو زياراتهم أو زيارة محل أعيادهم، والحال أنك تجد أكثر الناس في أيام أعياد الكفار يفعلون كل ما يفعله الكفار. وقد صرحت الأدلة بالنهي عن ذلك وتحريمه: قال الله سبحانه وتعالى: (والذين لايشهدون الزور)(1) .
قال بعض المفسرين: أي أعياد الكفار. قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ثابت بن الضحاك الذي رواه أبو داود: " هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا لا. قال فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ " وقال بعض السلف: من ذبح بطيخة يوم عيد الكفار فكأنما ذبح خنزيراً. وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: أما إذا فعل المسلمون معهم في أعيادهم مثل صبغ البيض وتحمير دوابهم بمغرة وتوسيع النفقات فهذا أظهر من أن يحتاج إلى سؤال، فقد نص طائفة من العلماء من أصحاب أبي حنيفة ومالك على كفر من فعل ذلك.
وروي البيهقي بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه قال: لاتعلموا
(1) سورة الفرقان آية - 72.
رطانة العجم، ولاتدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم قال الشيخ: وهذا من باب التنبيه على المنع من أن يفعل كفعلهم. قال: وكذلك لاندعهم يشاركوننا في عيدنا. يعني لاختصاص كل قوم بعيدهم.
ومن المؤسف حقاً مانراه من بعض الشباب من إقبالهم على مطالعة كتبهم ومجلاتهم، بل شوقهم إلى ذلك ولهفهم إليها بغاية التعطش، ولاشك أن هذه بادرة شر، وعنوان نحس، مؤذن بعاقبة سيئة وخيمة جديرة بوجوب الاهتمام بها، وحسمها قبل استفحالها. ولو فكر المسئولون في عظم ضررها وخطرها على المجتمع وما تعمل في كيانه من تفكيك عراه وإشاعة الرعب فيه لتحتم منعها سياسة. وكم في هذه المجلات من دس على الأمة، وتحبيذ الانقلابات الضارة باسم يقظة الشعوب وحريتها. وهذا عدا ما فيها وما اشتملت عليه من إلحاد وزندقة وتشكيك في الدين، وما في بعضها من صور خليعة.
الشيء الذي اعتقد ويعتقد كل عاقل أنه لا يعود على الأمة منه إلا الشر، وقد جاء في الحديث (1) أن " النبي صلى الله عليه وسلم رأى مع عمر بن الخطاب ورقة من التوراة فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم " (2) . وذكر بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى:(ومن الناس من يشتري لهو الحديث)(3) الآية. إن رجلا من قريش كان يأتي بأخبار فارس والروم ويقرأها على الناس، ويقول
(1) الذي رواه الامام أحمد في مسنده جـ 3 ص 387.
(2)
وقال: امتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو يباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيا ما وسعه الا أن يتبعني ".
(3)
سورة لقمان آية - 6.
هذا خير مما جاء به محمد. وقد صرح العلماء بوجوب إحراق كتب الزندقة والمبتدعة والملاحدة، فكيف بهذه الكتب التي كلها إلحاد وزندقة وتشكيك في الدين، فما رأيك في حالة هذا الشباب الأعزل الذي لم يتدرع بالسلاح، ولم يستعد للنضال، بل ذهنه فارغ وقلبه مقبل عليها غاية الإقبال، لاشك أنها ستكون سبباً لهلاكه وزيغه.
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى
فصادف قلباً خالياً فتمكنا
ولاشك أن من أقبل على تلك الترهات في صغره ومبدأ عمره وصارت هي ديدنه وهجيراه وسميره وألفتها نفسه وشغف بها قلبه أنه يصعب إزاحته عنها وإخراجها من قلبه. ولقد لاحظ الشارع صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: " اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم "(1) فالواجب أن يحمي هذا الشباب كما يحمي المريض، ويحجر عليه في أفهامهم وعقولهم، فكما أنه يحجز على الإنسان إذا فسد تصرفه في ماله فالحجر عليه إذا فسد تصرفه في دينه أولى. لأن الدين لاعوض له.
