المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني.منهجية الشاوي في كتابه التحف - التحف الربانية في جواب الأسئلة اللمدانية

[يحيى الشاوي]

الفصل: ‌المطلب الثاني.منهجية الشاوي في كتابه التحف

‌المطلب الثاني.

منهجية الشاوي في كتابه التحف

.

تتمثل منهجية المؤلف في كتابه في الإجابة على مجموعة من الأسئلة، حيث يمثل كل سؤال مبحثا يتناول مسألة في العقيدة، وفي إجابته يستعين بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وآراء العلماء، فعن السؤال القائل: هل الرضى، والمحبة، والإرادة بمعنى واحد، أم هناك تباين بين الإرادة وما قبلها من المحبة والرضى؟

يجيب الشاوي بما نصه: " وأقول بحول من به الفكر يجول، قال المقترح في الإرشاد: ومما اختلف فيه الأئمة إطلاق محبة الكفر والرضى به، فمن الأصحاب من منع ذلك؛ قصدًا منه إلى أن المحبة والرضى إرادة الإنعام أو نفس الإنعام، ومنهم من المحبة والرضى عبارة عن الإرادة، وقوله:{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (1)، يريد خصوص العباد، ولا

(1) الزمر: 7. وبقية الآية: (وَإنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَة وِزْرَ أخْرَى ثُمَّ إلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).

ص: 18

شك أن الرضى والمحبة يطلقان على الإرادة، ويطلقان على رقة وتحنن، وتعقب ذلك في مقتضى العادة إرادة إحسان بمن تحنن عليه، ثم إن كانت المحبة هي الإرادة لا يجوز أن يقال: إن الباري محبوب لأوليائه؛ لأنه لا يصح أن يكون مرادًا، فإن الإرادة إنما تتعلق بمتجدد من حيث إنه متخصص ببعض وجوه الجواز، ويتعالى عن ذلك الأزلي ويتقدس.

والتحقيق في هذا الفصل أن المحبة بمعنى الإرادة، والإرادة أيضا لفظ مشترك يطلق على الشهوة والميل، ويطلق على القصد، فأما القصد فلا يصح أن يتعلق به تعالى. وأما الميل فقال إمام الحرمين (1): يستحيل أن يمال إليه.

وقرر ذلك بأن الميل إنما يتعلق بالخطوط البشرية، ولا حظ للعبد في نفس الذات، وهذا لا يصح، بل يجد الإنسان ميلا لمن أحسن، ولا يحسن في الحقيقة إلا هو، فمن لاحظ نعمه، وأدام ذكرها في قلبه، وعرف إحسانه إليه، فيضطر إلى معرفة ثبوت ميل في ذاته يحسه في نفسه كما يحس آلامه ولذاته.

وقد نجد الواحد منا يميل لعالم زاهد سمع بذكر كماله وجوده، وإن لم ينله منه إحسان، فثبت أن الميل لا يمتنع أن يتعلق بالله تعالى. فتأمله. (هـ كلام المقترح).

فحصل منه أن الرضى والمحبة شيء واحد وهما الإرادة في

(1) إمام الحرمين، الإرشاد ص103 بتصرف.

ص: 19

قول أو أخص منها بمعنى، إرادة الإنعام، في قول آخر أو نفس الإنعام المفعول بالقدرة في آخر فهي ثلاثة أقوال، وعلى الآخرين فلا إشكال في قوله:

{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (1)، أي لا يريد الإنعام عليهم بسببه، أو لا ينعم عليهم، وعلى الأول وهو اتحاد الجمع. قد يقال: كيف نعني عنه الرضى بالكفر، أي: بإرادته مع أنه يريد الكفر إذا هو بإرادته وقدرته خلافا للمعتزلة؟

وأجاب عنه المقترح بما سبق، وهو: أنه لا يريد لعباده المعظمين بالإضافة إليه، أي لا يريد الكفر لأوليائه وإنما يريده لغيرهم، وكذا أبو بكر (2)، قال بعد كلام طويل في قوله:{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} ، أي: لا يرضاه لهم دينًا وشرعًا؛ فإنه وخيم العاقبة كثير المضرة، كمن يشتري عبدًا معينًا، فيقول له صاحبه: لا أرضاه لك عبدًا، ثم الرضى والسخط يتقابلان تقابل التضاد، ثم السخط ليس محمولا إلا على ذم في الحال وعقاب في المآل، كذلك الرضى محمول على مدح في الحال وثواب في المآل، انتهى كلامه.

فظهر أن الرضى عنه ليس غير الإرادة ثم ذكر في بياض الجواب عن احتجاج المعتزلة تخصيص الإرادة بالحيز، وقال: وأما احتجاجهم بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}

(1) الزمر: 7.

