الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الحافظ ابن حجر عند كلامه على حديث أنس أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وأنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه. قال الحافظ: [وهو معارض بالأحاديث الثابتة في الرفع في غير الاستسقاء
…
إلى أن قال: وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على صفة مخصوصة أما الرفع البليغ فيدل عليه قوله " حتى يرى بياض إبطيه " ويؤديه أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد به مد اليدين وبسطهما عند الدعاء وكأنه عند الاستسقاء مع ذلك زاد فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذتاه وبه حينئذ يرى بياض إبطيه] فتح الباري 3/ 171.
لذلك فإني أرى أن ما يفعله بعض الناس من المبالغة الشديدة في رفع اليدين وجعلهما فوق الرأس إنما هو من الغلو في الدين وقد نهينا عن ذلك.
والأمر الثاني الذي أود التنبيه عليه وأذكر به اخواننا أئمة المساجد وهو التطويل في دعاء القنوت وغيره من الأدعية والأذكار والأفضل هو الاقتصار على الأدعية والأذكار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإن زاد على ذلك فلا بأس به بشرط ألا يكون الدعاء متكلفاً أو متضمناً مخالفة شرعية.
قال الإمام النووي عند ذكره لآداب الدعاء [الخامس: أن لا يتكلف السجع وقد فسر به الاعتداء في الدعاء والأولى أن يقتصر على الدعوات المأثورة فما كل أحد يحسن الدعاء فيخاف عليه الاعتداء] الأذكار ص342.
وبعض أئمة المساجد من أجل أن يحافظ على السجع يأتي بأمور غير مقبولة في الدعاء.
الكلام في المسجد
يقول السائل: ما قولكم في حديث الناس وكلامهم في المساجد وارتفاع أصواتهم فيها؟
الجواب: إن حال كثير من المساجد اليوم محزن نتيجةً لجهل كثير من المسلمين بأحكام المساجد وآدابها فترى في المساجد الحلقات التي يعقدها الناس ويدور الحديث فيها عن الأمور الدنيوية وإذا وقف الحديث عند الأمور المباحة فحسن، ولكن كثيراً منهم يتجاوز المباح إلى الحرام فيتكلمون في أعراض الناس ويستغيبونهم ونحو ذلك.
والأصل أن الجلوس في المسجد عبادة وينبغي للمسلم أن يشغل وقته في المسجد إما بالصلاة أو بالذكر والدعاء أو يقرأ القرآن فإن لم يفعل شيء من ذلك فلا يتجاوز الكلام في الأمور المباحة.
ولقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن زمان يتحلق الناس فيه في المساجد لا همّ لهم ولا كلام إلا في أمور الدنيا وقد ذمهم على ذلك، فقد ورد في الحديث عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يأتي على الناس زمان يتحلقون في مساجدهم وليس همهم إلا الدنيا وليس لله فيهم حاجة فلا تجالسوهم) رواه ابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وصححه الألباني.
ومن الأمور المخالفة للشرع والتي تشوش على المصلين والتالين والذاكرين ويفعلها الناس في المساجد، البحث عن المفقودات فتسمع هذا يبحث عن نقوده وترى المؤذن يعلن عن وجود نقود أو نحوها ويطلب من صاحبها مراجعته وغير ذلك من الأمور التي نهى عنها السشارع الحكيم فقد ورد في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام:(إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد الضالة فقولوا: لا رد الله عليك) رواه الترمذي والدارمي وهو حديث صحيح.
وفي رواية أخرى: (من سمع رجلاً ينشد في مسجد ضالة فليقل لا أداها الله إليك فإن المساجد لم تبن لهذا) رواه مسلم.
وينبغي أن يعلم أن التشويش في المسجد على المصلين والتالين لكتاب الله والذاكرين لا يجوز حتى ولو كان ذلك بقراءة القرآن فقد ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناجٍ