المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إعداد الكفن قبل الموت - فتاوى يسألونك - جـ ٣

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌المُقَدِمَة

- ‌ الجزء الثالث

- ‌الصلاة

- ‌الأذان الموحد

- ‌قول الإمام للمصلين: " استحضروا النية " بدعة

- ‌موقف المأموم الواحد بمحاذاة الإمام

- ‌لا تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام

- ‌تكرار صلاة الجماعة في المسجد

- ‌سنة الظهر القبلية

- ‌التسبيح باليدين بعد الصلاة المفروضة

- ‌بدعة ختم الصلاة جماعة

- ‌صلاة المسافر خلف المقيم

- ‌صلاة الحاجة

- ‌صلاة الجمعة

- ‌إذا صلت المرأة الجمعة فلا تصلي الظهر

- ‌تسليم الخطيب على المصلين

- ‌يكره السجع في الخطبة

- ‌لا يجوز ذكر الأحاديث المكذوبة في الخطبة

- ‌صلاة الجنازة والقبور

- ‌صلاة الجنازة على قاتل نفسه

- ‌كيف يكون حال مشيع الجنازة

- ‌إعداد الكفن قبل الموت

- ‌حكم الدفن في الفساقي

- ‌زيارة النساء للقبور محظورة

- ‌لا يشترط طهارة المرأة عند حضورها المحتضر

- ‌الزكاة

- ‌دفع الزكاة للأقارب

- ‌لا يجوز احتساب الدين من الزكاة

- ‌حكم استثمار أموال الزكاة

- ‌يصح إعطاء المتضررين من السيول والعواصف من الزكاة

- ‌تعجيل الزكاة

- ‌لا يصح تأخير صرف الزكاة لمستحقيها

- ‌تقدير نصاب زكاة النقود بالذهب

- ‌الصيام

- ‌النية في الصيام

- ‌المسائل الطبية في الصيام

- ‌الأيمان

- ‌إبرار المقسم

- ‌حكم وضع الحالف يده على المصحف الشريف

- ‌تعجيل العقوبة في الدنيا للحالف كاذباً

- ‌يصح تقديم الكفارة على الحنث باليمين

- ‌يحرم على المسلم أن يحرم الحلال وكفارة ذلك

- ‌الأضحية

- ‌بعض أحكام الأضحية

- ‌لا تصح الأضحية بالعجل السمين وعمره تسعة أشهر

- ‌حكم الذبح على مقدمة السيارة

- ‌المعاملات

- ‌العربون في البيع جائز

- ‌يحرم التعامل بالربا مطلقاً سواءً أكان مع مسلم أو مع غيره

- ‌لا يجوز فرض غرامة مالية على المدين المماطل

- ‌لا يصح اشتراط عقدٍ آخر مع القرض

- ‌سداد الدين بعملة أخرى

- ‌يحرم أخذ الأجرة على عسب الفحل

- ‌سماح صاحب الأرض لجاره بالمرور من الأرض لا يعطي الجار الحق في الطريق

- ‌مضاربة فاسدة

- ‌حقوق الناس لا تسقط بالشهادة

- ‌حكم الرجوع في الهبة

- ‌حق التقادم

- ‌ضمان صاحب الدابة لما تسببه من أضرار

- ‌لا ضمان على صاحب البيت إن مات العامل بدون تقصير من صاحب البيت

- ‌حكم المحكم لازم للمتخاصمين

- ‌يجوز الصلح بإسقاط الحق

- ‌المرأة والأسرة

- ‌تغريب النكاح

- ‌قراءة الفاتحة عند عقد الزواج بدعة

- ‌ماذا يترتب على العدول عن الخطبة

- ‌إخبار الطبيب الخاطب عن مرض المخطوبة

- ‌بطلان الدعوة إلى تأخير سن الزواج

- ‌أخذ الزوجة من مال زوجها البخيل دون إذنه

- ‌يحرم استئصال القدرة على الحمل إلا لضرورة ملحة

- ‌يحرم تمزيق الملابس عند الحزن والغضب

- ‌المعتدة عدة وفاة لا تسافر لحج أو عمرة

- ‌حكم خروج المعتدة عدة وفاة من بيتها

- ‌ضرب الزوج زوجته مشروع بشروط

- ‌نظام الأحوال الشخصية بين الثبات والتطور

- ‌المتفرقات

- ‌الاستماع لقراءة القرآن الكريم

- ‌أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار

- ‌كتاب (مولد العروس) مكذوب على الإمام ابن الجوزي

- ‌احذروا هذين الكتابين

- ‌إحذروا هذه الخرافة

- ‌مداراة الناس

- ‌يكره تسمية العنب كرماً

- ‌بدعة إقامة المولد عند ختان المولود

- ‌العدوى في المرض

- ‌يحرم الطعن في العلماء

- ‌الفرق بين كبائر الذنوب وصغائرها

- ‌حكم الإكرام بالقيام

- ‌فساد ذات البين

- ‌استخدام الجن في العلاج

- ‌حديث مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌صيغة مكذوبة في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌أحاديث الأبدال

- ‌هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكرر الحديث في أكثر من مجلس

الفصل: ‌إعداد الكفن قبل الموت

الموت فأما اليوم فغالب من تراه يشهد الجنازة يلهون ويضحكون، وما يتكلمون إلا في ميراثه وما خلفه لورثته " الأمر بالإتباع ص255.