(2)

تقي الدين المقترح، شرح الإرشاد ص 77.

ص: 20

(1)

، وسائر الآيات في الإرادة محمول كلمات ذكرها الصادق جعفر بن محمد رضي الله عنه أن الله تعالى أراد بنا وأراده منا، فما أراده بنا أظهره لنا، وما أراده منّا طواه عنا، فما لنا نشتغل بما أراده منّا عمّا أراده بنا.

ومعنى ذلك: أنه أراد بنا ما أمرنا به، وأراد منا ما علمه، فكانت الإرادة واحدة. ويختلف حكمها باختلاف وجه تعلقها بالمراد، وهي إذا تعلقت بثواب سميت رضى ومحبة، وإذا تعلقت بعقاب سميت سخطا وغضبا، كذلك إذا تعلقت بالمراد على وجه تعلق الأمر، قيل: أراد به ما أمر.

وإذا تعلقت بالمنع مطلقا بالتخصيص والتغيير من غير التفات إلى كسب العبد حتى تكون إرادة لنا، وإرادة منا قبل إرادة الكائنات بأسرها، ولم نقل أراد منا، وأراد بنا، بل أرادها على ما هي عليه من التجرّد والتخصيص بالوجود دون العدم، فإذًا أفعال العباد من حيث إنها أفعالهم. أما أن يقال تتعلق الإرادة على الوجه الذي ينسب للحق إيجادا وتخصيصا، على وجهي أراد بنا وأراد منا، أراد بنا من أمرنا به دينا وشرعا واعتقادا ومذهبا، وأراد منا ما علم سابقه، وعاقبه، وفاتحه، وخاتمه.

ودل على صحة هذا المعنى قوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} (2)، أي لم يشأ

(1) النساء: 27. وبقية الآية: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا).

(2)

السجدة: 13. وبقية الآية: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)

ص: 21

الهداية ليحق القول على مقتضى العلم السابق. وقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)، أي لأمرهم بالعبادة، وقيل: ليخضعوا ويستسلموا، كقوله:{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} (2). انتهى.

وقال قبله: وكل ما ورد في القرآن من إرادة الخبر المخصوص بأفعال العباد مثل قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (3)، {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} (4) إلى غير ذلك، فهو محمول إما على ثناء أو مدح في الحال، وإما على ثواب ونقمة في المآل، وإلا فالإرادة الأزلية لا تتعلق إلا بما هو متجدد من حيث إنه متجدد، ولا متجدد إلا وهو فعل البارئ، وذلك لا ينسب للعبد كما بينا في خلق الأعمال، واختص الأمر بأفعال العباد على الحقيقة دون الوجوب التي تنسب للحق فلم يجب تلازم الأمر والإرادة.

وقد يرد الأمر بمعنى الإرادة بمعنى الأمر فيكون الإطلاق باشتراك في اللفظ، وكان المشركون تمسكوا بمثل هذا الاشتراك حيث أخبر التنزيل عنهم بقوله:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} (5) أراد بذلك

(1) الذاريات: 56.

(2)

آل عمران: 83. وبقية الآية: (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).

(3)

البقرة: 185. وبقية الآية: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

(4)

المائدة: 6. وبقية الآية: (وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

(5)

الأنعام: 148. وبقية الآية: (وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ).

ص: 22

المشيئة بمعنى الأمر، ولأجل هذا طالبهم بإخراج العلم بذلك، وإظهار الحجة على ما ادعوه من كتبهم، وقال:{إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون} (1)، إذ لم يرد بذلك أمر ولا وجدوا في كتبهم به تكليفا، ثم رد عليهم بإثبات المشيئة بمعنى التخصيص بالوجود والتصريف للأمر، فقال:{فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (2). انتهى.

فعلم من مجموع كلامه: أن الرضى والسخط يرجعان للإرادة وهي واحدة، ويختلف حكمها وتسميتها باختلاف المراد، واتفق الجميع على اتحاد المشيئة والإرادة خلافا لبعض المبتدعة، أن المشيئة قديمة والإرادة حادثة، وقد ذكر اتحادهما المقترح (3)، وأبو بكر (4)، والشيرازي (5). والسعد التفتازاني (6)، ناسبا التخالف بينهما لبعض المبتدعة، وعلم من كلامهم: أن الرضى والمحبة أيضا شيء واحد، وأن السخط والعداوة والبغض والكراهية هي أيضا متحدة، وهي مقابلة الرضى والمحبة، وهي حيثيات للإرادة من حيث المتعلق، أو هي الإرادة على ما سبق، ونعني بالكراهية الشرعية إذ لا يخفى أن العقلية نقيض الإرادة فكيف تكون عينها أو نوعها.

