المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم تمني الموت إذا ضاقت الدنيا بالإنسان - فتاوى يسألونك - جـ ٨

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثامن

- ‌مقدمة

- ‌الطهارة والصلاة

- ‌قيء الآدمي طاهر ولا ينقض الوضوء

- ‌تحرم القراءة بالقراءات الشاذة في الصلاة

- ‌صفة التشهد في الصلاة

- ‌حكم الصلاة بين السواري

- ‌حكم قطع الصلاة المفروضة

- ‌تقضى صلاة الوتر إذا فاتت

- ‌لا يجوز لمن يصلي في بيته أن يجمع بين الصلاتين بسبب المطر

- ‌حكم الجمع بين صلاة الجمعة والعصر بسبب المطر

- ‌لا يجوز تخصيص ليلة الجمعة بصلاة قيام الليل

- ‌الصلاةُ خيرُ موضوع

- ‌صلاة الحفظ صلاة مبتدعة غير مشروعة

- ‌التكبير في عيد الأضحى

- ‌صلاة الجنازة

- ‌يجوز تغسيل الميت بالماء المسخن بالسخان الشمسي

- ‌لا يُصلَّى على العضو المقطوع من الإنسان الحي

- ‌ما يُصنع بأعضاء الميت إذا قطع جسده إلى أجزاء

- ‌حكم الصلاة على الجنين الذي يسقط قبل تمام الحمل

- ‌حكم وضع الميت أمام المصلين

- ‌حكم الصلاة على الجنازة داخل المسجد

- ‌السهو في صلاة الجنازة

- ‌يجوز للزوجة أن تودع زوجها الميت

- ‌الزكاة

- ‌زكاة المال المشترك

- ‌لا يجوز القرض الحسن من مال الزكاة

- ‌الصدقة الجارية

- ‌لا يشترط ملك النصاب في صدقة الفطر

- ‌الصيام

- ‌هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان

- ‌هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان

- ‌حكم إكراه الزوجة على الجماع في رمضان

- ‌معاشرة الرجل زوجته في ليالي رمضان

- ‌حكم صيام يوم الجمعة في التطوع

- ‌صيام العشر الأوائل من ذي الحجة

- ‌الأضحية والعقيقة

- ‌لا تفوت الأضحية بسبب فرض نظام حظر التجول

- ‌حكم الاستدانة ليعق عن المولود

- ‌المعاملات

- ‌المزارعة والإجارة ليستا من طرق تملك الأرض

- ‌دفع الأجرة حسب السنة الهجرية

- ‌شركات التسويق الهرمي

- ‌عقد المقاولة

- ‌انخفاض قيمة العملة وأثره على الرواتب المتأخرة

- ‌أثر وفاة أحد الشركاء على الشركة

- ‌استخدام سيارة العمل في الأمور الخاصة

- ‌أثر فرض نظام حظر التجول لفترات طويلة على عقود الإجارة

- ‌التصرف في الوقف

- ‌حكم دهن ثمار التين بالزيت

- ‌المرأة والأسرة

- ‌عدة المرأة المختلعة

- ‌لا يجوز طرد المطلقة الرجعية من بيت الزوجية

- ‌يحرم قيام المرأة بعرض الأزياء الشرعية وغيرها أمام الرجال

- ‌يجوز للمرأة أن تتصرف بمالها الخاص دون إذن زوجها

- ‌حكم تصدق المرأة من مال زوجها بدون إذنه

- ‌نكاح المتعة منسوخ في الشريعة الإسلامية

- ‌العدل بين الأولاد في العطية

- ‌تحرم مصافحة المرأة الأجنبية

- ‌متفرقات

- ‌معركة هرمجدون

- ‌حديث مكذوب

- ‌حديث مكذوب

- ‌تخزين المواد الغذائية لا ينافي التوكل على الله

- ‌الدعاء للمسلمين المظلومين المقهورين

- ‌ما يفعله الشيعة في احتفالاتهم من منكرات

- ‌معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك)