وأما لبس " السترة " والبنطلون " فإن كان ذلك من لباس الكفار وزيهم الخاص فهو ممنوع بعلة التشبه بهم، وقد تقدم الكلام على ذلك. وإن لم يكن من زيهم الخاص فلا بأس بذلك إذ الأصل في اللباس الإباحة، إلا ماورد الدليل بالنهي عنه.
(1) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي عن سمرة.
(1023 - التختم بالذهب، ونصيحة فيه) :
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم سعود بن عبد العزيز،،،،،، أيده الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، وبعد: -
حفظكم الله. حيث قد عمت البلوى بالتختم بالذهب، وذلك أمر محرم شرعاً، ولا يسع السكوت عليه، فقد كتبنا في ذلك نصيحة نرفقها لكم بكتابنا هذا، مؤملين بعد الاطلاع الأمر بنشرها وتعميمها للناس عسى أن ينفع الله بها. والسلام عليكم ورحمة الله.
(ص ـ م ـ دوسيه 14 - 11 في 23 - 6 - 1375هـ)
(النصيحة)
من محمد بن إبراهيم إلى من يراه من إخواننا المسلمين، رزقني الله وإياهم القيام بما أوجبه علينا من الدين، ومن علينا جميعاً بتحليل حلاله وتحريم حرامه طاعة لله ولرسوله سيد المرسلين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد
فقد بلغني بل تحققت أنه يوجد من لعب عليه الشيطان فزين له التختم بالذهب، وعدم المبالاة بالوعيد الشديد والتغليظ الأكيد فيه.
فتعين علي أن أبين لهم النصوص الشرعية الثابتة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الدالة على غلظ تحريم التختم بالذهب، براءة للذمة، ونصيحة للأمة، فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس القسي والمعصفر، وعن تختم الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع " رواه مسلم. وعن عبد الله بن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم
رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه، فقال يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده، فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك فانتفع به. قال: لا والله، لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه مسلم: وعن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها " رواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: إنه حديث حسن صحيح. وعن أبي سعيد أنه قدم من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم من ذهب فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال " أنت جئتني وفي يدك جمرة من النار " رواه النسائي. وعن أبي أمامه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريراً ولاذهباً " رواه أحمد ورواته ثقات. وعند عبد الله ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من مات من أمتي وهو يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الجنة، ومن مات من أمتي وهو يتحلى بالذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة " رواه أحمد ورواته ثقات ورواه الطبراني.
فهذا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعضها نهيه الصريح عن التختم بالذهب المفيد لتحريمه على الذكور، وفي بعضها الوعيد الشديد الدال على تغليظ تحريمه. فالناصح لنفسه من يعظم نهي الله ورسوله بالمبادرة إلى اجتناب محارمه، وهذا من أوجب الواجبات؛ بل هاهنا واجب فوق هذا الواجب وهو قيام المسلمين لله بإنكار هذا المنكر وغيره من سائر المنكرات، وإن كان هذا الواجب
يختلف باختلاف الناس، فيجب على أرباب العلم والمقدرة والنفوذ أكثر مما يجب على غيرهم من بيان الحق في ذلك، والمنع من ارتكاب المحارم، والحيلولة بين من استولت عليهم الشهوات وبين شهواتهم التي حرم الله ورسوله، وأن يقوم المسلمون لله مثنى وفرادي ويتفكروا فيما ألم بهم مما طغى سيل طوفانه حتى اجترف أصول الغيرة لله من قلوبهم إلا من شاء الله، وأن يعتصموا بحبل الله جميعاً في بذل الأسباب في الحصول على دواء هذا الداء العضال بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على ماتوجبه الشريعة، من غير تقصير في ذلك، ولا تجاوز للحد الشرعي فيما هنالك. وأن يأخذوا على أيديهم سفهائهم من قبل أن يعاقبوا على ترك هذا الفرض العظيم بقسوة القلوب، وعدم الأكتراث من معضلات المعاصي والذنوب. فإذا قام المسلمون بهذا الواجب منحهم الله في علومهم وأفهامهم ودنياهم ودينهم وآخرتهم ما يحبون. وإن أعرضوا عنه والعياذ بالله فإنهم لا يزالون في نقص في علومهم وأفهامهم ودنياهم ودينهم وسفال وتعثر في شتى مساعيهم.