(1) الأنعام: 116

(2)

الأنعام: 149

(3)

المقترح شرح الإرشاد ص: 82

(4)

أبو بكر الباقلاني، الإنصاف ص 46.

(5)

الشيرازي، شرح اللمع ص 56.

(6)

السعد التفتازاني، شرح العقائد النسفية ص 102.

ص: 23

وعلم من كلام أبي بكر أن كل ما نفى الله إرادته فمعناه راجع لنفي الأمر به؛ لما علمنا من صحة إطلاق الإرادة على الأمر، وبه يندفع ما تمسّك به المعتزلة من قوله:{وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (1).

على أن الرضى هو الإرادة، وقوله:{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} (2)، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (3)، {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} (4)، {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ} (5)، {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} (6)، {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (7).

وهذا كله منحوت من أبي بكر، وقال في موضع آخر: فما وقع بالإرادة على وفق الأمر كان مرادا بالتخصيص والتجدد

(1) الزمر: 7. وبقية الآية: (وَإنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَة وِزْرَ أخْرَى ثُمَّ إلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).

(2)

النساء: 27. وبقية الآية: (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا).

(3)

البقرة: 185. وبقية الآية: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

(4)

الأنفال: 67. وبقية الآية: (وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

(5)

غافر: 31. وبداية الآية: {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ}.

(6)

الأنعام: 148. وبقية الآية: (وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ).

(7)

الذاريات: 56.

ص: 24

مرضيا بالمدح والثواب، وما وقع على خلاف الأمر، ولكن لا يكون إلا على وقف العلم سمي مرادا بالتخصيص والتجدد مسخوطا، وغير مرضي بسبب الذم والعقاب، انتهى.

وقال الشيرازي (1) في كتاب الحدود الكلامية ما نصه:

فصل الإرادة، والمشيئة والمحبة والرحمة والإحسان والولاية كلها بمعنى واحد وهي الإرادة، فإذا قلنا: إنه راضٍ أو محب أو مختار، أو شاء، فالمراد به مريد لإدخالهم الجنة والإنعام عليهم في الدنيا، وكذا كراهته وسخطه وغضبه وعداوته، جميع ذلك بمعنى واحد تتعلق بجميع متعلقاتها، وهي كالكلام أمر ونهي، وخبر واستخبار، ووعد ووعيد وهو واحد، وإنما نصفه بهذه الأشياء؛ تعظيما له وإجلالا واتباعا له حيث يقول:{يريد الله ليبين لكم} ، {فعال لما يريد} (2)، {ولو شاء ربك ما فعلوه} (3)، {رضي الله عنهم} (4)، {وربك يخلق ما يشاء ويختار} (5)، {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (6)، {الله الرحمن الرحيم} ،

(1) الشيرازي، كتاب الحدود الكلامية ص 96.

(2)

البروج: 16.

(3)

الأنعام: 112. وبقية الآية: (فذرهم وما يفترون).

(4)

المجادلة: 22. وبقية الآية: (ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون).

(5)

القصص: 68. وبقية الآية: (ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون).

(6)

المائدة: 54. وبقية الآية: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

ص: 25

{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} (1)، {ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم} (2)، {وغضب الله عليهم} (3)، {أن سخط الله عليهم} (4)، {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} (5) انتهى كلامه.

فأنت تراه أيضا جعل الجميع بمعنى واحد وهي الإرادة، إنما اختلف باعتبار الحيثيات وجهات التعلق، ثم إن سياقه للآية وهي قوله:{ولكن كره الله انبعاثهم} (6) في مساق الكراهة التي تشملها الإرادة، قد يشكل من حيث المعنى على خلافه، إذ لو أراد انبعاثهم لانبعثوا، فإذا لم يرد انبعاثهم فهي نقيض الإرادة العقلية، فكيف تذكر في جزئيات، ولا يصح أن يراد الكراهة الشرعية للخروج؛ لأنه مأمور به لقتال العدو فلا يصح إلا أن يريد بها من محبة لا كراهة؛ إذ هي إرادة، ولذلك قال:{وقيل اقعدوا مع القاعدين} (7) فتأمله ترشد والله المعين.

(1) البقرة: 257. وبقية الآية: (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).

(2)

التوبة: 46. وبقية الآية: (وقيل اقعدوا مع القاعدين).

(3)

الفتح: 6. وبقية الآية: (ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرًا).

(4)

المائدة: 80. وبقية الآية: (وفي العذاب هم خالدون).

(5)

البقرة: 98. وبداية الآية: (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ).

(6)

التوبة: 46. وبقية الآية: (فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين).

(7)

التوبة: 46.

ص: 26