- ‌حكم تمني الموت إذا ضاقت الدنيا بالإنسان

- ‌معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه صحابي ومن كتبة الوحي

- ‌دفاع عن صحيحي البخاري ومسلم

- ‌الحجامة من السنة

الفصل: ‌حكم تمني الموت إذا ضاقت الدنيا بالإنسان

نفسه ويطمئن به قلبه وينشرح به صدره فليأخذ به وليختره لنفسه وإلا فليدعه وليأخذ بما لا شبهة فيه ولا ريبة. وهذا طريقة الورع والاحتياط وحاصله راجع إلى حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما. ولعله إنما عطف اطمئنان القلب على اطمئنان النفس للتقرير والتأكيد فإن النفس إذا ترددت في أمر وتحيرت فيه وزال عنها القرار استتبع ذلك خفقاناً للقلب للعلاقة التي بينها وبين القلب الذي هو متعلق الأول لها فتنقل العلاقة إليه من تلك الهيئة أثراً فيحدث فيه خفقان واضطراب ثم ربما يسري هذا الأثر إلى سائر القوى فتحس بها الحلال والحرام فإذا زال ذلك عن النفس وحدث لها قرار وطمأنينة انعكس الأمر وتبدلت الحال على ما لها من الفروع والأعضاء وقيل المعني بهذا الأمر أرباب البصائر من أهل النظر والفكر المستقيمة وأصحاب الفراسات من ذوي النفوس المرتاضة والقلوب السليمة فإن نفوسهم بالطبع تصبو إلى الخير وتنبو عن الشر فإن الشيء ينجذب إلى ما يلائمه وينفر عما يخالفه ويكون ملهمة للصواب في أكثر الأحوال. قال التوربشتي رحمه الله: وهذا القول وإن كان غير مستعبد فإن القول بحمله على العموم فيمن يجمعهم كلمة التقوى وتحيط بهم دائرة الدين أحق وأهدى] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 6/ 26.

وخلاصة الأمر أن معنى الحديث هو أن من تعارضت عنده أقوال العلماء فإنه يجب عليه أن يقلد الأعلم الأورع، فإن لم يترجح عنده شيء في ذلك رجع إلى صدره وقلبه، فما وجد في صدره منه حرجاً تركه وابتعد عنه .......

‌حكم تمني الموت إذا ضاقت الدنيا بالإنسان

يقول السائل: ما حكم تمني الموت إذا ضاقت الدنيا بإنسان وكثرت مشكلاته؟

الجواب: لا ينبغي للمسلم أن يتمنى الموت إذا ضاقت به الدنيا

ص: 563

وهجمت المشكلات عليه وزادت همومه لأن في تمني الموت نوعاً من الاعتراض على قدر الله سبحانه وتعالى بل الواجب على المسلم أن يفوض أمره إلى الله سبحانه وتعالى وقد ثبت في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلاً فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) رواه البخاري ومسلم.

وقال أنس رضي الله عنه: [لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتمنين أحدكم الموت) لتمنيته] رواه مسلم.

وعن قيس بن أبي حازم قال دخلنا على خباب رضي الله عنه وقد اكتوى سبع كيات في بطنه فقال: [لوما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به] رواه مسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً) رواه مسلم.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لن يدخل أحداً عمله الجنة. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: لا. ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة. فسددوا وقاربوا ولا يتمنين أحدكم الموت إما محسناً فلعله أن يزداد خيراً وإما مسيئاً فلعله يستعتب) رواه البخاري. أي يطلب الرضا من الله بالإقلاع والاستغفار ويطلب إزالة العتاب.

وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تدعوا بالموت ولا تتمنوه فمن كان داعياً لا بد فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) رواه النسائي .......

وقد قال جماعة من أهل العلم إن النهي عن تمني الموت خاص بما كان سببه الأمور الدنيوية كالفقر والمرض وفقد عزيز ونحو ذلك. وأما إذا تمنى الإنسان الموت خوفاً من فتنة في دينه فيجوز ذلك.

ص: 564

قال الإمام النووي: [قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنياً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) فيه التصريح بكراهة تمني الموت لضر نزل به من مرض أو فاقة أو محنة من عدو أو نحو ذلك من مشاق، فأما إذا خاف ضرراً في دينه أو فتنة فيه فلا كراهة فيه لمفهوم هذا الحديث وغيره وقد فعل هذا الثاني خلائق من السلف عند خوف الفتنة في أديانهم] شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 179.

وما أشار إليه النووي من تمني بعض السلف للموت ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: [اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط] رواه مالك في الموطأ .......

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [وحكمة النهي عن ذلك أن في طلب الموت قبل حلوله نوع اعتراض ومراغمة للقدر وإن كانت الآجال لا تزيد ولا تنقص ، فإن تمني الموت لا يؤثر في زيادتها ولا نقصها ، ولكنه أمر قد غيب عنه وقد تقدم في " كتاب الفتن " ما يدل عل ذم ذلك في حديث أبي هريرة (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل يقول يا ليتني مكانه) وليس به الدين إلا البلاء ، وقد تقدم شرح ذلك مستوفى في " باب تمني المريض الموت من كتاب المرضى " قال النووي في الحديث التصريح بكراهة تمني الموت لضر نزل به من فاقة أو محنة بعدو ونحوه من مشاق الدنيا ، فأما إذا خاف ضررا أو فتنة في دينه فلا كراهة فيه لمفهوم هذا الحديث ، وقد فعله خلائق من السلف بذلك وفيه أن من خالف فلم يصبر على الضر وتمنى الموت لضر نزل به فليقل الدعاء المذكور. قلت: ظاهر الحديث المنع مطلقاً والاقتصار على الدعاء مطلقاً ، لكن الذي قاله الشيخ لا بأس به لمن وقع منه التمني ليكون عوناً على ترك التمني] فتح الباري 13/ 272 - 273.

وقال العلامة ملا علي القاري: [وقد أفتى النووي أنه لا يكره تمني الموت لخوف فتنة دينية بل قال: إنه مندوب. ونقل عن الشافعي وعمر بن

ص: 565