اللهم أرنا وإخواننا المسلمين الحق حقاً ووفقنا لاتباعه، وأرنا الباطل باطلا وأعنا على اجتنابه، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
حرر في 21 - 6 _ 1375هـ
(ص / ف 259 في 21 /6 / 75هـ)
(1024ـ التختم بالفضة) :
من محمد بن إبراهيم إلى المكرم عبد الله بن ناصر بن حمد
…
سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: -
فقد جرى الاطلاع على استفتائك عن لبس الرجل خاتم الذهب،
وما أشرت إليه من أن بعض الجهال يلبسه مع ما فيه من التشبه بالنساء.
والجواب: الحمد لله. إن كان الخاتم من الفضة فقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من فضة. وإن كان من الذهب فقد ثبت في الأحاديث الصريحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم الذهب على الرجال من أمته، ونهاهم عن استعماله، وغلظ في ذلك بقوله وفعله، وإليك بعض الأحاديث الواردة في ذلك:
1 -
عن علي رضي الله عنه قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه، وذهباً فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي " رواه أبو داود والنسائي.
2 -
وعن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من مات من أمتي وهو يتحلى بالذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة " رواه أحمد والطبراني ورواته ثقات.
3 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه، وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيطرحها في يده. فقيل للرجل بعد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك وانتفع به. فقال: لا، والله لا آخذه، وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه مسلم.
4 -
وعن أبي سعيد رضي الله عنه: " أن رجلا قدم من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال إنك جئتني وفي يدك جمرة من نار " رواه النسائي. وفي معنى ذلك جملة أحاديث تركناها
اختصاراً، وهي تدل على تحريم لبس الرجل خاتم الذهب، ونحوه كدبلة الخطوبة، وسلسلة الذهب، والسوار، وساعة الذهب، ونحوها وقد عد ذلك من كبائر الذنوب والعياذ بالله.
وأما التشبه بالنساء فهذا محذور آخر، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال " وفي رواية:" لعن رسول صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمتجلات من النساء " رواه البخاري.
فيا عجباً لمن يؤمن بالله ورسوله ثم يتجرأ على ما حرم عليه تحريماً صريحاً فيرتكبه مخالفة وعدم مبالاة وتقليداً للأعاجم والجهال (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) . والسلام عليكم.
(ص ـ ف 839 في 3 - 4 - 1385هـ)
(1025 - دبلة الخطوبة: من ذهب، أو فضة ـ للرجل والمرأة) :
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم عبد الرزاق محبوب صديقي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: -
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستقي به عن " دبلة الخطوبة " التي ظهرت في هذه الآونة الآخيرة، إذا أراد الرجل الزواج من مخطوبته قدم لها دبلة " يعني خاتماً " مكتوب عليها اسمه. كما أنها
تقوم بتقديم دبلة له مكتوب عليها اسمها. ويقال: إن هذه الدبلة الذهب، وتسأل عن حكم ذلك.
والجواب: - الحمد لله. أولاً: لايخفى أن هذا الشيء لم يكن معهوداً لدى الناس في هذه البلدان، وإنما تسربت هذه العوائد من بعض البلدان المجاورة، ولا ينبغي الانصياع معهم وتقليدهم التقليد الأعمى بكل ما يأتون به سواء كان غثاً أو سميناً، مع أن هذا من قسم الغث الذي لا خير فيه ولا نفع يعود على الزوج ولا على الزوجة منه.