وأخيراً نختم بما قاله الإمام النووي رحمه الله، قال: " يستحب له - أي الماشي مع الجنازة - أن يكون مشتغلاً بذكر الله تعالى والفكر فيما يلقاه وما يكون مصيره وحاصل ما كان فيه، وأن هذا آخر الدنيا ومصير أهلها، وليحذر كل الحذر من الحديث بما لا فائدة فيه، فإن هذا وقت فكر وذكر يقبح فيه الغفلة واللهو والإشتغال بالحديث الفارغ، فإن الكلام بما لا فائدة فيه منهيٌ عنه في جميع الأحوال فكيف هذا الحال.

واعلم أن الصواب المختار ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم السكوت في حال السير مع الجنازة، فلا يرفع صوتاً بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك، والحكمة فيه ظاهرة وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق ولا تغترن بكثرة من يخالفه، فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض- رضي الله عنه ما معناه: إلزم طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين، الأذكار ص136.

‌إعداد الكفن قبل الموت

يقول السائل: هل يجوز للإنسان أن يُعد كفنه قبل موته، وإذا أوصى بأن يكفن في ثوب خاص فهل تنفذ وصيته، وهل يشترط في الكفن أن يكون غير مخيط، وورد أن أبا بكر رضي الله عنه أوصى بثوبه القديم أن يغسل ويكفن فيه، فهل يغني ذلك عن الكفن، أفيدونا؟

الجواب: إن تكفين الميت فرض على الكفاية، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم أمر بذلك في أحاديث منها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تحنطوه - أي لا تطيبوه لأنه كان محرماً - ولا تخمروا

ص: 51

رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) رواه البخاري ومسلم.

ويجوز للمسلم أن يعد كفنه ويحضره مسبقاً، قال الإمام البخاري:" باب من استعد الكفن في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه "، ثم روى بسنده عن سهل رضي الله عنه (أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها، أتدرون ما البردة؟ قالوا: الشملة، قال: نعم، قالت: نسجتها بيدي فجئت لأكسوكها، فأخذها النبي- صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره، فحسَّنها فلان فقال: أكسُنيها ما أحسنها، فقال القوم: ما أحسنت، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها وعلمت أنه لا يرد، قال: إني والله ما سألته لألبسها إنما سألته لتكون كفني، قال سهل: فكانت كفنه).

قال الحافظ ابن حجر: " .... فيستفاد منه جواز تحصيل ما لا بد منه للميت من كفن ونحوه في حال حياته " فتح الباري 3/ 385.

وإذا أوصى الميت أن يكفن في كفن خاص، فلا بأس بتنفيذ وصيته إن لم يكن في ذلك حرمة، كمن يوصي بأن يكفن في ثوب من الحرير، فلا تنفذ وصيته إن كان رجلاً، وكذلك ما لم يكن هناك مغالاة بالكفن، فلا تنفذ وصيته لقوله- صلى الله عليه وسلم:(لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلباً سريعاً) رواه أبوداود وإسناده حسن، قاله النووي في المجموع 5/ 196.

وينبغي أن يكون الكفن حسناً، لما ثبت في الحديث عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (خطب يوماً فذكر رجلاً من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل - أي غير كامل - وقبر ليلاً، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه) رواه مسلم وغيره، والمراد بإحسان الكفن نظافته وستره وتوسطه وليس المراد به السرف فيه والمغالاة ونفاسته " شرح النووي على صحيح مسلم 3/ 13.

ولا يشترط في الكفن أن لا يكون مخيطاً لأن النبي- صلى الله عليه وسلم (ألبس عبد الله بن أبي قميصه لما مات) رواه البخاري، قال الحافظ ابن حجر: " والمعنى أن التكفين في القميص ليس ممتنعاً .... وإلى أن التكفين

ص: 52

في غير قميص مستحب ولا يكره التكفين في القميص " فتح الباري 3/ 381.

والأفضل أن لا تخاط الأكفان، وهو المأثور من لدن رسول الله- صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا الحاضر.

قال الحافظ ابن عبد البر: " وقد أجمعوا أن لا تخاط اللفائف، فدلَّ على أن القميص ليس مما يختار لأنه مخيط " الإستذكار 8/ 212.

ويدرج الميت في الكفن إدراجاً كما أدرج النبي- صلى الله عليه وسلم، ولا ينبغي أن يزاد في الكفن عن ثلاثة أثواب، كما كُفّن الرسول- صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت في الحديث عن عائشة رضي الله عنها:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة) رواه البخاري، وسحولية نسبة إلى (سحول) بلد في اليمن.

وأما ما ورد عن أبي بكر- رضي الله عنه فقد روى البخاري عن عائشة في قصة وفاة أبيها قالت: " فنظر - أي أبو بكر- إلى ثوب عليه كان يمرّض فيه، به ردع من زعفران فقال: اغسلوا ثوبي هذا فزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما، قلت: إن هذا خلق، فقال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة - أي للصديد- ".

وفي رواية أخرى قال أبو بكر لعائشة: " انظروا ثوبيَّ هذين فاغسلوهما ثم كفنوني فيهما فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت " رواه أحمد في كتاب الزهد.

وروى عبد الرزاق نحوه وقال الحافظ إسناده صحيح نصب الراية 2/ 262.

وقول أبي بكر ووصيته في أن يكفن في الثوب القديم، يحتمل أن يكون اختار ذلك الثوب بعينه لمعنى فيه من التبرك به، لكونه صار إليه من النبي- صلى الله عليه وسلم أو لكونه جاهد فيه أو تعبد فيه ويؤيده ما ورد في إحدى الروايات أنه قال:" كفنوني في ثوبيَّ اللذين كنت أصلي فيهما " ذكره الحافظ في الفتح 3/ 497، وقول أبي بكر ووصيته لا يغني عن الكفن لما ثبت في الرواية التي ذكرتها وهي عند البخاري أنه قال:" وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما ".

ص: 53