الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجل ظلم شبراً من الأرض كلفه الله عز وجل أن يحفره حتى يبلغ به سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضى بين الناس) رواه أحمد والطبراني وابن حبان وفي رواية لأحمد والطبراني عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أخذ أرضاً بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر). وقال الألباني: صحيح.
وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعظم الغلول عند الله عز وجل ذراع من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً إذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين) رواه أحمد بإسناد حسن والطبراني في الكبير. وقال الألباني: حسن صحيح.
وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من غصب أرضاً ظلماً لقي الله وهو عليه غضبان) رواه الطبراني من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني. وقال الألباني: صحيح. انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/ 379 - 381.
وخلاصة الأمر أنه يحرم على المسلم أن يأخذ أي جزء من أرض غيره بحجة أنه استأجرها سنوات طويلة لأن المزارعة والإجارة ليستا من طرق تملك الأرض وإنما هما ملك للمنفعة لا ملك للعين.
وإن غصب الأرض ظلم عظيم وجريمة كبيرة عقابها في الآخرة شديد والعياذ بالله .......
دفع الأجرة حسب السنة الهجرية
يقول السائل: استأجر رجل شقة سكنية واتفق مع مالكها على الأجرة السنوية ولكن صاحب العمارة يطالب بأن تدفع الأجرة حسب السنة الهجرية وليس حسب السنة الميلادية مع العلم أنه لم يتم ذكر السنة الهجرية عند العقد؟
الجواب: يجب أن يعلم أن التاريخ الهجري هو سمة من سمات
الأمة الإسلامية لا يجوز الاستغناء عنه ولا استبداله بالتاريخ الميلادي بشكل تام.
ومن المعلوم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي سنَّ فكرة التأريخ من أول محرم، [قال ابن الأثير: والصحيح المشهور أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بوضع التأريخ والسبب في ذلك: أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر أنه يأتينا منك كتب ليس لها تأريخ. فجمع عمر الناس للمشورة فقال بعضهم: أرخ بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم: بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: بل نؤرخ بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن مهاجرته فرق بين الحق والباطل، قال الشعبي: وقال محمد بن سيرين: قام رجل إلى عمر، فقال: أرخوا، فقال عمر: ما أرخوا؟ فقال: شيء تفعله الأعاجم في شهر كذا من سنة كذا، فقال عمر حسن فأرخوا فاتفقوا على الهجرة ثم قالوا: من أي الشهور؟ فقالوا: من رمضان، ثم قالوا: فالمحرم هو منصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام فأجمعوا عليه] التشبه المنهي عنه ص 543 - 544.
إن علماء الأمة قد كرهوا استعمال التقويم الميلادي لما له من ارتباط ديني عند النصارى وهو ميلاد عيسى عليه السلام ولا يجوز التشبه بهم في أمر دينهم، فالأصل عند المسلمين هو استعمال التقويم الهجري حيث إن هذا التقويم مرتبط بعبادات المسلمين كصوم رمضان والحج والزكاة وغير ذلك .......
قال القرطبي: تعليقاً على قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ) سورة التوبة الآية 36. قال: [هذه الآية تدل على أن الواجب تعليق الأحكام في العبادات وغيرها إنما يكون بالشهور والسنين التي تعرفها العرب دون الشهور التي تعتبرها العجم والروم والقبط وإن لم تزد على اثني عشر شهراً لأنها مختلفة الأعداد منها ما يزيد على ثلاثين ومنها ما ينقص وشهور العرب لا تزيد على ثلاثين وإن كان منها ما ينقص] تفسير القرطبي 8/ 133.
والأصل أن نستعمل التقويم الهجري ولا بأس باستعمال التقويم الميلادي إلى جانبه. ولكن ومع الأسف الشديد تخلى المسلمون بشكل عام عن التقويم الهجري واستعملوا التقويم الميلادي وصار التقويم الميلادي هو المعتمد في كل شؤون الناس تقريباً وفي مختلف شؤون الحياة ومن ضمن ذلك عقود الاستئجار وصار هذا عرفاً عاماً عند الناس فإذا استأجر شخص بيتاً لمدة سنة واحدة على أن يدفع الأجرة في آخرها. فالمعروف عند الناس أنها سنة ميلادية ويجب دفع الأجرة في 31 كانون الثاني.
واستعمال التقويم الميلادي بهذه الطريقة واستبعاد التقويم الهجري لا شك أنه أمر محزن وهو من مظاهر ضعف المسلمين وهوانهم والمشتكى إلى الله.
ومع ذلك فإن عرف الناس باستعمال التقويم الميلادي في معاملاتهم معتبر شرعاً ويجب الالتزام به ما دام لم ينص على غيره والعرف والعادة يجب الالتزام بهما شرعاً عند عدم مخالفة نص شرعي أو شرط لأحد المتعاقدين وقد وضع الفقهاء عدة قواعد فقهية مبنية على اعتبار العرف والعادة منها قاعدة (العادة محكمة) أي أن للعادة في نظر الشارع حاكمية تخضع لها أحكام التصرفات فتثبت تلك الأحكام على وفق ما تقضي به العادة أو العرف إذا لم يكن هناك نص شرعي مخالف لتلك العادة. انظر المدخل الفقهي فقرة 604 .......
ومنها قاعدة (استعمال الناس حجة يجب العمل بها). ومنها قاعدة (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً) ومعنى ذلك إن ما تعارف الناس عليه في معاملاتهم فهو قائم مقام الشرط وإن لم يذكر صراحة في العقد.
وبناء على ما تقدم فلا يجوز شرعاً لصاحب العمارة أن يطالب المستأجر بدفع أجرة الشقة حسب التقويم الهجري لأن العرف العام جار باستعمال التقويم الميلادي وعرف الناس معتبر. قال العلامة ابن عابدين الحنفي في منظومته:
والعرف له اعتبار .. فلذا الحكم عليه قد يدار