ثانياً: إن كانت هذه الدبلة الذي يلبسها الرجل من الفضة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من فضة، وقد اتخذه صلى الله عليه وسلم لمصلحة شرعية، وكتب عليه اسمه " محمد رسول الله " فمحمد سطر أسفل، ورسول اسطر وسط، والله سطر أعلاه. وأخذ العلماء من هذا أنه يجوز للرجل أتخاذ الخاتم من الفضة.
ثالثاً: أما إن كانت الدبلة من الذهب، فما كان منها في حق النساء فإن الشارع الحكيم أباح للنساء التحلي بما جرت به عادتهن، لأن المرأة خلقت ضعيفة ناقصة محتاجة إلى جبر نقصها بالتحلي والتبهي والتجمل للزوج، قال الله تعالى:(أومن ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين)(1) فيباح لها التحلي بما جرت به عادة نساء زمانها ولو كثر.
وما كان من ذلك في حق الرجال فقد ثبت في الأحاديث الصريحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم الذهب على الرجال
(1) سورة الزخرفة أية - 18.
من أمته، ونهاهم عن استعماله، وغلظ في ذلك بقوله وفعله.
فمما ورد من قوله حديث علي رضي الله عنه قال: " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجله في يمينه وأخذ ذهباً فجعله في شماله ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي " رواه أبو داود والنسائي، وفي الباب أحاديث كثيرة تركناها أختصاراً. ومما ورد من فعله حديث ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه، وقال يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيطرحها في يده فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك وانتفع به، فقال: لا آخذه وقد طرح رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه مسلم.
وبما ذكرنا يظهر حكم لباس " دبلة الخطوبة " والتفصيل فيما إذا كانت من ذهب أو فضة، والفرق بين دبلة الرجل، ودبلة المرأة.
والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
مفتي البلاد العربية
(ص ف 1982 - 1 في 22/7/ 1385هـ)
(1026 - تحلي الرجال بالجواهر) :
ثم التحلي بالجواهر كعقود اللؤلؤ ونحو ذلك تحتاج إلى يسير من الذهب (1)
فطائفة من العلماء يسهلون فيه، وقد أباحه الشيخ إذا كان يسيراً تابعاً، وآخرون يمنعونه مطلقاً، ويستدلون بحديث أبي داود " نهى صلى الله عليه وسلم عن مثل الخرر بصيصة " عين الجرادة. فإذا ثبت
(1) وتقدم ما يتعلق باليسير من الذهب للرجال قريباً.
فهو إما أن يحمل على منفرد؛ فإنه فرق بين التابع، والمستقل.
والله أعلم: العلة لاتوجد في غير ذات الذهب من الجواهر (1) ،
تقرير
(1027 - تحلي النساء بالذهب وفتوى الألباني) :
بعض الناس ذهب إلى المنع من تحلي النساء بالذهب، وكتب في ذلك، وهذا خلاف ما في الأحاديث المصرحة بذلك.
والذي كتب في ذلك ناصر الدين الألباني ـ وهو صاحب سنة ونصرة للحق ومصادمة لأهل الباطل، ولكن له بعض المسائل الشاذة، من ذلك هذه المسألة وهو عدم إباحته ـ ذكر وجمع آثاراً ولكنها لاتصلح أن تعارض الأحاديث.
(تقرير)
(1028 ـ تركيبة الذهب للنساء) :
وصل إلى دار الإفتاء من فاطمة بنت عبد الله صديق بمكة المكرمة سؤال عن استعمال المرأة أزرار الذهب التركيبة: هل يجوز، أم لا؟
فأجاب سماحة المفتي بالجواب التالي:
يجوز للمرأة من إزرار الذهب التركيبة وغيرها مالا تختص كيفيته بالرجال، لما روى أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال:" وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حريراً فجعله في يمينه، وأخذ ذهباً فجعلة في شماله، وقال: إن هذين حرام على ذكور أمتي " زاد ابن ماجه " حل لإناثهم " وهذا الحديث حسن ورجاله معروفون
(1) وأنظر ما يتعلق بلبس النساء المجوهرات في باب النفقات.
