الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يمينه حيث تصبر الأيمان، ففعل، فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب، أردت خمسين رجلاً أن يحلفوا مكان مئة من الإبل، يصيب كل رجل بعيران، هذان بعيران فاقبلهما مني ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان فقبلهما، وجاء ثمانية وأربعون، فحلفوا، قال ابن عباس: فالذي نفسي بيده ما حال الحول ومن الثمانية وأربعين عين تطرف ".
الثانية: روى الإمام البخاري بسنده عن أبي قلابة حديثاً طويلاً وفيه: " وقد كانت هذيل خلعوا خليعاً لهم في الجاهلية، فطرق أهل بيت من اليمن بالبطحاء، فانتبه له رجل منهم، فحذفه بالسيف فقتله، فجاءت هذيل فأخذوا اليماني، فرفعوه إلى عمر بالموسم وقالوا: قتل صاحبنا، فقال: إنهم قد خلعوه، فقال: يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه، قال: فأقسم منهم تسعة وأربعون رجلاً، وقدم رجل منهم من الشام، فسألوه أن يقسم، فافتدى يمينه منهم بألف درهم، فأدخلوا مكانه رجلاً آخر، فدفعه إلى أخي المقتول، فقرنت يده بيده، قالوا فانطلقنا والخمسون الذين أقسموا حتى إذا كانوا بنخلة أخذتهم السماء - أي المطر - فدخلوا في غار في الجبل، فانهجم الغار على الخمسين الذين أقسموا، فماتوا جميعاً وأفلت القرينان وأتبعهما حجر فكسر رجل أخي المقتول فعاش حولاً ثم مات ".
وهكذا ينتقم الله عز وجل في الدنيا من حالفي أيمان الزور والكذب، وفي ذلك عبرة للمعتبرين.
يصح تقديم الكفارة على الحنث باليمين
يقول السائل: إنه حلف على زوجته يميناً، أن لا تذهب إلى بيت أبيها، ثم ندم على ذلك وسمح لها بالذهاب إلى هناك، فهل يكفِّر كفارة اليمين قبل ذهاب زوجته إلى بيت أبيها، أم بعد ذلك؟
الجواب: ما كان لك أيها السائل أن تحلف هذا اليمين، الذي يؤدي إلى قطيعة الرحم، لأن للزوجة حقاً مؤكداً في زيارة أبيها وقد ورد في
الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمين في قطيعة رحم) رواه أبو داود والبيهقي، وإسناده حسن.
وما دام أنك قد تراجعت عن يمينك وأذنت لها بالذهاب إلى بيت أبيها، فقد أديت ما هو المطلوب شرعاً ويجب عليك أن تكفر عن يمينك وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد فتصوم ثلاثة أيام لقوله تعالى:(لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) سورة المائدة /89.
هذا بالنسبة لكفارة اليمين، وأما متى تكفر عن يمينك، فيجوز لك أن تكفِّر قبل ذهاب زوجتك إلى بيت أبيها، أو بعد ذهابها إليه، على الراجح من أقوال أهل العلم، فإن في الأمر سعة إن شاء الله تعالى، ويدل على ذلك أن الأحاديث الواردة في كفارة اليمين جاء في بعضها تقديم الكفارة على الحنث وجاء في بعضها تأخير الكفارة على الحنث.
ومن هذا أخذ أكثر العلماء جواز الأمرين، فمن ذلك ما ورد في الحديث، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خير منها، إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها) متفق عليه.
وفي رواية: (إلا كفَّرت عن يميني وفعلت الذي هو خير) متفق عليه.
وفي رواية أخرى: (إلا أتيت الذي هو خير وكفَّرت عن يميني) متفق عليه.
وجاء في حديث آخر، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(إذا حلفت على يمين، فكفِّر عن يمينك، ثم ائت الخير) رواه أبو داود والنسائي.
وفي حديث أخر: (إذا حلف أحدكم على يمين، ثم رأى غيرها خير اً منها فليكفِّرها وليأت الذي هو الخير) رواه مسلم.