الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صدقة الفطر
1 -
عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما قال: فرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" متفق عليه. ولابن عدى من وجه آخر والدارقطنى بإسناد ضعيف "أغنوهم عن الطواف فى هذا اليوم".
[المفردات]
صدقة الفطر: أى الصدقة التى سببها إكمال الصوم فى رمضان والفطر بعده وقال ابن قتيبة: المراد بصدقة الفطر صدقة النفوس من الفطرة التى هى أصل الخلقة والأول أولى وقد جاء فى بعض ألفاظ حديث ابن عمر عند البخارى: صدقة الفطر أو قال: رمضان. وفى لفظ لمسلم: زكاة الفطر من رمضان.
فرض رسول اللَّه: أى أوجب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
العبد: أى الرقيق.
الصغير: أى من كان دون البلوغ.
الكبير: أى البالغ.
تؤدى: أى تعطى لمستحقها.
إلى الصلاة: أى صلاة العيد.
ولابن عدى: أى فى الكامل.
أغنوهم: أى سدوا حاجتهم واكفوهم مؤنتهم.
الطواف: أى الدوران فى الأزقة والأسواق لطلب المعاش.
فى هذا اليوم: أى يوم عيد الفطر.
[البحث]
حديث ابن عمر المتفق عليه هنا ذكر نوعين من الأنواع التى تخرج منها صدقة الفطر ولم ينف ما سوى هذين النوعين وحديث أبى سعيد رضى اللَّه عنه المتفق عليه الذى يلى هذا الحديث ذكر أنواعا أخرى مع هذين النوعين ولا معارضة بين الحديثين فى هذه الأنواع لأن ذكر الأقل لا ينفى ذكر الأكثر، وقوله: على العبد" أى يخرجها سيده عنه لأن هذا هو الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلم فى عبده ولا فى فرسه صدقة" وفى لفظ: ليس فى العبد صدقة إلا صدقة الفطر" كما تقدم فى الحديث الخامس من أحاديث كتاب الزكاة، فالرجل يدفع صدقة الفطر عن نفسه وعن عبده وعمن يمونه من ذكورهم وإناثهم وصغارهم وكبارهم، ومن كان مستقلا بنفقة نفسه من هولاء يدفعها عن نفسه، وقد حدد الحديث أفضل أوقات اخراجها وهى أن تؤدى قبل خروج الناس من بيوتهم إلى صلاة العيد، وسيأتى فى الحديث الثالث من أحاديث
هذا الباب زيادة بحث لوقت إخراجها.
أما ما أشار إليه المصنف بقوله: ولابن عدى من وجه آخر والدارقطنى الخ. فقد قال المصنف فى تلخيص الحبير: حديث: روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أغنوهم عن الطلب فى هذا اليوم" الدارقطنى والبيهقى من رواية أبى معشر عن نافع عن ابن عمر قال: فرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر وقال: أغنوهم فى هذا اليوم" وفى رواية البيهقى: أغنوهم عن الطواف هذا اليوم" قال ابن سعد فى الطبقات: حدثنا محمد بن عمر ثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن الجمحى عن الزهرى عن عروة عن عائشة وعن عبد اللَّه ابن عمر عن نافع عن ابن عمر وعن عبد العزيز بن محمد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبى سعيد عن أبيه عن جده قالوا: فرض صوم رمضان بعد ما حولت الكعبة بشهر على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة وأمر فى هذه السنة بزكاة الفطر وذلك قبل أن تفرض الزكاة فى الأموال وأن تخرج عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو مدين من بر، وأمر بإخراجها قبل الغدو إلى الصلاة وقال: اغنوهم يعنى المساكين عن الطواف هذا اليوم اهـ وقال الشوكانى فى نيل الأوطار: كما أخرجه البيهقى والدارقطنى عن ابن عمر قال: فرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر وقال: أغنوهم فى هذا اليوم. . وفى رواية للبيهقى: أغنوهم عن
طواف هذا اليوم وأخرجه أيضا ابن سعد فى الطبقات من حديث عائشة وأبى سعيد اهـ وقد أخرجه ابن عدى فى الكامل من طريق أبى معشر عن نافع عن ابن عمر وسبب ضعف هذا الحديث أن فيه عند الدارقطنى أبا معشر وهو ضعيف، وقد أعله ابن عدى بأبى معشر نجيح ونقل تضعيف أبى معشر عن البخارى والنسائى وابن معين وفيه عند ابن سعد محمد بن عمر الواقدى وهو ضعيف أيضا.
[ما يفيده الحديث]
1 -
وجوب زكاة الفطر على العبد والحر والصغير والكبير والذكر والأنثى من المسلمين.
2 -
مقدار الفطرة صاع من شعير أو تمر.
3 -
وجوب إخراجها قبل صلاة العيد.
2 -
وعن أبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنه قال: كنا نعطيها فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب" متفق عليه. وفى رواية: أو صاعا من أقط" قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه فى زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" ولأبى داود: لا أخرج أبدا إلا صاعا".
[المفردات]
كنا: أى أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
نعطيها: أى نؤدى زكاة الفطر.
من طعام: قيل: هو الحنطة وقيل: الذرة وقيل: هو مفسر فى حديث آخر لأبى سعيد رضى اللَّه عنه عند البخارى: كنا نخرج فى عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام وكان طعامنا الشعر والزبيب والأقط والتمر.
