الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البيت ما دام العامل يعرف طبيعة العمل وهو الذي تولى إعداد السقالة فجروحه هدر وكذا دمه هدر إذا مات.
وقد ثبت في الحديث الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:(العجماء جرحها جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار .... ) رواه البخاري ومسلم.
والعجماء هي الدابة، وجبار أي هدر.
والمراد بقوله: (العجماء جبار) أي أن الدابة إذا أتلفت شيئاً، أو قتلت إنساناً من غير تقصير من صاحبها، فلا ضمان فيما فعلت.
وقوله (البئر جبار) أي أنه إذا سقط أحد في بئر حفرها شخص في ملكه، فدخل أحد إلى ملك صاحب البئر فوقع فيها فمات، فدم الميت هدر، ولا شيء على صاحب البئر.
(والمعدن جبار) إي إذا حفر رجل منجماً أو محجراً، فانهار على شخص فمات فدمه هدر ولا شيء على صاحب المنجم أو المحجر.
وهذا ينطبق على العامل الذي يُستأجر للقيام بعمل ما فيسقط عليه جدار أو تنهار به السقالة أو يحدث حادث مفاجئ للآلة التي يعمل بها فلا ضمان على صاحب البيت ولا يجوز شرعاً تحميله شيئاً من دية الميت أو مطالبته بتعويض العامل عن الضرر الذي لحق به.
حكم المحكم لازم للمتخاصمين
يقول السائل: هل حكم المحكِّم أو المحكِّمين، ملزم للمتخاصمين اللذين رضيا بمبدأ التحكيم، ووافقا على المحكِّم أو المحكِّمين؟
الجواب: إن التحكيم بين الناس في الخصومات مشروع بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وثابت عن الصحابة والتابعين.
فمن كتاب الله قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) سورة النساء /35.
وهذه الآية نص صريح في إثبات التحكيم كما قال القرطبي في تفسيرها، تفسير القرطبي 5/ 179.
ومن السنة النبوية ما رواه البخاري في صحيحه في قصة تحكيم سعد بن معاذ رضي الله عنه في يهود بني قريظة، وقد رضي الرسول صلى الله عليه وسلم بسعدٍ رضي الله عنه حكماً.
وكذلك ما رواه أبو داود بسنده عن يزيد بن المقدام عن شريح عن أبيه عن جده شريح عن أبيه هانئ: (أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه، سمعهم يكّنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله هو الحكم وإليه الحكم، فلم تكنّى أبا الحكم؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الطرفين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحسن هذا فما لك من الولد؟ قال: لي شريح ومسلم وعبد الله قال فمن أكبرهم؟ قال: قلت شريح فقال: أنت أبو شريح) ورواه النسائي أيضاً، وقال الشيخ الألباني: صحيح، إرواء الغليل 8/ 237.
وقد وقعت حوادث كثيرة في زمن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحكّمون فيها بين المتخاصمين، فمن ذلك ما وقع لعمر رضي الله عنه حين ساوم على فرس لرجل فركبه فعطب الفرس، فقال عمر للرجل: خذ فرسك، فقال الرجل: لا، فقال: إجعل بيني بينك حكماً، فقال الرجل: شريح فتحاكما إليه .... الخ " رواه ابن سعد في الطبقات، وقال الشيخ الألباني: رجاله ثقات، رجال الشيخين إلا أن الشعبي لم يدرك عمر، وغير ذلك من الآثار.
وإذا ثبت هذا فأقول: إن حكم المحكّم أو المحكّمين لازم للمتخاصمين، ولا يصح شرعاً رفض حكم المحكّم أو المحكّمين من قبل أحد المتخاصمين، وهذا مذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية في القول المعتمد عندهم، والحنابلة، وهو قول الظاهرية، ونقل عن جماعة من السلف.