كما نقله عبد الحق عن علي بن المديني، ولما روى أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والحاكم وصححه والطبراني عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحل الذهب للإناث من أمتي وحرم على ذكورها ". قال الترمذي في الجامع بعد أن رواه وصححه: وفي الباب عن عمر وعلي وعقبة بن عامر وأنس وحذيفة وأم هانئ وعبد الله بن عمر وعمران بن حصين وعبد الله ابن الزبير وجابر وأبي ريحان وابن عمر ووائلة بن الأسقع. أهـ.
ولهذا رد الرافعي القول بمنع زر الذهب للمرأة، قال النووي في " المجموع ": ذكر ابن عبدان أنه ليس لهن ـ أي النساء ـ اتخاذ زر القميص والجبة والفرجية منهما ـ أي من الذهب والفضة ـ قال الرافعي: ولعله تفريع على الوجه الضعيف في لبس المنسوج بهما.
قلت: أي قال الرافعي: الصواب الجزم بالجواز وما سواه باطل. أهـ
وقال العلامة محمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب في شرح مختصر خليل ": قال في الزاهي: وما اتخذه النساء لشعورهن وأزرار جيوبهن وأقفال ثيابهن وما يجري مجرى لبساهن فجائز: أي من الذهب، وإذا كان الرجال يستعملون لباساً بكيفية خاصة بهم فلايجوز للنساء استعماله بالكيفية الخاصة بالرجال؛ لأن النساء نهين عن التشبه بالرجال، فقد روى أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبس المرأة، والمرأة تلبس لبس الرجل " وفي رواية أبي داود ": لبسة " في الموضوعين، وروى البخاري وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء ".
والخلاصة، أن ما تختص (1) كيفيته بالرجال من الأزرار يجوز للمرأة، ويحرم عليها ما ليس كذلك، للنهي عن تشبه النساء بالرجال والله الموفق.
(من الفتاوي المذاعة) .
(1028 - 2 الذهب الغير المعتاد على الرأس) :
وأما الذي يلبسه النساء على الرأس ويتدلى بسلاسل طوال. فهذا الأقرب فيه عدم الحل، فليس من التاج ولامن القلائد. (تقرير) .
(1029 - لازكاة في الحلي)
الذي عليه الفتوى سقوط الزكاة فيه، وإلا فقد جاء حديث أو حديثان (2) يستدل بها على عدم السقوط، وجاء آثار عن الصحابة بالسقوط، وهي مئولة عن الموجبين، وتأويلها فيه شيء من العسر.
ومما يدل على إسقاط الزكاة عن المستعمل سقوط الزكاة في البقر العوامل، ومن كونها ليست بعرضة تمول، منصرفة عن النمو، فصار مثل الاثاث، وأيضاً اللبس ينقصها.
س: الآن خزنوه، ولايحدثون أنفسهم بلبسه؟
جـ: الظاهر أنه على الأصل، ويستصحب الأصل مالم يوجد ما يسقطه (3)
(تقرير)
(1) كذا بالأصضل ومسودته. ولعله: مالا تختص. كما في أول الجواب، ومدلول الأحاديث.
(2)
وتأتي في الفتوى التي بعد هذه.
(3)
قلت وقد عادوا إلى لبسه.
(1030 - فتوى في الموضوع) :
ورد إلى دار الإفتاء من أحمد صالح الغامدي سؤال يقول فيه:
ما حكم الشريعة الإسلامية في زكاة الحلي المعد للاستعمال، وهل في الأرض المعدة للتجارة زكاة؟
فأجاب سماحة المفتي بالجواب التالي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه.
