المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المجاهرة بالفطر في رمضان من كبائر الذنوب - فتاوى يسألونك - جـ ٩

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء التاسع

- ‌مقدمة

- ‌الطهارة والصلاة

- ‌حكم قراءة الحائض للقرآن الكريم ومسها للمصحف الشريف ودخولها المسجد

- ‌الانحراف اليسير في قبلة المسجد لا يبطل الصلاة

- ‌لا تصح الصلاة بقراءة القرآن بغير اللغة العربية

- ‌حكم الصلاة جلوساً على الكرسي

- ‌ترك صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك والصلاة في مساجد ضواحي القدس

- ‌حكم طرد الأطفال من المسجد بحجة التشويش على المصلين

- ‌حكم الجلوس للتعزية ثلاثة أيام

- ‌الصيام

- ‌حكم الاعتماد على الحسابات الفلكية في إثبات دخول شهر رمضان

- ‌اختلاف بدء الصوم من بلد لآخر

- ‌ الصوم والفطر مع الجماعة

- ‌يجوز للحائض إذا طهرت أثناء النهار الأكل والشرب والأولى أن تمسك بقية يومها لحرمة الشهر

- ‌المجاهرة بالفطر في رمضان من كبائر الذنوب

- ‌الخطأ في الفطر

- ‌تذكير الناسي للصيام

- ‌حكم صوم يوم السبت في غير الفريضة

- ‌الصوم في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة

- ‌الحج والعمرة

- ‌حكم الحج عن السجين المحكوم بالمؤبد

- ‌لا يشترط في النائب بالحج أن يخرج للحج من بلد المحجوج عنه

- ‌مات شخص قبل أن يحج الفريضة وهو مستطيع

- ‌لا يجوز ذبح الهدي في بلد الحاج

- ‌المشروع عند استقبال الحجاج

- ‌التطوع بإنفاق المال في وجوه الخير أولى من تكرار العمرة

- ‌لا فضيلة خاصة للعمرة في شهر رجب

- ‌الأَيمان

- ‌الاستثناء في اليمين

- ‌يحرم الكذب في اليمين لتحصيل أمر دنيوي

- ‌المعاملات

- ‌الأصل في المعاملات الإباحة

- ‌حكم التعامل ببطاقات الائتمان

- ‌المضاربة الصحيحة

- ‌فتوى المفتي لا تحل المال الحرام ولاغيره

- ‌فوائد صندوق التوفير هي الربا المحرم

- ‌يجوز للشريك أن يتقاضى راتباً شهرياً

- ‌لا يصح البيع بدون ذكر الثمن عند العقد

- ‌يجوز أخذ التعويض بسبب شرعي

- ‌حكم ما يعرف بجمعية الموظفين

- ‌الرد على فتوى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر التي أباحت فوائد البنوك

- ‌ضمان ما يتلفه الحيوان

- ‌يحرم بيع اللحوم المثلجة المستوردة على أنها لحوم طازجة

- ‌المرأة والأسرة

- ‌قراءة الفاتحة عند الخطبة لا تعتبر عقداً

- ‌خروج المرأة من بيتها بغير جلباب من كبائر الذنوب

- ‌الحجاب ومسألة التكفير

- ‌القواعد من النساء

- ‌الإحسان إلى الزوجة من واجبات الزوج

- ‌لا ينبغي البحث عن الماضي السيئ للزوجين

- ‌لا تصح الرجعة بالنية المجردة عن القول أو الفعل

- ‌وطء الزوجة في الدبر من المحرمات ولكنه لا يعد طلاقاً

- ‌عدم الالتزام بالأحكام الشرعية يجلب المصائب

- ‌حكم إسقاط الحمل الناتج عن اغتصاب

- ‌حدود طاعة الوالدين

- ‌توريث القاتل خطأً من مال مورثه المقتول

- ‌متفرقات

- ‌العمل عند تضارب الفتوى

- ‌لا يترتب حكم شرعي على رؤية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌الرقية الشرعية

- ‌حديث النهي عن الامتشاط يومياً

- ‌مناداة الناس يوم القيامة بأسماء أمهاتهم غير ثابت

- ‌حديث (تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله)

- ‌حديث أمر موسى بالسجود لقبر آدم عليه السلام مكذوب

- ‌حديث استئذان ملك الموت على النبي صلى الله عليه وسلم غير ثابت

- ‌قصة غدير خم

الفصل: ‌المجاهرة بالفطر في رمضان من كبائر الذنوب

والثانية: لا يلزمهم الإمساك وهو قول مالك والشافعي وروي ذلك عن جابر بن زيد وروي عن ابن مسعود أنه قال: من أكل أول النهار فليأكل آخره، ولأنه أبيح له فطر أول النهار ظاهراً وباطناً. فإذا أفطر كان له أن يستديمه إلى آخر النهار كما لو دام العذر] المغني 3/ 145 - 146.

وما ذكره ابن قدامة ثانياً هو الراجح من قولي العلماء فيجوز للحائض إذا طهرت أثناء النهار الأكل والشرب والأولى أن تمسك بقية يومها لحرمة الشهر.

