المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الأول فضل المساجد وشرفها] - فصول ومسائل تتعلق بالمساجد

[ابن جبرين]

الفصل: ‌[الفصل الأول فضل المساجد وشرفها]

[الفصل الأول فضل المساجد وشرفها]

الفصل الأول

في فضل المساجد وشرفها قد عُلم أن الكثير من العبادات تتعين في المساجد، أو يزيد أجرها ويضاعف العمل فيها، فلذلك ورد ما يدل على فضلها مطلقًا، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«خير البقاع المساجد، وشر البقاع الأسواق» [رواه الحاكم، وسكت عنه الذهبي، ورواه الطبراني. قال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه عطاء بن السائب وهو ثقة، ولكنه اختلط في آخر عمره، وبقية رجاله ثقات](1) . وعن أنس مرفوعًا: «خير البقاع بيوت الله» . . .) الحديث [رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبيد بن القاسم وهو ضعيف](2) . وعن واثلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شر المجالس الأسواق والطرق، وخير المجالس المساجد، فإن لم تجلس في المسجد فالزم بيتك» [رواه الطبرانى وفيه: " بكار بن تيميم " مجهول](3) .

(1) انظره في المستدرك 2 / 7، وفي مجمع الزوائد 2 / 6، وعطاء بن السائب مترجم في الميزان، وذكر أنه اختلط وكان من علماء التابعين.

(2)

هكذا في مجمع الزوائد 2 / 6، وانظر ترجمة عبيد القاسم في الميزان، وقد رجح أنه ضعيف ليس بشيء، نقله عن البخاري وغيره.

(3)

أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 2 / 6، ونقل قول الذهبي في "بكار" مجهول، وهو في الميزان في حرف الباء كالمعتاد. "ذكر أن له نسخة باطلة، وهكذا ذكر صاحب اللسان".

ص: 4

وعن جبير بن مطعم: «أن رجلاً قال: يا رسول الله، أي البلدان أحب إلى الله، وأي البلدان أبغض إلى الله، قال: لا أدري حتى أسأل جبريل صلى الله عليه وسلم، فأتاه فأخبره جبريل: أن أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق» [رواية البزّار، وفيه: عبد الله بن محمد بن عقيل ابن أبي طال، وهو مختلف في الاحتجاج به](1) . وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «المساجد بيوت الله في الأرض تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض» [رواه الطبراني في الكبير، قال الهيثمى: ورجاله موثوقون] ) (2) . وقد دلَّ على معناه ما ورد في القرآن من إضافة المساجد إلى الله تعالى، وهي إضافة تشريف وفضل، كقوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: 114](3) مع أن جميع البقاع وما فيها ملك لله تعالى، ولكن المساجد لها ميزة وشرف، حيث تختص بكثير من العبادات والطاعات والقربات، وكما قال

(1) هكذا في مجمع الزوائد 2 / 6 وذكره في كشف الأستار برقم 1251 وقال البزار: لا نعلمه عن جبير إلا بهذا الإسناد، وقد رواه الحاكم 2 / 7، وقال صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بذكر ابن عقيل وهو مترجم في الميزان برقم 4536، ووصف بأنه سيئ الحفظ صدوق.

(2)

ذكره في مجمع الزوائد 2 / 7.

(3)

سورة البقرة الآية 114.

ص: 5

تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18](1) . والصحيح أن المراد المساجد المعمورة للذكر والطاعة، والتي هي من خصائص البلاد الإسلامية، فلذلك تؤدى فيها الصلاة جماعة وفرادى، ويدعو فيها المسلم ربه وحده، ولا يدعو معه أحدًا، فإضافتها إلى الله تعالى تقتضي شرفها وتميّزها على بقية البقاع، وذلك ما يوجب احترامها، واعتراف المسلمين بفضلها، فهي من خصائص المسلمين، حيث إن لكل ملة ديانة ومتعبد يجتمع فيه أهل تلك الديانة لأداء عباداتهم والتي يدينون بها، مثل الصوامع والديارات، والكنائس والبيع، مع أنها في زمانها أفضل من غيرها، ولذلك قال تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [الحج: 40](2) . ويراد بالصلوات: موضع العبادات، ولكن بعد نسخ تلك الديانات تعين منع عمارة تلك المعابد، لما فيها من مخالفة شعائر الإسلام، ووجب على المسلمين إظهار هذه المساجد وإشهارها، فأصبحت معالم على كل بلاد يسكنها المسلمون، حيث تتميز بهذه المساجد والتي

(1) سورة الجن الآية 18.

(2)

سورة الحج الآية 40.

ص: 6

مدحها الله بقوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36](1) فترفع مناراتها فوق المساكن والعمارات، وتعرف بمحاربيها الموجهة إلى القبلة الخاصة بالمسلمين.

(1) سورة النور الآية 36.

ص: 7