الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش فما سواهن في المسألة يا قبيصة سحتاً يأكلها صاحبها سحتاً) صحيح مسلم 3/ 109 - 110.
والحمالة هي ما يتحمله عن غيره من دية أو غرامة، والجائحة هي الآفة المهلكة للثمار والأموال.
قال صاحب عون المعبود: " من أصاب ماله آفة سماوية أو أرضية كالبرد والغرق ونحوه بحيث لم يبق له ما يقوم بعيشه حلت له المسألة حتى يحصل له ما يقوم بحاله ويسد خلته " عون المعبود 3/ 36.
ويدل على دخول هؤلاء في الغارمين فتجوز لهم المسألة ويعطون من الزكاة ما ورد في الحديث"عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إنا قوم نتساءَل أموالنا، قال:(يتساءَل الرجل في الجائحة والفتق ليصلح به بين قومه فإذا بلغ أو كرب استعف) رواه أحمد وذكره الهيثمي وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات، مجمع الزوائد 3/ 100.
وقوله نتساءَل، أي يسأل بعضنا بعضاً في الأموال، وقوله والفتق أي الحرب تكون بين القوم تقع فيها الجراحات والدماء، وقوله فإذا بلغ أو كرب، أي فإذا بلغ مقصده بالسؤال أو قارب ذلك استعف " الفتح الرباني 9/ 67.
تعجيل الزكاة
يقول السائل: إن له قريباً فقيراً وبحاجة ماسة إلى المال، وقد أخرجت زكاة مالي لهذه السنة، فهل يجوز لي أن أعطي قريبي من زكاة مالي عن السنة القادمة؟
الجواب: يجوز تعجيل زكاة الأموال التي يشترط لها الحول قبل حلول الحول، على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو قول الحسن البصري وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي والحنفية والشافعية والحنابلة، وهو قول إسحاق بن راهويه وأبو عبيد القاسم ابن سلام وغيرهم، انظر المغني 2/ 470، ويدل على ذلك أحاديث منها:
- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أن العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، سأل الرسول عليه الصلاة والسلام في تعجيل صدقته قبل أن تحلَّ، فرخص له في ذلك) رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما.
وقال الإمام النووي: " وإسناده حسن " المجموع 6/ 145، وقال الشيخ الألباني: حديث حسن، صحيح سنن الترمذي 1/ 207.
- وعن علي أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب:(إنا أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام) رواه أبو داود والترمذي، وقال الشيخ الألباني: حسن أيضاً صحيح سنن الترمذي 1/ 207،
- وفي رواية أخرى عن علي أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إنا كنا احتجنا فاستسلفنا من العباس صدقة عامين) قال البيهقي: وهذا مرسل.
قال الإمام النووي بعد أن ذكر الأدلة على جواز تعجيل الزكاة: " إذا عرفت هذا، حصل الاستدلال على جواز التعجيل من مجموع ما ذكرنا، وقد قدمنا في أول هذا الشرح أن الشافعي يحتج بالحديث المرسل إذا اعتضد بأحد أربعة أمور، وهي أن يسند من جهة أخرى أو يرسل، أو يقول بعض الصحابة أو أكثر العلماء به فمتى وجد واحد من هذه الأربعة جاز الاحتجاج به، وقد وجد في هذا الحديث المذكور عن علي رضي الله عنه، بأنه روي في الصحيحين معناه من حديث أبي هريرة السابق وروى هو أيضاً مرسلاً ومتصلاً كما سبق، وقال به من الصحابة ابن عمر، وقال به أكثر العلماء كما نقله الترمذي، فحصلت الدلائل المتظاهرة على صحة الاحتجاج به، والله أعلم " المجموع 6/ 146.
وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه الإمام النووي، هو ما رواه
البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله رسوله، وأما خالد، فإنكم تظلمون خالداً فقد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله، وأما العباس بن عبد المطلب، فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي عليه صدقة ومثلها معها).
وفي رواية أخرى: (وأما العباس فهي عَلَيَّ ومثلها معها) رواه مسلم.
وقد اختلف أهل العلم في المراد بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم في حق صدقة العباس على أقوال منها ما قاله الحافظ ابن حجر: " وقيل معنى قوله (عَلَيَّ) أي هي عندي قرض، لأنني استلفت منه صدقة عامين، وقد ورد ذلك صريحاً بما أخرجه الترمذي وغيره من حديث علي "، - ثم ذكر الروايات الواردة في تعجيل العباس صدقته وبين حال إسنادها - ثم قال:" .... وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق، والله أعلم " فتح الباري 4/ 76.
قال الشيخ الألباني: " قلت: وهو الذي نجزم به لصحة سندها مرسلاً وهذه شواهد لم يشتد ضعفها فهو يتقوى بها ويرتقي إلى درجة الحسن على أقل الأحوال" إرواء الغليل 3/ 49.
وقال الإمام النووي في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (فهي عليَّ ومثلها معها) " والصواب أن معناه تعجلتها منه وقد جاء في حديث آخر في غير مسلم (إنا تعجلنا منه صدقة عامين) شرح النووي على صحيح مسلم 3/ 49.
ومما يدل على جواز تعجيل الزكاة، ما ورد في جواز تعجيل صدقة الفطر قبل وقت الوجوب، كما هو مذهب جمهور أهل العلم، وقد ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما، (أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة) رواه مالك في الموطأ والبيهقي في السنن وغيرهما.
ومما احتج به العلماء على جواز تعجيل الزكاة قبل حلول الحول،