حلي النساء من الذهب والفضة المتخذ للبس في تزكيته خلاف بين العلماء قديماً وحديثاً، والراجح عندنا أنه لازكاة فيه لأمور:
1 -
مارواه عافيه بن أيوب عن ليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس في الحلي زكاة ". وعافيه بن أيوب نقل ابن أبي حاتم عن أبي زرعة أنه قال فيه: لابأس به. وحديثه المذكور قواه ابن الجوزي في التحقيق، وفي ذلك رد على دعوى البيهقي أن عافية مجهول، وأن حديثه هذا باطل.
2 -
أن زكاة الحلي لو كانت فرضاً كسائر الصدقات المفروضة لانتشرت فرضيتها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولفعلتها الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولفعلتها الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكان لها ذكر في شيء من كتب صدقاتهم، وكل ذلك لم يقع، كما بينه الإمام أبوعبيد القاسم بن سلام في " كتاب الأموال ".
3 -
ما رواه الأثرم عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال: خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة: ابن عمر، وأنس، وجابر
وأسماء. نقله الحافظ ابن حجر العسقلاني في " الدراية " عن الأثرم. قال الباجي في " المنتقى " شرح الموطأ: هذا أي إسقاط الزكاة في الحلي ـ مذهب ظاهر بين الصحابة، وأعلم الناس به عائشة رضي الله عنها فإنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومن لا يخفى عليها أمره في ذلك، وعبد الله بن عمر؛ فإن أخته حفصة كانت زوج النبي صلى الله عليه وسلم وحكم حليها لا يخفى على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يخفى عنها حكمه فيها. أهـ.
وفي " كتاب الأموال " لأبي عبيد: أن زكاة الحلي لم تصح عن أحد من الصحابة إلا عن ابن مسعود. قلت: في رواية " المدونة " عن ابن مسعود مايوافق قول من تقدم ذكرهم من الصحابة، ففي المدونة ما نصه: قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعبد الله بن مسعود والقاسم بن محمد وسعيد بن المسيب وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعمرة ويحيى ابن سعيد أنهم قالوا ليس في الحلي زكاة. أهـ.
وللقول بإسقاط الزكاة في الحلي أدلة أخرى يطول الكلام باستقصائها. وأما من أوجب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال فعموم صحيح ما استدل به كحديث " في الرقة ربع العشر "(1) وليس فيما دون خمس أواق صدقة " (2) لايتناول الحلي كما بينه الإمامان أبو عبيد
(1) متفق عليه من حديث أنس. وفي الحديث الذي رواه أبو داود: " قد عفوت عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهم ".
(2)
متفق عليه.
القاسم بن سلام في " كتاب الأموال " وابن قدامة في "المغني " حيث ذكر أن اسم الرقة لا يطلق عند العرب إلا على الدراهم المنقوشة ذات السكة السائرة في الناس، وأن لفظ الأواقي لا يطلق عندهم إلا على الدراهم كل أوقية أربعون درهماً.
وصريح ما استدل به الموجب لزكاة الحلي المعد للاستعمال من النصوص المرفوعة: كحديث المسكتين، وحديث عائشة في فتخاتها من الورق، وحديث أم سلمة في أوضاح الذهب التي كانت تلبسها وحديث فاطمة بنت قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" في الحلي زكاة " وحديث أسماء بنت يزيد في أسورة الذهب. كل ذلك يعلم من تتبع كلام الشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد والنسائي والترمذي والدارقطني والبيهقي وابن حزم أن الاستدلال به غير قوي لعدم صحتها، ولاشك أن كلامهم أولى بالتقديم من كلام من حاول من المتأخرين تقوية بعض روايات ذلك الصريح.