وفى رواية: أى للبخارى ومسلم من حديث أبى سعيد رضى اللَّه عنه
أقط: بفتح الهمزة وكسر القاف هو لبن يابس غير منزوع الزبد ويسمى فى بعض البلاد "الكشك"
أخرجه: أى أخرج الصاع.
ولأبى داود: أى من حديث أبى سعيد رضى اللَّه عنه.
[البحث]
قول أبى سعيد رضى اللَّه عنه كنا نعطيها فى زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم" له حكم الحديث المرفوع لإضافته إلى زمنه صلى الله عليه وسلم ففيه إشعار بإطلاعه صلى الله عليه وسلم على ذلك وتقريره له ولاسيما فى هذه الصورة التى كانت توضع عنده وتجمع بأمره وهو الآمر بقبضها وتفرقتها كما أفاده الحافظ فى الفتح.
وسبب قول أبى سعيد رضى اللَّه عنه: أما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه فى زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هو ما رواه البخارى
ومسلم عن ابن عمر وأبى سعيد الخدرى رضى اللَّه عنهم من أنه لما جاء معاوية حاجا ووردت الحنطة إلى المدينة رأى معاوية أن صاعا من الحنطة يعدل صاعين من غيرها ولفظ البخارى عن أبى سعيد رضى اللَّه عنه بعد حديث الباب: فلما جاء معاوية وجاءت السمراء قال: أرى مدا من هذا يعدل مدين. ولفظ البخارى عن ابن عمر رضى اللَّه عنما بعد أن ذكر أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر صاعا إلخ قال عبد اللَّه رضى اللَّه عنه: فجعل الناس عدله مدين من حنطة. وفى لفظ لابن عمر عند البخارى: فعدل الناس به نصف صاع من بر" أما لفظ مسلم عن أبى سعيد رضى اللَّه عنه بعد ذكر حديث الباب قال: فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية ابن أبى سفيان حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال: إنى أرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك. فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت" وفى لفظ: فأما أنا فلا أزال أخرجه كذلك" وفى لفظ لمسلم: أن معاوية لما جعل نصف الصاع من الحنطة عدل صاع من تمر أنكر ذلك أبو سعيد وقال: لا أخرج فيها إلا الذى كنت أخرج فى عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط. أما حديث أبى داود فقد قال فيه: حدثنا حامد بن يحيى أخبرنا سفيان ح وحدثنا مسدد ثنا يحيى عن ابن عجلان عياضا قال: سمعت
أبا سعيد الخدرى يقول: لا أخرج أبدا إلا صاعا" ومسدد بن مسرهد من رجال الشيخين وكذلك يحيى بن سعيد أما ابن عجلان فهو محمد وهو من رجال مسلم وعياض بن عبد اللَّه بن سعد ابن أبى سرح العامرى من رجال الشيخين. وقوله فى الحديث صاعا من طعام وقوله: وكان طعامنا" يشعر أن أى طعام يستعمله أهل البلد ويغلب على أقواتهم. فإنه يجوز أن تخرج منه صدقة الفطر كالأرز ونحوه فى عصرنا.
[ما يفيده الحديث]
1 -
أن زكاة الفطر تعطى من طعام أهل البلد صاعا.
2 -
أن زكاة الفطر ليست قاصرة على التمر والشعير بل تشمل الزبيب والأقط ونحوهما.
3 -
أنه ينبغى لمن أخرج زكاة فطره من الحنطة أن يخرجها صاعا عن الشخص الواحد.
4 -
أنه لا ينبغى إخراج القيمة فى صدقة الفطر.
3 -
وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: فرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة، ومن أداها
بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات" رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم.
[المفردات]
للصائم: أى شهر رمضان
اللغو: ما لا ينعقد عليه القلب من القول، أو هو الباطل من الكلام والساقط منه وكلمة لاغية أى فاحشة.
الرفث: ذكر الصائم للجماع أو دواعيه بحضرة النساء.
طعمة: الطعمة بضم الطاء هى الطعام الذى يؤكل وهى مأكلة بفتح الكاف واللام.
[البحث]
قد تقدم فى الحديث الأول من أحاديث هذا الباب وهو متفق عليه قول ابن عمر رضى اللَّه عنهما: وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة وقد جاء فى لفظ للبخارى عن ابن عمر رضى اللَّه عنهما: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين" وقد أخرج مالك فى الموطأ عن نافع أن ابن عمر كان يبعث زكاة الفطر إلى الذى يجمع عنده قبل الفطر بيوم أو يومين أو ثلاثة قال المصنف فى فتح البارى فى الاستدلال على استحباب تعجيل صدقة الفطر: ويدل على ذلك أيضا ما أخرجه البخارى فى الوكالة وغيرها عن أبى هريرة قال: وكلنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، الحديث، وفيه
أنه أمسك الشيطان ثلاث ليال وهو يأخذ من التمر، فدل على أنهم كانوا يعجلونها وعكسه الجوزقى فاستدل به على جواز تأخيرها عن يوم الفطر وهو محتمل للأمرين اهـ وظاهر الحديث يشعر بوجوب إخراجها قبل صلاة العيد لتكون عند من يتولى توزيعها على المساكين.