‌المجاهرة بالفطر في رمضان من كبائر الذنوب

يقول السائل: ما حكم من لا يصوم رمضان ويجاهر بفطره؟

الجواب: من المعلوم أن صوم رمضان فريضة مكتوبة على المسلمين لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} سورة البقرة الآية 183.

والصيام ركن من أركان الإسلام فمن تهاون في صيام رمضان فقد وقع في معصية كبيرة والعياذ بالله فإذا انضم إلى فطره مجاهرته في ذلك فقد ازداد عصياناً وإثماً حيث إنه أظهر المعصية وتلبس بأفعال أهل المجون نسأل الله العفو والعافية.

أما لو أن هذا المفطر قد ستر على نفسه لكان ذنبه أهون وإن كان هو عظيماً في ذاته قال العلامة ابن القيم: [والمستخفي بما يرتكبه أقل إثماً من المجاهر المستعلن والكاتم له أقل إثماً من المخبر المحدث للناس به فهذا بعيد من عافية الله تعالى وعفوه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يستر الله تعالى عليه ثم يصبح يكشف ستر الله عنه يقول يا فلان فعلت البارحة كذا وكذا فيبيت ربه يستره ويصبح

ص: 48

يكشف ستر الله عن نفسه أو كما قال، وفي الحديث الآخر عنه (من ابتلي من هذه القاذورات بشيء فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله). وفي الحديث الآخر (إن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها ولكن إذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة] إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان 2/ 147 - 148.

ولا شك أن المجاهرة بالإفطار فيها نوع من التبجح والافتخار بالمعصية وهذه وقاحة عظيمة وقلة حياء فهذا العاصي المجاهر لم يستح من الله سبحانه وتعالى ولم يستح من الناس. والحديث الأول الذي ذكره ابن القيم رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. الحديث.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله: (كل أمتي معافى) بفتح الفاء مقصور اسم مفعول من العافية وهو إما بمعنى عفا الله عنه وإما سلمه الله وسلم منه. ومحصل الكلام كل واحد من الأمة يعفى عن ذنبه ولا يؤاخذ به إلا الفاسق المعلن أ. هـ. وقال الطيبي: الأظهر أن يقال المعنى كل أمتي يتركون في الغيبة إلا المجاهرون، والعفو بمعنى الترك وفيه معنى النفي كقوله:(ويأبى الله إلا أن يتم نوره) والمجاهر الذي أظهر معصيته وكشف ما ستر الله عليه فيحدث بها، وقد ذكر النووي أن من جاهر بفسقه أو بدعته جاز ذكره بما جاهر به دون ما لم يجاهر به أ. هـ. والمجاهر في هذا الحديث يحتمل أن يكون من جاهر بكذا بمعنى جهر به. ويحتمل أن يكون على ظاهر المفاعلة والمراد الذي يجاهر بعضهم بعضاً بالتحدث بالمعاصي) فتح الباري 10/ 597 - 598.

وقال الحافظ أبو العباس القرطبي في شرح الحديث السابق بعد أن ذكر اختلاف الروايات فيه: [وهذه الروايات وإن اختلفت ألفاظها هي راجعة إلى معنىً واحد قد فسره في الحديث وهو أن يعمل الرجل معصية في خفية وخلوة ثم يخرج يتحدث بها مع الناس ويجهر بها ويعلنها وهذا من أكبر الكبائر وأفحش الفواحش وذلك: أن هذا لا يصدر إلا من جاهل بقدر

ص: 49

المعصية أو مستهين مستهزئ بها مصرٍ عليها غير تائب منها مظهرٍ للمنكر. والواحد من هذه الأمور كبيرة فكيف إذا اجتمعت؟! فلذلك كان فاعل هذه الأشياء أشد الناس بلاء في الدنيا وعقوبة في الآخرة لأنه تجتمع عليه عقوبة تلك الأمور كلها وسائر الناس ممن ليس على مثل حاله وإن كان مرتكب كبيرة فأمره أخف وعقوبته إن عوقب أهون. ورجوعه عنها أقرب من الأول لأن ذلك المجاهر قل أن يتوب أو يرجع عما اعتاده من المعصية وسهل عليه منها. فيكون كل العصاة بالنسبة إليه إما معافى مطلقاً إن تاب وإما معافى بالنسبة إليه إن عوقب والله تعالى أعلم] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 6/ 618.

وينبغي أن يعلم أن الإنسان إذا ابتلي بمعصية من المعاصي فالواجب عليه أن يستر نفسه ولا يظهر شيئاً من ذلك وعليه أن يتوب إلى الله تعالى فقد ورد في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عز وجل عنها فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله عز وجل وليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم 663.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قال ابن بطال: في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف، لأن المعاصي تذل أهلها، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد ومن التعزير إن لم يوجب حداً، وإذا تمحض حق الله فهو أكرم الأكرمين ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك] فتح الباري 10/ 598 - 599.

وخلاصة الأمر أن الفطر في نهار رمضان بدون عذر حرام شرعاً ومن كبائر الذنوب فإذا انضم إلى ذلك المجاهرة بالفطر فقد ازداد إثماً على إثم والواجب على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى وأن يقضي ما أفطر من رمضان.

ص: 50