والحاصل أننا لا نرى زكاة الحلي المعد للبس للأدلة الصحيحة: وذلك هو قول مالك والشافعي في القديم وأحمد وأبي عبيد وإسحاق وأبي ثور ومن تقدم ذكرهم من الصحابة والتابعين. وكذلك ما أعد للعارية لا زكاة فيه. وأما الحلي الذي ليس للاستعمال ولا للعارية ففيه الزكاة.
وأما الأرض المعدة للتجارة، فتجب فيها الزكاة، وإن تساهل الناس في ذلك؛ لما روى أبو داود في سننه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه قال:" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع " والله أعلم.
(من الفتاوي المذاعة في 3 - 9 - 1388هـ) .
(1031 ـ والجواب عن حديث المسكتين) :
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم عبد الله بن ناصر بن محمد سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد: -
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن زكاة الحلي، وما أوردته من حديث المسكتين
…
الخ
والجواب: ـ الحمد لله. الحلي له حالتان: " الحالة الأولى ": أن يكون معداً للاستعمال أو للعارية بأن تكون صاحبته تستعمله بنفسها أو تغيره لمن يلبسه عارية بدون مقابل فلا زكاة فيه في هذه الحالة.
" الحالة الثانية ": أن يكون معداً للكراء بأن كانت صاحبته تؤجره لمن يلبسه أو يكون لايلبس أصلا ولكنه معد للنفقة كلما احتاج صاحبه باع منه قطعة وأنفق ثمنها وهكذا. أو يكون محرماً كآنية الذهب والفضة، وخاتم الذهب للرجل، وسواره، ونحوها.
ففي هذه الأشياء تجب فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً بنفسه أو بضمه إلى ما عنده مما هو من جنسه أو في حكمه.
وأما الحديث الذي ذكرت فقد تكلم في سنده، ووضعفه العلماء وقال الترمذي: لا يصح في هذا الباب شيء. وعلى تقدير صحته فهو معارض بغيره من الأحاديث. والله أعلم.
مفتي البلاد السعودية
(ص ـ ف 1275 ـ 1 في 13 - 5 - 1385هـ)
(1032 - والظفار هل فيه زكاة، والسيوف والخناجر)
(وقاعدة فيما يباح من الذهب والفضة)
" الثانية " سؤالك عن زينة من ذهب وفضة وظفار هل عليها الزكاة؟ وكذلك الخناجر والسيوف والبنادق والفرود إذا كانت محلاة بذهب هل فيها زكاة؟
والجواب: إن الظفار ليس مما تجب فيه الزكاة إلا إذا أعد للتجارة فحكمه حكم عروض التجارة في وجوب الزكاة بشرطه.
وأما حلي النساء ذهباً كان أو فضة فإن كان معداً للاستعمال او العارية فلا زكاة فيه على المشهور أو المذهب، وإن أعد لغير ذلك من تجارة أن كراء أو قنية أو ادخار أو نفقة إذا احتيج إليها أو لم يقصد به شيئاً أو كان زائداً عما جرت العادة باستعماله ففيه الزكاة بشرطه.
وأما السيوف والخناجر والبنادق والفرود فلا يخلو أمر تحليتها بالذهب والفضة من الإباحة أو عدمها. فإن كانت التحلية مباحة وكانت معدة للاستعمال أو العارية فلا زكاة فيها، وإن كانت غير مباحة أو كانت معدة للتجارة أو الكراء أو القنية أو الادخار أو نحو ذلك ففيه الزكاة بشرطه.
ولتمام الفائدة فالمباح للرجال من الفضة خاتم وقبيعة سيف وحلية منطقة وحلية جوشن وخوذة وخف وران وحمائل سيف ونحو ذلك. ومن الذهب قبيعة سيف وما دعت إليه الضرورة كأنف (1) .
(1) تنبيه: تحليه باب الكعبة، والمزاب، والحجر الأسود بالذهب يأتي في أول المناسك، وتحلية المصحف تقدم في (نواقض الوضوء) .